صنعاء تُطبق الحصار على “إسرائيل”: المحيط الهندي في دائرة النار – واشنطن ولندن في مأزق
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
الجديد برس:
لا تزال تداعيات حرب غزة تفضي إلى تحوّلات كبيرة في الخارطة الجيوسياسية وموازين القوى في منطقة غرب آسيا والشرق الأوسط، فيما تؤدي وتيرة الصراع المتصاعد في بؤرتيه الحيويّتين الأكثر اشتعالاً، أي البحرين الأحمر والعربي، إلى انزياحه إلى المحيط الهندي.
وأدخل قائد حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه يوم الخميس، هذا المحيط، وصولاً إلى رأس الرجاء الصالح، ضمن معادلة نصرة قطاع غزة.
ويأتي ذلك بعد أن كانت التقديرات الإستراتيجية تفضي إلى استبعاد إمكانية تحوّل المنافسة في المحيط الهندي إلى صراع مسلّح، واعتبار مثل هذا السيناريو احتمالاً ضعيفاً، لأن مصلحة جميع الأطراف الدولية والإقليمية قائمة على الحلول التوافقية وتجنّب الصدام، أي على خليط من التعاون والمنافسة في آن.
لكن اليمن لم يكتفِ بالإنجاز المتحقّق حتى الآن بالحصار الجزئي الذي يفرضه على الكيان الإسرائيلي، وفضْح عجز واشنطن ولندن وقلة حيلتهما في مسعاهما إلى منع صنعاء من تحقيق أهدافها في البحرين الأحمر والعربي، بل قرر توسعة العمليات إلى المحيط الهندي، ليعمّق من المأزق الأميركي ويعقّد على الولايات المتحدة حساباتها، خصوصاً أن المنطقة المذكورة تشهد حضوراً متزايداً للقوى الكبرى، ولا سيما الصاعدة منها، من مثل الصين والهند وإيران.
غير أن الحوثي لم يشمل في خطابه السفن والبوارج الأميركية والبريطانية، وإنما حصر الأمر بالسفن الإسرائيلية، وهذا ما يتيح لواشنطن ولندن التفكير مرة أخرى، وعدم المجازفة في مواجهة اليمن هنا أيضاً، حتى لا تتعرّضا للاستهداف.
وتنبع أهمية القرار من أنه يوفّر مجالاً واسعاً للمناورة والقدرة على الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي عبر إمساكه بثلاثة ممرّات تستفيد منها السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بالعدو:
– الممر الأول، هو رأس الرجاء الصالح، إذ يمكّن القرار اليمن من منع الصادرات إلى إسرائيل من الصين والهند ودول الخليج. ويمكن أن يؤدي، عبر تراكم الاستهدافات، إلى وضع الاقتصاد الإسرائيلي في وضع حرج جداً.
– الممر الثاني، من المحيط الهندي إلى بحر العرب وخليج عدن، عبر باب المندب في البحر الأحمر، والذي يُعتبر حالياً متوقفاً بسبب الاستهدافات اليمنية.
الممر الثالث، من المحيط الهندي إلى دول الخليج، ولا سيما الإمارات والبحرين، عبر مضيق هرمز. وبناء عليه، فإن المعبر البري البديل من البحر الأحمر، والذي يربط إسرائيل بالإمارات ومملكة البحرين عبر السعودية والأردن، يُصبح معرّضاً للاستهداف في المجال الرحب الذي فتحه اليمن، ابتداء من المحيط الهندي أو في مضيق هرمز أو أثناء الوصول إلى كلّ من دبي والمنامة.
القرار اليمني بتوسعة العمليات إلى المحيط الهندي، يعمّق مأزق واشنطن ويعقّد عليها حساباتها
وفي تقرير لها، ذكرت مجلة «ماريان» الفرنسية، أنه يتم إنزال شحنات السفن من الصين والهند على وجه الخصوص، في موانئ مملكة البحرين وإمارة دبي، ما يجنّبها الاضطرار إلى المرور عبر مياه البحر الأحمر المحفوفة بالمخاطر.
وبمجرّد وصول هذه السفن إلى الموانئ، يتم تحميل الحاويات على شاحنات تعبر الأراضي السعودية والأردنية، وصولاً إلى الحدود الأردنية – الفلسطينية. وبعد ذلك، يتم نقل الشاحنات الإسرائيلية إلى جنوب فلسطين المحتلة ومنها يُنقل بعضها إلى حيفا.
ولأن السعودية لا تقيم علاقات علنية مع الكيان الإسرائيلي، فيما خفّض الأردن من مستوى علاقاته مع إسرائيل بسبب الحرب على غزة، ابتدعت سلطات البلدين، وفقاً لتقرير «ماريان»، لرفع الحرج عنهما، حلاً يقضي بتوصيف الحاويات على أنها «قيد العبور»، ما يسمح بعدم ذكر إسرائيل، كوجهة نهائية.
وكشفت المجلة أن شركة «ترنك إنتربرايز» الإسرائيلية ذهبت إلى حد إبرام اتفاقية مع شركة مصرية لنقل البضائع عبر إسرائيل بشاحنات متّجهة ليس فقط إلى مصر، ولكن أيضاً إلى السوق الأوروبية، من ميناء دبي.
وكانت وزيرة النقل الإسرائيلية، ميري ريغيف، قد أجرت مفاوضات مع أبو ظبي، الشهر الماضي، لتأمين عبور بري للحاويات من الهند.
وفي المقابل، سبق أن شهدت منطقة الخليج، أثناء الغزو الإماراتي لمحافظة شبوة جنوب اليمن، أوائل عام 2022، وتشكيله تهديداً لخاصرة قوات «أنصار الله» في محافظة مأرب، تشابكاً بين مكوّنات محور المقاومة؛ إذ استهدفت صنعاء منشآت في كل من أبو ظبي ودبي، في حين تبنّت «ألوية الوعد الحق» في العراق عملية استهداف الإمارات بطائرات مسيّرة.
ويُذكر أن مساحة المحيط الهندي تمتد بين ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوقيانيا، وهو ثالث أكبر كتلة مائية بعد المحيطين الهادئ والأطلسي، كما يشكل شرياناً رئيسياً من شرايين شبكة المواصلات العالمية؛ فعبر مياهه ومضائقه الدولية يمرّ نحو 80% من منتجات العالم من الطاقة والنفط والسلع المختلفة، و50% من حركة النقل البحري بالحاويات، ونصف إجمالي البترول المنقول في العالم أجمع.
كما تحوي أعماقه وكتل اليابس من حوله، ما يقدّر بثلثي الاحتياطي العالمي من النفط و40% من احتياطي الذهب، ونحو 60% من اليورانيوم، و90% من الماس.
والأهم من هذا كله، أن المسالك البترولية في المحيط الهندي تُعتبر شرايين الحياة الإستراتيجية لعدد من الدول المتطوّرة والنامية، خاصة دول شرق آسيا التي لا مفرّ لأساطيلها من المرور عبر شبه القارة الهندية عند نقلها بترول الشرق الأوسط وأفريقيا، وعودتها إلى بلدانها.
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: المحیط الهندی
إقرأ أيضاً:
غارات واشنطن على اليمن.. المناطق المستهدفة والأضرار
صنعاء- شن الجيش الأميركي، خلال الساعات الماضية، سلسلة غارات على عدة محافظات يمنية واقعة تحت سيطرة الحوثيين منها العاصمة صنعاء.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بيان، إن "واشنطن أطلقت عملا عسكريا حاسما وقويا ضد الحوثيين"، متوعدا باستخدام "القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا". كما طالب إيران بأن "توقف فورا" دعمها "الإرهابيين الحوثيين".
وحسب قناة المسيرة الفضائية التابعة للحوثيين وموقع 26 سبتمبر الناطق باسم الجماعة، شن "العدوان الأميركي، مساء السبت وصباح اليوم الأحد، نحو 30 غارة على صنعاء وعدة محافظات".
خريطة الضرباتوتعد أولى غارات تشنها القوات الأميركية على اليمن منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير /كانون الثاني الماضي.
وإليكم المحافظات المستهدفة:
صنعاء
يسيطر عليها الحوثيون منذ سبتمبر /أيلول 2014، وتُعد واحدة من أكثر المدن اليمنية من حيث عدد السكان. واستهدف القصف حي الجراف شمالي العاصمة، ومنطقة فج عطان جنوب غربيها والتي هي عبارة عن سلسلة جبلية تحوي مقر ألوية الصواريخ الإستراتيجية.
كما استُهدفت منطقة جربان التابعة لمديرية سنحان، مسقط رأس الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي قُتل على يد الحوثيين، في ديسمبر/كانون الأول 2017، بعد انتهاء التحالف بين الجانبين.
إعلانوذكرت وسائل إعلام محلية، أن إحدى الغارات الأميركية على صنعاء استهدفت مقر المكتب السياسي للحوثيين في حي الجراف، دون تعقيب من الجماعة على هذا.
صعدة
أعلنت جماعة الحوثي، عبر وسائل إعلام تابعة لها، أن الغارات استهدفت عددا من مناطق محافظة صعدة شمالي اليمن. وأفادت أن "العدوان الأميركي استهدف محطة كهرباء مدينة ضحيان ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن المدينة وضواحيها".
كما شُنت غارات أخرى على منطقة قحزة وعلى مواقع شمالي مدينة صعدة مركز المحافظة، واستهداف عدة مواقع في مديرية سحار.
وتكمن أهمية هذه المحافظة في كونها المعقلَ الرئيسي لجماعة أنصار الله والمقر المفترض لزعيمها عبد الملك الحوثي، كما ترتبط بحدود برية مع السعودية.
البيضاء
استهدفت الغارات الأميركية أيضا محافظة البيضاء وسط البلاد، والتي توصف بأنها قلب اليمن كونها تتوسط جغرافيا عدة محافظات شمالية وأخرى جنوبية.
وحسب جماعة الحوثي، تم تنفيذ غارات على مديريتي مُكيراس والقريشية بالمحافظة، دون أن تُحدد ماهية مواقع القصف الأميركي.
ذمار وحجة
تقع مدينة ذمار على بعد نحو 100 كيلومتر جنوبي العاصمة صنعاء، ويسيطر عليها الحوثيون منذ عام 2014.
وتعد واحدة من المعاقل المهمة للحوثيين، وينتمي إليها العديد من مسلحي الجماعة، حيث استُهدفت، مساء أمس السبت، بعدة غارات أميركية، إضافة إلى استهداف مديرية عنس بالمحافظة.
كما استُهدفت مديرية مبين في محافظة حجة شمال غربي اليمن. وهذه المحافظة تقع معظمها تحت سيطرة الحوثيين، بينما تسيطر القوات الحكومية على بعض المناطق.
مأرب
اُستهدفت مديرية مجزر في محافظة مأرب بعدة غارات، وهذه المحافظة من أهم مناطق اليمن كونها نفطية وحدث فيها صراع مرير بين القوات الحكومية والحوثيين على مدار السنوات الماضية.
وتخضع مديريات فيها لسيطرة الحوثيين، بينما تسيطر الحكومة على مركز المحافظة، مدينة مأرب ومديريات أخرى.
إعلان الأضرارأعلنت وزارة الصحة في حكومة الحوثيين، اليوم الأحد، أن "العدوان الأميركي الذي استهدف مناطق مدنية وسكنية في صنعاء ومحافظات أخرى، أدى إلى سقوط 132 من المدنيين العزل منهم 31 شهيدا و101 جريح معظمهم من الأطفال والنساء".
وأضافت في بيان لها، أن "هؤلاء سقطوا إثر سلسة من غارات طيران العدوان الأميركي مستهدفة الأعيان المدنية، وهي حصيلة أولية ولا يزال البحث جاريا لانتشال الضحايا الذين لا تزال حصيلتهم غير نهائية".
كما بثت قناة المسيرة الفضائية التابعة للحوثيين مقطع فيديو يظهر سقوط قتلى وجرحى منهم نساء وأطفال جراء الغارات.
وأعلنت المؤسسة العامة للكهرباء التي يديرها الحوثيون، في بيان، أن هذه الغارات أدت إلى "انقطاع جزئي ومؤقت للتيار الكهربائي لعدد من محافظات ومدن الجمهورية جراء استهداف القصف العدواني الأميركي للشبكة الكهربائية الوطنية".
وحسب البيان ذاته، "يتم تقييم الأضرار ومعالجتها من الفرق الهندسية والفنية التابعة للمؤسسة، وسوف يعود التيار الكهربائي للمناطق المعنية خلال الساعات القليلة القادمة".
كما أدت غارات صعدة إلى نفوق مئات المواشي، فضلا عن دمار في المواقع المستهدفة بالغارات في صنعاء والمحافظات، لكن لم يُعرف فورا حجم الأضرار.
رسائل ردعتعليقا عليها، يرى المحلل السياسي اليمني عبد السلام قائد، أن الضربات الأميركية على مواقع للحوثيين "تهدف إلى توجيه رسائل ردع، وإجبارهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر، خصوصا بعد تهديدات الجماعة الأخيرة بمعاودة استهداف السفن الإسرائيلية".
وتحدث للجزيرة نت، عن وجود رسالتين أخريين أرادت إدارة الرئيس ترامب تمريرهما:
الأولى: موجهة إلى إيران للتوقف عن دعم الحوثيين والعودة إلى المفاوضات بشأن برنامجها النووي. الثانية: تتعلق بإدانة إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن واتهامها بالعجز والفشل والتهاون في وقف تهديدات الحوثيين. إعلانوبالنسبة للرد الحوثي، يتوقع المحلل قائد أن "يتأخر قليلا، وسيكون ذلك بناء على التطورات القادمة وبعد تقييم أضرار الضربات السابقة".
ويرى أنه سيكون "باهتا أو شكليا لحفظ ماء الوجه فقط، لأن أي رد قوي سيواجه بآخر أميركي أعنف وأوسع وأكثر ضررا، وهو ما يدركه الحوثيون، خصوصا أن الرد في هذا التوقيت الذي تشدد فيه الولايات المتحدة مراقبتها على مناطق سيطرة الجماعة، سيكشف للجيش الأميركي عن بنك أهداف جديدة، وهي الأماكن التي سينطلق منها الرد".
وقد يكون الرد الحوثي في بدايته -وفق الباحث اليمني- بواسطة طائرات مسيّرة لسهولة نقلها وإخفائها، على عكس الصواريخ التي تحتاج إلى منصات إطلاق وتحركات مكشوفة أمام طائرات المراقبة والاستطلاع، وربما تكون بعض المنصات قد دُمّرت في الضربات السابقة.
ويضيف أن الحوثيين سيتأنون في الرد. وفي حال استمرت الضربات الأميركية أياما أو أسابيع، كما صرح مسؤولون أميركيون، قد يغامرون بإطلاق كل ما يمكنهم من صواريخ على القطع والقواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، و"ذلك في حال شعروا بأن الأمور تمضي نحو نقطة اللاعودة".