الجديد برس:

لا تزال تداعيات حرب غزة تفضي إلى تحوّلات كبيرة في الخارطة الجيوسياسية وموازين القوى في منطقة غرب آسيا والشرق الأوسط، فيما تؤدي وتيرة الصراع المتصاعد في بؤرتيه الحيويّتين الأكثر اشتعالاً، أي البحرين الأحمر والعربي، إلى انزياحه إلى المحيط الهندي.

وأدخل قائد حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه يوم الخميس، هذا المحيط، وصولاً إلى رأس الرجاء الصالح، ضمن معادلة نصرة قطاع غزة.

ويأتي ذلك بعد أن كانت التقديرات الإستراتيجية تفضي إلى استبعاد إمكانية تحوّل المنافسة في المحيط الهندي إلى صراع مسلّح، واعتبار مثل هذا السيناريو احتمالاً ضعيفاً، لأن مصلحة جميع الأطراف الدولية والإقليمية قائمة على الحلول التوافقية وتجنّب الصدام، أي على خليط من التعاون والمنافسة في آن.

لكن اليمن لم يكتفِ بالإنجاز المتحقّق حتى الآن بالحصار الجزئي الذي يفرضه على الكيان الإسرائيلي، وفضْح عجز واشنطن ولندن وقلة حيلتهما في مسعاهما إلى منع صنعاء من تحقيق أهدافها في البحرين الأحمر والعربي، بل قرر توسعة العمليات إلى المحيط الهندي، ليعمّق من المأزق الأميركي ويعقّد على الولايات المتحدة حساباتها، خصوصاً أن المنطقة المذكورة تشهد حضوراً متزايداً للقوى الكبرى، ولا سيما الصاعدة منها، من مثل الصين والهند وإيران.

غير أن الحوثي لم يشمل في خطابه السفن والبوارج الأميركية والبريطانية، وإنما حصر الأمر بالسفن الإسرائيلية، وهذا ما يتيح لواشنطن ولندن التفكير مرة أخرى، وعدم المجازفة في مواجهة اليمن هنا أيضاً، حتى لا تتعرّضا للاستهداف.

وتنبع أهمية القرار من أنه يوفّر مجالاً واسعاً للمناورة والقدرة على الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي عبر إمساكه بثلاثة ممرّات تستفيد منها السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بالعدو:

– الممر الأول، هو رأس الرجاء الصالح، إذ يمكّن القرار اليمن من منع الصادرات إلى إسرائيل من الصين والهند ودول الخليج. ويمكن أن يؤدي، عبر تراكم الاستهدافات، إلى وضع الاقتصاد الإسرائيلي في وضع حرج جداً.

– الممر الثاني، من المحيط الهندي إلى بحر العرب وخليج عدن، عبر باب المندب في البحر الأحمر، والذي يُعتبر حالياً متوقفاً بسبب الاستهدافات اليمنية.

الممر الثالث، من المحيط الهندي إلى دول الخليج، ولا سيما الإمارات والبحرين، عبر مضيق هرمز. وبناء عليه، فإن المعبر البري البديل من البحر الأحمر، والذي يربط إسرائيل بالإمارات ومملكة البحرين عبر السعودية والأردن، يُصبح معرّضاً للاستهداف في المجال الرحب الذي فتحه اليمن، ابتداء من المحيط الهندي أو في مضيق هرمز أو أثناء الوصول إلى كلّ من دبي والمنامة.

القرار اليمني بتوسعة العمليات إلى المحيط الهندي، يعمّق مأزق واشنطن ويعقّد عليها حساباتها

وفي تقرير لها، ذكرت مجلة «ماريان» الفرنسية، أنه يتم إنزال شحنات السفن من الصين والهند على وجه الخصوص، في موانئ مملكة البحرين وإمارة دبي، ما يجنّبها الاضطرار إلى المرور عبر مياه البحر الأحمر المحفوفة بالمخاطر.

وبمجرّد وصول هذه السفن إلى الموانئ، يتم تحميل الحاويات على شاحنات تعبر الأراضي السعودية والأردنية، وصولاً إلى الحدود الأردنية – الفلسطينية. وبعد ذلك، يتم نقل الشاحنات الإسرائيلية إلى جنوب فلسطين المحتلة ومنها يُنقل بعضها إلى حيفا.

ولأن السعودية لا تقيم علاقات علنية مع الكيان الإسرائيلي، فيما خفّض الأردن من مستوى علاقاته مع إسرائيل بسبب الحرب على غزة، ابتدعت سلطات البلدين، وفقاً لتقرير «ماريان»، لرفع الحرج عنهما، حلاً يقضي بتوصيف الحاويات على أنها «قيد العبور»، ما يسمح بعدم ذكر إسرائيل، كوجهة نهائية.

وكشفت المجلة أن شركة «ترنك إنتربرايز» الإسرائيلية ذهبت إلى حد إبرام اتفاقية مع شركة مصرية لنقل البضائع عبر إسرائيل بشاحنات متّجهة ليس فقط إلى مصر، ولكن أيضاً إلى السوق الأوروبية، من ميناء دبي.

وكانت وزيرة النقل الإسرائيلية، ميري ريغيف، قد أجرت مفاوضات مع أبو ظبي، الشهر الماضي، لتأمين عبور بري للحاويات من الهند.

وفي المقابل، سبق أن شهدت منطقة الخليج، أثناء الغزو الإماراتي لمحافظة شبوة جنوب اليمن، أوائل عام 2022، وتشكيله تهديداً لخاصرة قوات «أنصار الله» في محافظة مأرب، تشابكاً بين مكوّنات محور المقاومة؛ إذ استهدفت صنعاء منشآت في كل من أبو ظبي ودبي، في حين تبنّت «ألوية الوعد الحق» في العراق عملية استهداف الإمارات بطائرات مسيّرة.

ويُذكر أن مساحة المحيط الهندي تمتد بين ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوقيانيا، وهو ثالث أكبر كتلة مائية بعد المحيطين الهادئ والأطلسي، كما يشكل شرياناً رئيسياً من شرايين شبكة المواصلات العالمية؛ فعبر مياهه ومضائقه الدولية يمرّ نحو 80% من منتجات العالم من الطاقة والنفط والسلع المختلفة، و50% من حركة النقل البحري بالحاويات، ونصف إجمالي البترول المنقول في العالم أجمع.

كما تحوي أعماقه وكتل اليابس من حوله، ما يقدّر بثلثي الاحتياطي العالمي من النفط و40% من احتياطي الذهب، ونحو 60% من اليورانيوم، و90% من الماس.

والأهم من هذا كله، أن المسالك البترولية في المحيط الهندي تُعتبر شرايين الحياة الإستراتيجية لعدد من الدول المتطوّرة والنامية، خاصة دول شرق آسيا التي لا مفرّ لأساطيلها من المرور عبر شبه القارة الهندية عند نقلها بترول الشرق الأوسط وأفريقيا، وعودتها إلى بلدانها.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: المحیط الهندی

إقرأ أيضاً:

ترامب يهاجم صحفية بعد “سؤال غير ذكي” عن تحطم طائرة واشنطن (فيديو)

#سواليف

هاجم الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب #مراسلة_CNN بعد أسئلة حول تسبب #الديمقراطيين وسياسات التنوع والإنصاف بحادث #تحطم_طائرة الركاب في #واشنطن مؤخرا، واصفا سؤالها بـ”غير الذكي”.

CNN's Kaitlin Collins whines that Donald Trump is addressing Biden's and the FAA's DEI agenda following the crash.

Collins: Don't you think you're getting ahead of the investigation?

Trump: That's not a very smart question, a surprise coming from you. pic.twitter.com/MJaOlOUQdn

— Media Research Center (@theMRC) January 30, 2025

وقالت المراسلة كايتلان كولينز خلال مؤتمر صحفي أمس الخميس: “نحن لا نعرف حتى الآن أسماء الـ67 شخصا الذين قُتلوا، وأنت تلوم الديمقراطيين وسياسات DEI ومراقبة الحركة الجوية، وحتى عضو الجيش الأمريكي الذي كان يقود مروحية بلاك هوك. ألا تعتقد أنك تسبق التحقيق؟”

مقالات ذات صلة حليمة ابنة القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف تنعى والدها 2025/01/31

فرد ترامب: “لا أعتقد ذلك على الإطلاق. أسماء الأشخاص الذين كانوا على الطائرة! هل تعتقدين أن ذلك سيحدث فرقا؟”، لترد كولينز: “هل يعزّي عائلات الضحايا سماعك تلوم سياسات DEI؟”.

وقال ترامب إنه يمكنه تقديم قائمة بأسماء الضحايا، مشيرا إلى أن البيت الأبيض يتعاون بشكل وثيق مع الخطوط الجوية الأمريكية والجيش. ثم وجه انتقادا لكولينز، التي تشغل أيضا منصب المراسلة الرئيسية للبيت الأبيض: “أعتقد أن هذا ليس سؤالا ذكيا جدا”.

وعقد المؤتمر الصحفي بعد يوم من تحطم رحلة الخطوط الجوية الأمريكية 5342، التي اصطدمت يوم الأربعاء بمروحية بلاك هوك تابعة للجيش أثناء اقترابها من مطار رونالد ريغان في واشنطن العاصمة. ولم يكن هناك ناجون من الحادث المميت، الذي أودى بحياة 67 شخصا.

وخلال المؤتمر انتقد ترامب بشدة الرئيسين السابقين باراك أوباما وجو بايدن، متهما إياهما بتخفيض معايير مراقبي الحركة الجوية من خلال برامج التنوع.

وقال: “لقد غيرت معايير أوباما من متوسطة إلى استثنائية. فقط الأشخاص ذوو القدرات العالية والذكاء المتفوق والتفوق النفسي كانوا مؤهلين ليكونوا مراقبي حركة جوية”.

وأضاف: “عندما غادرت المنصب وتولى بايدن، أعاد المعايير إلى مستوى أقل من أي وقت مضى. أنا أضع السلامة أولا. أوباما وبايدن والديمقراطيون يضعون السياسة أولا”.

كما هاجم ترامب وزير النقل السابق بيت بوتيجيج، واصفا إياه بـ”الكارثة”، وقال إنه أدخل إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) في “مشاكل كبيرة بسبب سياسات التنوع”.

وأشار ترامب إلى أن سياسات التنوع في (FAA) تشمل التركيز على توظيف أشخاص يعانون من إعاقات ذهنية ونفسية شديدة، مضيفا: “سنستعيد الثقة في السفر الجوي الأمريكي، وسأقول المزيد عن ذلك لاحقا”.

مقالات مشابهة

  • لبنان.. نداء لمسيرة “أحد العودة – 2” دعما لتحرير القرى المحتلة من قبل إسرائيل
  • واشنطن تبحث انهاء عملية “حارس الازدهار” 
  •  هذا ما ستقوم به “حكومة صنعاء” لحماية منتجات محلية مهمة 
  • “نمو طفيف”.. كم بلغ التبادل التجاري العراقي – التركي خلال 2024؟
  • “واتساب” تقر باختراق “باراغون” الإسرائيلية هواتف 100 صحافي وناشط
  • عدو “إسرائيل” الأول يترجل عن جواده.. القائد محمد الضيف شهيداً
  • “وول ستريت جورنال”: إطلاق سراح الأسرى تحول إلى مشهد مهين لـ “إسرائيل”
  • لأول مرة في اليمن.. نجاح زراعة فاكهة “جاك فروت” النادرة في تعز وحجة
  • ترامب يهاجم صحفية بعد “سؤال غير ذكي” عن تحطم طائرة واشنطن (فيديو)
  • “الأونروا” تعلن نقل موظفيها خارج مدينة القدس المحتلة بسبب قرارات قوات الاحتلال الإسرائيلية