يا حسبنا الله من بين الركام، قفي
اللهم إليك المشتكى، فقد خذلهم القريب والغريب، وقد سكت عن مظلوميتهم العالم، ولم يعد لهم غيرك يا لله، فكن لهم مؤيدا وناصرا وآمن خوفهم وأشبع جوعهم، فقد رفعنا إليك شكواهم وأنت وليهم ومولاهم خذ بثأرهم، ممن ظلمهم واعتدى عليهم وممن خذلهم ولم ينصرهم.
سيظل ما حدث ويحدث بغزة غصة عالقة لن يستطيع أحد بلعها، وطعنة في خاصرة الإنسانية لن تًقتلع مهما مر الزمن عليها وتعاقبت الحقب على ذكراها، فما يحدث في غزة هو العار الذي لن يمحى عن جبين الحكام المدجنين والعلماء المسيرين والحقوقيين الذين يذرفون الدموع على القطة المشردة والكلب الذي بلا مأوى، والشجرة التي اقتلعت والوردة التي داستها الأقدام ويبدون أسفهم وحزنهم على الأسماك والبحريات والبيئة وكأن كل شيء أغلى وأعز من الإنسان الفلسطيني.
هذه الإنسانية التي تجردت من كل القيم والأخلاق عنما يحدث في غزة من مجازر وكأنهم نكرة في هذا العالم الأهوج الذي يتشدق ما بين الحين والآخر بالحقوق المجتمعية والبيئية، وإذا وصل الأمر إلى فلسطين نكس رأسه مطأطئا ومر من فوق أشلائهم دون أن يحرك ساكنًا.
وأما المنظمات اللإ إنسانية التي لم ترَ الإنسان في غزة، ولم ترَ أطفال غزة يموتون من الجوع إن لم يموتوا من القصف، ونساء غزة اللواتي تمتهن كرامتهن أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، والذين عليهم أن يعلموا علم اليقين أن ما يحدث في غزة، هو عار على الجميع.
أما حكام العرب فما عسى أن نقول لهم، هل نقول لهم: أنتم المجرم الأول في حق غزة وأهلها فأنتم من خذلتموهم وأسلتموهم إلى من لعنهم الله بالتوراة والإنجيل والزبور والفرقان. وأغلقتم عليهم الأبواب وأطبقتم عليهم الحصار مع وحوش مفترسة لا تراعي فيهم إلا ولا ذمة.
وأما العلماء، ولا أعني هنا علماء الوهابية، فهم معروفون معروف نهجهم أنهم لا يقولون حي على الجهاد إلا إذا كأن ضد بلد مسلم، إنا هنا أخاطب وأنادي العلماء بكل مسمياتهم وأطيافهم ومذاهبهم، اعلموا وتيقنوا أنكم محاسبون أمام الله عن ما يحدث في غزة، وإنكم مسؤولون عن سكوتكم عن مظلومية غزة التي ضاقت بها الأرض وارتفعت حتى السماء، فأين أنتم من كل هذه الدماء والأشلاء والأجساد العارية والبطون الخاوية والأمهات الثكالى، والأطفال اليتامى والصرخات التي تدوي في غزة المطعونة منكم أولاً بسبب سكوتكم وعدم تغييركم للمنكر المتمثل بحكام المسلمين، وقد أصبح خروجكم عليهم فرض عين. ولن يسقط عنكم خذلانكم لغزة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
كيف نستقبل العالم الجديد؟ عالم أزهري يحدد روشتة شرعية
ألقى خطبة الجمعة اليوم، بالجامع الأزهر، الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول «كيف نستقبل عاما جديدا؟».
وقال الدكتور ربيع الغفير: إن المؤمن بين مخافتين، بين أجل قد مضى، لا يدري ما الله صانع فيه، وبين أجل قد بقى، لا يدري ما الله تعالى قاض عليه فيه، فليأخذ العبد لنفسه من نفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الموت «فوالذى نفس محمد بيده ما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار، إلا الجنة أو النار». وعلينا جميعا أن نتهيأ بالنية الصالحة لاستقبال الأيام، لأننا محاسبون على الوقت الذي أمهلنا الله فيه الأجل وسنسأل ماذا قدمنا في هذا الوقت وفي كل لحظة مرت علينا.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أن قلب المؤمن دائماً خائف من الله، يراقب ربه في كل لحظة من لحظات حياته، لأنه يعلم قيمة الوقت، وكان صحابة رسول الله ﷺ يسألون الله أن يجعل يومهم خيراً من أمسهم في القرب إلى الله والسعي نحوه، مشيراً إلى أن قضية الوقت قضية مهمة في حياة الإنسان، وفي هذا يقول الحسن البصري: "يا ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة، فإذا ذهب يومك ذهب بعضك، وإذا ذهب البعض يوشك أن يذهب الكل". فعلى المؤمن أن يتفكر دائماً في وقته وإلى كيفية التعامل معه
وأضاف خطيب الجامع الأزهر: إن الإنسان منذ قَدِم إلى الحياة وأيامه معدودة وفرصته محدودة، وعليه أن يتفكر في كل خطوة يخطوها، لأنه محاسب عليها، وعليه أن يغتنم كل يوم تشرق شمسه وينشق فجره، فعن الحسن البصري قال: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة". ومما يسيل الكبد مرارة ويملأ النفس حسرة حينما يقول بعض الشباب: إنني أضيع الوقت. إنني أقتل الوقت. فالوقت من ذهب والليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما.
حكم رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة.. الإفتاء تجيبحكم صلاة الجمعة بخطبة واحدة بغير العربية .. الإفتاء تجيب
وأوصى خطيب الأزهر الشباب، بضرورة استغلال أوقاتهم قبل أن يأتي وقت عليهم ويتمنون عودة هذه الأوقات، كما حكى القرآن الكريم عن ذلك في موضعين. الأول: إذا حضر الأجل الإنسان، يقول تعالى: «وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ»، والموضع الثاني: في جهنم حينما يصرخ أهلها من العذاب. يقول تعالى: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾، فيامن تهدر وقتك ستندم على ذلك لأنك ستحاسب عليه وسوف تُسأل عنه سؤالا دقيقا. يقول ﷺ: «لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ».
وبيّن أستاذ اللغويات، أن الإنسان المسلم يجب أن يتعامل مع قضية الوقت بالنظر فيه والعبرة منه، يقول تعالى: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا»، فتعاقب الوقت عبرة ونعمة لأنك حينما تنظر في هذا الوقت وهذا التعاقب بهذا النظام البديع فتفكر في جنبات الكون، فترى الذي أبدع هذا الكون وسيره تسييرا محكما، وجعله بهذا الإبداع والإتقان لا خلل فيه ولا اختلال. فتعاقب الليل والنهار واختلافهما عبرة تحتاج إلى تفكر، ونعمة تحتاج إلى شكر، يقول تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ».
وتابع: فرغم ظلم العبد إذا عاد إلى ربه، وشكره بعد جحوده، ووصله بعد جفاء، يغفر الله له. فاختلاف الليل والنهار رحمة ونعمة عظيمة. فلو كان الكون كله ليلاً، كيف سيتصرف الإنسان ويقضي حوائجه؟ وإن كان كله نهارا، كيف يستريح ويهدأ ويخلد إلى النوم؟ مشيراً إلى أن العرب أدركوا ذلك قبل الإسلام فكانوا يقسمون النوم في النهار إلى ثلاثة أقسام، الأول: من الفجر إلى الظهر وتسمى الحيلولة لأنه وقت يؤدي إلى الفقر، فهي تفقر الإنسان، لأن هذا الوقت يقسم الله فيه أرزاق العباد والخلائق. والثاني: من الظهر إلى العصر ويسمى القيلولة وهو نوم مبارك فهي قيلولة مطلوبة. وكان الشيطان لا يقيل. والثالث: من العصر إلى المغرب ويسمى الغيلولة وهي من الغيل وهو القتل فهو يغتال النشاط والحركة وكل شيء. كل هذا يدل على قدرة ونعمه الله على عباده.
وحث خطيب الجامع الأزهر المسلمين، إلى أن يقف كل واحد منهم مع نفسه وقفة حساب، ماذا عمل في يومه وماذا قدم لربه ولأهله ومجتمعه وطنه! وأن يبدأ بالنية إلى الخير والمبادرة إليه، وأن يصل الأرحام، وأن يرد المظالم إلى أهلها، حتى يرفع الله عنا وعن أمتنا البلاء ويرضى عنا، مشدداً على بناء جسور التواصل مع الله في استقبال العام الجديد حتى يرفع الله عن أمتنا البلاء ويرد إليها عزها ومجدها فهذه هي البداية.