هناك ثلاثة مسارات وضعها الاستعمار الفرنسي أمام الدول الإفريقية التي استولى على ثرواتها وجعلها من أفقر دول العالم، وهي بذاتها المسارات التي يسير عليها الاستعمار الحديث والقديم، أولها: التبعية المذلة والمهينة، الثاني: عواقب التمرد والثالث: التعويضات.
فالتبعية: هي تبعية للاستعمار بكل أشكاله وصوره، وهي تنيم بموجب اتفاقيات مع تلك البلدان، تقيد التجارة بين تلك البلدان، وتتاح الأولوية لمنتجات فرنسا، ومنح الشركات الفرنسية الأولوية في عقود الحكومة وغيرها، كما تنص على ذلك الاتفاقيات وهي ذاتها السياسة التي تعتمدها أمريكا والدول الاستعمارية القديمة والحديثة، وأخطر من ذلك أن الاستعمار الفرنسي وضع للدول عملة: هي (الفرنك الإفريقي) كعملة لأربع عشرة دولة، هذه العملة يطبعها ويصدرها البنك المركزي الفرنسي وربطها بالفرنك واليورو، حتى يعزز سيطرته على تلك المستعمرات، فإنها مجبرة على إيداع 50 % من الاحتياطات النقدية لبيع المواد الخام في البنك المركزي الفرنسي، وهنا نجد أن عائدات تصدير النفط من دول الخليج موضوعة في بنوك الغرب وتستحوذ أمريكا على أكثر من ثلاثة أرباعها وتستحوذ الدول الأخرى على النسبة الباقية، وحينما قدم الناشط الكويتي عبدالحميد رشتي أسلوب الاستيلاء على الثروات الخليجية وبشكل علني، تم الحكم عليه بالسجن وعقوبات أخرى مع أنه لم يقل سوى أن ما يملكه الخليجيون من ثرواتهم سوى أرقام مسحوبة على بنوك الغرب، هي كل تلك الثروات وإذا أراد الغرب أن يصادرها أو يستولي عليها فلن يستطيع أحد الوقوف أمامه.


مشكلة الحصول على الأموال
يذكر التقرير أن كل تلك الدول لا تستطيع أن تحصل على أموالها المودعة في البنك المركزي الفرنسي مقابل بيع المواد الخام، ولا يتم ذلك إلا بموافقة فرنسا والتي جعلت السماح بحدود 15 % من تلك الأموال في السنة الواحدة- إذا كان هناك احتياج فعلي، وهذا يعتمد على تقديرات البنك المركزي الفرنسي لا على تقديرات تلك الدول- والأنكى والأدهى من ذلك أن تغطية هذا الاحتياج تمنح على هيئة قروض من أموالهم المودعة وبمقابل فوائد تخدم هذه القروض، بمعنى أن يسدد ديونه من أمواله، وكأن الأموال تلك ليست له، بل ملك لفرنسا، أما أمريكا وغيرها من الدول المسيطرة على عائدات الثروات النفطية، فإن الأموال تلك تستخدم في شراء صفقات الأسلحة وفق عقود طويلة الأجل، كما هو مشروع التسليح السعودي البريطاني (اليمامة) أو شراء الأسلحة من الشركات الأمريكية لا وفقا للاحتياج الفعلي والطلب الحقيقي، بل وفق ما تريده الحكومة الأمريكية، ورغم العلاقات الممتازة بين أمريكا والسعودية فإن هناك كثيراً من الأسلحة التي لا تعطى لها، وتعطى للحليف الاستراتيجي إسرائيل لا غير، ويشير تقرير أعده معهد التمويل الدولي إلى أن إجمالي الأصول الأجنبية لدول الخليج الست ارتفع إلى 4.4 تريليون دولار عام 2024م، يدار ثلثاها من قبل صناديق الثروة السيادية بمحافظ الأسهم والأوراق المالية ذات الدخل الثابت، أما الثلث الأخير فيدار بشكل احتياطات رسمية في الأصول السائلة، ويشير التقرير إلى أن المعلومات المتعلقة باستثمار عائدات النفط الدولارية محدودة للغاية وأن صناديق السوق العالمية لمجلس التعاون لا تقدم عادة معلومات مفصلة عن توزيع استثماراتها، فهي اذن استثمارات تدار في الاقتصادات الغربية ولا يملك المستثمرون غير أرقام وبيانات، تستحوذ أمريكا الشمالية وأوروبا على 65 % منها وتستثمر 20 % في آسيا والمحيط الهادي، وفي الشرق الوسط وشمال أفريقيا 10 % منها –وتأتي أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية 5 % منها، وهي ذاتها الخطة التي تعتمدها فرنسا وبشكل عام الاستعمار الجديد مع الدول في الاستئثار بالمواد الخام واستثمار عائداتها.
ثانياً: عواقب التمرد أو المقاومة:
تتخذ السياسات الاستعمارية أساليب غاية في البشاعة لمواجهة أي تمرد على سياساتها في الاستحواذ على الثروات للدول المستعمرة – فلا يسمح لتلك الدول بانتهاج سياسات مالية ونقدية مستقلة –إصدار عملة وإنشاء البنوك المركزية، كما هو حاصل مع تلك المستعمرات الفرنسية من أجل الاستئثار بالخامات، بمقابل طباعة العملات لتلك الدول، وتلك هي سياسات فرنسا، أما أمريكا فتجربتها مع دول الخليج قد سمحت بإصدار عملات مستقلة وإنشاء بنوك مركزية، لكن العائدات تظل في بنوك دول الغرب ويسمح لهم بالاطلاع على الأرقام لها، لكنه يمنع من الوصول إلى إصدار عملة خليجية موحدة، والتي تأجل إصدارها حتى الآن، واذا فكر احد من رؤساء تلك الدول في الاستقلال الاقتصادي فإن الإعدام مصيره، والكل يعلم ذلك –رئيس غينيا أصدر عملة- فتم إصدار عملة مزورة مقابلة حتى تم خلعه عن الحكم وإبعاده عن السلطة، رئيس توجو رفض تنفيذ التوجيهات الفرنسية، بعد ثلاثة أيام تم خلعه بانقلاب من جنوده وقتله، ومثل ذلك رئيس بوركينا، فاسو، بإجمالي 67 انقلاباً في 26 دولة، وخمسين غزوة مباشرة وتدخلاً في تلك البلدان.
ثالثاً: التعويضات الصعبة:
وضعت فرنسا اتفاقيات مجحفة بحق تلك البلدان على اعتبار أن الاستعمار الفرنسي هو الأساس في التطور والتنمية وأن أي دولة تريد التخلص منه فعليها دفع مبالغ ضخمة تصل في بعض الاتفاقيات إلى 40 % من إجمالي الناتج المحلي كتوجو، وبالمقابل فإن أمريكا أوجدت القواعد العسكرية للحماية والتي تدر عليها أرباحا غير معلومة من تلك الدول، وإذا كانت كهرباء فرنسا 70 % تدار باليورانيوم المستخرج من مناجم أفريقيا والتي لا تملك أي محطة للإضاءة، وأمريكا معظم أنشطتها تدار بالنفط والبترول العربي، وبينما تحارب فرنسا الدواعش والقاعدة في جمهورية مالي ولديها (860) منجماً لاستخراج الذهب واحتياطاتها صفر من هذا المعدن، فإن فرنسا تملك “2436” طناً في المرتبة الرابعة عالمياً والسبب في ذلك القاعدة وداعش وهما ذاتهما اللتين تشن الحرب عليهما أمريكا في العراق وسوريا وأفغانستان، فإذا كانت قاعدة أفغانستان تمثل أجود أنواع الحشيش في العالم، فإن داعش العراق وسوريا يمثل نفطاً وثروات عديدة تستولي عليها أمريكا، فقد استولت على مناطق الثروات في سوريا، ولم تذهب إلى المناطق الأخرى التي خلت من داعش والقاعدة والثروات، والسؤال هنا إذا كانت فرنسا تحقق أرباحاً تصل إلى ما بين 400 – 500 مليار دولار من أفقر قارات العالم، فكم هي العائدات التي تستحوذ عليها أمريكا والحلف الصليبي الصهيوني الذي يعمل على إبادة غزة حتى يستتب له الأمن ويزيد من أرباحه؟

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

أفريقيا بين أوراق الكتب أرض خصبة للإبداع.. تحظى باهتمام بالغ من الروائيين والباحثين.. والروايات تسرد مآسى أفريقيا مع العبودية والعنصرية.. ونهب ثروات القارة يلهم الأدباء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تُعد قارة أفريقيا واحدة من أغنى القارات تاريخًا وثقافةً، حيث شهدت أحداثًا وتحولات تاريخية كبيرة ألهمت العديد من الكتّاب حول العالم، وتناقلت هذه الكتب قصصًا عن النضال، الهوية، الاستعمار، الاستقلال، والتنوع الثقافي. 

وتعد هذه الكتب مرآة لتاريخ قارة أفريقيا وحاضرها من خلال القصص والروايات والدراسات، تقدم هذه الأعمال صورة عميقة عن التحديات والآمال التي تواجهها القارة، وقراءة هذه الكتب ليست فقط فرصة لفهم أفريقيا بشكل أفضل، بل هي دعوة للتفكير في كيفية دعمها لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا.

في هذا التقرير، نستعرض أشهر الكتب والروايات التي تحدثت قارة أفريقيا، مع التركيز على محتواها وتأثيرها.

آلة النهب.. حينما تكون الثروة نقمة

يعد كتاب "آلة النهب"، للكاتب توم بيرجيس من أبرز الأعمال التي تتناول ظاهرة الفساد واستغلال الموارد الطبيعية في أفريقيا. 

يكشف الكتاب الستار عن شبكة واسعة من الفساد والنظم الاقتصادية الظالمة التي تستغل ثروات القارة السمراء لصالح نخبة صغيرة من السياسيين والشركات متعددة الجنسيات، تاركة الشعوب الأفريقية تعاني الفقر والتهميش. 

يبدأ بيرجيس، الصحفي في صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، بتحليل العلاقة بين الموارد الطبيعية مثل النفط والمعادن الثمينة، وبين انتشار الصراعات والفساد في الدول الأفريقية. 

يعرض كيف يتم تحويل هذه الموارد إلى لعنة بدلًا من أن تكون نعمة، حيث تتحول الثروة إلى سبب للصراعات المسلحة واستمرار أنظمة استبدادية. 

يركز الكتاب على العلاقة بين القوى الدولية والمحلية، حيث تستغل الشركات الكبرى من الدول الغربية والصين ضعف الحكومات الأفريقية وغياب الشفافية، لعقد صفقات مشبوهة تتيح لها السيطرة على الموارد. 

وفي الوقت نفسه، يستفيد المسئولون المحليون من هذه الصفقات لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب مصلحة شعوبهم. 

وصف أفريقياكتاب وصف أفريقيا

كتاب "وصف أفريقيا" هو عمل شهير من تأليف الرحالة والعالم المغربي الحسن بن محمد الوزان، المعروف في أوروبا بـ"ليون الأفريقي". 

وُلد الوزان في مدينة غرناطة عام ١٤٩٤، وانتقل إلى فاس بعد سقوط الأندلس واشتهر بتجاربه الواسعة ومعرفته العميقة بالثقافات والجغرافيا.

يُعد "وصف أفريقيا" من أبرز الأعمال الجغرافية والتاريخية في عصر النهضة الأوروبية، حيث كُتب بعد أن أسره القراصنة المسيحيون قرب تونس وتم إهداؤه إلى البابا ليون العاشر في روما وهناك، تحول إلى المسيحية مؤقتًا وأصبح يُعرف بليون الأفريقي، وبتوجيه البابا كتب هذا العمل باللغة الإيطالية.

يغطي الكتاب وصفًا دقيقًا للقارة الأفريقية في القرن السادس عشر، حيث يقدم معلومات شاملة عن الطبيعة الجغرافية، المدن، الأنظمة السياسية، العادات الاجتماعية، والاقتصاد. ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء رئيسية: الأول يركز على شمال أفريقيا، الثاني على أفريقيا جنوب الصحراء، والثالث على مصر والنيل.

أثر الكتاب بشكل كبير في رسم صورة أفريقيا لدى الأوروبيين، إذ اعتُبر مرجعًا أساسيًا لفهم القارة لعدة قرون. رغم بعض التأثيرات الأوروبية على النص، يُعد الكتاب شهادة استثنائية على علم الجغرافيا والإثنوغرافيا في عصره.

العلاقات المصرية الإثيوبيةكتاب العلاقات المصرية الإثيوبية"

كتاب "العلاقات المصرية الإثيوبية" للكاتب أنتوني سوريال يتناول العلاقات بين مصر وإثيوبيا عبر التاريخ، مع التركيز على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أثرت على تفاعلات البلدين. 

يناقش سوريال في كتابه تطور العلاقات بين مصر وإثيوبيا منذ العصور القديمة وحتى العصر الحديث، مشيرًا إلى الأوقات التي شهدت تنسيقًا بين البلدين وأوقات أخرى كانت مليئة بالتوترات. 

ويتناول كتاب العلاقات المصرية الإثيوبية، تاريخ العلاقات بين البلدين خلال العصور القديمة والبعثات التعليمية التي كانت ترسلها القاهرة إلى أديس أبابا، وتأثرها بالحكم العثماني، والصراع على البحر الأحمر.

ويتطرق إلى علاقة الكنيسة المصرية بإثيوبيا، خلال هذه الحقبة التاريخية، ومحاولات محمد علي باشا إقامة علاقات ودية مع حكام الأقاليم الإثيوبية حيث كانت تتجاور إثيوبيا مع مصر عن طريق السودان التي كانت تحت السيادة المصرية مع التبعية للدولة العثمانية، إلى جانب الحديث عن انتصارات إبراهيم بن محمد علي على الوهابيين في شبه جزيرة العرب وتعيينه واليا على جدة في يوليو ١٨٢٠ ونظرة محمد علي باشا إلى البحر الأحمر وأهميته للأمن القومي المصري. 

ويسرد الكتاب المباحثات الدولية بين مصر وبريطانيا حول إثيوبيا، ومحاولة الجيش المصري السيطرة على الاعتداءات الإثيوبية المستمرة على السودان.

أفريقيا منذ عام ١٨٠٠ 

يعالج كتاب أفريقيا منذ عام ١٨٠٠ لمؤلفيه رونالد أوليفر وأنتونى أتمور، تاريخ القارة الأفريقية منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى مطلع الألفية الثالثة، ويدرس تاريخ القارة السمراء قبل الاستعمار.

ويهتم كتاب أفريقيا منذ عام ١٨٠٠ باستمرارية التاريخ الأفريقي والتغيرات التي حدثت طوال هذه الفترة وامتد للحديث عن عدد من الأزمات مثل أزمة دارفور السودان إلى جانب الأمراض والاوبئة التي اجتاحت القارة مثل الإيدز والملاريا، إلى جانب الصراعات والحروب من أجل السيطرة على موارد القارة.

رواية أشياء تتداعى 

تعتبر رواية أشياء تتداعي للروائي النيجيري تشينوا أتشيبي من أكثر الروايات تأثيرًا في الأدب الأفريقي الحديث، يتناول الرواية انهيار الثقافات الأفريقية التقليدية بسبب الاستعمار الأوروبي. 

صدرت الرواية عام ١٩٥٨ وتحكي قصة أوكونكو، وهو قائد قوي في قريته الإيجبوية يُدعى "أوموفيا"، ويصوّر أتشيبي كيف تزعزعت حياة المجتمع التقليدي بسبب وصول المبشّرين المسيحيين والاحتلال البريطاني، ويعرض الصراع بين القيم التقليدية والأفكار الاستعمارية.

الرواية تسلط الضوء على الصراع بين التقاليد والحداثة، وقوة العادات التي تواجه تحديات من الأفكار والقيم الغربية. 

يُبرز أتشيبي تعقيد الثقافة الإفريقية، التي كانت غالبًا تُصور بصورة نمطية في الأدب الغربي.

تميزت الرواية بلغة بسيطة لكن قوية، واستخدمت الكثير من الأمثال الشعبية لتعكس عمق الثقافة الإيجبوية تُعتبر بداية الأدب الأفريقي المكتوب باللغة الإنجليزية، وأصبحت من الكلاسيكيات التي تدرس على نطاق عالمي لتعريف القراء بتاريخ إفريقيا وتجاربها مع الاستعمار.

النيل حياة نهر 

يروي هذا الكتاب قصة نهر النيل للكاتب توبي ويلكينسون، شريان الحياة لقارة أفريقيا، من منبعه إلى مصبه، ويستعرض تأثير النيل على الحضارات الأفريقية القديمة، خصوصًا الحضارة المصرية، ويقدم رؤى عن الحياة المعاصرة حول النهر.

ويعد عملًا مميزًا يستعرض تاريخ نهر النيل وأهميته الحضارية عبر العصور، ويقدم ويلكينسون، وهو عالم مصريات بارز، رؤية شاملة عن النهر الذي يعتبر شريان الحياة لمصر والسودان، حيث يتتبع عبر الكتاب النيل من منابعه في أفريقيا حتى مصبه في البحر المتوسط، مستعرضًا تأثيره في تشكيل الحضارات القديمة. 

يبرز الكاتب دور النيل في تطوير الزراعة، التجارة، والثقافة، بالإضافة إلى مكانته الدينية والسياسية عبر الأزمنة، ويعرض قصصًا تاريخية غنية بالأحداث التي توضح كيف ساهم النهر في بناء واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ، حضارة الفراعنة، وكيف استمرت أهميته حتى يومنا هذا. 

يتميز الكتاب بأسلوبه السلس والمعتمد على أبحاث دقيقة، مما يجعله قراءة ممتعة ومفيدة للمختصين والمهتمين بالتاريخ والجغرافيا.

القلب المظلم لأفريقيا 

رواية "القلب المظلم لأفريقيا" (Heart of Darkness) للكاتب البريطاني البولندي جوزيف كونراد هي واحدة من أعظم الأعمال الأدبية التي تتناول موضوعات الاستعمار والإنسانية. 

نُشرت الرواية لأول مرة عام ١٨٩٩، وتدور أحداثها حول رحلة الراوي، مارلو، في نهر الكونغو خلال الحقبة الاستعمارية البلجيكية في إفريقيا وتسلط الضوء على استغلال الأوروبيين للقارة السمراء، يركز الكاتب على قسوة الاستعمار والآثار النفسية والجسدية التي خلفها على الأفارقة والسكان المحليين.

من خلال مغامرة مارلو للبحث عن السيد كورتز، تاجر العاج الذي فقد أثره في الأدغال الأفريقية، تكشف الرواية عن فساد الاستعمار وطبيعة الإنسان الغامضة. كورتز، الذي كان في البداية رمزًا للحضارة والتقدم، يتحول إلى شخصية غارقة في الوحشية والطغيان. 

الرواية تسلط الضوء على التوتر بين "الحضارة" و"الهمجية"، وتستخدم السرد الرمزي لإبراز قضايا مثل الجشع، السلطة، والاضطرابات الأخلاقية التي يسببها الاستعمار. أسلوب كونراد الأدبي المعقد وصوره المظلمة جعلها من الأعمال الخالدة التي تُدرس في الأدب العالمي.

ثوار أفريقيا: حركات التحرر الوطني في القارة السمراء

كتاب "ثوار أفريقيا: حركات التحرر الوطني في القارة السمراء" للكاتب شوقي الجمل يُعدّ مرجعًا مهمًا في دراسة تاريخ النضال الأفريقي ضد الاستعمار. 

يسلّط الكتاب الضوء على أبرز حركات التحرر الوطني التي اندلعت في القارة الأفريقية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، مستعرضًا الجهود التي بذلتها الشعوب الأفريقية للتحرر من الاستعمار الأوروبي. 

يتناول السياقات التاريخية والسياسية التي أحاطت بهذه الحركات، ويبرز دور القادة الأفارقة في تحفيز شعوبهم للدفاع عن حقوقهم وهويتهم. 

كما يناقش تأثير الاستعمار في تفتيت الدول الأفريقية واستنزاف مواردها، إلى جانب استعراض الأيديولوجيات التي ألهمت قادة الثورات، مثل القومية الأفريقية والوحدة الأفريقية. 

ما يميز الكتاب هو أسلوب الكاتب التحليلي الذي يربط بين الأحداث التاريخية والنضالات الشعبية، مما يجعل الكتاب إضافة قيمة للمكتبة العربية، خاصةً للباحثين والمهتمين بتاريخ أفريقيا الحديث ودراسات التحرر الوطني.

طريق طويل نحو الحرية - نيلسون مانديلا

هذا الكتاب هو السيرة الذاتية لنيلسون مانديلا، زعيم جنوب أفريقيا وأيقونة النضال ضد التمييز العنصري، يروي مانديلا تفاصيل كفاحه من أجل الحرية والمساواة، وكيف أثرت تجربته على تحقيق التغيير السياسي والاجتماعي في أفريقيا.

يقدم الكتاب نظرة عميقة وشخصية على حياة مانديلا، بدءًا من طفولته في قرية صغيرة بجنوب أفريقيا، وصولًا إلى كفاحه السياسي الطويل وإطلاق سراحه من السجن بعد ٢٧ عامًا. 

يُبرز مانديلا محطات رئيسية من حياته، مثل انضمامه إلى المؤتمر الوطني الأفريقي، وتأسيسه لرؤية شاملة للمساواة والعدالة، ومشاركته في الحركات السلمية والمسلحة ضد النظام العنصري. كما يصف الظروف الصعبة التي عايشها في السجن وتأثيرها على إصراره ومرونته. 

يمثل الكتاب شهادة ملهمة على قدرة الإنسان على الصمود والتغيير، وهو تأكيد على أن الحرية الحقيقية تتطلب تضحيات كبيرة. يُعد هذا العمل وثيقة تاريخية وإنسانية تسلط الضوء على القيم الإنسانية والكرامة.

دموع الغابة 

تقدم وانجاري ماثاي الكاتبة والناشطة البيئية وانجاري ماثاي الحائزة على جائزة نوبل للسلام ٢٠٠٤، رؤيتها حول حماية البيئة في أفريقيا، حيث تعرض في كتابها "دموع الغابة" تجربة حركة الحزام الأخضر التي أسستها في كينيا، والتي تهدف إلى مكافحة إزالة الغابات وتعزيز التنمية المستدامة.

"دموع الغابة" يتناول الكتاب قضايا البيئة وعلاقتها بحياة الإنسان والمجتمع، مستعرضًا تأثير تدمير الغابات على الطبيعة والبشر. يسلط الضوء على التحديات البيئية التي تواجه العالم، خاصة في أفريقيا، مثل إزالة الغابات وتغير المناخ ونضوب الموارد الطبيعية. 

من خلال قصص وتجارب شخصية، تقدم ماثاي رسالة مؤثرة عن أهمية الحفاظ على البيئة، مبينة كيف أن الغابات ليست مجرد موارد طبيعية، بل هي شريان حياة يحمل أبعادًا اقتصادية وثقافية وروحية. 

الكتاب يعكس رؤية ماثاي التي أسست حركة الحزام الأخضر، حيث حثت المجتمعات على زراعة الأشجار كوسيلة لاستعادة التوازن البيئي وتمكين المرأة. "دموع الغابة" ليس مجرد كتاب بيئي، بل هو دعوة للتفكير في العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وإلهام للعمل من أجل مستقبل أكثر استدامة.

إعادة اكتشاف تاريخ أفريقيا

كتاب "إعادة اكتشاف تاريخ أفريقيا" للكاتب بييرلوجي فالستشي يُعدّ من أبرز الأعمال التي تسلط الضوء على تاريخ أفريقيا بعمق وشمولية. 

يهدف الكتاب إلى تقديم قراءة جديدة للتاريخ الأفريقي بعيدًا عن التحيزات والاستشراق التقليدي، حيث يركز الكاتب على أهمية القارة السمراء في صياغة التاريخ الإنساني، موضحًا مساهماتها الكبيرة في الحضارات القديمة والتجارة والثقافة.

يعتمد فالستشي في تحليله على مصادر متنوعة، منها السجلات التاريخية والشواهد الأثرية، بالإضافة إلى الروايات الشفهية التي تُعد جزءًا لا يتجزأ من التراث الأفريقي. 

يعالج الكتاب أيضًا قضايا الاستعمار وتأثيره العميق على القارة، محاولًا إعادة الاعتبار للشعوب الأفريقية وثقافاتها التي تعرّضت للتهميش.

يعتبر الكتاب دعوة لإعادة التفكير في النظرة النمطية تجاه أفريقيا، حيث يقدم سردًا يعكس تنوعها الثقافي والتاريخي. إنه مرجع هام للباحثين والمهتمين بتاريخ القارة الأفريقية.

اعرف أهلك: دراسات أنثروبولوجية للثقافات الأفريقية

يعد كتاب "اعرف أهلك: دراسات أنثروبولوجية للثقافات الأفريقية" من الأعمال البارزة التي تلقي الضوء على التنوع الثقافي والأنثروبولوجي داخل القارة الأفريقية. 

يقدم المؤلف دراسة شاملة حول المجتمعات الأفريقية، مستعرضًا عاداتها وتقاليدها وأساليب الحياة اليومية التي تعكس تراثًا غنيًا ومتجذرًا في التاريخ.

يركز الكتاب على فهم البنية الاجتماعية لمجتمعات أفريقية مختلفة، مثل أنماط الزواج، أدوار الجنسين، النظم القبلية، والطقوس الدينية. كما يستعرض دور الأساطير والحكايات الشعبية في تشكيل الهوية الثقافية للأفراد والجماعات. يتميز الكتاب بمنهجه العلمي الذي يعتمد على ملاحظات ميدانية مكثفة ومقابلات شخصية مع أفراد هذه المجتمعات.

من أبرز مواضيع الكتاب أيضًا التحديات التي تواجه الثقافات الأفريقية نتيجة للعولمة والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية. يناقش المؤلف كيف تسهم هذه التحديات في تهديد التراث الثقافي، مع التركيز على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل التغيرات المتسارعة.

الكتاب ليس فقط مرجعًا أكاديميًا ولكنه دعوة للتعرف على ثقافات متنوعة ومبهرة، تشجع على احترام التنوع الثقافي وتعزز من فهم القارئ لتراث القارة الأفريقية الغني والمميز.

اليوم أفضل من الغد

تعد رواية "اليوم الأفضل من الغد" للكاتبة الجنوب أفريقية نادين جورديمر من أبرز أعمالها التي تناولت قضايا التمييز العنصري والمجتمع في جنوب أفريقيا. 

تسلط الرواية الضوء على الصراعات السياسية والاجتماعية التي عاشها البلد خلال فترة نظام الفصل العنصري. 

تتميز "اليوم الأفضل من الغد" بطرحها الواقعي والمعمق لشخصيات متعددة من مختلف الطبقات الاجتماعية والخلفيات الثقافية، حيث تعكس هذه الشخصيات التحديات التي تواجهها في ظل الظلم الاجتماعي. 

تقدم جورديمر من خلال أحداث الرواية تصويرًا حيًا للتغيرات التي تشهدها البلاد وللنضال المستمر من أجل العدالة والمساواة.

لغة الكاتبة تتسم بالقوة والبساطة، ما يجعل النص مشحونًا بالعواطف والمعاني. 

تحاول الرواية إيصال رسالة أمل بأن الغد يمكن أن يكون أفضل، رغم العقبات والتحديات التي تواجه الإنسان في طريقه نحو الحرية. من خلال أسلوبها الفريد، ترسخ جورديمر مكانتها كواحدة من أبرز الأصوات الأدبية في القرن العشرين.

أفريقيا من قرن إلى قرن كتاب أفريقيا من قرن إلى قرن

يعد كتاب "أفريقيا من قرن إلى قرن" للكاتب حلمي شعراوي مرجعًا مهمًا لدراسة التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي للقارة الأفريقية عبر قرن من الزمن. 

يتناول الكتاب تطور القارة الأفريقية من نهايات القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن الحادي والعشرين، مستعرضًا محطات مفصلية شكّلت مسارها التاريخي. 

يسلط الكاتب الراحل حلمي شعراوي، الضوء على التأثيرات الاستعمارية ودورها في تقسيم القارة واستغلال ثرواتها، مع توضيح كيف أثرت هذه التجربة على المجتمعات الأفريقية واستقلالها لاحقًا. كما يناقش الكتاب مراحل التحرر الوطني والصراعات التي خاضتها الدول الأفريقية لتحقيق استقلالها، وأثر الحركات التحررية في تعزيز الهوية الأفريقية. 

يركز شعراوي على الأبعاد الثقافية والاجتماعية من خلال تسليط الضوء على التنوع الثقافي في القارة، والجهود المبذولة لتعزيز التكامل الأفريقي. 

كما يتناول التحديات الراهنة مثل التنمية الاقتصادية، الصراعات الداخلية، وقضايا البيئة. 

الكتاب يعكس خبرة شعراوي الطويلة كباحث متخصص في الشأن الأفريقي، ويتميز بأسلوبه التحليلي العميق وسرده المدعوم بالمصادر التاريخية يُعتبر الكتاب دعوة لفهم أعمق للقارة الأفريقية بما تحمله من تاريخ غني وإمكانات مستقبلية كبيرة.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو.. مسؤولون: الهليكوبتر التي تحطمت كانت ضمن وحدة استعداد في حالة هجوم على أمريكا
  • ترامبونوميكس .. القومية الاقتصادية في مواجهة العولمة يعطي قُبلة الحياة لـ أمريكا
  • أفريقيا بين أوراق الكتب أرض خصبة للإبداع.. تحظى باهتمام بالغ من الروائيين والباحثين.. والروايات تسرد مآسى أفريقيا مع العبودية والعنصرية.. ونهب ثروات القارة يلهم الأدباء
  • 200 هكتار تحت وطأة السرقة.. من وراء الاستيلاء؟
  • بعد 60 عامًا.. فرنسا تطوي صفحة وجودها العسكري في تشاد آخرِ معاقلها بالساحل الإفريقي
  • ‎أمريكا تعثر على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن
  • رئيس برلمان الجزائر يدعو لتمرير مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي
  • كم قتل الاحتلال الفرنسي من الشعب الكاميروني أثناء الاستقلال.. مؤرخون يجيبون؟
  • الجيش الفرنسي يسلم آخر قاعدة له في تشاد
  • وقفات احتجاجية في جنيف تطالب بتعويض الشعوب الأفريقية عن سنوات الاستعمار الغربي