ظللت منذ رحيل الموسيقار حلمي بكر في حالة غضب مكتوم مما حدث منذ رحيله وامتد لأيام بعد الرحيل. فسّرت هذا الذي حدث بأنه جوع للشهرة يعاني منه البعض؛ فحاولوا ركوب الموجة وأخذوا يتاجرون بذكرى الرجل ويتعلقون بأي صلة تربطهم به حتى يتربحوا من ذكراه، ومنهم من استفاد منه ماليا وهو على قيد الحياة.
وقادني هذا إلى التساؤل: متى نحسن الوداع كما نحسن الاستقبال؟ بل كيف ننزل كبارنا منازلهم؟ وهل حفلات التكريم ستظل قاصرة على أولئك الذين توفاهم خالقهم؟ نعم، فقد صارت عادتنا المذمومة أن نمعن في التنكيل وتوجيه النقد الحاد للأحياء، حتى إذا رحلوا تجدنا قد حولنا الدفة بمجرد نعيهم.
لهذا وجدتني في غاية السعادة عندما قرأت عن استعداد نقابة الصحفيين لتنظيم احتفالية تأبينية لذكرى الموسيقار الكبير، وفي هذا احترام وتقدير وجب أن نشكر عليه مجلس نقابة الصحفيين. تظنني أخطأت وقلت نقابة الصحفيين بدلا من نقابة الموسيقيين؟ كلا البتة، أنا لم أخطئ فقد راجعت البوستر المتداول- للتنويه عن الحدث- أكثر من مرة لأتأكد، إذ لم أستوعب الأمر في البداية أنا الآخر. فالرجل الذي ظل يدافع عن شرف مهنته لسنوات طوال، واستمر في مواجهة دعاة التطرف حينًا والمروجين للفوضى الموسيقية أحيانًا كثيرة، وواجه لأجل ذلك حروبا من الجميع- يرحل اليوم وسط نكران من بعض أقاربه، وانغماس في مشاكل أغرق فيها أقاربُه مجلسَ إدارة نقابته.
أظن أن وراء تلك الأمسية، المزمع عقدها مساء الأحد القادم وتنظمها اللجنة الثقافية والإعلامية بنقابة الصحفيين برئاسة النقابي النشيط محمود كامل، جهدًا كبيرًا قام به الكاتب الصحفي الكبير عاطف سليمان، صديق حلمي بكر المقرب، والذي أخلص لصاحبه حيا وميتا. وعاطف سليمان بهذا يمثل نموذجًا لجيل من الإعلاميين، بل لنوعية من البشر لم نعد نقابلهم كثيرا في حياتنا، إذ لم نسمع عن الراحل حلمي بكر من سليمان إلا كل جميل. وسليمان رغم قربه الشديد من بكر وتواصله معه ومع أسرته، ومعرفته أسرارًا كثيرة عن الرجل، كان يمكنه أن يتاجر بها ويحصد من وراء ذلك أموالا كثيرة من صناع الإعلام القائم على ترويج الشائعات. أنا أعرف أن سليمان كان وراء عودة بكر إلى أرملته بعد أن كان قد طلقها لفترة، فتوسط الصحفي الكبير للمّ شمل الأسرة بدافع إنساني مراعاة لطفلة بكر الصغيرة، وحتى يطمئن قلب الرجل في أيامه الأخيرة.
نجح منظمو الأمسية في حشد أسماء كبيرة وكثيرة، هم الكبار: الموسيقار منير الوسيمي والموسيقار هاني شنودة والموسيقار هاني مهنى، والنجمة نادية مصطفى والموسيقار د. إيهاب عبدالسلام، ود. سلوى حسن رئيس قسم الأصوات بالكونسرفتوار. حشد كبير من النجوم الذين يعرفون للرجل قدره في عالم الموسيقى، وهو أمر أراه في منتهى الأهمية في هذا التوقيت لإعادة الاعتبار لقيمة الرجل المهنية ولتحويل دفة الكلام من الشخصنة إلى الموضوعية.
محمد عبدالعزيز – جريدة الدستور
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: نقابة الصحفیین
إقرأ أيضاً:
"الصحفيين" تدين مجزرة الاحتلال الصهيونى بحق الفلسطينيين.. وتنعى استشهاد 5 زملاء اليوم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أدانت نقابة الصحفيين، المجزرة البشعة، التي ارتكبها الكيان الصهيوني المجرم، اليوم الخميس بحق الصحفيين الفلسطينيين، وأدت لاستشهاد 5 من الزملاء الصحفيين، هم: فيصل أبو القمصان، وأيمن الجدي، وإبراهيم الشيخ خليل، وفادي حسونة، ومحمد اللدعة، بعد استهداف الاحتلال لسيارة البث التابعة لقناة "القدس اليوم"، أمام مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، في مشهد وحشي لا يمكن وصفه، يليق بالهمجية الصهيونية تجاه كل ما هو فلسطيني.
وتأتي جريمة استهداف 5 من الزملاء الصحفيين استمرارًا للجرائم البشعة، التي ترتكبها قوات الاحتلال الغاشم، تجاه الصحفيين، والعاملين بالإعلام في قطاع غزة؛ عقابًا لهم على نقل حقيقة حرب الإبادة، التي تمارسها آلة الحرب والإبادة الجماعية، التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني.
وجددت نقابة الصحفيين، مطالبتها للمؤسسات الأممية والدولية بتوفير حماية دولية للصحفيين الفلسطينيين، وبالتحقيق في جرائم الحرب والإبادة الجماعية، التي ترتكبها القوات الصهيونية المجرمة في قطاع غزة، وفي القلب منها عمليات استهداف الصحفيين، الذين بلغ عدد شهدائهم ما يقارب من 200 شهيد صحفي، بالإضافة للقبض على عشرات آخرين، وإخفاء بعضهم قسريًا منذ بدء العدوان الوحشي على قطاع غزة منذ أكثر من عام.
كما طالببت النقابة جميع المؤسسات، والهيئات، والحكومات بإدانة الجرائم الصهيونية، وتحميل قادة الكيان الصهيوني المجرم نتيجة ما يحدث في الأراضي الفلسطينية في إبادة وتجويع، والعمل على محاكمتهم وفق القوانين والمواثيق الدولية.
وأكدت نقابة الصحفيين المصريين استمرار دعمها الدائم للقضية الفلسطينية، والزملاء بفلسطين في ظل عجز وصمت تام على ما تمارسه دولة الاحتلال المجرمة من إبادة، وتدمير، وقتل.
ووجهت النقابة تحية واجبة لزملاء لنا ضربوا أروع المثل في المهنية والوطنية، والتضحية والفداء، وهم زملاؤنا تحت نيران العدوان الصهيوني في أرض فلسطين الأبية، وتحية إجلال وإكبار لـ200 صحفي شهيد ضحوا بأرواحهم خلال ممارستهم للدور المهني والوطني في نقل حقيقة الإجرام الصهيوني، الذي مَارَس أبشع جريمة بحق الصحفيين في تاريخ الإنسانية.
وشددت نقابة الصحفيين على موقفها الثابت والدائم ضد التطبيع مع العدو الصهيوني، مؤكدةً أن حظر التطبيع المهني، والنقابي، والشخصي سيظل مستمرًا حتى يتم تحرير الأراضي المحتلة، وعودة حقوق الشعب الفلسطيني.