صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-01@16:05:02 GMT

سودان الذكريات

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

سودان الذكريات

خالد فضل

أمضيت عاماً كاملاً بصفتي وافداً او نازح من الخرطوم رغم انني أعيش وسط أهلي في منزل العائلة الكبير, صفة نازح مصدرها أن مسار حياتي و اسرتي الصغيرة قد تشكل على مدى أكثر من ثلاثين عاماً تقريباً على العيش في الخرطوم حتى انني امتلك فيها منزلاً فيما لم اتبنى (قطعة) صغيرة في دار أبي في القرية.

معظم السودانيين الآن يحملون إحدى الصفتين, اما نازح او لاجئ, كل ذلك بسبب حرب 15 أبريل 2023 بين أطراف المكون العسكري السوداني كما أن معظم السودانيين في مناطق الحرب يعيشون الآن في الحقيقة على صدى ذكريات السودان.

من تلك الذكريات مثلاً في مثل هذه الأوقات من العام تعني نهاية العام الدراسي للمدارس الابتدائية وحتى الثانوية, و تكون مواعيد المراحل الثلاث قد تحددت سلفاً وربما ُعقد بعضها, الآن لا حديث عن المدارس في كل الولايات عدا واحدة او اثنين وحتى في تلك الولايات يبدو سقف المدارس مربوط بالسنة الثالثة من المرحلة الثانوية حيث الامتحان الأكبر “امتحان الشهادة السودانية” و قد صارت الان من ضمن ذكريات السودان .

في الولايات التي تنتشر فيها قوات الدعم السريع على وجه التحديد لا يوجد أي أثر لأجهزة الدولة , الحديث كله ذكريات عن رئاسة الولاية او مقرات الشرطة او النيابة او المحاكم او المحليات و الوحدات الإدارية , اختفى موظف الكهرباء عن مكاتبهم , وغاب الضباط الاداريون و حتى “عريف سوق الموانئ لم يعد موجوداً” و في الجزيرة كنموذج لا أثر لمفتش في الغيط أو محاسب في المكتب او غفير في مخزن الأسمدة و التقاوي , كما غابت أفرع البنوك , و حتى تطبيق بنكك المشهور اختفى مع قطع شبكة الاتصالات , ولا تسأل عن خدمات الأسواق ومحطات الوقود ,و عيادات الأطباء و المستشفيات العامة أو الخاصة و الصيدليات و المغالق , كل هذه اختفت من مناطق الجزيرة و صار الناس طلقاء من أي حكومة , يخضعون فقط لأرتال سيارات الدعم السريع عندما تجوب الانحاء و تنشر الذعر او تسلب الاشياء.

سودان الذكريات يتمدد مع حالة موات فمع قطوعات الكهرباء المستمرة لشهور لا توجد فضائيات أو مسلسلات , ولا توجد مكاتب بريد لتوصيل الرسائل و البرقيات مثلما تقطعت الطرقات , بارتكازات مسلحة تبع الحي هنا و تبع الدعم السريع هناك مع خنادق و حفريات أقامتها بعض القرى تحسباً من طوفان ذوات الدعم السريع و الدوشكات , و بالتالي صار التنقل بالدواب هو وسيلة الحركة و نشطت عربات الكارو التي تجرها الحمير والحصين هي وسيلة النقل عبر القرى وحتى في أحياء المدن, صارت السيارات ماركة اخر موديل في عداد سودان الذكريات.

لاحظ اناس كثيرون أن السودانيين شعب ماضوي تكتنفه حالة حنين و شعب دائم للماضي فهناك كان العمر الذهبي للكورة السودانية و عصر الشعر والغناء والموسيقى والمسرح وغيرها من أنشطة الإبداع , و زمان كانت السكة حديد ومشروع الجزيرة و الميناء و جامعة الخرطوم و القوات المسلحة “التي يملأ ضباطها قاشاتهم” ونقول للسيد “حميدتي” ذات عقبة!!, الماضي الخمسيني و الستيني الذي عشنا في كتفه نحن جيل الثمانينيات و الالفية الجديدة , صار بالترابت الزمني كأنه يعود الى العصر الحجري أو المروي أو عهود الفراعنة السودانيون اليوم في مناطق الحرب على الاقل يتلقون ليروا او يشعروا او يلمسوا أي أثر من آثار ما كان من دولتهم حتى يوم 15 أبريل 2023 , فلا يجدون ذلك الأثر , لقد تحولت الدولة إلى ذكرى , يختلف الناس حول كونها ذكرى حبيبة أم ذكرى بغيضة المهم ان السودان الأن “ذكرى” مع الأسف ولولا الذكرى مافي أسف ولا كان التمني وقف , كما صرح مصطفى سيد أحمد “عليه الرحمة” وهو من أعزب ذكريات السودان ولا حول ولا قوة الا بالله.

اوقفو الحرب الآن

 

الوسومخالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: خالد فضل الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

شبكة أطباء السودان: مقتل طبيب في نيالا بعد اختطافه من قبل الدعم السريع 

الشبكة حذرت من استمرار استهداف الكوادر الطبية، داعية المنظمات الدولية إلى التدخل والضغط على قوات الدعم السريع لحماية العاملين في المجال الصحي.

نيالا: التغيير

قالت شبكة أطباء السودان – منظمة طبية مستقلة – إن الطبيب آدم عبد الله يحي قُتل على يد أفراد من قوات الدعم السريع بعد اختطافه من منزله في نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور.

وأوضحت الشبكة أن الطبيب تم تصفيته بتهمة انتمائه للقوات المسلحة، وألقيت جثته خارج المدينة.

ونعت الشبكة الطبيب الراحل، مشيرةً إلى أنه ظل يقدم خدماته الطبية للمرضى رغم تواجده في مناطق خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.

كما حذرت من استمرار استهداف الكوادر الطبية، داعية المنظمات الدولية إلى التدخل والضغط على قوات الدعم السريع لحماية العاملين في المجال الصحي، نظراً لدورهم الحيوي في تقديم الرعاية الطبية للسكان الذين لم يتمكنوا من مغادرة المدينة في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وسيطرة قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من إقليم دارفور.

ومنذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، شهد إقليم دارفور انتهاكات واسعة النطاق، حيث تعرض المدنيون والعاملون في المجال الصحي للاستهداف وسط تدهور الأوضاع الإنسانية.

وسبق أن وثّقت منظمات حقوقية حالات اختطاف وقتل لمدنيين وكوادر طبية في مناطق النزاع، مما زاد من معاناة السكان الذين يجدون صعوبة في الحصول على الخدمات الصحية الأساسية.

وتشكل استمرارية العنف تهديداً مباشراً لحياة الأطباء والعاملين الصحيين، ما أدى إلى نزوح عدد كبير منهم أو توقف المستشفيات عن العمل بسبب المخاطر الأمنية ونقص الإمدادات الطبية.

الوسومآثار الحرب في السودان إقليم دارفور شبكة أطباء السودان مدينة نيالا

مقالات مشابهة

  • عاجل.. السودان: مقتل 54 على الأقل وإصابة 158 في هجوم لميليشيا الدعم السريع
  • مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
  • السودان.. حميدتي يقر بخسارة "الدعم السريع" مناطق لصالح الجيش
  • الدعم السريع … شبح الحكومة من أجل الشرعية
  • شبكة أطباء السودان: مقتل طبيب في نيالا بعد اختطافه من قبل الدعم السريع 
  • سودان تربيون: الدعم السريع تنقل عتادًا ثقيلًا من ليبيا إلى دارفور
  • مقتل جلحة نهاية مليشيا الدعم السريع في كردفان والخرطوم
  • وضعية قوات الدعم السريع على الأرض في السودان وما التوقعات