تفاصيل ساعات من الجحيم في أستوديو الأهرام
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
تحوّل أستوديو الأهرام بمنطقة العمرانية بمحافظة الجيزة إلى حطام ورماد بعد أن شهد حريقا ضخما منذ الساعات الأولى صباح يوم السبت، التهم ديكور مسلسل "المعلم" من بطولة الفنان مصطفى شعبان، وامتد الحريق إلى 6 عقارات سكنية ملاصقة للأستوديو، مما ألحق ضررا بنحو 30 وحدة سكنية، إلى جانب خسائر أخرى وعدد من الإصابات.
حتى الآن لم يتم الكشف عن السبب الرئيسي الذي أدى إلى وقوع الحريق، ولكن النيابة العامة رجحت بشكل مبدئي أن السبب هو ماس كهربائي لوجود أسلاك تالفة لا تخضع للمعاينة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4سلافة معمار فتاة شعبية وريهام حجاج كوميدية.. نجوم "غيروا جلودهم" في دراما رمضانlist 2 of 4الدراما التاريخية في رمضان 2024.. سفر في حكايات المدن والناسlist 3 of 4“الحشاشين” لكريم عبد العزيز و”عتاولة” السقا يتنافسان في دراما رمضان 2024list 4 of 4"سفاح الجيزة" و"ريا وسكينة".. هل يبحث الجمهور عن الحقيقة في المسلسلات؟end of listغير أن شهود عيان من سكان المنطقة المحيطة بالأستوديو أرجعوا -في تصريحات لصحف محلية- الحريق إلى مشهد انفجار كان يتم تصويره داخل الأستوديو.
في حين أكد نقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي، للجزيرة نت، أنه لم يكن هناك مشهد انفجار في المسلسل، وأنه تواصل مع صناع العمل الذين أكدوا له أنه لا صحة لما يتردد حول هذا الأمر.
وأضاف نقيب الممثلين أن التحقيقات جارية وستسفر عن الأسباب الحقيقية وراء الحريق.
وعن مصير المشاهد المتبقية من مسلسل "المعلم" بعد أن التهمت النيران الديكور بالكامل داخل الأستوديو، أوضح زكي أن النيران التهمت ديكور السوق، وهناك أكثر من ديكور للمسلسل، وسيتم تدارك الأمر خلال جلسات عمل يقوم بها صناع المسلسل في الوقت الحالي لترتيب الوضع، وأكد على سلامة فريق عمل المسلسل.
التهمت النيران أحد أعرق وأقدم أستوديوهات الإنتاج السينمائي في العالم العربي والذي تأسس قبل 80 عاما (الفرنسية)في حين رفض مصدر أمني شارك في عمليات الإطفاء الجزمَ بصحة أن يكون السبب ماسا كهربائيا بسبب حجم النيران التي التهمت الأستوديو، وفق تصريحاته لموقع مصراوي، بالمقابل أشار مصدران آخران إلى أن النيابة تدرس سيناريو آخر ستكشف عنه قريبا، حيث شكلت السلطات لجنة هندسية لمعرفة أسباب وملابسات الحريق ولرفع تقرير مفصل عن الأمر وتقديمه لجهات التحقيق المعنية.
إصابات وخسائروكانت النيران قد اشتعلت في الأستوديو في الساعات الأولى من صباح يوم السبت، وتوجهت على الفور حوالي 15 سيارة إطفاء للسيطرة على الحريق في الأستوديو، الذي يضم 3 "بلاتوهات" (مواقع تصوير) حيث كان يتم تصوير مسلسل "المعلم"، والتهمت النيران ديكور "شادر السمك" الذي تحوّل إلى رماد.
ورغم مغادرة فريق "المعلم" موقع التصوير قبل وقوع الحريق بنحو 15 دقيقة، بحسب ما أكدته أسرة المسلسل، وعدم وقوع خسائر في الأرواح، فإن قوة الحريق تسببت في إصابة 12 شخصا بالاختناق، بينهم 3 أفراد من رجال الإطفاء، كما أصيب اثنان من رجال الإطفاء بكسر في القدم وخلع في الكتف عقب سقوط سلم الإطفاء أثناء عملية السيطرة على الحريق.
وقد أعلنت مستشفيات محافظة الجيزة حالة الطوارئ، وتم نقل 7 مصابين إلى مستشفى الهرم، واثنين آخرين إلى مستشفى أم المصريين، في حين خضعت حالات اختناق أخرى للإسعاف في موقع الحريق.
رجل إطفاء يقوم بتبريد المنطقة التي لا تزال مشتعلة بعد حريق في أستوديو الأهرام والمباني المحيطة به (الفرنسية) تعويضات عاجلةامتد الحريق إلى العقارات المجاورة، مما أسفر عن تضرر ما يقرب من 30 وحدة سكنية لأسر لجأ أفرادها إلى الشارع وافترشوا الأرض في اليوم السادس من شهر رمضان، وقد أصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أثناء وجوده بموقع الحريق أمرا فوريا بصرف 15 ألف جنيه (السعر الرسمي للدولار يساوي 47.8 جنيها) كجزء من الإيجار المؤقت لشقق بديلة لحين إصلاح الوحدات السكنية المتضررة وإعادتهم إليها، وإصدار بطاقات رقم قومي بديلة لمن فقدها في الحريق.
وكشف مدبولي أن الحكومة ستتكفل بالتكلفة الكاملة لإعادة الوضع كما كان عليه قبل الحريق، والاطمئنان على المباني.
في حين تقدم النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بطلب إحاطة لمجلس النواب بشأن الحريق، وطالب بمعرفة سبب الحادث، وما إذا كان الأستوديو يطبق اشتراطات الحماية المدنية وكافة إجراءات السلامة، وطالب بتعويض المتضررين بإيجاد سكن بديل على الفور.
مصير الأعمال الفنيةوحتى الآن لم يحدد صناع مسلسل "المعلم" موعدا لتصوير المشاهد المتبقية لإنهاء المسلسل المعروض ضمن مسلسلات رمضان 2024، كما توقف أيضا تصوير فوازير "شاورمر" التي يقوم ببطولتها الممثل الكوميدي محمد ثروت، الذي قال في تصريحات محلية إنه غادر أستوديو الأهرام قبل حدوث الواقعة بنصف ساعة، وأشار إلى أنه لم يتم الانتهاء من الفوازير بالكامل إذ يحتاج إلى 3 أيام تصوير، ولكن تم التوقف حتى إشعار آخر.
80 عاما من التراث السينمائيويعد أستوديو الأهرام واحدا من أعرق أستوديوهات السينما في مصر، ومن علامات مصر الفنية والثقافية في العصر الحديث، ويعود تأسيسه إلى فترة الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد عام 1944، على يد اليونانيين أفابخلوس أفراموسيس وباريس بلفيس على مساحة قدرها 27 ألف متر مربع، ويضم 3 مواقع تصوير، وصالة عرض وصالة "دوبلاج"، إلى جانب معمل التحميض والطبع.
وعلى مدى 80 عاما ضم الأستوديو تصوير وطباعة وتحميض أكثر من 450 عملا فنيا، بداية من أفلام فترة الأربعينيات من القرن الماضي مثل "عنتر وعبلة" و"عروسة للإيجار" و"صاحب بالين"، واستمر في إثراء الفن المصري عبر سنوات وأجيال مختلفة.
ومن أشهر الأعمال التي تم تصويرها في الأستوديو "فاطمة وماريكا وراشيل" و"باب الحديد" و"ابن النيل" و"العتبة الخضراء" و"القاهرة 30″.
ومن الدراما التلفزيونية التي تم تصويرها في أستوديو الأهرام "أرابيسك" و"حديث الصباح والمساء" و"السيرة الهلالية" و"حضرة المتهم أبي" و"الملك فاروق". وفي العام 2019 تم تصوير "شقة فيصل" في الأستوديو نفسه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات أستودیو الأهرام فی الأستودیو فی حین
إقرأ أيضاً:
التعليم بين الرؤية والواقع
#التعليم بين #الرؤية و #الواقع
الكاتب: عبد البصير عيد
لطالما كان للمعلم هيبته وللعلم قيمته الرفيعة في قلوب الناس على مر العصور، كما كانت الكتب تُكتب في صفات طالب العلم والقصص تروى والأمثال تضرب في شغف اكتساب العلم وتعلمه. إن القائمة تطول، لكن الزمان يتغير، فهذا التطور المتسارع جعل كثيراً من تلك الأقوال والحكم تشهد ملامح علاقات متغيرة مست طبيعة المعلم ومكانته، وسمات الطالب وشغفه، وباتت العملية التعليمية تواجه تحديات مختلفة في مختلف الأصعدة، لتخلق فينا أسئلة صعبة على رأسها: أين نحن الآن بين الرؤية المثالية للتعليم والواقع الذي نعيشه؟
لقد كان لتعليم هالته القدسية التي أحاطت به على مر التاريخ من ترسيخ المبادئ، وتعزيز القيم النبيلة، من أجل خدمة المجتمعات والارتقاء بها. فهي رسالة تحمل في طياتها الإخلاص والإبداع، وهيبة تجعل المعلم مصدر احترامٍ وإلهامٍ للطلاب والمجتمع على حدٍ سواء.
كان الطالب يسعى للتعلم بكل إصرار غير مكترثٍ ببعد المسافات ولا وعورة الطرق، فقد كان الشغف دافعه والعزيمة زاده، يرحل في طلب العلم، وينهل من ينابيعه الصافية، مدركًا أن التعليم هو مفتاح مستقبله وأساس نهضته.
أما اليوم في عصرنا هذا، أصبح التعليم في العديد من الأحيان يخضع لتأثيرات خارجية أو داخلية، تؤثر على العملية التعليمية لتحويلها من رسالة أخلاقية نبيلة إلى معادلة حسابية مادية. وكنتيجة لذلك تتراجع قيم التعليم الأصيلة أمام التحديات اليومية التي تواجه المعلمين والطلاب على حدٍ سواء.
تُضاف إلى ذلك ظاهرة دخول بعض الأفراد إلى مهنة التعليم دون امتلاك رؤية واضحة أو شغف حقيقي، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم ومخرجاته، ليصبح التعليم جسداً لا روح فيه.
وتتعدى المشكلة إلى أبعد من مجرد تحويل التعليم إلى سلعة تجارية إلى مرحلة غياب الرؤية الحقيقية لدى بعض القائمين على التعليم. الرؤية التي تُغرس في النفوس، وتستند إلى حب المهنة والرغبة في تحقيق تغيير إيجابي. فلا شك في أن للجانب المادي طريقه وفلسفته في قطاع التعليم، لكن لا يمكن أن يُتَهَاوَن في جوهر العملية التعليمية وهي كونها رسالة ورؤية لها مكانتها، بل وهي حجر أساسها وركيزتها.
الرؤية ليست مجرد كلمات تُعلق على الجدران، أو تُكتب في التقارير، بل هي إيمان داخلي يتجلى في العمل اليومي للمعلم وبوصلة يهتدي بها العاملون كلهم في هذا المجال معلمين وقادة من أجل تقديم التعليم المطلوب بحب وشغف وإخلاص.
يواجه التعليم اليوم أجيالاً تعيش في عالم متغير يتطلب مهارات ومعارف مبدعة ومبتكرة. هؤلاء الطلاب هم بناة المستقبل، لكن إعدادهم لمواجهة التحديات يتطلب رؤية تعليمية متكاملة، تُوازن بين القيم المتوارثة والأصيلة والرؤية العصرية والحديثة واستشراف المستقبل.
ومع كل هذا لا ننكر أن المعلمين يواجهون تحديات كبرى، مثل التعامل مع طلاب مختلفي الخلفيات والاحتياجات، والضغط الناتج عن المناهج المكثفة، والتقنية المتسارعة، فضلاً عن ضعف التقدير المجتمعي في بعض الأحيان.
لذلك، ومن أجل إحداث فرق حقيقي، يجب أن يكون لكل فرد في مجال التعليم رؤيته الخاصة التي تُميّزه عن غيره. رؤية تقوم على المبادئ الأصيلة، والإبداع في مواجهة التحديات، والإيمان بأهمية الرسالة، فيجب ألا يفقد المعلم شغفه وبوصلته ورؤيته تجاه هذه المهنة النبيلة. هذه الرؤية يجب أن تكون صامدة أمام التحديات، فلا تُحيدها الظروف، أو تجعلها تتأثر بضغوط الحياة اليومية.
رغم تعقيد المشهد الحالي، لا بد أن نحافظ على أهم مبادئ هذه المهنة والعودة بها إلى بساطتها وقيمها الأولى. فالعودة إلى رؤية واضحة ومخلصة للتعليم ليست ترفًا، بل ضرورة لإعادة بناء الأجيال القادمة.
فحينما تغيب الرؤية، يصبح التعليم مجرد وظيفة، وقد يفقد المعلم شغفه، والطالب دافعيته، والمجتمع أمله في مستقبل أفضل. التعليم ليس مجرد وسيلة لنقل المعرفة، بل هو فن يحيى العقول، وأمانة تضمن بقاء القيم، وطريق لتحقيق النهضة. لهذا، يجب أن نسعى جاهدين لتحقيق التوازن بين الرؤية المثالية للتعليم والواقع الذي نعيشه، واضعين نصب أعيننا أن التعليم هو أساس أي نهضة حضارية مستدامة.
كاتب وخبير تربوي
مقالات ذات صلة استنهاض هِمَم / مروى الشوابكة 2024/12/20