خبير الحركات السياسية المعاصرة عن «الحشاشين»: المسلسل يكشف زيف المتطرفين وأوهام المظلومية
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
جمهور دراما رمضان مشغول بالأيقونة الجديدة «الحشاشين»، حالة واسعة من الجدل، وتساؤلات، وأبواب معرفة تنفتح كل يوم لإزاحة الغموض عن الطائفة الأكثر دموية في التاريخ الإسلامي.
وكان لقاء «الأسبوع» للاستزادة والفهم، مع الدكتور إيهاب مجاهد، أستاذ الإذاعة والتليفزيون المساعد بجامعتي الإسكندرية والسلطان قابوس، والخبير في قضايا الحركات السياسية المعاصرة، الحاصل علي الماجستير من الجامعة الأمريكية، والدكتوراة من جامعة الإسكندرية، الأكاديمي الزائر للعديد من الجامعات العالمية المرموقة: برمنجهام، وأكسفورد ببريطانيا، ونيويورك وميريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية، له باع طويل في دراسة دور الإعلام في مواجهة الإرهاب والتطرف الديني، والعديد من الأبحاث المنشورة في تحليل السرد والخطاب الإعلامي للجماعات المتطرفة والإعلام المعادي، وخبير تمكين الشباب بالبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وصحفي زائر لمعهد رويترز للصحافة بجامعة أكسفورد.
كيف يمكن للدراما التليفزيونية أن تساهم في فهم ومعالجة أسباب انتشار الأفكار المتطرفة في المجتمع؟
*يمكنها لعب دور كبير، فالقاعدة الأولي عند المتخصصين في تحليل قضايا الإرهاب أو التطرف هي فهم السياق الاجتماعي للظاهرة، أنا كباحث ما يعنيني دوما ليس تفسير الحدث الإرهابي في ذاته للجمهور، بقدر ما يعنيني تحقيق فهم جماهيري عام للسياق الاجتماعي الذي يسمح بنمو وانتشار الفكر المتطرف، والمسلسلات التليفزيونية قادرة على تقديم هذا السياق، مثل لظروف الاقتصادية الصعبة، أو الانعزال الاجتماعي، أو الظلم الاجتماعي، بما يساعد المجتمع على فهم الأسباب العميقة للتطرف، كما تكشف الدراما العوامل النفسية والدوافع والخلفيات التي تشكل الشخصية المتطرفة، كما تكشف زيف «سردية المتطرفين»، وتقدم سردية حقيقية للأحداث، وتفنيد الحجج الإقناعية التي تستخدمها هذه الجماعات، بما يعزز الوعي والتفكير النقدي بين المشاهدين، والأهم من التحليل والنقد والرؤى المختلفة، أن الدراما تقدم الحلول المقترحة لمواجهة الأفكار المتطرفة.
هل تابعت الحلقات المعروضة حتى الآن من مسلسل الحشاشين؟
*طبعا أتابعه وانتظرته منذ الإعلان عنه.
**وما رأيك كأستاذ جامعي متخصص في الإذاعة والتليفزيون في العناصر الفنية والتصويرية بالمسلسل؟
*حتى الآن أنا سعيد جدا بالمسلسل، وأعتبره إنجازا مهما للدراما المصرية، لجودة جميع العناصر الإنتاجية، والمحتوي، أو «الورق» كما يقولون، وما أسعدني في بداية الحلقات، أنها تقدم للمشاهدين نموذجا تاريخيا لنشأة وتطور الجماعة الدينية المتطرفة، وتشرح نفسية هذه الجماعات وقياداتها بشكل دقيق.
الدكتور إيهاب مجاهد وكريم عبد العزيزففي أحد المشاهد يقرر حسن الصباح الخروج بمظلومية الأمير نزار، أعتبره ماستر سين فكريا للمسلسل بالكامل، حيث يلخص مركزية فكرة المظلومية لدي كل الجماعات الدينية المتطرفة، فبدون مظلومية لا توجد مبررات ولا فكرة ترتكز عليها جماعات التطرف، وبعيدا عن جماليات وفنيات تصوير وإخراج المسلسل، تابعت مع تسارع الأحداث، تألق الفكر والمضمون، بكشف جوهر التطرف وتغييب العقول، والدور الذي تلعبه جماعات الظلام الديني السياسي، وأنا أرى أن أهم جزء للمجابهة الفكرية لهذه الجماعات، هو فضح قياداتها ورسم شخصياتهم بوضوح للجمهور، وكنت أعتبر مسلسل الجماعة للعبقري وحيد حامد، بمثابة وثيقة درامية تاريخية لنشأة ونمو وتطور الجماعات المتطرفة، وتناول فكرة المظلومية، كما كشفت الحلقات الأولي من الحشاشين أن هذه المظلومية، سواء كانت مقتل الإمام نزار أو غيرها، هي الـ كورنر ستون، أو الحجر المركزي، الذي تبني عليه أيديولوجية المتطرفين حتي إذا لم توجد في الواقع، فمن السهل أن تصنعها الجماعات بحرفية وإتقان، هم تجار دم بالأساس، يستخدمون الدماء كوسيلة لتبرير حيثية وجودهم من جهة، وتبرير كل ممارسات العنف والإرهاب والقتل والترويع من جهة أخري، مرة بالتقية ومرة بالظاهر والباطن، ومرة لتبرير القتل والتهجير القسري، باختصار فالعمل رائع ويستحق المشاهدة المتأنية، وأهنيء مجموعة المتحدة وسينرجي، للجرأة في اختيار العمل وتوفير ميزانية ضخمة ليخرج بهذا الشكل المشرف.
وما رأيك في القالب الدرامي من الناحية الفنية؟
*الحبكة التي قدمها المؤلف الكبير عبد الرحيم كمال، استخدمها بعناية لكشف المنابع، والعواقب المتوقعة للتطرف، وتسليط الضوء على الآثار السلبية للأفكار المتطرفة على المجتمع والفرد، وهذا ليس غريبا على كمال بتاريخه وإبداعه في تقديم جدليات الصراع بين الخير والشر وتشريح ميتافيزيقا علاقة الإنسان والشيطان، واستخدم في الحشاشين لغة سهلة وحوارات متنوعة ومفصلة توضح الجوانب المختلفة لفكر القائد المتطرف والسمات السيكولوجية له ولأتباعه، واستخدام الحوار لنقل المعلومات والتحليلات الدقيقة حول الأفكار المتطرفة وتأثيرها، بقيادة واعية للمخرج بيتر ميمي الذي استخدم التوجيه الفني والتصميم الإنتاجي بكل براعة، لتمثيل بيئات متنوعة وتحويل الورق إلى واقع يمثل حقب زمنية مختلفة تساهم في فهم سياق الظهور وتطور الأفكار المتطرفة.
الدكتور إيهاب مجاهدويعتبر بيتر ميمي نموذجا للمخرج القائد ذي الثراء البصري والفكري، سواء في الأكشن، أو الدراما الاجتماعية، تحرر من الإطارات والقوالب الفنية المحددة، وأظهر التمثيل تألق كل فريق العمل من شخصيات ناضجة فنيا، على رأسهم كاريزما النجم كريم عبد العزيز، القائد المسيطر الذي لا تكتمل صورته إلا بـ تابع متشرب بالتطرف قلبا وقالبا (المحترف أحمد عيد)، القيادة الوسطى التي لا تقل خطورة عن الأمير، بينما يحتاج فتحي عبد الوهاب لسلسلة حوارات عن عطائه الفني، ودوره المؤثر.
وماذا عن الجوانب الفنية والإنتاجية الأخرى؟
*مع نمو التكنولوجيا، أصبحت المؤثرات والخدع والجرافيك والألوان عناصر جذب لتغيير الصورة النمطية لدراما الخيال، ولنأت لمشهد قلعة الموت بالمسلسل، ولنقرأ رواية سمرقند، للأديب أمين معلوف، الذي يصف القلعة وفردوس الحشاشين، سنجد الصورة تتحقق حرفيا وتتجسد أمام المشاهدين، من خلال فن الجرافيك القائم على المزج بين الواقع والتطوير الرقمي للصورة، مع مونتاج وإضاءة وتصوير نجحت في رسم حدود الكادرات، وخلق أجواء تعكس الجوانب المظلمة والمأساوية للتطرف، وفي الوقت نفسه تبرز الأمل والقوة في مواجهته، وإبراز ثنائية الظلام والنور وما فيها من إسقاط عميق على المشهد التأسيسي لـ حسن الصباح، الطفل الذي سقط في البئر واختار بإرادته الظلام، في رسالة عميقة ومؤثرة عن ظلامية فكره، وسوداوية التطرف الديني، وهذا ما تم ترجمته فنيا في كادرات ثنائية الاضاءة والظلام والتلوين القائم على تشريح قسمات الوجه والهارد ليتنج، بخلفية الموسيقى التصويرية، لتعزيز الرسالة الفنية للمسلسل، وإبراز المشاعر والتوترات المرتبطة بالتطرف، بينما بذل المهندس والفنان التونسي أمين بوحافة جهدا ضخما وأفادته دراسة الهندسة والموسيقى بفرنسا، كما خلق الديكور أجواء مبهرة حقيقية يصدقها الجمهور.
وكيف يمكن للمجتمع المدني والمؤسسات الحكومية التعاون مع صناع الدراما التليفزيونية لتعزيز الرسائل المضادة للتطرف؟
*الدولة تدعم الإنتاج الدرامي، أما المجتمع المدني فيكتشف المواهب، ولا بد من استراتيجية مواجهة شاملة، بتقديم المنح والتمويل للمشاريع الفنية التي تسعى لتقديم رسائل مضادة للتطرف، مع توجيه صناع الدراما للأهداف المحددة، وتوفير المعلومات والبحوث الخاصة بالتطرف والتشدد، يمكن لصناع الدراما استخدامها كمصادر إنتاج محتوى مستند وفعال، ويجب على المجتمع المدني والمثقفين تشجيع المشاركة المجتمعية في صناعة الدراما، بما يحقق رسائل أكثر تأثيرا وقبولا لدى الجمهور من جهة، ومن جهة أخري نقد تقييم أثر الأعمال الفنية التي تستهدف مكافحة التطرف، وتصحيح المسار إذا لزم الأمر.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: كريم عبد العزيز مسلسلات رمضان الحشاشين مسلسل الحشاشين مسلسلات المتحدة دراما رمضان 2024 دراما المتحدة الأفکار المتطرفة من جهة
إقرأ أيضاً:
“مملكة الخوف”.. جمال سليمان يكشف عن مسلسل حول سجن صيدنايا
متابعة بتجــرد: كشف الممثل السوري جمال سليمان أنّ الدراما السورية في صدد تقديم مسلسل جديد يتناول سجن صيدنايا، الذي يُعدّ من أكبر السجون السورية، وتفيد منظمات غير حكومية بتعرّض المساجين فيه للتعذيب.
وقال سليمان في تصريحات إعلامية إنّ المسلسل يحمل عنوان “مملكة الخوف”، من تأليف الكاتب السوري سامر رضوان الذي أنهى السيناريو منذ أشهر قليلة.
وأعلن سليمان أنّ العمل على المسلسل بدأ قبل سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، والدخول إلى سجن صيدنايا، وكان من المقرّر تصويره في الأردن، لكنّ الوضع تغيّر حاليّاً.
ولفت الفنان القدير إلى أنّ ممثلين أعجبوا بالمسلسل عند قراءة نصّه، لكنّهم خافوا من الاشتراك فيه، الأمر الذي تبدل أيضاً، متوقّعاً أن يجمع “مملكة الخوف” أكبر قدر من الفنانين السوريين.
وأكّد سليمان أنّ المسلسل سيظهر سلوكيات النظام السوري في سجن صيدنايا، وارتكاباته مع السجناء، وعن هدفه منه.”مملكة الخوف”.
main 2024-12-16Bitajarod