صحيفة التغيير السودانية:
2025-01-27@19:24:04 GMT

محاربة الميليشيا بالميليشيات…!

تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT

محاربة الميليشيا بالميليشيات…!

فيصل محمد صالح

شهدت الحرب الدائرة في السودان تطوراً جديداً بتقدم قوات الجيش في منطقة أم درمان وسيطرتها على كامل منطقة شمال ووسط أم درمان، والتي تعرف باسم «أم درمان القديمة»، بينما بقيت سيطرة «قوات الدعم السريع» محصورة في منطقة جنوب أم درمان حتى خزان جبل أولياء. واستعادت قوات الجيش السيطرة على مباني الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وهو نصر معنوي كبير، بجانب بعده العسكري، فقد ظلت الإذاعة والتلفزيون بكل محطاتها معطلة منذ اليوم الأول للحرب بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على المبنى.

لكن لم تستطع هذه القوات تشغيل المحطات بسبب عدم وجود الكوادر الفنية، فظلت صامتة طوال 11 شهراً من الحرب.

أفضل ما في هذا الأمر، إن كان في الحرب إيجابيات، أن المعاينات الأولية توضح عدم تعرض المباني والاستوديوهات لأضرار كبيرة، وذلك لأن المعارك دارت خارجها بعد انسحاب «قوات الدعم السريع» منها، بما يعطي الأمل بأن أرشيفها لم يتعرض لأضرار أو تلف. وتشغل الإذاعة السودانية مكاناً مميزاً في ذاكرة السودانيين من كل أجيالهم، وهي تمثل سجلاً لتاريخ السودان المعاصر بمجالاته المتعددة، سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، إذ ظلت ولعقود طويلة، الجهاز الإعلامي الوحيد الذي يغطي كل السودان بمساحته الواسعة.

خلال الاحتفالات بانتصار الجيش، ظهرت مرة أخرى صور كتائب الحركة الإسلامية العسكرية، مع أناشيدهم وأهازيجهم وشعاراتهم المميزة تحت اسم «كتيبة البراء ابن مالك»، كما ظهرت صور قادتهم بالملابس العسكرية. أعادت هذه الصور والتسجيلات الأسئلة المطروحة منذ فترة حول دور كتائب الحركة الإسلامية في الحرب الدائرة الآن، منذ بدايتها، وعلاقاتها بدوائر صنع القرار السياسي، بخاصة مع التصريحات الأخيرة للأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي، برفض أي هدنة مع «قوات الدعم السريع»، ثم تراجع قيادة الجيش عن اتفاقات المنامة، الأمر الذي من الواضح أنه حدث تحت ضغوط الحلفاء.

في نفس الأسبوع كان الفريق ياسر العطا، مساعد القائد العام للقوات المسلحة، يشهد تخريج قوات تابعة لحركتي العدل والمساواة – جبريل إبراهيم – وتحرير السودان جناح مصطفى طمبور، في مدينة القضارف، والإعلان أنها ستقاتل مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع». وكانت «العدل والمساواة» قد فقدت معظم قواتها في دارفور بسبب انشقاق كبير وقع فيها، وحدث نفس الشيء لقوات طمبور، الذي لم يكن معروفاً قبل اندلاع الحرب. ومن الواضح أنه تم السماح لجبريل وطمبور بتجنيد مجموعات جديدة وضمها للحركتين ثم إلحاقها بمعسكرات تدريب بالقضارف.

هذه التجربة ليست جديدة، جربتها حكومات سابقة في مرات كثيرة وانتهت بكوارث، أكبرها على الإطلاق تجربة «قوات الدعم السريع» نفسها التي كونها الرئيس السابق عمر البشير لتساعده في حرب دارفور، ثم عدها قواته الخاصة التي تدين له بالولاء المطلق بعدما بدأ يفقد الثقة في ولاء بعض قيادات المؤتمر الوطني والجيش. تم إصدار قانون خاص لميليشيا «الدعم السريع» وأفردت لها ميزانية خاصة، وتم تدليل ضباطها وجنودها بالترقيات المفتوحة بلا مؤهلات والمرتبات العالية، مقارنة بالقوات المسلحة. وأهمل البشير وقادة القوات المسلحة، الجيش، بخاصة المشاة، وعدوا أن سلاح المشاة هو «قوات الدعم السريع»، ثم تم السماح لها بالأسلحة الثقيلة، وأعطيت الكثير من معسكرات ووحدات ومباني الجيش. وصارت «قوات الدعم السريع» هي القوة الباطشة لحكومة البشير، تقتل وتنهب وتغتصب وتحرق القرى، وتصفق لها الأقلام والحناجر، بل ووصل الأمر أن برر أمين عام سابق للحركة الإسلامية ما تقوم به من نهب ممتلكات المواطنين في دارفور، بأن ذلك نوع من الغنائم التي يحلها الإسلام.

ثم كبرت «قوات الدعم السريع»، وكبرت طموحات قائدها، وقرر أن يلعب أوراقه لصالحه وليس لصالح أي طرف آخر، وهنا بدا النزاع بينه وبين قيادات الحركة الإسلامية وقيادات الجيش. إنه الدرس القديم في التاريخ، أن تربي غولاً لتخيف به الخصوم، لكنه سرعان ما يكبر ويستخدم قوته لصالحه، فيبدأ بالانقضاض عليك أنت أيضاً.

وها هي قيادة القوات المسلحة الحالية تعيد نفس اللعبة، وبنفس شروطها القديمة، تضم كتائب الحركة الإسلامية والحركات المسلحة ليقاتلوا تحت صفوفها، مع قدر من الاستقلالية التنظيمية، على أساس أنه وبعد انتصار الجيش سيسلم هؤلاء سلاحهم، ويتركون الحكم لمن تقرره قيادة الجيش، ويعودون لبيوتهم مواطنين صالحين… طيبين!

الحقيقة أنه ما داموا شركاء في الحرب، ليسوا كأفراد تطوعوا للقتال في الجيش وإنما كأجسام ومؤسسات، فهم شركاء، الآن، وفي المستقبل، في القرار السياسي، بل وأكثر من ذلك، ربما يقررون الانفراد بالقرار السياسي والإطاحة بقيادة الجيش، ففي النفس أشياء من حتى، قديمة وحديثة.

هذه دروس التاريخ المطروحة في المكتبات وعلى الأرصفة لمن يريد أن يقرأ ويفهم.

نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومفيصل محمد صالح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: فيصل محمد صالح قوات الدعم السریع الحرکة الإسلامیة أم درمان

إقرأ أيضاً:

البرهان يزور مصفاة الجيلي بالخرطوم ويتعهد بإعادة إعمار ما دمره الدعم السريع

قام رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم السبت، بزيارة تفقدية لمصفاة الجَيلي للبترول شمال الخرطوم، بعد أن أعلن الجيش في وقت سابق استعادة السيطرة عليها بعد معارك مع قوات الدعم السريع استمرت عدة أيام.

يأتي ذلك فيما أكد رئيس أركان الجيش السوداني محمد عثمان الحسين أن تمكن القوات المسلحة أمس الجمعة من فك الحصار الذي كانت تفرضه قوات الدعم السريع على مقر "القيادة العامة" في الخرطوم منذ عام ونصف العام، هو بمثابة "بداية تاريخ جديد" للشعب والجيش السودانيين.

وتعهد البرهان -خلال زيارته- بـ"إعادة إعمار ما دمرته المليشيا حتى تعود المصفاة للعمل بصورة طبيعية كأحد الموارد الاقتصادية الهامة في الدولة".

كما أكد أن "ما اقترفته يد المليشيا من دمار وتخريب لهذه المنشأة الوطنية لن يمر دون حساب".

وأضاف "عهدنا مع الشعب أن نستمر في دحر هذا التمرد حتى تطهير آخر شبر دنسته مليشيا آل دقلو (محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي) الإجرامية".

وكان مصدر عسكري رفيع في الجيش السوداني قد أكد للجزيرة في وقت سابق أن الجيش تمكن من استعادة السيطرة على مصفاة الجيلي شمال الخرطوم.

وبث جنود للجيش السوداني صورا تظهر توغلهم داخل مصفاة الجيلي والتصنيع الحربي ومكاتب جهاز الأمن، وقال الجيش -في بيان مقتضب- إنه تمكن من طرد قوات الدعم السريع من المصفاة.

إعلان

وتعتبر مصفاة الجيلي التي تقع على بعد نحو 70 كيلومترا شمال الخرطوم المصفاة الرئيسية للنفط، وظلت تحت سيطرة الدعم السريع منذ نشوب الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023.

وشهدت مدينة الجيلي اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الأيام الماضية، حيث سعى الجيش للسيطرة على آخر معاقل الدعم السريع الذي كان يتحصن بمقر المصفاة.

تاريخ جديد

من ناحية أخرى، اعتبر رئيس أركان الجيش السوداني محمد عثمان الحسين أن تمكن القوات المسلحة من فك الحصار الذي كانت تفرضه قوات الدعم السريع على مقر "القيادة العامة" في العاصمة السودانية منذ عام ونصف العام، يعتبر "بداية تاريخ جديد" للجيش والشعب السودانيين.

وقال -في كلمة له لوسائل الاعلام من داخل مقر القيادة العامة- إن "هذه بداية تاريخ جديد بالنسبة للقوات المسلحة السودانية وللشعب السوداني لالتفافه حول الجيش في معركة الكرامة".

وأضاف "هذا النصر هو حافز للجميع لتطهير كل شبر متبق من أرض السودان (من سيطرة الدعم السريع)".

وذكّرت مصادر بالجيش السوداني أمس بأن الجيش فك الحصار الذي كان يفرضه الدعم السريع على مقر "القيادة العامة"، كما فك الحصار عن معسكر سلاح الإشارة، بعد معارك وسط الخرطوم بحري.

وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة -في بيان- إن قواتها أكملت المرحلة الثانية من عملياتها وذلك بالتقاء قوات محور الخرطوم بحري مع القوات المرابطة بالقيادة العامة.

وأضاف البيان "تهنئ هيئة قيادة القوات المسلحة قواتنا بكل محاور القتال بهذا الانتصار الذي امتزج مع دحر هجوم مليشيا آل دقلو الإرهابية الغادر صباح اليوم (الجمعة) على مدينة الفاشر الصامدة".

وفي تصريحات له مساء الجمعة، قال وزير الإعلام السوداني إن "انتصارات الجيش بالخرطوم وكردفان والفاشر نقطة فارقة بمسيرتنا لاستعادة الأمن والاستقرار".

إعلان

في المقابل، نفت قوات الدعم السريع -في بيان- تحقيق الجيش أي تقدم، واصفة المعلومات بأنها مجرد "رفع للروح المعنوية" لعناصره.

ويخوض الجيش والدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يتهم الدعم السريع بالمسؤولية عن حريق مصفاة الخرطوم للنفط
  • ???? انهيار كبير جدا لمليشيا الدعم السريع- قوات النخبة تدخل عد بابكر
  • البرهان من مقر قيادة الجيش: “الدعم السريع” إلى زوال
  • البرهان يزور مقر القيادة العامة بعدما استعاده الجيش من قوات الدعم السريع  
  • رئيس مجلس السيادة السوداني: شعبنا يصطف خلف قواته المسلحة ضد الدعم السريع
  • البرهان: القوات المسلحة في أفضل حالاتها وسنمضي نحو القضاء على ميليشيا الدعم السريع
  • البرهان يزور مصفاة الجيلي بالخرطوم ويتعهد بإعادة إعمار ما دمره الدعم السريع
  • الدعم السريع تنفي تحقيق الجيش السوداني انتصارات في الخرطوم
  • الجيش السوداني يعلن كسر حصار الدعم السريع لمركز قيادته وسط الخرطوم
  • الجيش السوداني يطرد ميليشيا الدعم السريع من مصفاة الجيلي