صحيفة التغيير السودانية:
2024-11-24@04:29:18 GMT

محاربة الميليشيا بالميليشيات…!

تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT

محاربة الميليشيا بالميليشيات…!

فيصل محمد صالح

شهدت الحرب الدائرة في السودان تطوراً جديداً بتقدم قوات الجيش في منطقة أم درمان وسيطرتها على كامل منطقة شمال ووسط أم درمان، والتي تعرف باسم «أم درمان القديمة»، بينما بقيت سيطرة «قوات الدعم السريع» محصورة في منطقة جنوب أم درمان حتى خزان جبل أولياء. واستعادت قوات الجيش السيطرة على مباني الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وهو نصر معنوي كبير، بجانب بعده العسكري، فقد ظلت الإذاعة والتلفزيون بكل محطاتها معطلة منذ اليوم الأول للحرب بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على المبنى.

لكن لم تستطع هذه القوات تشغيل المحطات بسبب عدم وجود الكوادر الفنية، فظلت صامتة طوال 11 شهراً من الحرب.

أفضل ما في هذا الأمر، إن كان في الحرب إيجابيات، أن المعاينات الأولية توضح عدم تعرض المباني والاستوديوهات لأضرار كبيرة، وذلك لأن المعارك دارت خارجها بعد انسحاب «قوات الدعم السريع» منها، بما يعطي الأمل بأن أرشيفها لم يتعرض لأضرار أو تلف. وتشغل الإذاعة السودانية مكاناً مميزاً في ذاكرة السودانيين من كل أجيالهم، وهي تمثل سجلاً لتاريخ السودان المعاصر بمجالاته المتعددة، سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، إذ ظلت ولعقود طويلة، الجهاز الإعلامي الوحيد الذي يغطي كل السودان بمساحته الواسعة.

خلال الاحتفالات بانتصار الجيش، ظهرت مرة أخرى صور كتائب الحركة الإسلامية العسكرية، مع أناشيدهم وأهازيجهم وشعاراتهم المميزة تحت اسم «كتيبة البراء ابن مالك»، كما ظهرت صور قادتهم بالملابس العسكرية. أعادت هذه الصور والتسجيلات الأسئلة المطروحة منذ فترة حول دور كتائب الحركة الإسلامية في الحرب الدائرة الآن، منذ بدايتها، وعلاقاتها بدوائر صنع القرار السياسي، بخاصة مع التصريحات الأخيرة للأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي، برفض أي هدنة مع «قوات الدعم السريع»، ثم تراجع قيادة الجيش عن اتفاقات المنامة، الأمر الذي من الواضح أنه حدث تحت ضغوط الحلفاء.

في نفس الأسبوع كان الفريق ياسر العطا، مساعد القائد العام للقوات المسلحة، يشهد تخريج قوات تابعة لحركتي العدل والمساواة – جبريل إبراهيم – وتحرير السودان جناح مصطفى طمبور، في مدينة القضارف، والإعلان أنها ستقاتل مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع». وكانت «العدل والمساواة» قد فقدت معظم قواتها في دارفور بسبب انشقاق كبير وقع فيها، وحدث نفس الشيء لقوات طمبور، الذي لم يكن معروفاً قبل اندلاع الحرب. ومن الواضح أنه تم السماح لجبريل وطمبور بتجنيد مجموعات جديدة وضمها للحركتين ثم إلحاقها بمعسكرات تدريب بالقضارف.

هذه التجربة ليست جديدة، جربتها حكومات سابقة في مرات كثيرة وانتهت بكوارث، أكبرها على الإطلاق تجربة «قوات الدعم السريع» نفسها التي كونها الرئيس السابق عمر البشير لتساعده في حرب دارفور، ثم عدها قواته الخاصة التي تدين له بالولاء المطلق بعدما بدأ يفقد الثقة في ولاء بعض قيادات المؤتمر الوطني والجيش. تم إصدار قانون خاص لميليشيا «الدعم السريع» وأفردت لها ميزانية خاصة، وتم تدليل ضباطها وجنودها بالترقيات المفتوحة بلا مؤهلات والمرتبات العالية، مقارنة بالقوات المسلحة. وأهمل البشير وقادة القوات المسلحة، الجيش، بخاصة المشاة، وعدوا أن سلاح المشاة هو «قوات الدعم السريع»، ثم تم السماح لها بالأسلحة الثقيلة، وأعطيت الكثير من معسكرات ووحدات ومباني الجيش. وصارت «قوات الدعم السريع» هي القوة الباطشة لحكومة البشير، تقتل وتنهب وتغتصب وتحرق القرى، وتصفق لها الأقلام والحناجر، بل ووصل الأمر أن برر أمين عام سابق للحركة الإسلامية ما تقوم به من نهب ممتلكات المواطنين في دارفور، بأن ذلك نوع من الغنائم التي يحلها الإسلام.

ثم كبرت «قوات الدعم السريع»، وكبرت طموحات قائدها، وقرر أن يلعب أوراقه لصالحه وليس لصالح أي طرف آخر، وهنا بدا النزاع بينه وبين قيادات الحركة الإسلامية وقيادات الجيش. إنه الدرس القديم في التاريخ، أن تربي غولاً لتخيف به الخصوم، لكنه سرعان ما يكبر ويستخدم قوته لصالحه، فيبدأ بالانقضاض عليك أنت أيضاً.

وها هي قيادة القوات المسلحة الحالية تعيد نفس اللعبة، وبنفس شروطها القديمة، تضم كتائب الحركة الإسلامية والحركات المسلحة ليقاتلوا تحت صفوفها، مع قدر من الاستقلالية التنظيمية، على أساس أنه وبعد انتصار الجيش سيسلم هؤلاء سلاحهم، ويتركون الحكم لمن تقرره قيادة الجيش، ويعودون لبيوتهم مواطنين صالحين… طيبين!

الحقيقة أنه ما داموا شركاء في الحرب، ليسوا كأفراد تطوعوا للقتال في الجيش وإنما كأجسام ومؤسسات، فهم شركاء، الآن، وفي المستقبل، في القرار السياسي، بل وأكثر من ذلك، ربما يقررون الانفراد بالقرار السياسي والإطاحة بقيادة الجيش، ففي النفس أشياء من حتى، قديمة وحديثة.

هذه دروس التاريخ المطروحة في المكتبات وعلى الأرصفة لمن يريد أن يقرأ ويفهم.

نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومفيصل محمد صالح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: فيصل محمد صالح قوات الدعم السریع الحرکة الإسلامیة أم درمان

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من الدعم السريع

أعلنت القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الأخرى، تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، بعدما كانت تحت سيطرة ميليشيات الدعم السريع.

ونشرت الصفحة الرسمية للقوات المسلحة السودانية على منصة «فيسبوك»، مقطع فيديو يظهر قوات الجيش والقوات النظامية الأخرى داخل رئاسة الفرقة 17 مشاة في المدينة.

وكان الجيش السوداني، أعلن أمس الجمعة تحرير مدينة اللكندي وعددا من المناطق على ذات المحور بشمال الروصيرص حتى قرية أبو تيقا شمال اللكندي في ولاية سنار، و طرد مليشيا الدعم السريع من داخل منازل المواطنين والأعيان المدنية.

ويعيش السودان في أزمة كبيرة بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع بعد اندلاع الاشتباكات بين الجانبين في منتصف أبريل 2023.

اقرأ أيضاًالبرهان: القوات المسلحة السودانية قادرة على ردع كل من يحاول العبث بمقدرات الشعب

عاجل.. القوات المسلحة السودانية تعلن مقتل والي غرب دارفور

القوات المسلحة السودانية عن إلغاء اتفاق جوبا: قرار مفبرك

مقالات مشابهة

  • إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
  • الجيش السوداني يدعو جوبا لمنع عناصر الدعم السريع من دخول أراضيها
  • الجيش صمم على تنفيذ الاتفاق بقية مناطق السودان دون الحاجة لموافقة قوات الدعم السريع
  • الجيش يعلن استعادة مقر الفرقة 17 من الدعم السريع وسط السودان
  • الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من قوات "الدعم السريع"  
  • الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من قوات الدعم السريع
  • السودان.. (القوة المشتركة) تحبط عملية تهريب أسلحة وعتاد لـ(الدعم السريع) من تشاد
  • مشروع قرار في مجلس النواب الأمريكي لحظر بيع الأسلحة للإمارات بسبب الدعم السريع