واشنطن تسعى لاعتراض توريد السلاح الإيراني للحوثيين
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
نقلت واشنطن بوست -اليوم السبت- أن إدارة الرئيس جو بادين تسعى إلى "تحديد الطرق البحرية التي تستخدمها إيران لنقل الأسلحة إلى جماعة الحوثي" في اليمن. ولكن هذه المهمة تواجه عقبات وتحديات، وفق مسؤولين تحدثوا للصحيفة الأميركية.
وتأتي المساعي الأميركية بينما تواصل جماعة الحوثي استهداف السفن الإسرائيلية والبريطانية والأميركية في البحر الأحمر، تضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وكشف مسؤولون أميركيون أن إدارة بايدن تسعى لتحديد الطرق البحرية التي تستخدمها طهران لنقل الأسلحة لليمن، وأوضحوا أن الولايات المتحدة تبحث عن كيفية تعطيل الدول الشريكة عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن.
ووفق هؤلاء المسؤولين، فإن إدارة الرئيس الأميركي تكثف جهود مراقبة واعتراض الأسلحة الإيرانية المهربة إلى اليمن.
الصمود أمام الضربات
واعترف المسؤولون بأن جماعة الحوثي أثبتت قدرتها على الصمود بعد 6 أسابيع من الضربات العسكرية.
وقال مسؤول عسكري كبير إن المهمة الجديدة "محاولة فهم أفضل لما تبدو عليه تلك الممرات المائية". وأضاف أن العمل يتطلب تعاونا كبيرا مع مجتمع الاستخبارات الأميركي.
ولفت مسؤول أميركي آخر إلى أن بلاده تستكشف كيف يمكن للدول الشريكة توسيع تركيزها على تعطيل تهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين.
وكانت جماعة الحوثي أعلنت إصابة عدة سفن أميركية وإسرائيلية في البحر الأحمر. وفي أحيان كثيرة نجحت الولايات المتحدة في إحباط هذه الهجمات.
لكن في 6 مارس/آذار الجاري، أصاب صاروخ مضاد للسفن أطلقه الحوثيون سفينة تجارية أميركية في خليج عدن، مما أدى لمقتل 3 بحارة على الأقل.
والشهر الماضي، تسبب هجوم صاروخي للحوثيين على سفينة الشحن "إم في روبيمار" (MV Rubymar) المملوكة للولايات المتحدة، في غرق السفينة.
واعترف المسؤولون الأميركيون بأن الحوثيين أسقطوا طائرتين تابعتين بدون طيار من طراز "إم كيو-9 ريبر" (MQ-9 Reaper) قبالة سواحل اليمن، واحدة أسقطوها في نوفمبر/تشرين الثاني، والأخرى في فبراير/شباط الماضيين.
عقبات وتحديات
لكن مساعي أميركا، لمنع وصول السلاح الإيراني للحوثيين، تواجه عدة عقبات وتحديات، حيث تتطلب هذه المهمة العديد من الطيران المسير ووسائل وأجهزة الرقابة، إلى جانب توفير الموظفين المدربين تدريبا عاليا "لتنفيذ المهمة المحفوفة بالمخاطر المتمثلة في الصعود على متن السفن المشتبه في أنها تحمل أسلحة إيرانية إلى اليمن".
موندي الذي أشرف على قوات مشاة البحرية في الشرق الأوسط من 2018 إلى عام 2021، قال إنه في مثل هذه المهمات "لا نعرف بالضبط ما هو التهديد في كثير من الأحيان".
أما قائد القيادة المركزية السابق الجنرال كينيث فرانك، فعلق قائلا إن هذه المهمة تتطلب في المقام الأول موارد مراقبة، وأضاف "نحن بحاجة إلى العمل مع شركائنا في التحالف من أجل القيام بذلك".
وعلى الرغم من أن البنتاغون يكثف جهوده لاعتراض هذه الأسلحة، فإنه من غير المتوقع الزج بقوات أميركية كبيرة في هذه المهمة.
وفي 11 يناير/كانون الثاني، فُقد اثنان من قوات البحرية الأميركية في البحر أثناء محاولتهما الصعود على متن سفينة تهريب مشتبه بها قبالة سواحل الصومال.
وفي فبراير/شباط الماضي، تمت السيطرة على مجموعة من الأسلحة الإيرانية الصنع، بما في ذلك مكونات الصواريخ.
وفي هذه العملية، احتجز 14 شخصًا. وأعلنت وزارة العدل الأميركية أربعة منهم يواجهون اتهامات نقل رؤوس حربية.
ولاحقا، اعترضت قوات أميركية سفينة في بحر العرب وصادرت منها مكونات صواريخ باليستية ومتفجرات وأجزاء أسلحة أخرى. ووفق الأميركيين فإن هذه الشحنة جاءت من إيران.
ووفق الجنرال المتقاعد كارل سام موندي، فإن هذه المهام من بين أخطر العمليات العسكرية "والتي لا يمكن التنبؤ بها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الأسلحة الإیرانیة جماعة الحوثی هذه المهمة
إقرأ أيضاً:
عن العقوبات الأمريكية والدعم الإقليمي للكيانات الموازية في اليمن
هناك تطور مهم للغاية يمثله دخول التصنيف الأمريكي لجماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية؛ حيز التنفيذ منذ بداية شهر آذار/ مارس الجاري، والذي يؤشر إلى بدء مرحلة الانحدار في العلاقة بين واشنطن وهذه الجماعة، وثمة تطور لا يقل خطورة كشف عنه بيان مجلس التعاون الخليجي والذي عبّر لأول مرة عن دعمه للكيانات الموازية في السلطة الشرعية.
التصنيف والعقوبات المفروضة على عدد كبير من القيادات الحوثية، ستنعكس على الفور على قدرة الكتلة الأكبر من الشعب اليمني الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، في الوصول إلى الشبكة المالية العالمية وإلى الأسواق الدولية، وسيؤثر على عملية استيراد السلع، وهو أمر إما أن يعزز السلطة الشرعية ويقربنا من الخلاص أو يلقي بالشعب اليمني في هوة سحيقة من المعاناة والشلل.
يمكن لجماعة الحوثي أن تتحايل على هذه العقوبات من أجل إبقاء سلطة الأمر الواقع التي تفرضها الجماعة في صنعاء، لكنها ستقع حتما تحت التأثير المدمر للعقوبات، وستفتقد إلى الديناميكية والحيوية والتصرف المنفلت الذي ميّز الجماعة الانقلابية في صنعاء عن السلطة الشرعية المرتهنة والمكبلة بقيود الالتزامات الدولية باعتبارها السلطة الوطنية المعترف بها.
لا توجد فرصة أهم من تلك التي تتيحها العقوبات الأمريكية على جماعة الحوثي، فهي تحرر الموقف السعودي والإقليمي من التبعات الثقيلة التي ستتكبدها جماعة الحوثي. ومع ذلك يمكن لهذه الفرصة أن تتلاشى، إذا لم تكن هناك تحركات تستثمرها لإعادة توجيه مسار الأحدث في اليمن نحو الانفراج، وهو أمر تُحتمه الضرورة القصوى
في هذه الأثناء يبرز الدور السعودي مجددا على خط التطورات الدراماتيكية في اليمن مرسلا مؤشرات سلبية للغاية، عبرت عنها المحادثات الغامضة التي أجراها في واشنطن مسؤول الملف اليمني في الحكومة السعودية وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، برفقة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر.
وكان اللافت في الدور السعودي الزيارة التي قام بها السفير آل جابر إلى مسقط في أعقاب عودته من واشنطن، وهو سلوك يثير الدهشة، إذ أن التحركات اللاحقة للسفير آل جابر لم تشمل لقاءات مفترضة مع أي من المسؤولين في الحكومة الشرعية الحليفة.
إن زيارة آل جابر للعاصمة العُمانية، لا تعني التباحث مع المسؤولين العمانيين فقط، بل أيضا اللقاء مع ممثلين عن جماعة الحوثي، وإيصال رسائل، لم يرشح شيء عن مضمونها، لكنها بالتأكيد تحمل في طياتها مزيجا من الوعد والوعيد، في سياق رغبة سعودية لإبقاء ملف الصراع في اليمن تحت سيطرة الرياض، معززة هذه الرغبة بانفتاح على حلول تبقي الفرضة أمام الحوثيين لإحراز مكاسب طويلة الأمد على الساحة اليمنية رغم المواقف الأمريكية المتشددة.
تدرك السعودية أنها وحدها من يقف في مرمى التهديدات والابتزازات الحوثية، التي يعبر عنها قادة الجماعة وعلى رأسهم عبد الملك الحوثي، دون أن يعني ذلك أنها عاجزة عن التعامل مع هذه التهديدات، ولكن يبدو الأمر متصلا بالتعقيدات التي تمثلها التوجهات المضطربة للإدارة الأمريكية حيال السعودية نفسها، مع احتمالية أن يبقى ملف اليمن أداة ضغط مهمة بيد واشنطن لتطويع الموقف السعودي من الاستحقاقات الكبرى المرتبطة بالمصالح الصهيونية في المقال الأول.
لا توجد فرصة أهم من تلك التي تتيحها العقوبات الأمريكية على جماعة الحوثي، فهي تحرر الموقف السعودي والإقليمي من التبعات الثقيلة التي ستتكبدها جماعة الحوثي. ومع ذلك يمكن لهذه الفرصة أن تتلاشى، إذا لم تكن هناك تحركات تستثمرها لإعادة توجيه مسار الأحدث في اليمن نحو الانفراج، وهو أمر تُحتمه الضرورة القصوى، فلم يعد أكثر من ثلاثين مليون يمني قادرين على تحمل التبعات الثقيلة والكارثية للحرب وعدم الاستقرار وفشل الدولة، رغم المساعدات المتقطعة التي تقدمها المملكة العربية السعودية للإبقاء على الحد الأدنى من قدرة السلطة الشرعية على البقاء والإيفاء بمسؤولياتها تجاه الشعب، وهي مسؤوليات تعاني من قصور حاد يصل إلى حد الفشل والفوضى.
ثمة توجه إقليمي خطير ومؤسف تمليه القوى المتنفذة في الملف اليمني، للتعاطي مع احتمال انحلال السلطة الشرعية وإعادة تقسيم مشروعيتها على قوى الأمر الواقع، على نحو ما كشف عنه البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المنعقد في مكة المكرمة
ثمة توجه إقليمي خطير ومؤسف تمليه القوى المتنفذة في الملف اليمني، للتعاطي مع احتمال انحلال السلطة الشرعية وإعادة تقسيم مشروعيتها على قوى الأمر الواقع، على نحو ما كشف عنه البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المنعقد في مكة المكرمة.
فقد "أكد المجلس الوزاري الدعم الكامل لمجلس القيادة الرئاسي برئاسة فخامة الدكتور رشاد محمد العليمي، والكيانات المساندة له لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن". والخطر يكمن في ورود عبارة "والكيانات المساندة له"، إذ أنه يمنح المشروعية الموازية للكيانات التي يتبنى بعضها نهجا انفصاليا ليس على مستوى السياسة بل على مستوى الجغرافيا، مما يشكل عمليا تهديدا وجوديا للدولة التي يرأسها الدكتور رشاد العليمي الذي عبر بيان مجلس التعاون عن دعمه ودعم سلطته.
الخطورة إذا لم تعد تقتصر على انقلاب الحوثيين وتقاطعاته الإقليمية والدولية، بل تشمل أيضا، هذه الهندسة الأنانية لحاضر ومستقبل اليمن من قبل الدول الإقليمية النافذة، والتي تستثمر للأسف الشلل الراهن في قدرات الدولة اليمنية.
والنتيجة الحتمية هي أن اليمن منذ آذار/ مارس سيدخل مرحلة جديدة من الشلل السياسي والاقتصادي الذي سيصيب قدرة السلطات المتحكمة فيه، ولن يُبقي لها سوى القدرة على القتال بالإمكانيات المتاحة، خصوصا إذا ما نجحت واشنطن ومعها لندن في تنفيذ وعودهما بإنشاء آلية رقابة على تدفق الأسلحة والمساعدات العسكرية لجماعة الحوثي.
x.com/yaseentamimi68