صالح عوض: بثلاثة أسباب مجتمعة او منفردة.. ستزول اسرائيل
تاريخ النشر: 26th, July 2023 GMT
صالح عوض في الاسبوع الثلاثين على المظاهرات التي تضج بها الشوارع تبدو اسرائيل محاطة بالاسئلة الوجودة الاكثر صعوبة وهنا نؤكد ما كنا نقوله ويقوله غيرنا عبر السنوات الاخيرة ان هذا الكيان الموحد بالقوة والاغراء يعيش حالة تفسخ داخلي روحي وهوياتي الى ابعد حد وصل الى مرحلة الانفجار ولهذا كان تأكيدنا أن المظاهرات الحالية جاءت تعبيرا صارخا على الانقسام بين عقيدتين بل وكيانين اجتماعيين لايمكن الجمع بينهما في كيان سياسي اجتماعي واحد، وهي كذلك اعلان عن قطيعة نهائية مع مشروع بناء الشخصية الصهيونية الواحدة، ولكم كان مضحكا ان يتغنى بعضنا بالديمقراطية الصهيونية وان تلك المظاهرات دليل قوة للكيان الصهيوني.
. الان أصبحت عناصر قوة الكيان في مهب الريح، ولن يستطيع الحلفاء ايقاف الانهيار فالمسألة ليست في مواقف أحزاب ولا نخبة سياسية انما في روح الصهيونية وجسمها المصطنع.. بانورما المشهد الصهيوني: من لم يسبق له فهم تركيبة المجتمع الصهيوني وفهم طبيعته ووظيفته وكيفية نشأته لن يستطيع تصور ما يجري الان في مفاصله ولن يتصور مآلاته.. مايجري الان هو حالة تبعثر لمكونات هذا التجمع في أخطر حلقاتها، ولعل كل الحق مع الصحف الاسرائيلية التي اتشحت بالسواد هذا اليوم وهي تنقل الدراماتيكة المرعبة لرياح انهيار كل شيء في اسرائيل.. ويكفي ان نسرد بعض العناوين لنرى حجم الذعر الذي يولد ذعرا مضاعفا: ايهود اولمرت رئيس الحكومة السابق يقول ان اسرائيل في طريقها الى الحرب الاهلية، وفي النقب عراك يتخلله اطلاق نار بين متظاهرين وسكان مجمع سكني، اما غانتس وزير حرب سابق فيقول ان قوانين الاصلاح القضائي تدفع الى حرب اهلية، وفي تل ابيب اسرائيلي يدهس 3 متظاهرين ضد الاصلاح القضائي، اما الاطباء فيعلنون اضرابهم الواسع، واكثر من 70 شركة اسرائيلية ناشئة تنقل عملياتها الى خارج اسرائيل، واكثر من 1000 طبيب اسرائيلي يعملون على نقل عملهم خارج اسرائيل، وعشرات الطيارين يمتنعون عن العمل كما ان قوات الاحتياط تسجل انسحابات واسعة من جنود وضباط الاحتياط.. والهستدروت بعلن عن نيته للاضراب المفتوح وهذا يعني شل الحياة الاقتصادية والاجتماعية تماما.. تصريحات من قبل ساسة ومحللين واستشرافيين كلها تصب في زاوية مغلقة بان اسرائيل تصل الى نهايتها المعروفة وان هناك اسرائيل جديدة ستنشأ بعد هذا الانفصام الامر الذي يعني بوضوح أن الحلفاء ايضا يواجهون ازمة حقيقية حي قان اسرائيل لن تكون هي اسرائيل التي صنعت لتقوم بوظائف استعمارية غربية انما هي اسرائيل بمهمات جديدة سيكون صعبا احتمال توجهاتها وسياساتها. اسرائيل واستحالة التعايش الداخلي: لقد ولد مشروع الكيان الصهيوني بقرار استعماري بريطاني فرنسي روسي بشكل اساسي وذلك في اطار الحرب المفتوحة بين الشمال والجنوب ومن الواضح ان هذه الخطوة الاستراتيجية لا تهدف في جوهرها دفاعا عن اليهود او بحثا لهم عن وطن قومي فهذا مجرد ذر للرماد في العيون انما كان الامر يتم لاهداف سياسية واقتصادية استراتيجية في اطار الصراع الحضاري المتواصل منذ قرون ويتم من خلاله الزج باليهود في منطقة في غاية الحساسية وقد سار في ركب المشروع علمانيو اليهود من تجار واعلاميين الامر الذي سبغ الكيان بصبغته العلمانية رغم شعاراته الدينية الشكلية والتي كانت ضرورية له لتجميع اكبر عدد من يهود العالم لبناء القاعدة الاستعمارية في ارض فلسطين.. ومن خلال مخططات مختلفة تم تهجير مئات الاف اليهود الى فلسطين من شتى بلاد العالم لاسيما الدول العربية واوربا الشرقية بالتخويف والاغراء والخطط الجهنمية، وذلك كله بدعم ورعاية تامة سياسية وامنية من قبل دول الشمال فكانت اسرائيل امتدادا طبيعيا للمنشأ الاستعماري ثقافيا وتقاليد سياسية. ولكن خضوع الكيان منذ البداية لسطوة الشعار الديني شجع قوى اكثر انغلاقا في التنامي السرطاني لاسيما انها تحظى نتيجة غلوها بامتيازات نوعية كعدم التجنيد بالجيش والحصول على اراضي استيطان مجانية ودعم مالي غير منطقع من المؤسسات الاستيطانية و داعميها من شتى دول العالم لاسيما من امريكا.. واصبحت المجموعات الدينية المتطرفة المعزولة قوة اجتماعية فاعلة في الحياة السياسية اليومية وصولا الى ما تعيشه اسرائيل اليوم. هنا تظهر عقيدتين سياسيتين وايديولوجيتين في الكيان الصهيوني الاولى تلك التي شكلت الدولة وهي متمثلة في اصحاب الدولة العميقة في الادارة والمؤسسات الكبيرة بما فيها رأس المال ولكنها طبقة يتناقص حضورها الاجتماعي الفاعل شيئا فشيئا في مقابل انتشار واسع لليمين اليهودي المتطرف المدعوم من قوى موغلة في العنصرية.. هنا يكون التناقض وصل ذروته بين اتجاهين الاول هو التيار الصهيوني العلماني الذي يؤمن بالدولة الحديثة على النمط الغربي ويؤمن بدوره الوظيفي في المنطقة وان تحالفاته مع القوى الكبرى ليست فقط ضمانة استمرار للكيان بل وايضا ضمانة امنه الاستراتيجي في منطقة لا صلة له بها الا العداء والتنافر، والاتجاه الثاني ينكب على تعميق الدولة الدينية نظريا وعمليا فمهمته وجودية غير مكترث بالبعد الوظيفي على اعتبار انه ليس الاصل.. ويترتب على ذلك ان كل شيء يجد سبيله للاختلاف فنحن امام رؤيتين متناقضتين للدولة احدهما دولة صهيونية غربية والرؤية الاخرى هي دولة صهيونية وجودية. انتصرت القوى الصهيونية اليهودية الموغلة في التطرف من خلال الانتخابات المتلاحقة في الكيان الصهيوني وغاب عن الكثيرين ملاحظة ما يكتنزه الكيان الصهيوني من اثنيات ثقافية وعرقية متنافرة رغم ان السنوات الاخيرة اعطت اشارات لخطورة الوضع داخل اسرائيل في تصادم مع الفلاشا او يهود شرق اوربا او اليهود العرب.. ولم يغيب مفكرون يهود وكتاب اسرائيليون عن الاعلام بل شاركوا في التأكيد على أن الكيان الصهيوني يتعايش مع معضلات عويصة قد تنفجر في أي لحظة.. تحرك الصهاينة الجدد وهم الموغلون في التطرف الى التحرك بدون مراعاة الشريك الصهيوني العلماني وبدون مراعاة الحليف الامريكي ورؤيته وبدون حساب للصديق والحليف الاوربي وتجوهوا للعمل على محورين الاول الانطلاق الجنوني والممنهج للاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس وتغيير معالمها وفرض هيمنة متدرجة على المسجد الاقصى.. والمحور الثاني توجيه الكنيست لفرض وقائع جديدة تجعل من القضاء تابعا للسياسة والمصالح التي يديرونها بقوة.. وهنا بدأ العلمانيون الصهاينة تحسس خطورة ذلك عن النمط السياسي للكيان الذي فاخروا هم وحلفاءهم وحتى ضعاف الراي فينا به.. هنا اصبح الشرخ راسيا في التجمع الصهيوني فلقد حقق اليمين اليهودي الصهيوني الموغل في التطرف فوزا كبيرا في الكنيست، وقد واتته الفرصة بوجود رئيس حكومة- نتنياهو- ملاحق قضائيا ويحتاج الى من ينقذه من ورطاته الشخصية بأي ثمن فادار معركة اليمين الصهيوني باتقان لفرض واقع يلغي نهائيا احد اهم شروط الدولة الحديثة.. ومن المفارقات المضحكة انه هو الذي صرح قبل عدة سنوات انه سيمكن اسرائيل ان تكمل 100 عام بدل ان تنهار على مشارف عامها السبعين. لن يتراجع اليهود الصهاينة الموغلون بالتطرف عن جملة مواقفهم وهم في موضع الغالب ولن يتنازلوا عن السيطرة على القضاء وما يتبع ذلك وفي المقابل لن يقبل العلمانيون الصهاينة بهذا الوضع ابدا مهما كان الثمن وهنا يكون التجمع الصهيوني وصل الى ذروة الانفجار لتطل كل قضايا الثنائيات العرقية والثقافية من جديد دفعة واحدة. كيف تزول اسرائيل: زوال اسرائيل مسألة مفروغ منها كما هو ماضي الحالات الاستعمارية التي مرت في التاريخ البشري، وباستثناء الحالات التي صنعها المستعمرون الانجليز لامريكا واستراليا فان النظرية صالحة لكل زمان ومكان، وصحيح ان الحالة الاستعمارية في فلسطين استطانية احلاليه الا انها مختلفة عن مثيلاتها في جنوب افريقيا والجزائر،حيث يتم الاستيطان على انقاض تهجير نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه وتمزيق المتبقي منه في مايشبه الغيتو.. فحالة فلسطين منزلة بين المنزلتين.. اي بين الابادة التامة كما فعل باهل امريكا واستراليا وبين الاحلال الاستيطاني كما فعل بالجزائر وجنوب افريقيا.. ومن هنا تأخذ فلسطين خصوصية بالغة الحساسية. ولكن فلسطين ليست الاندلس وليست امريكا ولا استراليا، اي ليست في اطراف العالم و الامة، وليست في غياب الراي العام لذلك لم تنجح مع اهلها عمليات الابادة والتهجير، ومن هنا كان لنضال الشعب الفلسطيني مدعوما بمساندة الشعوب العربية والاحرار من الحكام العرب الدور الكبير في تحجيم المطامع الاستعمارية للمشروع الصهيوني الى درجة اقناعه بضرورة البحث عن حل سياسي كما حصل في اتفاقيات اوسلو هنا تقدم اليمين الصهيوني اليهودي الموغل في التطرف بقتل رئيس الوزراء اليهودي- رابين – وليتم قتل خيار التسوية مع الفلسطينيين. بالنظر لتكوين الكيان الصهيوني ومفاعيل التأثير في المنطقة يبدو للعيان أن هذا الكيان المنتظر نهاياته تتناوشه اسباب الخطر في ثلاث دوائر.. الدائرة العربية ان حصل فيها نهوض وامتلاك قرارها السياسي وتحركها لتطهير الجسم العربي من الغدة السرطانية، والدائرة الثانية الشمال بكل قواه الذي سيرى في الغلو الاسرائيلي مسببا اضافيا في نفور العرب وتململ طلائعهم من حين لاخر وفتح جبهات تكلف الغربيين كثيرا.. وفي هذه الدائرة ستجد الادارات الغربية ان قادة اسرائيل الجدد بل والتكتل المتطرف فيها لايراعون المصالح الاستراتيجية للغرب وان همهم فقط ينصب على التوسع والهيمنة وبناء كيان على اسس اخرى لا تنتمي للحضارة الغربية.. ورغم ان احتمال تشكل الدائرة الاولى ليس منظورا في هذه المرحلة الا انه قد يتنامى في العقد القادم في ظل المتغيرات الدولية المشجعة، اما الدائرة الثانية فرغم ان الامريكان والغربيين يعلنون عن سخطهم من الغلو في السياسة الاسرائيلية والتحركات على الارض التي تزيد التوتر هيجانا لاسيما في مرحلة تنشغل فيها الادارة الامريكية بالمعركة الوجودية ضد روسيا.. رغم ذلك فمن غير المتوقع ان تتخلى امريكا عن القاعدة المركزية للمشروع الاستعماري في المنطقة ولكنها بنفس الوقت عاجزة ان تخضعها لتوجهاتها الاستراتيجية فيما لو تمكن اليمين الصهيوني المتطرف من السيطرة على دواليب الدولة.. هنا تبقى الدائرة الثالثة دائرة الانفجار الداخلي المتصاعد والذي يعني بوضوح ان المناخ اصبح مواتيا تماما لتصاعد عناوين التنافر والتصارع الاثني والثقافي بحيث لم تعد كل الجهود التي بذلت لصناعة الشخصية الاسرائيلية قادرة على الصمود امام هذا البركان وتداعياته القاتلة.. مقاومة الشعب الفلسطيني مهمة واساسية وتمسكه بحقه الكامل في غاية الاهمية في هذه المرحلة وعدم التضعضع في مواجهة السياسات الاسرائيلية الخرقاء يعني بوضوح ان صمود الشعب الفلسطيني وقيادته حول حقهم الثابت في استعادة فلسطين سيكون قوة اضافية لتكسير هذا الكيان الصهيوني المصطنع.. ولهذا الجانب في الموضوع مساحة شرح قد تتسنى لنا قريبا اما العرب فليس من العقل ولا المصلحة قبل المباديء والاخلاق ان يتحرك الساسة العرب في اتجاه التطبيع مع اسرائيل بل لابد من اظهار الحد الاقصى من المطالبة بالحقوق الفلسطينية من عودة ودولة فهذا سيسرع من وتيرة التصادمات في داخل الكيان الصهيوني.. مع كل ذلك ندرك تماما انهم يخربون بيوتهم وايدي المؤمنين وان القلاع تهزم من داخلها.. وهانحن نشهد بدايات التصدعات والمواجهات العنيفة داخل الكيان الصهيوني.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
المفوضية الأممية: الكيان الصهيوني يسرّع وتيرة خطوات ضم الضفة
يمانيون../ أكدت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، اليوم الأربعاء ، أن الكيان الصهيوني سرع وتيرة خطوات ترسيخ ضم الضفة الغربية”.
وقالت المفوضية الأممية: “إن إسرائيل سرعت عمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الضفة”.
وتابعت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان: “إسرائيل تُبدل المجتمعات الفلسطينية بالمستوطنين”. على حد وصفها.
وكان أفصح الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الإثنين، عن أنه غير مهتم “بضم الضفة الغربية” لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال رسالة وجهها الرئيس الأمريكي ترامب، لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال اتصال هاتفي أمس الأحد.
وقال مراسل الشؤون الدبلوماسية في قناة i24NEWS) العبرية عن ترامب قوله لنتنياهو: سأتعامل مع الملف النووي الإيراني، إلا أنني ليس مهتما بضم الأراضي في الضفة”. وفق قول ترامب.
وأضاف ترامب في رسالته لنتنياهو: “وضع “إسرائيل” الدولي “صعب”، وضم الأراضي سيسبب الأضرار فقط”. وفق قوله.
هذه الأقوال لترامب جاءت في أعقاب تصريحات وزير مالية الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، التي قال فيها: “إن عام 2025 سيكون عام الضم”. بحسب الأخير.
جدير ذكره أنه، “بأن اتصالاً هاتفيا جرى، الأحد، بين نتنياهو وترامب، وقد بحث الرجلان وفق الإعلام العبري الأوضاع في سوريا والحرب في غزة وصفقة الأسرى”.