يتحدث مبارك بودرقة الملقب بعباس عُضو هيئة الإنصاف والمصالحة، عن علاقته بالراحل الكاتب والصحافي محمد باهي.
يقول بودرقة في الحلقة الثالثة من حلقات شرع في بثها موقع “اليوم 24″، منذ بداية شهر رمضان، “إنّ الذين يعرفون قيمة الراحل محمد باهي هم مُثقفو الوطن العربي والصحافيون الفرنسيون”.
وأوضح بأنّ الذي كان وراء تحفيزه لتجميع ونشر التراث الفكري والإعلامي لمحمد باهي، الأديب السعودي الراحل عبد الرحمان منيف، صاحب “خماسية مدن الملح” الذي أوصاه في مكالمات هاتفية من دمشق وبيروت وهو على فراش الموت، وقال له “رجاء عباس لاتحرموا الأجيال المقبلة من كتابات محمد باهي”.


كما قال له بأن المغاربة سيكتشفون باهي بعد موته”.

يقول بودرقة  “فعلا عندما أعيد قراءة كتابات الراحل أكتشفه من جديد، معلنا بأنه يعتزم إصدار الجزء الثامن هذا العام من “رسالة باريس”، وهي مقالات محمد باهي نشرتها في وقت سابق جريدتا “التحرير” و”الاتحاد الاشتراكي”.

ويذكر بودرقة بأن الإسم الحقيقي لرفيقه باهي هو “محمد باه حرمة”، والذي كان وراء اسمه الذي اشتهر به وهو “محمد باهي” هي كاتبة جريدة “العلم” التي عوض أن تكتب “باه” كتبت “باهي”، في لائحة الناجحين في مباراة انتقاء صحافيين كان على رأسها “باهي” ضمن آخرين بينهم الراحلان محمد عابد الجابري وعبد الجبار السحيمي.
سأل بودرقة سنة 1992 باهي، وطلب منه أن يجيبه بدون “لف أو دوران” عن سبب شروده بينما كانا في المطار بعدما قرر باهي العودة من فرنسا إلى المغرب.
وكان رده “أفكر في المرحلة الثالثة من حياتي بعد مرور مرحلتين من حياتي الأولى نشأتي في شنقيط، والثانية سَفري إلى الجزائر والسودان ثم فرنسا، والمرحلة الثالثة هذه العودة التي أعتقد بأنها ستكون طويلة”.

المرحلة الأولى، تجسدت في مسقط رأسه بشنقيط ووفاة والده في عاصفة رملية قبل ولادته، ثم توفيت والدته فيما بعد وكفله خاله وابن عمه في الوقت نفسه “حرمة ولد بابانا” الذي كان من الأعيان.
في المحظرة تابع باهي تعليمه الأولي وكان سريع الحفظ، وهناك حفظ القرآن الكريم وقصائد كثيرة من الشعر العربي، كما حفظ معجما للغة الفرنسية بعدما رافق خاله إلى السينغال ووجد الناس هناك يتحدثون بلغة لم يكن يفهمها.
واشتغل هناك في السينغال في إذاعة “سان لوي” وبعد نفي محمد الخامس لقي مُضايقات من قبل البوليس التابع للاستعمار الفرنسي بالسنغال.
ويواصل بودرقة حكيه، بأن باهي قرر العودة إلى المغرب والالتحاق بجيش التحرير، فتسلل إلى سفينة إسبانية للصيد انطلقت من أحد موانئ السينغال في اتجاه ميناء طرفاية.
واكتشف طاقم السفينة باهي متسللا فعزموا على إلقائه في البحر، ففاوضهم على تركه شريطة أن ينظف لهم المراحيض ويغسل الصحون بالمطبخ، فوافقوا على ذلك، وَوَصل إلى المغرب والتحق بجيش التحرير بالجنوب المغربي على مستوى كلميم.
وظل يساعد مؤسس حزب الاستقلال علال الفاسي في إذاعة الصحراء إلى أن التحق صحافيا بجريدة العلم.
فيما المرحلة الثانية بدأت عندما تم تكليفه سنة 1962 من قبل الراحل عبد الرحمان اليوسفي عندما كان يشغل رئيس تحرير جريدة “التحرير” بتغطية دخول الجيش الجزائري من الحدود المغربية إلى تلمسان ثم العاصمة الجزائر وهي التغطية التي استغرقت عشرين سنة، زار خلالها الجزائر والسودان ودول أخرى ورجع إلى المغرب سنة 1982.
أما المرحلة الثالثة، فتمثلت في العودة إلى المغرب سنة 1992.

كلمات دلالية بودرقة رسالة باريس محمد باهي

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: بودرقة رسالة باريس إلى المغرب

إقرأ أيضاً:

الصوت الذي لا يموت.. كيف أصبح محمد رفعت أيقونة التلاوة القرآنية؟

مع حلول شهر رمضان المبارك، تتزين الأجواء بنفحات روحانية خاصة، وتصبح الأصوات التي تعود عليها المسلمون جزءاً لا يتجزأ من ذكريات الشهر الفضيل. وبين تلك الأصوات، يبقى صوت الشيخ محمد رفعت حاضراً في وجدان الملايين، فهو الصوت الذي ارتبط بقدوم رمضان لعقود طويلة، وما زالت تلاوته تملأ البيوت والمساجد، حتى بعد أكثر من سبعين عاماً على رحيله.

البدايات والنشأة

في حي المغربلين بالعاصمة المصرية القاهرة، وتحديداً عام 1882، وُلد الشيخ محمد رفعت، ذلك الصوت الذي شقّ طريقه إلى القلوب قبل الآذان، فأبهر المستمعين بتلاوته العذبة التي امتزجت بالخشوع والجمال. إذ لم يكن مجرد قارئ للقرآن، بل كان حالة روحانية فريدة، تجاوزت أصداء صوته الحدود واللغات، حتى أصبح صوته رمزاً خالداً في سماء التلاوة.

في صغره، وُصف بأنه طفل جميل ذو عيون جذابة، لكن قيل إن سوء الحظ طاله بعد أن أصيب بعين الحسد، مما أدى إلى إصابته بداء في عينيه. وبعد محاولات علاجية لم تُجدِ نفعاً، خضع لعملية جراحية فقد على إثرها بصره تماماً وهو في الخامسة من عمره.
وكما كانت العادة في ذلك الوقت، وجّه والده وجهته نحو حفظ القرآن الكريم، فألحقه بكُتَّاب مسجد مصطفى فاضل باشا في السيدة زينب، وأظهر محمد رفعت موهبة استثنائية في التلاوة، إذ حفظ القرآن كاملًا وهو في العاشرة من عمره، قبل أن يُبحر في علوم التجويد والتفسير والمقامات الصوتية، التي أصبحت فيما بعد علامة مميزة لتلاوته.
ولم يكن فقدانه للبصر هو المحنة الوحيدة في حياته، إذ فقد والده وهو في التاسعة من عمره، ليجد نفسه فجأة مسؤولًا عن إعالة أسرته المكونة من والدته، وخالته، وأشقائه. وبإرادة صلبة، بدأ في إحياء الليالي القرآنية في المآتم، ليكسب قوت يومه ويؤمّن احتياجات عائلته.

صوت من السماء

لم يكن صوت الشيخ رفعت مجرد تلاوة عادية، بل كان يتغلغل في النفوس ويأسر القلوب، حتى بدأ الناس يطلبونه في مختلف أنحاء القاهرة، وأصبح اسمه يتردد في الأقاليم. وعندما بلغ الخامسة عشرة، تم تعيينه قارئاً ليوم الجمعة في مسجد فاضل باشا، حيث ازداد الإقبال على سماعه، لدرجة أن المصلين كانوا يتزاحمون في المسجد لسماع تلاوته.
وكانت أول مكافأة حصل عليها في حياته 25 قرشاً، بعدما قرأ في إحدى المناسبات، وكان هذا المبلغ يمثل له الكثير آنذاك، لكن مع مرور السنوات، ازداد الطلب عليه من قِبل الأثرياء والمحبين، ورغم ذلك، كان زاهداً في المال؛ ففي إحدى المرات، عندما قرأ في منزل أحد الأثرياء، أخطأ المضيف وأعطاه مليماً بدلًا من الجنيه الذهبي، لكنه لم يهتم بذلك، وحين جاء الرجل ليعتذر منه، أجابه بكل رضا: "هذا رزق ربي، والحمد لله على ما رزقني".

ثقافة موسيقية واسعة

لم يكن الشيخ رفعت مجرد قارئ للقرآن، بل كان مثقفاً واسع الاطلاع، إذ درس علوم التجويد والتفسير، إلى جانب دراسته الموسيقى والمقامات الصوتية، حيث تأثر بموسيقى بيتهوفن، موتزارت، وفاجنر. وكان يمتلك مكتبة تضم أشهر السيمفونيات العالمية.
كما كان يعقد صالونات ثقافية يحضرها كبار المثقفين والفنانين، مثل أحمد رامي، كامل الشناوي، صالح عبد الحي، زكريا أحمد، ومحمد عبد الوهاب، وحتى الفنانة ليلى مراد قبل إسلامها.

المحطة الفاصلة في حياته

في عام 1934، حقق الشيخ محمد رفعت نقلة نوعية عندما أصبح أول صوت يُفتتح به بث الإذاعة المصرية، حيث اختير لتلاوة سورة الفتح في افتتاح البث الرسمي، فكان مطلعها: "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا".
ورغم شهرته الكبيرة، كان الشيخ في البداية متردداً في تلاوة القرآن عبر الإذاعة، خوفاً من عرضها للأغاني والموسيقى التي قد يراها البعض غير لائقة، لكنه استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري، الذي طمأنه بأن ذلك لا يتعارض مع قدسية القرآن، مما دفعه إلى قبول العرض، ليصبح صوته مرافقاً للشهر الفضيل وأذان الفجر في الإذاعة المصرية، وهو الصوت الذي لا يزال يُسمع حتى اليوم في رمضان.

سنوات المرض والاعتزال القسري

بعد مسيرة عامرة بالإنجازات، أصيب الشيخ رفعت بعدة أمراض أضعفت صوته، لكنه كان يعود للقراءة بين الحين والآخر حتى اشتد عليه المرض. وفي السنوات الثماني الأخيرة من حياته، أصيب بورم في الأحبال الصوتية، مما منعه من تلاوة القرآن نهائياً.
ورغم ظروفه الصعبة، رفض الشيخ رفعت أي مساعدة مالية، حتى عندما جمع محبوه مبلغ 50 ألف جنيه لعلاجه، رفض قائلاً: "الدنيا عرض زائل.. وقارئ القرآن لا يُهان ولا يُدان.. أراد الله أن يمنعني، ولا راد لقضائه.. فالحمد لله".
وفي نفس يوم ميلاده، الموافق عام 1950، رحل الشيخ محمد رفعت عن عمر ناهز 68 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً خالداً من التلاوات العذبة، التي لا تزال تسكن قلوب المستمعين حتى اليوم. 

وعندما نعته الإذاعة المصرية، خاطبت المستمعين قائلة: "أيها المسلمون، فقدنا اليوم علماً من أعلام الإسلام"، كما نعتته إذاعة دمشق بقولها: "لقد مات المقرئ الذي وهب صوته للإسلام"... وحتى الآن لا يزال صوته رمزاً خالداً للتلاوة القرآنية، ويظل اسمه مرتبطاً بشهر رمضان في وجدان المسلمين حول العالم.



مقالات مشابهة

  • مصر والسعودية الأردن وقطر والإمارات ومنظمة التحرير يجتمعون في الدوحة
  • أوربان لوفيرييه.. الرجل الذي اكتشف كوكبًا دون أن يراه
  • تعرف على قطار TGV المستقبل الذي طلبه المغرب من فرنسا (صور)
  • ألف ليلة وليلة وأسرار نجاحها في «رمضان المصرى وأصحابه» على الشرق الأوسط
  • هند البلوشي عن الرجل في جوي أوردز: هذا زوجي وحياتي الخاصة ليست للنقاش .. فيديو
  • سلاح الجو بجيش الاحتلال يستهدف رادارات ووسائل رصد جنوبي سوريا الليلة الماضية
  • الصوت الذي لا يموت.. كيف أصبح محمد رفعت أيقونة التلاوة القرآنية؟
  • سر فيديو حلمي طولان الذي أصبح تريندا بسبب حسام حسن
  • الفراج يحرج النصر بتعليقه المثير على الاحتجاج الذي قدمه ضد الرويلي .. فيديو
  • محمد أبو هاشم: الإمام أبو حنيفة وضع أساس الاجتهاد الفقهي الذي يسر على المسلمين