كيف سيضر حظر تيك توك بشدة بالشركات الصغرى؟
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية مقال رأي لرائدة الأعمال ناديا أوكاموتو تحدثت فيه عن التداعيات المحتملة لحظر تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة الأمريكية على الشركات الصغرى، مثل شركتها "أوغست"، التي تعتمد على هذه المنصة للترويج لمنتجاتها وخدماتها.
وقالت الكاتبة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مشروعها بدأ خلال طفرة التعامل المباشر مع المستهلك في سنة 2020 قبل أن تطلق شركتها في سنة 2021.
فعلى سبيل المثال، استحوذت شركة "وول مارت" على شركة "بونوبو" - وهي شركة أخرى رائدة في التعامل المباشر مع المستهلك - مقابل أكثر من 310 ملايين دولار، مما أظهر جاذبية العلامات التجارية النشطة على مواقع التواصل الاجتماعي لتجار التجزئة التقليديين. وتؤكّد هذه النجاحات قدرة شركات طفرة التعامل المباشر مع المستهلك على إحداث تغيير جذري في الصناعات وتحقيق عمليات تخارج كبيرة، سواء من خلال عمليات الاستحواذ أو العروض العامة، مما يعزز مكانتها في السوق ويُلهم رواد الأعمال الطموحين. ولكن يتم تضييق الخناق على هذه الفرصة بسبب احتمال المصادقة على مشروع قانون من شأنه أن يحظر تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة.
وذكرت الكاتبة أنها بدأت بمشروع تجاري صغير أطلقت عليه اسم "أوغست" لمنتجات الدورة الشهرية، بهدف إحداث تغيير جذري في هذه الفئة من المنتجات. ولكن بمجرد إطلاق شركتها، بدأت فقاعة التعامل المباشر مع المستهلك في الاضمحلال. وقد تفاقم هذا بسبب ارتفاع تكاليف الإعلانات، حيث واجهت العديد من العلامات التجارية التي ظهرت في طفرة التعامل المباشر مع المستهلك خطر الإغلاق بعد استنزاف الملايين، بما في ذلك تمويل رأس المال الاستثماري. وأصبحت المنصات مثل إنستغرام وفيسبوك المملوكتين لشركة "ميتا" متشبّعة بالإعلانات، مما تطلّب اتباع نهج نموذجي مدفوع.
وأضافت الكاتبة أن اعتماد إطار عمل "شفافية تتبع التطبيقات" لنظام التشغيل "آي أو إس 14.5" أدى إلى تفاقم التحديات من حيث فعالية استهداف الإعلانات المستهلكين ودقة قياس عائد الاستثمار.
وقد أثر هذا على قدرة شركات طفرة التعامل المباشر مع المستهلك على تتبع سلوك المستخدم وتصميم إعلانات فعالة، وذلك من خلال تقييد الوصول إلى البيانات القيمة المستخدمة للإعلانات المخصصة. ومن دون الوصول إلى هذه البيانات الدقيقة، وجدت الشركات صعوبة في تحسين إعلاناتها وقياس فعالية حملاتها بدقة.
وترى الكاتبة أنه في عالم تقوده الرأسمالية والسعي لتحقيق الحلم الأمريكي من خلال ريادة الأعمال، وخاصة في عصر ما بعد جائحة كوفيد-19 حيث يتوقع المستهلكون بشكل متزايد سهولة التسليم والخدمة المباشرة للمستهلك، تواجه الشركات الصغرى تحديا هائلا. وكان السؤال المطروح حينها، أين نجد النجاح، خاصة في أيامنا الأولى؟ وبالنسبة للكثيرين، بما فيهم الكاتبة، كان الجواب في تطبيق تيك توك.
ذكرت الكاتبة أنها عندما أطلقت علامتها التجارية "أوغست" في حزيران/ يونيو 2021، شرعت في رحلة لفهم ديناميكيات تطبيق تيك توك من خلال نشر عشرات المقاطع وأحيانًا أكثر من مائة مقطع فيديو يوميًا. ورغم كونها تخرجت من الجامعة حديثا وأكملت العامين الأخيرين من دراستها عبر "زوم" بسبب الجائحة، إلا أنها في غضون ستة أشهر جمعت مليوني متابع، ولديها اليوم على هذه المنصة 4.1 مليون متابع. وقد امتد نشاطها إلى منصات أخرى، حيث جمعت مليون متابع إضافي بشكل أساسي على كل من إنستغرام ويوتيوب.
وقد أتاحت لها إمكانات تحرير الفيديو الفائقة على تيك توك إنشاء المحتوى بكفاءة، وهو ما كان بمثابة حجر الزاوية في استراتيجيتها التسويقية. وعلى الرغم من اكتسابها مئات الآلاف من المتابعين على إنستغرام ويوتيوب، إلا أن نهجها ظل يرتكز بالأساس على تيك توك حيث تقوم بإنشاء المحتوى وتحريره قبل إعادة نشره على منصات أخرى.
وفي ظل ارتفاع التكاليف، تمتلك الشركات الكبرى ميزانيات تسويقية كبيرة مما يمكنها من استثمار الملايين في الإعلان بينما تفتقر الشركات الناشئة الصغرى إلى الموارد المالية والبيانات التاريخية للتنافس على نفس المستوى. ويقدم تيك توك فرصة فريدة لتحقيق تكافؤ الفرص بين الإثنين. وعلى عكس إنستغرام، الذي يلبي احتياجات المتابعين الحاليين في المقام الأول، فإن صفحة "من أجلك" المستندة إلى الخوارزمية في تيك توك تعطي الأولوية لاكتشاف المحتوى الجديد مما يعزز الوعي المستمر بالعلامات التجارية الصاعدة. وبالنسبة للشركات، يمثل هذا كنزًا دفينًا للتسويق للعلامة التجارية.
وحسب الكاتبة، فإن نمو شركتها ونجاحها والانتقال من الأعمال التي تركز على التعامل المباشر مع المستهلك إلى الانطلاق في التعامل مع تجار التجزئة الوطنيين مثل "تارغت" السنة الماضية ينبع من تنمية الوعي بالعلامة التجارية على تيك توك وترجمته إلى حركة مرور على موقع الويب واهتمام بالبحث العضوي. وفي مجال استثمارات الصناعة الاستهلاكية، يقوم المستثمرون الآن بفحص المقاييس التي تعكس انخفاض تكاليف اكتساب العملاء وارتفاع العائد على الإنفاق الإعلاني. وفي مشهد يُهيمن عليه فيسبوك وإنستغرام، يصبح تحقيق هذه المقاييس تحديًا متزايدًا. ونتيجة لذلك، تواجه الشركات الهشة المتخصصة في التعامل المباشر آفاقًا متضائلة. مع ذلك، توفّر منصات مثل متجر تيك توك طرقًا جديدة للشركات الصغرى لتحقيق النجاح بين عشية وضحاها في بيئة شديدة التنافسية.
ومع تطور مشهد رأس المال الاستثماري لإعطاء الأولوية للربحية، يبحث المستثمرون عن علامات تجارية قادرة على النمو العضوي بدلاً من الاعتماد على الإنفاق الإعلاني الباهظ. وتقدم تيك توك نفسها بشكل فريد على أنها منصة مواتية لهذا النهج.
وفي الختام، عبّرت الكاتبة عن معارضتها لإجراءات حظر تيك توك باعتبارها واحدًا من ملايين الشركات والمبدعين الذين من المحتمل أن يتأثروا بذلك، خاصة أن تيك توك ليس مجرد تطبيق بل منصة ديناميكية تُغذّي الابتكار وتشجّع الإبداع وتعزّز المشاركة المجتمعية ويتجاوز نطاقها الحدود والتركيبة السكانية، مما يثري حياة الملايين في جميع أنحاء العالم. وحظر تيك توك لن يؤدي إلى خنق فرص ريادة الأعمال فحسب، بل سيُعيق أيضًا التبادل الثقافي والتواصل العالمي. وبدلا من خنق الابتكار، يجب على صُناع السياسات أن يدركوا الدور المحوري لتيك توك في تشكيل المشهد الرقمي الحديث والعمل على تعزيز بيئة تشجّع الإبداع وريادة الأعمال للجميع، مما يضمن بقاء الحلم الأمريكي في متناول كل رجل أعمال ومبدع طموح.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية تيك توك الولايات المتحدة الولايات المتحدة الصين تيك توك صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکاتبة أن من خلال تیک توک
إقرأ أيضاً:
ترامب يعفي هذه المنتجات من الرسوم الجمركية.. حماية المستهلك من صدمة الأسعار
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استثناء الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة ومكونات إلكترونية أساسية من حزمة الرسوم الجمركية الجديدة، في خطوة تهدف إلى حماية المستهلك الأمريكي وتفادي اضطراب الأسواق.
وبحسب وثائق رسمية نشرتها هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية في إن هذه الاستثناءات تُضيق نطاق الرسوم الجمركية البالغة 125 بالمئة التي كانت مقررة على واردات من الصين، بالإضافة إلى تقليص أثر الرسوم العامة بنسبة 10بالمئة المفروضة على بقية الدول.
وتشمل قائمة المنتجات المعفاة الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، ومحركات الأقراص الصلبة، ومعالجات الكمبيوتر، وشرائح الذاكرة، إلى جانب الآلات المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات.
ويعد القرار بمثابة إنقاذ للشركات الأمريكية الكبرى في مجال التكنولوجيا، وفي مقدمتها "آبل" و"سامسونغ"، حيث تعتمد هذه الشركات بشكل أساسي على مصانعها في الصين ودول شرق آسيا لإنتاج الأجهزة الإلكترونية، وهي منتجات لا تصنّع في الولايات المتحدة على نطاق واسع.
واشارت التقديرات إلى أن إنشاء خطوط إنتاج محلية بديلة سيتطلب سنوات من الاستثمار والتخطيط، ما يضع عبئًا إضافيًا على الاقتصاد الأمريكي حال فرضت هذه الرسوم دون استثناءات.
كما يعد الإعفاء من الرسوم تطورًا مهمًا لشركات تصنيع الرقائق مثل شركة TSMC التايوانية، التي أعلنت مؤخرًا عن استثمار بقيمة 40 مليار دولار لبناء مصنع جديد في ولاية أريزونا الأمريكية.
وينظر إلى هذه الخطوة كجزء من الجهود الأمريكية لتعزيز سلاسل التوريد المحلية وتقليل الاعتماد على الصين، في ظل توترات تجارية ممتدة بين البلدين منذ عام 2018.
وتأتي هذه الاستثناءات في وقت، تسعى إدارة ترامب إلى فرض ضغوط اقتصادية قصوى على الصين، لكنها تجد نفسها مضطرة للحفاظ على استقرار الأسعار في السوق المحلي، لا سيما في ظل تصاعد التكاليف وتأثيرها المباشر على المستهلكين الأمريكيين.
وكان الرئيس الأمريكي قد فرض رسوم جمركية جديدة واسعة النطاق على السلع المستوردة من دول العالم، حيث قال إن الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 10 في المئة والمفروضة على جميع دول العالم، بالإضافة إلى نِسب أعلى لبعض الدول، ستعزز الاقتصاد الأمريكي وتحمي الوظائف.
ومع ذلك، يحذر العديد من الاقتصاديين من أن رسوم ترامب الجمركية قد تؤدي إلى حرب تجارية عالمية، وأن التكاليف المتزايدة ستنعكس على المستهلكين الأمريكيين، ما سيرفع الأسعار ويهدد بحدوث ركود اقتصادي.
والخميس أكد البيت الأبيض أن الزيادة الكبيرة في الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي على السلع الصينية، ودخلت حيز التنفيذ، وترفع التعريفات الإضافية التي تفرضها واشنطن على بكين إلى مستوى 145 بالمئة.