كيف تغيرت روسيا خلال عهد بوتين الممتد لربع قرن؟
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
موسكو- دخلت عملية التصويت بالانتخابات الرئاسية في روسيا السبت يومها الثاني، وسط توقعات بفوز الرئيس الحالي فلاديمير بوتين بأغلبية ساحقة من الأصوات، وهو ما يعني تلقائيًا انتهاء الانتخابات دون التوجه إلى جولة ثانية.
وفي حال حدوث ذلك، فإنها ستكون المرة الخامسة التي يتولى فيها بوتين منصب الرئاسة في روسيا، بعد أن أُعيد انتخابه عام 2018 لولاية رئاسية، قبل اعتماد تعديلات دستورية عام 2020، سميت "إعادة ضبط الفترات الرئاسية" (تصفيرها) حيث تسمح لبوتين بالترشح لمنصب الرئاسة حتى عام 2036.
تولى بوتين السلطة من بين يدي بوريس يلتسين، في ظل اقتصاد فقير ومبتلى بالأزمات، حيث كان إما في حالة سقوط حر أو انحدار بطيء طوال فترة التسعينيات، وتميزت هذه الفترة بظواهر شاذة عن "القواعد الصحية" لاقتصاد السوق، إذ استفحلت المضاربات واحتكار السلع، وعدم دفع الرواتب وتفشي التضخم، والقفزات المتواصلة وغير المتوقعة في سعر صرف الروبل (العملة المحلية) في غير صالحه، إضافة إلى العجز الضخم بالميزانية والدين الوطني، والتخلف عن السداد، وعدم دفع الأجور.
وإلى هذه القائمة يمكن كذلك إضافة المديرين مشكوك في نزاهتهم، وحالة شبه إفلاس للمؤسسات، وسلطة طاغية للعصابات.
كان ذلك كله في سنوات السلم، حيث أشارت بيانات وتقارير إلى أن نمو الاقتصاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية كان أفضل من حقبة التسعينيات التي أعادت الدولة العظمى لمصاف دول العالم الثالث في كثير من المجالات، رغم الاحتياطي الإستراتيجي الهائل للثروات، ولا سيما النفط والغاز.
ويضاف إلى ذلك تراجع دور روسيا الكبير على الساحة الدولية، والاضطرابات الداخلية التي شهدتها وترافقت مع نمو المشاعر الانفصالية، أو تلك المطالبة بهامش أوسع من السيادة لدى مكونات جغرافية عديدة داخل البلاد، اتخذت في بعض المراحل حالة التمرد المسلح.
وقد لعبت هذه المعطيات دورًا ملموسًا في تقييم أداء بوتين لإدارة الدولة منذ عام 1999، وشكلت في كثير من الحالات أساس أي مقاربة، انطلاقًا من عامل المقارنة بين عهدي الرئيس السوفياتي الأول والأخير ميخائيل غورباتشوف، والرئيس الأول لروسيا بعد إنهيار الاتحاد السوفياتي بوريس يلتسين.
على حافة الانهياروحسب ما يقول للجزيرة نت الكاتب السياسي ألكسندر نوفوجيلوف، فقد "قاد بوتين روسيا في وقت كانت فيه البلاد في حالة محفوفة بالمخاطر، على المستويين الاقتصادي والسياسي، وكان الاقتصاد في حالة ركود والسكان فقراء" ويضيف "كما أنشأت حركات انفصالية شمال القوقاز جيوبها الخاصة التي توسعت مع الوقت، مما وضع وحدة الأراضي الروسية تحت تهديد مباشر".
ويتابع نوفوجيلوف بأن "النظام الصارم، الذي وضعه رئيس الدولة الجديد، تمكن من وضع حد لهذه التهديدات واستعادة سلطات الدولة، فضلاً عن تنفيذ إصلاح إقليمي وإداري واسع النطاق، أنعش التفاعل بين المركز والأقاليم، وثبت سيطرة الدولة على كافة نواحي الحياة فيها".
ووفقًا له، فقد "تمكن بوتين من تحقيق هدفين رئيسيين: الحفاظ على وحدة روسيا، واستعادة مكانتها كقوة عظمى على المسرح العالمي، بعد أن تم شطبها تقريبًا من ميزان القوى العالمي، قبل أن تعود بعد عقد ونصف العقد إلى الساحة العالمية، كواحدة من أكبر اللاعبين الجيوسياسيين والعسكريين وأكثرهم تأثيرًا".
وفي الشأن الداخلي، يعطي الكاتب أمثلة كمعدلات نمو المؤشر الرئيسي "حيث باتت روسيا تحتل مواقع متقدمة وفق المتوسط العالمي، فضلًا عن الآفة التي لطالما عانى منها الاقتصاد الروسي والمتمثلة بالتضخم، حيث حققت رقمًا قياسيًا فترة ما بعد الاتحاد السوفياتي، يتماشى مع المؤشرات المعمول بها داخل الدول المزدهرة".
ويشير المتحدث نفسه إلى التحسن الملموس في الرخاء الاجتماعي، وانخفاض معدلات الجريمة بشكل ملحوظ "حيث انخفض عدد جرائم القتل العمد ومحاولات القتل على سبيل المثال أكثر من 5 مرات".
التفاوت الاجتماعيفي المقابل، يقول يقول الكاتب السياسي سيرغي سورجيكوف إن "بوتين لم يتمكن من معالجة ما يصفه بالتفاوت الكبير للغاية في الدخل بين السكان، والنقص المزمن في الاستثمار في الاقتصاد، والحصة المنخفضة جدا من الاستثمار في الناتج المحلي الإجمالي".
كما يشير إلى استمرار عدم القدرة على التنبؤ بالمشهد الاقتصادي والسياسي، مضيفًا إلى أن "الشركات العاملة في روسيا غالبًا ما تفضل تسجيل الممتلكات والمعاملات في الخارج، لتجنب عمليات الاستحواذ المحتملة من قبل الدولة، أو نتيجة لقرارات غير مسؤولة من قبل المحاكم".
ويوضح سورجيكوف أنه إضافة لعوامل أخرى، فإن "البلاد تعرضت لعملية هروب الكوادر المؤهلة، نتيجة قلة الوظائف الواعدة ذات الأجور المرتفعة، بسبب ضعف الطلب من الدولة، وشبه غياب للقطاع الخاص الذي يعمل في مجال التقنيات العالية".
كذلك يرى الكاتب السياسي ذاته بأن عمليات التكامل في بلدان رابطة الدول المستقلة قد فشلت، ولا يشكل أي منها -بما فيها بيلاروسيا وكازاخستان- حلفاء إستراتيجيين حقيقيين لروسيا، سواء عسكرياً أو سياسياً، مسميًا إياها بـ"الشراكة الظرفية". ولفت إلى أن أزمة 2014-2018 أثبتت ذلك بشكل كامل، متسائلًا "أين كان دعم كل هذه الدول في سوريا وشبه جزيرة القرم والقضية الأوكرانية؟".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات
إقرأ أيضاً:
بعد موافقة ترامب على بيعها للهند.. ما هي الدول التي تمتلك طائرات “إف- 35″؟
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، أن واشنطن سوف تبيع نيودلهي مقاتلات من طراز إف-35، لتصبح بذلك الهند واحدة من الدول القليلة التي تمتلك هذه الطائرات الخفيّة الفائقة التطوّر.
وأوضح ترامب “بدءا من هذا العام، سنزيد المبيعات العسكرية للهند بمليارات الدولارات. كما أنّنا نمهّد الطريق أمام تزويد الهند، في نهاية المطاف، بمقاتلات شبح من طراز إف-35″، وفق وكالة فرانس برس.
وفي حال تمت الصفقة فإن الهند سوف تنضم إلى عدد محدود من الدول التي تمتلك تلك المقاتلة المتطورة، أو في طريقها إلى امتلاكها، وهي: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، و إيطاليا، وهولندا، والنرويج، والدنمارك، وبلجيكا، وبولندا، وألمانيا، وفنلندا، وسويسرا، ورومانيا.
وخارج القارة الأوروبية فإنها لديها تلك الطائرات أو تستعد لللحصول عليها وأهمها: أستراليا، واليابان، وكندا، كوريا الجنوبية، سنغافورة.
وفي منطقة الشرق الأوسط فإن إسرائيل، هي من تمتلك ذلك الطراز من الطائرات، بينما قال قال مسؤول كبير في الحكومة الإماراتية في سبتمبر الماضي، إن بلاده لا تتوقع استئناف المحادثات بشأن صفقة بمليارات الدولارات لشراء طائرات مقاتلة من طراز إف-35.
وجاء كلام المسؤول الإماراتي وقتها ردا على تقرير لوكالة رويترز جاء فيه أن أبوظبي ستسعى لإعادة إحياء صفقة بمليارات الدولارات مع الولايات المتحدة لشراء طائرات مقاتلة من طراز إف-35 وطائرات مسيرة مسلحة إذا عاد ترامب للبيت الأبيض.
وفي حال تمت الصفقة في أي وقت فإن الإمارات سوف تكون أول دولة عربية تحوز على تلك المقاتلة.
في العام 1997 اختيرت شركتا بوينغ ولوكهيد مارتن لصنع نموذج تجريبي للطائرة التي حلقت أول مرة في أكتوبر عام 2000.
الطائرة تنتمي إلى الجيل الخامس من الطائرات المقاتلة الشبحية، وتمتلك مجموعة واسعة من القدرات جعلتها تعرف بأنها “أفضل مقاتلة في العالم”.
وفي يونيو من عام 2001، أصبحت المقاتلة أول طائرة حربية في التاريخ تقوم بالتحليق من الأرض إلى الجو بشكل عمودي، بدون الحاجة إلى مدرج، وفقا لموقع المقاتلة على الإنترنت.
وتتمتع الطائرة، أيضا، بخاصية “الإقلاع القصير” التي تمنحها القدرة على حمل حمولات أكبر والإقلاع من مدرج قصير للغاية.
وظهرت المقاتلة إلى العلن أول مرة خلال طيران تجريبي عام 2006، وسلمت أول نماذج الطائرة إلى الجيش الأميركي عام 2010 لكنها دخلت الخدمة رسميا عام 2015.
وفي العام 2012 أصبحت بريطانيا أول دولة – عدا الولايات المتحدة – تحصل على نسخة من الطائرة.
خلال هذه الأعوام كانت الشركة المصنعة تختبر وتحلق بالموديلات الأكثر حداثة من الطائرة، F35 A و B و C والمصممة خصيصا للعمل مع أفرع محددة من القوات المسلحة.
ووفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست، فإن بإمكان المقاتلة القيام بمهام الهجوم البري والاستطلاع الجوي والدفاع الجوي للقوات العسكرية الأميركية والقوات المتحالفة معها.
ويمكنها اكتشاف مركبات وطائرات العدو قبل وقت طويل من رصدها، حيث صمم شكلها الخارجي ومنصات الأسلحة والوقود وأجهزة الاستشعار المدمجة لتحقيق أقصى أداء للتخفي.
يستطيع الطيار من خلال الخوذة المتطورة التي يرتديها البقاء على معرفة تامة بما يجري في ميدان المعركة لعشرات الأميال، حيث تستطيع رادارت الطائرة المتطورة التقاط وتحليل بيانات المركبات المعادية واستهداف العديد منها في وقت واحد.
ويمنح محرك الطائرة المتطور مسافة تحليق أطول بـ30 بالمئة مقارنة بالنماذج السابقة، كما إنها تمتلك نظام أسلحة من الجيل الخامس JASSM القادر على تحطيم الأهداف بدقة من مسافات كبيرة تجعل الطائرة آمنة ضد نظم الدفاع الجوي.
وتصف شركة لوكهيد مارتن النظام بأنه “أول صواريخ كروز” المحمولة جوا التي صنعتها.
الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتساب