يقول موقع "وور أون ذا روكس" (War on the Rocks) الأميركي المتخصص في تحليل السياسات الخارجية إن المراقبين الأميركيين يتغاضون عن إمكانية استخدام إيران إستراتيجية بحرية تاريخية تسمى الأسطول الموجود لتحدي القوات البحرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، واستنزاف مواردها، وإعاقة سيطرتها التاريخية على ممرات الملاحة المهمة في المنطقة.

ويوضح المقال -الذي كتبه شون بونتينغ، ضابط استخبارات البحرية الأميركية للشؤون الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط في القيادة المركزية للقوات البحرية، والحاصل على ماجستير العلوم في الذكاء الإستراتيجي والماجستير في دراسات الأمن في الشرق الأوسط- أن إستراتيجية الأسطول الموجود تعود إلى القرن 17، وهي تسمح للقوات البحرية الأضعف بتحدي القوات الأقوى منها في المحيطات والبحار المفتوحة على نطاق العالم.

مضايقة البحرية الأميركية وإضعافها

ويضيف بونتينغ أن إيران اليوم لن تحاول الاحتكاك بالبحرية الأميركية في المحيطات المفتوحة أو أعالي البحار، بل ستعتمد على وكلائها في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر، الذين يمكنهم استخدام مجموعة من الأسلحة -بما في ذلك المسيرات المسلحة، والسفن السطحية المسيرة (السفن الحربية الفرعية المصممة للحرب على سطح الماء)، وصواريخ كروز المضادة للسفن، والصواريخ الباليستية، والألغام البحرية، والمراكب الهجومية السريعة؛ من أجل مضايقة البحرية الأميركية والهروب منها والعمل على إضعافها.

وقال إن هذه الإستراتيجية يمكنها إعاقة سيطرة البحرية الأميركية على الممرات المائية الإستراتيجية بالمنطقة، وتزيد إجهاد مواردها المنهكة بالفعل.

على المخططين الأميركيين التأهب

وأضاف أنه ونظرا للمخاطر التي تشكلها هذه الإستراتيجية الإيرانية المحتملة، يجب على مخططي البحرية الأميركية وسلاح مشاة البحرية دمجها في المناورات الحربية ذات الصلة، وكذلك التخطيط للطوارئ وتشغيل أوامر القتال، بالإضافة إلى الاستعداد لمواجهة هذا التهديد في البحر الأحمر وشرق البحر الأبيض المتوسط ​، كما يجب على المخططين البحريين أيضا أن يكونوا في حالة تأهب لتأثيرها المحتمل على العمليات في غرب المحيط الهادي.


وسرد الكاتب استخدم هذه الإستراتيجية تاريخيا، واستخدام مصطلح "الأسطول الموجود" أول مرة عام 1690 من قبل الأدميرال البريطاني اللورد تورينغتون للدفاع عن إستراتيجيته في تجنب معركة كبيرة مع الأسطول الفرنسي لمنتقديه في البرلمان.

وأورد بوتينغ العديد من الأمثلة على الاستخدام الناجح لهذه الإستراتيجية من قبل القوات البحرية الفرنسية والألمانية، وكذلك استخدامها من قبل البحرية الأميركية خلال الأيام الأولى للحرب العالمية الثانية.

وقال الكاتب إنه على مدى السنوات الخمس الماضية، كانت إيران ووكلاؤها مشغولين في عرض البحر، وانتشار الأسلحة الإيرانية إلى وكلائها في لبنان واليمن منحها القدرة على تطبيق إستراتيجية الأسطول الموجود (بالوكالة) على شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر.

نجاح إيراني

وأوضح أن إيران أثبتت خلال السنوات الخمس الماضية باستمرار قدرتها على شن هجمات معقدة متعددة المحاور ومتعددة المجالات ضد البنية التحتية الحيوية والممرات المائية الإستراتيجية في الشرق الأوسط، مضيفا أن هذه القدرة توفر لإيران الوسائل لتعطيل التجارة، ومضايقة خصومها والتهرب منهم وإرهاقهم؛ وهذا هو جوهر هذه الإستراتيجية. علاوة على ذلك، فإن هذه الإستراتيجية ستكون متسقة مع عقيدة الحرب غير المتكافئة الحالية لإيران وتكملها، والتي تؤكد تجنب المزايا العسكرية التقليدية لخصومها مع استغلال نقاط ضعفهم.

وتوقع الكاتب أن تكون هناك تداعيات كبيرة على البحرية الأميركية وسلاح مشاة البحرية الأميركية إذا قررت إيران تنفيذ "إستراتيجية الأسطول الموجود" بالوكالة في حالة نشوب صراع مع الولايات المتحدة، إذ يمكن لإيران "تنشيط" أساطيلها بالوكالة في شرق البحر المتوسط ​​والبحر الأحمر من دون تنفيذ هجوم كبير ضد السفن الحربية الأميركية، لكنها ستعيث فسادا في الشحن التجاري أو سفن المساعدة التابعة للبحرية الأميركية، والأهم من ذلك أن كلا من قناة السويس ومضيق باب المندب يمكن أن يتعرضا للخطر من إيران ووكلائها.

وأضاف أنه إذا نفذت إيران هذه الإستراتيجية بالوكالة، فهذا يعني أن البحرية الأميركية ستضطر إلى إنفاق مواردها المحدودة لحماية الشحن في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​وفي المحيط الهندي. وقد يؤدي اندلاع "حرب الناقلات الثانية" إلى تقويض الجهود الأمنية الأميركية في مناطق أكثر حيوية مثل غرب المحيط الهادي، واستنزاف موارد البحرية الأميركية المتفوقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: البحریة الأمیرکیة هذه الإستراتیجیة البحر الأحمر الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

المفوضة الأوروبية: مصر شريك لا غنى عنه في حل النزاعات والاستقرار الإقليمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، المفوضة المسؤولة عن ملف البحر المتوسط، دوبرافكا سويتسا، التي أكدت التزام الاتحاد الأوروبي بدعم مصر في هذه المرحلة الحاسمة، مشددة على دورها المحوري كحجر زاوية للاستقرار والأمن والتعاون الاقتصادي في المنطقة. 

كما استعرضت رؤيتها بشأن وثيقة ميثاق البحر المتوسط الجديد.

وخلال زيارتها، التقت المفوضة الأوروبية ، رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبد العاطي، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي رانيا المشاط. 

كما وقّعت مع الحكومة المصرية اتفاقًا على قرض بقيمة 90 مليون يورو لدعم مشروع "صمود مصر الغذائي"، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي.

وأكدت المفوضة سويتسا على العلاقات القوية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، مشيرةً إلى تنفيذ الشراكة الاستراتيجية في مجالات عدة، منها التعاون الاقتصادي والتجاري، والاستثمار، والطاقة، والتكنولوجيا النظيفة، والتكيف المناخي، والأمن، وتنظيم الهجرة.

 كما شددت على أن القيم المشتركة والاهتمامات الاستراتيجية تشكل أساس هذا التعاون.

وناقشت المفوضة الأوروبية جهود مصر لتعزيز الإصلاحات السياسية والاقتصادية بالتنسيق مع حزمة المساعدة المالية الكلية المقدمة من الاتحاد الأوروبي، وأكدت استمرار العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، لا سيما في مجالات التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة.

 وأشارت إلى أن الإصلاحات الاقتصادية في مصر تمهّد الطريق لاستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو حتى عام 2027 ضمن الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة، مما يسهم في دعم الاقتصاد المصري وتنشيط الاستثمارات في القطاعين العام والخاص.

كما أكدت المفوضة الأوروبية على الدور المصري المحوري في تحقيق الاستقرار الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بغزة وسوريا والشرق الأوسط، إضافةً إلى تعزيز التعاون مع دول الخليج.

 وشددت على أن مصر تلعب دورًا أساسيًا في الوساطة لحل النزاعات والاستجابة للأزمات، مما يجعلها شريكًا لا غنى عنه للاتحاد الأوروبي.

وفي إطار صياغة ميثاق البحر المتوسط الجديد، استمعت سويتسا إلى وجهات النظر المصرية لضمان أن يكون الميثاق قادرًا على تقديم فوائد مستدامة للمنطقة. 

وتأتي هذه الزيارة ضمن سلسلة مشاورات رفيعة المستوى تجريها المفوضة الأوروبية لإعداد الوثيقة بالتعاون مع شركاء المتوسط والدول الأعضاء، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار ودعم العلاقات الاقتصادية والشعبية.

وفي تعليقها على الزيارة، قالت المفوضة دوبرافكا سويتسا، “سعيدة بزيارة مصر في بداية تولي مهامي، فهي شريك استراتيجي أساسي للاتحاد الأوروبي ولها دور حاسم في استقرار المنطقة، ولقد ارتقت علاقاتنا خلال العام الماضي إلى آفاق جديدة، وسنظل ملتزمين بدعم مصر اقتصاديًا وتعزيز جدول إصلاحاتها الطموح. البحر المتوسط ليس مجرد فضاء جغرافي، بل هو ثقافة وجسر اقتصادي بين القارات الثلاث، ومصر هي قلب هذا الملتقى النابض”. 

وأضافت سويتسا، من خلال تعزيز شراكتنا، يمكننا تحويل التحديات إلى فرص تدعم الرخاء والاستقرار لكل من مصر والاتحاد الأوروبي. لقد حققنا إنجازات مهمة، من اتفاقيات استثمارية تاريخية إلى مساعدات مالية تدعم التحديث الاقتصادي، ونتطلع لصياغة رؤية مشتركة مع مصر في إطار ميثاق البحر المتوسط الجديد لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة."

مقالات مشابهة

  • شاهد | البحرية الأمريكية: معركة البحر الأحمر غير مسبوقة وكلفها باهظة
  • سياسي إرتيري: اليمن كسر الهيمنة الأمريكية وأثبت قدرة الشعوب على المواجهة
  • البحرية الأمريكية: معركة البحر الأحمر غير مسبوقة وكلفها باهظة
  • إعادة إطلاق السلحفاة "عز" إلى البحر المتوسط في بورسعيد.. صور
  • إيران: الأمن في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتم داخلياً
  • المفوضة الأوروبية: مصر شريك لا غنى عنه في حل النزاعات والاستقرار الإقليمي
  • سياسي إريتري: العمليات اليمنية بددت الهيمنة الأمريكية البحرية
  • صحيفة روسية: هناك إستراتيجية أميركية لإخراج موسكو من البحر الأسود
  • موقع أميركي: تحول مثير في حرب أوكرانيا من ستارلينك إلى ستارشيلد
  • مصرع عامل دهسا أسفل لودر بموقع تحت الإنشاء بالواحات البحرية