موقع النيلين:
2025-02-24@02:16:44 GMT

الدلالات القومية للدراما الرمضانية

تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT


في كل رمضان، تتابع الجماهير العربية الأعمال التلفزيونية المتنوعة، خاصة الدرامية منها، الأكثر تأثيرا بما تلتقي به مع تأثير القصص والروايات.

البداية كانت مع الدراما السينمائية التي عرضت في دور السينما التي تأسست في مراكز المدن العربية في أوائل القرن العشرين، ثم انتقلت إلى المدن والبلدات الأصغر، حتى إذا ما وصلنا حقبتي الستينيات والسبعينيات حتى وجدنا انتشارها كبيرا، في عرض الأفلام العربية والأجنبية.

أما الأفلام العربية، فكانت مصرية بشكل عام، شاركت بعض الدول كلبنان وسوريا والعراق، ولكن ظل النصيب الأكبر لمصر. وما يهم هنا هو أن السينما شكلت عاملا مؤثرا وجدانيا ونفسيا وفكريا قرّبت أبناء وبنات الأمة العربية.

فيما بعد، انتشرت الإذاعات حتى لم تظل عاصمة عربية إلا وامتلكت دار إذاعة، وقد كان لما سمي فيما بعد، بوسائل التواصل الجماهيري، دور وطني وقومي، سياسيا واجتماعيا وثقافيا وفنيا، خصوصا في الغناء والتمثيليات الإذاعية، والتي تم إنتاجها من الكثير من الدول العربية. ويمكن هنا تناول أم كلثوم كظاهرة فنية جذبت الملايين، إضافة إلى خطابات الوحدة والحرية.

ثم كان التلفزيون، والذي لم تأت بداية السبعينيات، حتى انتشرت التلفزيونات العربية، والتي بسبب الصورة والصوت سحرت الجماهير في كل مكان.

وهنا، نعود إلى ما بدأنا به، من إقبال الشعوب العربية على تكثيف مشاهدة التلفزيون في نهارات وليالي رمضان، مما شكل ما يشبه الوحدة الشعورية والفكرية لهذه الشعوب.

وبالطبع كان للدراما في مصر الدور الرئيسي؛ وبتتبع الدراما التلفزيونية من نمو وازدهار الدراما السورية والعراقية فالخليجية، والأردنية خاصة فيما تميزت به من الدراما البدوية، والمغاربية، بخصوصيتها، ثم انتشار ظاهرة الدراما التي تجمع شرائح سكانية عربية متنوعة، خاصة في الدراما الخليجية، فإننا إزاء ظاهرة عربية، تتعلق بتأثير عميق للدراما على الشعوب العربية.

يأتي الاهتمام بالدراما الرمضانية المصرية بشكل خاص، في جذور التحليل، في سياق ما نشأ في مصر من عادات وتقاليد رمضانية وغيرها اجتماعية وفنية زمن حكم الفاطميين، الذين اهتموا بهذه الجوانب الشعورية، والاقتصادية أيضا. وهكذا تم توظيف التلفزيون في حقبتي الستينيات والسبعينيات وما بعدهما، ليكون وسيلة إمتاع وترفيه وتسلية، وتوعية. وصار الإنتاج الرمضاني مميزا واكتسب قيمة اقتصادية حينما تمّ تسويقه ليعرض في التلفزيونات العربية الشقيقة. وكنا نسير في الوطن الواحد، والأقطار العربية، فنرى اجتماع الأسر والجيران على المشاهدة. وخلال ذلك راحت الدراما تقرّب الشعوب من بعضها بعضا نفسيا واجتماعيا ووطنيا وقوميا، خاصة مع الدراما التاريخية والعربية، خاصة تلك التي تعلقت بالصراع مع الاستعمار.

لقد كان تأثير الدراما في التوعية وتقريب المواطنين من قضاياهم المتنوعة، أكثر أثرا من المواعظ والخطابات، ونشرات الأخبار، وظل ذلك بشكل ظاهر حتى بداية الفتنة العربية أوائل التسعينيات، حيث بدأت التحولات القومية سياسيا، والتي أثرت سلبا على الشعوب. ولكن استمرت الدراما بشكل متفاوت، لكن ظلت تزدهر في شهر رمضان، ولعلنا نتذكر كيف كانت الشوارع العربية تخف من المواطنين، في فترة بث المسلسلات المشهورة، مثل ليالي الحلمية ورأفت الهجان.

عودا على بدء، فإننا في ظل ما نعانيه على المستوى الرسمي، لنجد أنفسنا مؤكدين على دور الفنون والثقافة في الوحدة، ولعل تطوير الدراما العربية، باتجاه تعميق تناول قضايانا الاجتماعية والوطنية والقومية، سيقوي الوحدة الشعورية والفكرية خاصة لدى الأجيال الجديدة.

عمقت الحرب الظالمة على أهل غزة وبيوتهم وشجرهم سؤال التضامن العربي، وراحت تعيد السؤال القديم الجديد عن الوحدة العربية، التي ما زالت تداعب أحلام الملايين، بالرغم من كل عوامل الفرقة والتشتت.

من المهم على المستوى القطري، بث مسلسلات تجمع ما تفرّق داخل الأقطار الواحدة، كذلك بث مسلسلات تجمع ما نفرّق بين الأقطار، بمراعاة التاريخ والجغرافيا، من باب الصدق الفني، في بناء النص، حيث ثمة خصوصيات مشرقية ومغاربية، وشامية ومصرية وخليجية وهكذا.

هو دور ورسالة، وهو مجال استثماري ناجح؛ فإن إنتاج مسلسل عربيّ سيجعل الفضائيات تقبل عليه، وبالرغم مما نعاني من فرقة، إلا أن العمل الفني يثبت نفسه، ويفرض حضوره على الفضائيات.

إن تأمل فعل الدراما، في سياق نشر الثقافة والفنون، سيعيد اللحمة الشعورية والفكرية لنا، بعيدا عن الأعمال المسطحة والفارغة من المضمون الحقيقي، تلك التي وجدت من يشجعها ويستثمر بها، إما جهلا من المستثمر أو تخريبا متعمدا.

علينا استثمار ساعات شعوبنا التي تلتئم الأسر فيها في رمضان، لجمعها على مشاعر نبيلة، وأفكار مستنيرة، في الوقت الذي يمكن بالطبع توعية الجماهير بما يبث فيها من غث وسمين، باتجاه زيادة إقبال الناس على الأعمال الجيدة لا الهابطة، مما يضطر المستثمر، خشية على الربح، من اختيار ما هو أفضل دراميا.

استعادة الجمهور العربي باتجاه نفسه، وقضاياه، ليكون له دور، ومشاعر تضامن حقيقية مع الذات والمجموع، سيعني الكثير في استئناف العمل العربي المشترك، فيما هو ممكن من خلال الفن والثقافة.

تفرقة الأمة ليس أمرا جاء بالصدفة، بل هو استمرار لمبدأ «فرّق تسّد»، والذي لم نجن منه غير الخسارات والانتهاكات، وعليه، فإن الكلمة المكتوبة، والتي يتم إنتاجها دراميا، هي مسؤولية الكتاب والأدباء وكتاب الأعمال التلفزيونية والإذاعية، دون الدخول في اصطدامات ونزاعات مع أصحاب المال ورجال السياسة المتنفذين، كوننا نسعى إلى نشر ما هو مجمع عليه إنسانيا وقوميا معا، بالتركيز على القضايا الحقيقية التي نحياها.

إن إنتاج أعمال تلفزيونية ذكية في جذب الجمهور بعيدا عن الثقل والمواعظ والخطابة، سيسهم في التلقي العميق لهذا الجمهور على اختلاف مراحله العمرية، بمراعاة ضمان الإمتاع الفني والوعي معا؛ لأن الجمهور حينما سيختار مسلسلا لمتابعته سيتابعه لجوانبه الإنسانية، والتي من الضرورة تضمينها التشويق والكوميديا.

وأختم بما يدور اليوم بين من هم في الأربعينيات والخمسينيات في العمر، من المواطنين داخل البلد الواحد، أو بين الأقطار العربية، وبين الفئات فيما هو دون ذلك، للمقارنة بين عمق الاهتمام والتضامن والوعي. وبالرغم ما فعلته وسائل التواصل من تأثيرات إيجابية في هذه الحرب الظالمة، إلا أن أثر الدراما هو كأثر الكتب، أكثر عمقا وتأثيرا وزمنا.

تحسين يقين – كاتب فلسطيني – صحيفة عمان

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

نهيان بن مبارك: الرياضة توحد الشعوب وتعزز التسامح

دبي (وام)

أخبار ذات صلة «الإمارات الوطنية للفنون القتالية المختلطة» تُتوج أبطالها «مكتبة محمد بن راشد» تنظّم ورشة حول الخطابة

شهد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس الإمارات للكريكيت، انطلاق مباراة الكريكيت بين منتخبي الهند وباكستان، ضمن منافسات كأس أبطال الكريكيت الدولية 2025 التي أقيمت على استاد دبي الدولي للكريكيت، بحضور جماهيري حاشد.
وقبيل انطلاق المباراة، ألقى معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان كلمة موجهة إلى الجماهير الحاضرة في الاستاد والمشاهدين من مختلف أنحاء العالم، حيث قال «نشهد مواجهة رياضية رائعة بين فريقين كبيرين، الهند وباكستان، ضمن بطولة كأس أبطال الكريكيت الدولية 2025 هذه البطولة ليست مجرد منافسة رياضية، بل حدث عالمي يجمع نخبة اللاعبين، ويعكس روح التنافس والمهارة العالية، أهنئ جميع الفرق المشاركة على أدائهم المتميز، وأتقدم بالشكر الجزيل إلى جميع المنظمين والمسؤولين الذين ساهموا في إنجاح هذا الحدث الرياضي الكبير».
وأضاف معاليه «إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بالجماهير العاشقة للكريكيت، سواء الحاضرة في المدرجات، أو التي تتابع البطولة عبر الشاشات من مختلف أنحاء العالم، كما نوجه تحية خاصة إلى جميع الشعوب الصديقة المشاركة في هذه البطولة، والتي تربطها علاقات وثيقة بدولة الإمارات».
وختم معاليه كلمته قائلاً «من قلب هذا الاستاد المليء بالحماس والشغف، نرى كيف توحد الرياضة الشعوب، وتعزز أواصر الصداقة والتسامح بين المجتمعات، نتمنى التوفيق لجميع الفرق، ونتطلع إلى مباريات مليئة بالإثارة والمنافسة القوية». وشهدت المباراة أجواءً حماسية منذ لحظاتها الأولى، حيث تألق اللاعبون بأداء استثنائي، وسط تشجيع جماهيري صاخب.
وساهمت التقنيات الحديثة المستخدمة في البث المباشر، وشاشات العرض العملاقة، والتفاعل الجماهيري عبر المنصات الرقمية في تعزيز تجربة المشاهدين حول العالم، مما جعل المباراة واحدة من أكثر المواجهات متابعة وإثارة في تاريخ البطولة.
يُذكر أن كأس أبطال الكريكيت الدولية 2025 تعد من أبرز البطولات العالمية، حيث يجمع نخبة من أقوى الفرق المتنافسة، وسط تنظيم احترافي يعكس قدرة الإمارات على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى.
 ويأتي تنظيم البطولة تأكيداً على الدور الريادي الذي تلعبه الإمارات في تعزيز مكانتها عاصمة عالمية للرياضة، حيث أصبحت وجهة مفضلة لاستضافة الفعاليات الرياضية الدولية بفضل بنيتها التحتية المتطورة، ومرافقها الرياضية الحديثة، وخبرتها الواسعة في إدارة البطولات الكبرى.
وتمثل البطولة جسراً رياضياً وثقافياً يربط الشعوب من مختلف أنحاء العالم، حيث تستقطب جماهير من جميع القارات، مما يوفر منصة مثالية لتعزيز الروابط بين المجتمعات المختلفة من خلال الرياضة.
 وإلى جانب المنافسة القوية، تشهد البطولة تنظيم فعاليات ثقافية وترفيهية تعكس التنوع الثقافي والتراث الغني الذي تحتضنه الإمارات، ما يرسخ مكانتها ليس فقط وجهة رياضية، بل أيضاً حاضنة عالمية للتنوع والتعايش.
 ومع تواصل منافسات البطولة، يستعد عشاق الكريكيت لمزيد من اللحظات المشوقة والمباريات الحاسمة بين أفضل الفرق العالمية، ومن المتوقع أن تشهد الجولات القادمة منافسة قوية وأداءً استثنائياً من الفرق المتأهلة، مما يزيد من إثارة البطولة وتشويق متابعيها حول العالم.

مقالات مشابهة

  • نهيان بن مبارك: الرياضة توحد الشعوب وتعزز التسامح
  • دينا فؤاد: شكرا للشركة المتحدة على الجرعة المكثفة من الدراما الرمضانية
  • من أيتام «ولاد الشمس».. تعرف على مسيرة معتز هشام فى الدراما
  • اختلاف الحُب بين الشعوب
  • محمد هنيدي يكشف سبب عودتة للدراما بمسلسل شهادة معامله أطفال
  • «تحيا الوحدة العربية».. محمد إمام يعلق على صورة الرئيس السيسي في اجتماع الرياض
  • محمد إمام: "اتحادنا محدش يقف قدامه.. تحيا الوحدة العربية"
  • ذكرى يوم تأسيس المملكة العربية السعودية
  • الجمهورية العربية المتحدة .. عندما توحدت مصر وسوريا تحت راية القومية العربية
  • تحيا الوحدة العربية .. محمد إمام يعلق على صورة السيسي والعاهل الأردني