ما مدى جدية الرأي الذي يقول بأن التعليم في ليبيا بات خارج مؤشر الجودة الدولي، وهل بالفعل باتت العملية التعليمة في ليبيا برمتها تحتاج إلى مراجعة شاملة، إذا أردنا تحقيق التنمية بالتعليم وبناء جيل قادر على إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية والسياسية والأمنية، ومن أين علينا أن نبدأ بإصلاح التعليم، وما هي الروافع التي نملكها للنهوض بقطاع إذا وقع وقعنا جميعا وإذا نهض نهضنا جميعا.

هذه الأسئلة تفرضها المؤشرات المتوفرة عن قطاع التعليم في ليبيا، والتي دفعت بالمنتدى الاقتصادي العالمي للقول بأن ليبيا باتت خارج التصنيف الدولي لـ«جودة التعليم».

ويعتمد مؤشر جودة التعليم الصادر عن منتدى دافوس على 12 معياراً لتصنيف الدول، من بينها ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠيمين الابتدائي وﺍﻟﺠﺎﻣﻌي والتكوين المهني وكفاءة سوق ﺍﻟﻌﻤﻞ وﺍﻟﺠﺎﻫﺰﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜنوﻟﻮﺟﻴﺔ وغيرها من المعايير، وبناء عليها قرر مصنفو دافوس أن ليبيا غير مؤهلة لدخول التصنيف، فما هي حقيقة الحال يا ترى وهل تداركت المؤسسات الحكومة الخلل الحاصل.

وتشير الإحصاءات الصادرة عن وزارة التعليم الليبية السنة الماضية إلى أن عدد طلاب المرحلة الأساسية والثانوية في البلاد، يبلغ مليوناً و794 ألفاً و271 طالباً وطالبة، منهم مليون و544 ألفاً و920 يدرسون في المرحلة الأساسية، و249 ألفاً و351 في مرحلة التعليم الثانوي، أما عدد المؤسسات التعليمية فيبلغ 4700.

لا نحتاج لكثير من البحث لنعرف أن ضعف التكوين العلمي والتكنولوجي للكوادر التعليمية في ليبيا يعتبر عائقا أساسيا أمام نهوض العملية التعليمية، فالمعلم الليبي مازال يتخرج من معاهد وكليات تعتمد الكم النظري، ولم تدخل أساليب حديثة تركز على بناء شخصية المعلم وتعزيز قدرته على الحوار والبحث وإيصال المعلومة إلى المتعلم، كما أغفل الجانب التقني الذي بات عنصرا حيويا في المدارس الحديثة، فوسائل التعليم الحديث القائمة على تقنيات الاتصال والمعلومات مازالت غريبة عن معظم مدارس ليبيا ولذلك فإننا سنبقى بعيدين عن معايير التصنيف الدولي إلى زمن ليس بقريب.

وبحسب التقارير التي تصدرها المنظمات المعنية بالتعليم والمؤسسات الرقابية، فإن قطاع التعليم من أكثر القطاعات التي تضررت، خصوصاً في الفترة الزمنية الممتدة بعد 2014، إذ اندلعت الصراعات المسلحة بين الأطراف السياسية المختلفة في البلاد، وتعرضت أعداد كبيرة من المدارس والمعاهد والكليات لأضرار مباشرة لوجودها في مواقع الصراعات المسلحة، وانقطاع سبل الوصول إليها.

من جانب آخر، يتساءل المتابعون لوضع التعليم في ليبيا، متى سيتم تجهيز البنية التحتية في المدارس الليبية بالمخابر العلمية واللغوية والتكنولوجية، وهل سنبقى نتعلم على السبورة الخضراء، بينما باتت مدارس العالم تتعامل بالأجهزة الذكية والألواح الرقمية وتتوفر فيها بنية قوية من المعدات التقنية، التي تتناسب مع الأدوات التي يستخدمها الطلاب في حياتهم العامة، وهنا أيضا تبدو مدارس ليبيا بعيدة عن التصنيف العالمي.

أمر آخر مهم جدا، ألا يلاحظ القائمون على إعداد المناهج التربوية في ليبيا، أننا مازلنا نركز على إعداد مناهج تلقينية مقالية بعيدة عن مناهج البحث و التعليم المعاصرة، ولماذا نصر على حشو الكتب بكم هائل من المعلومات والبيانات التي تنتمي لعقود مضت، دون الانتباه إلى التغيرات الجوهرية التي طرأت على نوعية العلوم التي يتداولها الناس في عالمنا الحديث، وهل نكتفي بحفظ الشعر و التواريخ المشرفة، وماذا عن تقنيات المعارف التي أوصلت الآخرين إلى المريخ بينما نحن مازلنا نخطئ في تحديد الاتجاهات على الخارطة الورقية المعلقة في صفوفنا منذ عقود.

وحتى لا يقول أحد أننا نتجنى على التعليم الليبي، فلابد من الإشارة إلى أن البناء الأخلاقي للطلاب والتكوين القيمي يعتبر عنصرا مهما في المناهج الليبية، لكنه يفتقر إلى التكوين المعرفي الذي يحول المتعلم من مجرد متلق للقيم إلى ناشر لها بعلمه وخبرته.

ولا يخفى على الليبيين أن تأخر طباعة الكتاب المدرسي، ونقص الكوادر التعليمية وتراجع مستوى الدخل بالنسبة للمدرسيين، والتفكك الأسري الذي حصل بسبب الحرب، وغياب المعيل لكثير من الطلاب، واضطرار الأولاد في سن التعليم للعمل، كلها أسباب أدت إلى تراجع مستوى التعليم، لكن هل نقف أمام الأسباب ونندب حظنا، أم أن من مهامنا كمواطنين ومؤسسات معنية أن نجد حلولا حتى لا ندخل في عقد من التراجع المعرفي ندفع ثمنه عقودا من التخلف.

ويبقى المستفيد الأكبر من أزمات التعليم العام في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، القطاع الخاص أو التعليم الخاص، وعلى مدى السنوات الماضية انتشرت المدارس الخاصة في كل أرجاء البلاد.

ويبلغ متوسط الرسوم السنوية في أية مدرسة خاصة ليبية نحو 1000 دينار ليبي (200 دولار)، في ظل متوسط للمرتبات الشهرية حوالى ألفي دينار فقط، مما يثقل كاهل كثير من العائلات ويستنزف مدخراتهم، ويجعل كثيراً من العائلات الليبية مكرهة على تحمل سوء التعليم الحكومي، بسبب عدم القدرة على تحمل النفقات الكبيرة للتعليم الخاص.

وختاما وبحسب الخبراء والمختصين فإن من الخطوات الأساسية التي ينبغي أن تتخذ لإصلاح التعليم في ليبيا، تحديد فلسفة هذا التعليم وأهدافه التربوية العامة والخاصة وربط هذه الأهداف بوسائل تحقيقها.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: التعليم التعليم في ليبيا الطلاب المدارس المستقبل قطاع التعليم وزارة التربية والتعليم التعلیم فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

السيرة الذاتية للدكتور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم

يتمتع الدكتور محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بسجل حافل يمتد لثلاثين عاماً في إنتاج وتقديم وإدارة تنفيذ الحلول المبتكرة في مجال التعليم في مصر والعالم، متحمس للغاية ولديه قدرة مثبتة على تطوير الأفراد وتعزيز جميع جوانب العمل، قائد متمرس وناجح.  

متمرس في تحويل كل فرصة إلى نجاح وقيادة الأرباح والنمو. يتمتع بشبكة علاقات جيدة، حيث قام بزيارة ما يقرب من 150 مدرسة في جميع أنحاء العالم، ونجح بشكل كبير في تنفيذ التحسينات التعليمية وتحديد الاتجاه المؤسسي وتحقيق الأهداف.

 

وهو يواصل القيام بجولات في مدارس في الدنمارك وألمانيا والولايات المتحدة والصين وإسبانيا وغيرها الكثير لضمان مواكبته لآخر التطورات في مجاله وإطلاعه على أحدث التطورات في مجاله.

 

يعمل في مجال التعليم منذ عام 1999، وقد قاد أكثر من 3500 معلم وإداري من أجل الوصول إلى أعلى مستوى تعليمي يمكن تقديمه للطلاب ضمن مجموعة مدارس الدكتورة نرمين إسماعيل.

 

المؤهلات الأكاديمية

حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة كارديف سيتي في الولايات المتحدة الأمريكية، 2014، في إدارة التعليم وتطويره. كان موضوع رسالته تبني المبادرة في هيكلة أنظمة التعليم في الدول النامية بالاعتماد على نظريات وأساليب التعليم الرقمي من جهة وعلى الطالب كعامل للتعليم من جهة أخرى؛ وبالتالي تحقيق التوازن كحل بديل في ظل العصر الرقمي الذي نعيشه في جميع أنحاء العالم.

 

حاصل على درجة الماجستير في التطوير التربوي من جامعة لورانس في الولايات المتحدة الأمريكية، 2012، وكان موضوع بحثه يتناول الإدارة الفعالة للمنظمات التعليمية في العصر الرقمي.

 

حاصل على دورة متقدمة في جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية، 2013، في مجال التربية القيادية حول "القيادة الذاتية وقيادة الآخرين". وهنا اكتسب مهارات تسخير وتركيز الدافع الذاتي لمحاكاة ذلك داخل الفرق التي يديرها، وبالتالي زيادة الإنتاجية وتحقيق الأهداف المحددة.

 

حضر العديد من ورش العمل في جامعة جورج ميسون في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عامي 2011 و2012 حول "تقدير المشاريع وتقييمها" و"مقاييس المشاريع وضوابطها" و"إدارة الأعمال والقيادة". وهنا اكتسب مهارات تقييم المخاطر، وقابلية القياس من خلال تحليل البيانات، والقيادة الفعالة في إطار الضوابط والتوازنات.

 

نظّم واستضاف العديد من المؤتمرات الدولية المتعلقة بإدارة التعليم وتطويره لصالح برامج "إدارة التعليم وتطويره" و"كوغنيا" (AdvancEd سابقاً) والبكالوريا الدولية والمواطنة العالمية.

 

الخبرة العلمية

قيادة فريق من ستة خبراء تعليم مصريين كجزء من لجنة تضم خبراء من مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية لتقييم مدارس مقاطعة أورانج التي تعد واحدة من أكبر 10 مقاطعات أمريكية. كانت هذه هي المرة الأولى التي يعمل فيها خبراء غير أمريكيين كعنصر في اعتماد المدارس داخل الولايات المتحدة الأمريكية (سبتمبر 2015)

 

أنشأ 16 مدرسة تعمل في أنظمة تعليمية مختلفة منذ عام 1999 وتقدم خدمات التعليم الدولي مثل الشهادات الأمريكية والشهادات البريطانية (IG) والبكالوريا الدولية بالإضافة إلى نظام التعليم الوطني باللغتين الإنجليزية والفرنسية.

 

أنشأ وطور شركة "عشتار لتكنولوجيا التعليم" التي أسست منصة التعليم الإلكتروني وكذلك تطبيق الهاتف المحمول الذي يستخدمه أكثر من 1.5 مليون طالب وطالبة محلياً وخارجياً.

 

الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجلس إدارة شركة "أدفانس التعليمية" التي تعمل في مجال إنشاء وتطوير إدارة المنشآت التعليمية في مصر والشرق الأوسط منذ عام 2021.

 

عضو مجلس إدارة شركة فيرجينيا للحلول التعليمية، وهي شركة مقرها الولايات المتحدة الأمريكية تعمل في مجال إدارة تطوير التعليم في المجتمع الدولي منذ عام 2010.

 

عضو مجلس إدارة مجموعة مصر 2000 التي تعمل في مجال إنشاء وإدارة وتطوير المنشآت التعليمية في مصر والشرق الأوسط منذ عام 2003.

 

الرئيس التنفيذي لمجموعة مدارس NIS، التي تضم مدارس اللغات الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى المدارس الأمريكية والبريطانية ومدارس البكالوريا الدولية.

 

عضو مجلس إدارة شركة المستقبل الدولية التي تعمل في مجال إنشاء وإدارة وتطوير المنشآت التعليمية منذ عام 1995.

 

 

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية: ماضون قدماً بجهود إقرار الدستور وإجراء الانتخابات الليبية
  • السيرة الذاتية للدكتور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم
  • أبو الغيط يستقبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية
  • أيمن عاشور: جميع برامج التعليم مبنية على احتياجات سوق العمل ووظائف المستقبل
  • ما الاختلافات بين المحافظين والعمال؟ وكيف تؤثر على الناخب البريطاني؟
  • اليسير: مع مرور الوقت سيجد الليبيون أنفسهم أقلية في بلادهم أمام موجات المهاجرين
  • رسائل أولياء الأمور لوزير التعليم.. صعوبة المناهج و5 طلبات للتطوير
  • ما هو رجيم الصيام المتقطع.. وكيف يساعد في خسارة الوزن؟
  • بدء التحويلات بمدارس القاهرة اليوم
  • اليوم.. فتح باب التحويلات بين المدارس وحتى منتصف أغسطس القادم