ترجمة: أحمد شافعي -

بوسع مبادرة الرئيس بايدن المتمثلة في قيام الجيش الأمريكي بإقامة ميناء مؤقت في غزة لتوصيل إمدادات الإغاثة، والتي تم الإعلان عنها في السابع من مارس خلال خطاب حالة الاتحاد السنوي، أن تسهم في نهاية المطاف بحل مشكلة نقص الغذاء في القطاع. لكنها في الأساس تجتنب حالة الطوارئ الملحة التي تتسم بها المشكلة وتؤخر المواجهة المختمرة بين إدارة بايدن وحكومة نتانياهو بشأن اللاجئين الفلسطينيين في غزة.

لقد أكد المسؤولون الأمريكيون قولهم: «إننا لا ننتظر الإسرائيليين»، وبهذا المعنى فإن الولايات المتحدة تنفصل عن إسرائيل من خلال عدم طلبها الإذن منها. ومع ذلك، هناك طريقة أخرى للنظر إلى الأمر باعتبار أنه يجتنب ضرورة قيام الولايات المتحدة بإرغام إسرائيل على السماح بدخول كميات أكبر من المساعدات إلى غزة عبر المعابر الحدودية القائمة. ومن شأن ذلك أن يكون حلا أكثر فائدة نظرا للحاجة الملحة ولحقيقة أن الأمر سوف يستغرق ما يقرب من شهرين حتى يتم إعداد المنفذ المؤقت وبدء العمل. غير أنه في ضوء عدم استجابة نتانياهو للطلبات المتكررة من بايدن بزيادة الكميات بما يسمح بتوافرها بشكل مستدام، فمن المحتمل أن يتطلب ذلك من بايدن التهديد ببعض الشروط على الإمدادات الأمريكية إلى إسرائيل، وهو ما لا يزال غير راغب في القيام به.

فضلا عن أن مشروع الميناء نفسه محفوف بمشاكل محتملة. فقد أكدت إدارة بايدن أنه لن يذهب أي من العسكريين الأمريكيين إلى الساحل في غزة لتفريغ أو توصيل المساعدات أو لتوفير الأمن. ومع ذلك، فإن وجودهم في المياه شديدة القرب من ساحل غزة قد يضعهم في نطاق أسلحة حماس. كما تردد أن موظفين تابعين لمقاولين أمريكيين يمكن أن يشاركوا في تنظيم توزيع الإمدادات بمجرد وصولها إلى الرصيف، وهو ما قد يتطلب منهم النزول إلى الساحل. وتردد كذلك أن العملية سوف تعتمد على القوات الإسرائيلية في توفير الأمن على الشاطئ، بينما يقوم الفلسطينيون بتوزيع المساعدات ونقلها إلى المستفيدين.

ويثير هذا مشاكل محتملة. ففي الآونة الأخيرة، انتهى أمر قافلة مساعدات على متن شاحنات جاءت إلى غزة من الشمال، برفقة قوات إسرائيلية، إلى إثارة اشتباك لقي فيه أكثر من مائة شخص مصرعهم عندما هرع الفلسطينيون اليائسون إلى الشاحنات. بالإضافة إلى ذلك، وفي ضوء المماطلة الواضحة من جانب حكومة نتانياهو بشأن تسهيل زيادة كميات الإمدادات القادمة عن طريق البر، هل يمكننا أن نكون على يقين من أن إسرائيل سوف تسهل زيادة الإمدادات الواردة؟

يرتبط هذا السؤال ارتباطا حتميا برغبة نتانياهو المعلنة في شن هجوم عسكري على رفح، حيث توجد قوات كبيرة تابعة لحماس ويحتمل أن توجد أيضا قيادة حماس. فلقد قال نتانياهو: الهجوم سوف يمضي قدما، على الرغم من قول الرئيس بايدن: القيام بذلك دونما خطة قابلة للتطبيق لنقل أكثر من مليون لاجئ فلسطيني متكدسين في المدينة أمر «غير مقبول بالنسبة للولايات المتحدة». ويظل من غير الواضح إلى حد كبير ما إذا كانت إدارة بايدن ستكون مستعدة في نهاية المطاف لفرض أي عقوبات جوهرية على إسرائيل -في ما يتعلق بالإمدادات العسكرية أو غير ذلك- حيث تتجاهل إسرائيل مخاوف الولايات المتحدة بشأن احتمال حدوث كارثة إنسانية وربما إجبار اللاجئين على دخول مصر نتيجة هجوم رفح. وقد صرح العديد من المسؤولين الأمريكيين لصحيفة بوليتيكو أمس أن الولايات المتحدة ستفكر في فرض شروط على المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل في حالة تحدي إسرائيل للبيت الأبيض في مسألة رفح. غير أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان نفى بشدة صباح أمس وجود أي «خطوط حمراء». إذ قال سوليفان: «الرئيس لم يصدر أي تصريحات أو إعلانات» في مقابلة نهاية الأسبوع الماضي.

ويبدو أن هذا النمط يكرر السلوك الأمريكي منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، إذ تعرب إدارة بايدن عن مخاوف، وتقدم نصائح وطلبات، ولكنها تتجنب أي تهديدات بعواقب ملموسة في حال تجاهل إسرائيل لرغباتها. وفي هذا السياق، تبدو مبادرة ميناء غزة وكأنها محاولة لمنع وصول الخلافات السياسية مع إسرائيل إلى ذروتها. فالولايات المتحدة الآن «تفعل شيئا ما» من أجل الفلسطينيين الجياع سيكون له أثر بعد شهرين، ولكن هذا لن يحدث إلا إذا اختارت إسرائيل تسهيل ذلك عندما تصل المعدات الأمريكية بعد أن امتنعت من قبل عن تسهيل الإمدادات الكافية عن طريق البر، برغم مناشدات بايدن المتكررة.

وحتى مع احتمال حدوث كارثة إنسانية بادية في الأفق في رفح، وقد يكون من شأنها أن تلحق أضرارا جسيمة بالمصالح الأمريكية في المنطقة بل وأن تؤدي احتمالا إلى حرب أوسع نطاقا، فإن إدارة بايدن تمتنع عن أي إشارة إلى أن لديها أي «خطوط حمراء». ومثلما أشار نتانياهو في واقعة الميكروفون المفتوح سيئة السمعة في عام 2001، فإن «أمريكا شيء يسهل تحريكه». وإلى أن تجد إدارة بايدن شجاعتها وتتوقف عن تجنب المواجهة، يمكننا أن نتوقع من نتانياهو أن يستمر في تجاهل الولايات المتحدة ومصالحها الوطنية (الأمريكية).

جريج بريدي زميل أول لشؤون الشرق الأوسط في مركز ناشونال إنتريست.

عن ناشونال إنتريست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة إدارة بایدن فی غزة

إقرأ أيضاً:

رويترز: الولايات المتحدة أرسلت لـ”إسرائيل” آلاف القنابل شديدة التدمير منذ بداية الحرب على غزة

الجديد برس:

أفادت وكالة “رويترز”، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، بأن إدارة الرئيس جو بايدن أرسلت إلى “إسرائيل” أعداداً كبيرة من الذخائر، بما في ذلك أكثر من 10 آلاف قنبلة شديدة التدمير تزن 2000 رطل، وآلاف صواريخ “هيلفاير”، منذ بداية الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

وفي التفاصيل، أشار المسؤولون الأمريكيون المطلعون على قائمة محدثة لشحنات الأسلحة، إلى أن واشنطن، أرسلت إلى “إسرائيل”، بين بداية الحرب في أكتوبر الماضي والأيام الأخيرة، ما لا يقل عن 14 ألف قنبلة من طراز “MK-84” تزن 2000 رطل، و6500 قنبلة تزن 500 رطل، و3000 صاروخ جو – أرض موجه بدقة من طراز “هيلفاير”، و1000 صاروخ خارق للتحصينات، و2600 قنبلة صغيرة القطر، وذخائر أخرى.

وفي حين أن المسؤولين لم يعطوا جدولاً زمنياً للشحنات، فإن الإجمالي يشير إلى أنه لم يكن هناك انخفاض كبير في الدعم العسكري الأمريكي لحليفتها، على الرغم من الدعوات الدولية إلى الحد من إمدادات الأسلحة، وقرار الإدارة الأخير بإيقاف شحنة من الأسلحة القوية.

كما قال أحد المسؤولين الأمريكيين إن الشحنات “جزء من قائمة أكبر من الأسلحة التي أُرسلت إلى إسرائيل منذ بدء الحرب”. وقد صرح مسؤول كبير في إدارة بايدن للصحافيين بأن واشنطن أرسلت منذ 7 أكتوبر الماضي، أسلحة بقيمة 6.5 مليار دولار إلى “تل أبيب”.

يأتي ذلك بعدما اتهم رئيس حكومة الاحالال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الأسابيع الأخيرة واشنطن بأنها تحجب الأسلحة عن “إسرائيل”، وهو ما نفاه المسؤولون الأمريكيون، على الرغم من اعترافهم بوجود بعض “الخلافات”.

لكن بعد محادثاتٍ في واشنطن هذا الأسبوع، تمكنت الولايات المتحدة و”إسرائيل” من حل بعض المشاكل التي أبطأت شحنات الأسلحة الأمريكية.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة، أنه من المتوقع أن تُفرج إدارة الرئيس الأمريكي قريباً عن جزء من شحنة الأسلحة التي علقت إرسالها إلى “إسرائيل”.

وفي وقتٍ سابق، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن الولايات المتحدة سلمت أسلحة لـ”إسرائيل” خلال شهرين يعادل ما كان يجب تسليمه خلال عامين.

وتقدم واشنطن مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليار دولار لحليفتها القديمة. وفي حين حذر بايدن من أنه سيضع شروطاً على المساعدات العسكرية إذا فشلت “إسرائيل” في حماية المدنيين والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، فإنه لم يفعل ذلك بخلاف تأخير شحنة مايو الماضي.

ولقد برز دعم بايدن لـ”إسرائيل” في حربها على غزة، كعائق سياسي بالنسبة إليه، وخاصة بين الديمقراطيين الشباب، مع ترشحه لإعادة انتخابه هذا العام، حيث انتشرت موجة من الأصوات الاحتجاجية ضد سياسيته، ما أثار احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.

وبينما تقدم الولايات المتحدة وصفاً تفصيلياً وكميات المساعدات العسكرية المرسلة إلى أوكرانيا، فإنها تكشف عن تفاصيل قليلة حول المدى الكامل للأسلحة والذخائر الأمريكية المرسلة إلى الاحتلال الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • رويترز: الولايات المتحدة أرسلت لـ”إسرائيل” آلاف القنابل شديدة التدمير منذ بداية الحرب على غزة
  • تقرير: الولايات المتحدة أرسلت أكثر من 10 آلاف قنبلة ثقيلة شديدة التدمير لإسرائيل منذ 7 أكتوبر
  • إهانة عنصرية في المناظرة الرئاسية.. انتقادات لترامب بسبب كلمة فلسطيني
  • إدارة بايدن تسعى إلى تحقيق طفرة في مجال تعدين الليثيوم.. الذهب الأبيض
  • حدث ليلا.. موجات حر قادمة تفتك بالأرض وتراشق بالألفاظ بين بايدن وترامب وأمريكا تحرك قواتها
  • ترامب: إدارة بايدن هي الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة
  • مسؤول: الولايات المتحدة تناقش مع إسرائيل الإفراج عن شحنة قنابل معلقة
  • أسلحة أميركية لإسرائيل بقيمة 6.5 مليارات دولار منذ بدء حرب غزة
  • أمريكا شحنت أسلحة لـ”إسرائيل” بقيمة 6.5 مليار دولار
  • 6.5 مليار دولار قيمة الأسلحة الأمريكية المقدمة لاسرائيل