شاهد- مواطنو شمال غزة يقاومون المجاعة بالزراعة أمام بيوتهم
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
غزة- "بدنا نعيش.. والله متنا من الجوع" بضع كلمات يعبر بها الثلاثيني رجب البرعي عما وصفه بـ"نكبة شمال قطاع غزة" وقد حل شهر رمضان المبارك على المواطنين والمجاعة تعصف بهم منذ بضعة شهور، جراء العزلة وعرقلة الاحتلال وصول الإمدادات الإنسانية لهم.
يشعر رجب بألم شديد، لكنه يرفض اليأس والخنوع، وقد نجا من الموت مرتين خلال الحرب الإسرائيلية المشتعلة في القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، لكنه لا يزال محباً للحياة متمسكاً بالأمل.
تمسك هذا الشاب وأسرته بالبقاء في منزلهم بمنطقة تل الزعتر في جباليا شمال القطاع، ورفضوا النزوح جنوباً معرضين أنفسهم للموت قصفاً أو جوعاً، ويقول للجزيرة نت "الناس في غزة تموت في كل مكان، وإذا كان لابد من الموت فليكن في بيوتنا في الشمال، وليس في الخيام والمدارس".
تغطية صحفية: أسعار باهظة لكميات قليلة من الخضراوات في شمال غزة في ظل استمرار الحصار وحرب التجويع والإبادة pic.twitter.com/wXu04ghlSq
— القسطل الإخباري (@AlQastalps) March 16, 2024
البحث عن طعامقبل بضعة أسابيع، وصبيحة أحد أيام فبراير/شباط الماضي، رافق رجب شباناً في رحلة محفوفة بمخاطر جمّة، للبحث عن طعام بالأراضي الزراعية المتاخمة لمعبر بيت حانون (إيريز) شمال القطاع، استشهد اثنان منهم، وأصيب الآخرون بجراح، وكان نصيب رجب 14 شظية اخترقت أنحاء جسده.
"أهلنا حيتعشوا (يتناولون طعام العشاء) بطاطا" كانت آخر كلمات سمعها رجب من 3 شبان تقدموا كثيراً نحو أرض مزروعة بالبطاطا، تركها أصحابها لخطورة الوصول إليها، فاستشهد اثنان، وعاد ثالثهم بيد مبتورة، بينما كان بقاء رجب مع شباب آخرين خلفهم ببضعة أمتار كفيلا بنجاتهم من موت محقق.
ويقول "دفعا حياتهما ثمن حلم بسيط بجلب بضع حبات من البطاطا عشاء لأسرتيهما، لقد غامرنا بالوصول إلى تلك المناطق الخطيرة لجلب الخبيزة التي أصبحت طعامنا الوحيد بالشمال، ولكن البطاطا المفقودة مع كل الخضار أغرتهم للتقدم أكثر، وكانت تبعد نحو 200 متر عن السياج الأمني الإسرائيلي".
وألزمت الإصابة رجب بالاستعانة بعكاز لمساعدته على المشي، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تكتب له النجاة خلال الحرب، فنجاته الكبرى -بحسب وصفه- كانت بخروجه وأهله سالمين من المجزرة المروعة التي ارتكبتها مقاتلات حربية إسرائيلية في 31 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي في منطقة "بلوك 6" بمخيم جباليا، وراح ضحيتها نحو ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، جراء غارات عنيفة دمرت عشرات المنازل في المنطقة.
ومنذ أيام قليلة، تحمل رجب إصابته، واندفع بين حشود من الفلسطينيين صغاراً وكباراً، حيث أخرجهم الجوع نحو منطقة "التوام" شمال غربي مدينة غزة، ينتظرون ما تلقيه الطائرات من مساعدات إنسانية جوية، لكنه عاد إلى أهله بمضاعفات في إصابته جراء التدافع الشديد.
"مش رايحين نقاتل رايحين نجيب أكل".. فلسطيني يروي شهادته عن استهداف منتظري المساعدات عند دوار الكويت شمال غرب #غزة#حرب_غزة pic.twitter.com/NTNDaqP1XD
— قناة الجزيرة (@AJArabic) March 15, 2024
مقاومة الجوعوجد رجب في الرصيف أمام منزله مساحة يمكن استغلالها في زراعة محاصيل زراعية بسيطة، يقول إنها "قليلة وفي مساحة صغيرة، ولكن القليل أفضل من العدم، والشعور بالجوع والعجز".
فكرة زراعة الرصيف الذي لا يتجاوز كونه ممرا بعرض مترين وبطول 10 أمتار، خطرت على بال والد رجب، رغم أنه لم يسبق لهما العمل بالزراعة، لكن "الجوع" يدفع الإنسان للبحث عن الوسائل المتاحة من أجل البقاء.
وتولى رجب زراعة هذه المساحة ببذور وأشتال من الفول والطماطم والفلفل الأخضر والفراولة والفجل والبصل والملوخية، وقد بدت تزهر. وهو يأمل أن يتناول وأسرته منها في شهر رمضان. ويقول هذا الشاب المتزوج حديثاً، ويزن 50 كيلو غراماً بعد خسارته 10 كيلوغرامات بسبب الجوع وندرة الطعام "جربنا كل شيء في الشمال، وأكلنا كل شيء، وربما نصل إلى أكل أوراق الشجر".
ويكابد رجب وأسرته في توفير المياه لري ما يصفها مازحاً بـ "المزرعة" وللشرب والاستخدامات المنزلية الأخرى، من بئر تقع على مسافة 100 متر، بواسطة غالونات بلاستيكية، ويشغله صاحبه على الطاقة الشمسية، في ظل انقطاع التيار الكهربائي كلياً منذ اندلاع الحرب، ونفاد الوقود.
"لن نستسلم للجوع" يقولها رجب مفتخراً بتجربتهم في الزراعة المنزلية، وقد أثارت إعجاب جيران لهم بالمنطقة، وقاموا بتقليد الفكرة وتنفيذها بحثاً عن سبل النجاة من المجاعة.
وقد دفعت هذه المجاعة في الآونة الأخيرة عشرات الأسر من مدينة غزة وشمال القطاع إلى النزوح جنوباً، بعد شهور رفضوا خلالها النزوح، رغم مخاطر القصف والقتل، لكن رجب وعائلته المكونة من 8 أسر (حوالي 30 فرداً جلهم من الأطفال والنساء) يرفضون فكرة المغادرة والنزوح.
وينحدر رجب من عائلة لاجئة من بلدة "دمرة" الواقعة خلف السياج الأمني في نطاق ما تسمى "مستوطنات غلاف غزة" ويقول "نعيش فصول النكبة منذ 75 عاماً، ولا نريد الموت في الشوارع والخيام ومدارس الإيواء، وسنبقى بمنزلنا في جباليا إلى أن يشاء الله".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات
إقرأ أيضاً:
مغردون: سكان غزة يعيشون في مجاعة لم يشهدها العالم
يواجه أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الأساسية، مما أدى إلى أزمة جوع حادة تهدد حياة السكان.
ومع دخول الحصار شهره الثاني، تتعالى التحذيرات الدولية من خطر مجاعة حقيقية تلوح في الأفق، وسط نفاد الإمدادات الأساسية وانهيار كامل للمنظومة الإنسانية.
وفي هذا السياق، أعلنت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، سيندي ماكين، أن البرنامج استنفد جميع مخزوناته الغذائية في غزة، محذرة من كارثة وشيكة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بمنع وصول المساعدات منذ أكثر من 7 أسابيع.
وأكدت ماكين أن الظروف في غزة مأساوية للغاية، حيث يتضور الناس جوعا، وأنه في حال استمر الوضع على ما هو عليه، سيعاني مزيد من السكان المجاعة، داعية إلى وقف إطلاق النار والسماح للعاملين في المجال الإنساني بالدخول فورًا.
مشاهد مؤلمة توثق تدافع سكان حي تل الزعتر بمخيم جباليا شمال غزة للحصول على وجبة غذاء في ظل تواصل القصف والحصار الإسرائيلي على القطاع pic.twitter.com/nQCpgdbQpf
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) April 26, 2025
تزامنًا مع هذا الوضع الكارثي، سادت حالة من الغضب والاحتجاج بين الفلسطينيين والعرب عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر الآلاف عن استنكارهم للصمت الدولي المخزي والعجز العربي في إنقاذ سكان غزة، مطالبين بضرورة التحرك العاجل للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح المعابر والسماح بدخول المساعدات الإنسانية قبل فوات الأوان.
مشاهد صادمة من المجاعة التي ضربت غزة في الربع الأول من عام 2025 بعد 18 شهرًا من حرب الإبادة التي مارسها المجرم الإحلالي ضد مليوني محاصر بالتعاون مع طغاة العرب وصمت دولي وتواطؤ غربي سافر. pic.twitter.com/ykJ3mrreKl
— Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) April 27, 2025
وفي هذا السياق، قال الناشط أدهم أبو سليمة عبر منصة "إكس": "غزة تختنق جوعا والعالم يبتسم، نفد الطحين، نفدت الأغذية، جفت الأسواق، وانطفأت الأرواح. مليونا إنسان ينتظرون شربة ماء أو كسرة خبز، فلا يجدون إلا الموت البطيء. هذه ليست مجاعة، هذه إبادة".
إعلانكما تساءل الناشط يوسف أبو زريق بأسى: "ماذا نقول لكم؟ الأمعاء الخاوية، والأبرياء الذين يموتون جوعًا… ألا تستصرخكم؟! ألا تلامس قلوبكم صرخات الأطفال تحت الركام؟ ألا تهز ضمائركم مشاهد الجوع والعطش والوجع الصامت؟".
ماذا نقول لكم؟
الأمعاء الخاوية، والأبرياء الذين يموتون جوعًا… ألا تستصرخكم؟!
ألا تلامس قلوبكم صرخات الأطفال تحت الركام؟
ألا تهز ضمائركم مشاهد الجوع، والعطش، والوجع الصامت؟
إنها غزة…
— يوسف أبوزريق #غزة???????? (@abn_gaza90) April 26, 2025
في حين كتب الناشط خالد صافي عبر منصة "إكس" واصفًا حجم الكارثة قائلًا: "مشاهد صادمة من المجاعة التي ضربت غزة في الربع الأول من عام 2025، بعد 18 شهرًا من حرب الإبادة التي مارسها المجرم الإحلالي ضد مليوني محاصر، بالتعاون مع طغاة العرب، وصمت دولي، وتواطؤ غربي سافر".
غزة تختنق جوعاً والعالم يبتسم…
نفد الطحين، نفدت الأغذية، جفت الأسواق، وانطفأت الأرواح.
مليوني إنسان ينتظرون شربة ماء أو كسرة خبز… فلا يجدون إلا الموت البطيء.
لا رواتب، لا مساعدات، لا أمل…
العالم يرى المجاعة تلتهم غزة، ويصمت كأن الدم الفلسطيني ماء!
هذه ليست مجاعة… هذه إبادة!…
— أدهـم ابراهيم أبـو سلميـة (@pal00970) April 25, 2025
ووصف مغردون الخيارات القاسية التي يواجهها الفلسطينيون في غزة بأنها ثلاثية الموت: "إما أن يموت قصفًا، أو يموت خنقًا، أو يموت جوعًا".
وأكد آخرون أن ما يحدث في غزة ليس مجرد حرب، بل آلة تحصد الأرواح، تغلق النوافذ، وتمنع الطعام، بعدما شطبت حق الحياة ومسحت ما سطره البشر من قيم إنسانية. إسرائيل، التي لم تكتف بالقنابل والقذائف، فتحت جبهة جديدة ضد البطون الخاوية، لتجويع الفلسطينيين وتركيعهم.
وكتب أحد النشطاء: "غزة تعيش مجاعة لم تشهدها البشرية من قبل. المجاعة تتفاقم، وهناك عائلات لا تجد قوت يومها ولا ما تطعم به أطفالها".
إعلانفي حين تساءل آخرون: "بأي مأساة يمكن أن نبدأ الحديث: بحرق الناس في خيامهم؟ أم بالجثث الملقاة في الشوارع؟ أم بجوع الأطفال وعطش النساء؟ أم بحرق البيوت ونسفها لقهر سكانها؟ أم بغلاء الأسعار وفقدان مقومات الحياة؟ أم بالخيام العشوائية التي لا تستر شيئا ولا تحفظ كرامة النساء؟".
وأشار مدونون إلى أن الخبز أصبح سلعة نادرة في غزة، يحل محل وجبات الطعام العادية مع نفاد السلع والمواد الغذائية وتوقف الطهي.
واتفق كثيرون أن ما يحدث تجاوز حدود الإبادة الجماعية إلى إذلال الكرامة الإنسانية، في ظل صمت دولي مخزٍ وتخاذل مخيف.