تحول رمضان بالنسبة لسكان غزة من وقت للعبادة والإحسان والصيام من الفجر حتى المغرب، إلى صراع يومي من أجل البقاء، وسط أنقاض المباني والمنازل وتحت القصف الإسرائيلي.

وتنقل صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير أن الحرب الإسرائيلية على غزة حولت شهر رمضان، الذي بدأ يوم الاثنين، من مناسبة مليئة بالطقوس الدينية إلى شهر حزين وسط الأنقاض والشوارع المظلمة الخالية.

ومع عدم وجود وقف مأمول لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، بات رمضان الآن صراعا يوميا من أجل البقاء. بالنسبة للعديد من سكان غزة، فإن محاولات جلب بعض البهجة إلى القطاع تصطدم بجبل من اليأس، وفق الصحيفة.

وشنت إسرائيل بعد هجوم حماس الدامي في 7 أكتوبر حربا بهدف القضاء على الحركة، وقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني في القصف الإسرائيلي، وفقا لسلطات الصحة في غزة، ويلوح خطر المجاعة في الأفق نتيجة للحصار الإسرائيلي شبه الكامل. 

وتفرقت العائلات، التي كانت تتجمع بنهاية صيام كل يوم، مع فرار معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة من منازلهم. ويعيش الكثيرون الآن في مخيمات مزدحمة. وتعرضت العديد من المساجد التي تقام فيها صلاة التراويح للقصف وتحولت إلى أنقاض. واتهمت إسرائيل حماس بالعمل من بعض مساجد غزة وهو اتهام تنفيه حماس.

القوت الأساسي، مثل التمر ومياه الشرب التي يفطر بها المسلمون تقليديا ، تكاد تكون غائبة. حتى سعادة الأطفال فقدت هذا العام، خاصة عندما يخرجون إلى الشوارع بعد الإفطار بمصابيح رمضان وألعابهم. الآن الجميع داخل منازلهم حتى قبل غروب الشمس، ويشعرون بالخوف.

ويأتي شهر رمضان هذا العام أيضا في الوقت الذي فقد العديد من سكان غزة كل شيء ويقترب القطاع من المجاعة، كما يقول مسؤولو الأمم المتحدة. توفي ما لا يقل عن 27 طفلا فلسطينيا بسبب سوء التغذية والجفاف ونقص حليب الأطفال، حسبما قال مسؤولو الصحة في غزة.

وقالت جماعات حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة ومؤخرا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن إسرائيل تتعمد تجويع الفلسطينيين. وتصر إسرائيل طوال الحرب على أنها ملتزمة بالسماح بدخول أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى غزة وألقت باللوم في التأخير على موظفي الأمم المتحدة ولوجستياتها.

وتقول جماعات إغاثة ومسؤولو الأمم المتحدة إنه سيكون من الأفضل لإسرائيل تخفيف القيود المفروضة على دخول الشاحنات عند نقاط العبور القائمة إلى القطاع وبذل المزيد من الجهد لتسريع تسليم المساعدات داخل غزة.

ولا تصل أي مساعدات تقريبا إلى شمال غزة، وأوقفت وكالات الأمم المتحدة إلى حد كبير إرسال المساعدات إلى الشمال مشيرة إلى القيود الإسرائيلية والمخاوف الأمنية.

ووسط الانعدام شبه الكامل للغذاء، فإن سكان غزة، كما تقول الصحيفة، قد "صاموا لأشهر عمليا" حتى قبل بداية شهر رمضان.

ويحاول العديد من المسلمين عادة قراءة القرآن بأكمله خلال شهر رمضان وأداء صلوات التراويح . لكن في الشمال، نادرا ما يتجمع الناس لأداء صلاة التراويح في منطقة مفتوحة لأنهم يخشون التعرض لغارة جوية.

وفيما بدا وكأنه سخرية قاسية بالنسبة للعديد من سكان غزة، قبل أيام من بدء شهر رمضان، قال أحد السكان إن الطائرات الحربية الإسرائيلية ألقت منشورات على أجزاء من شمال غزة كتب عليها: "صوما مقبولا وذنبا مغفورا وإفطارا شهيا". وردا على سؤال حول المنشورات، لم يرد الجيش الإسرائيلي على طلبات متكررة للتعليق للصحيفة.

وعلى الرغم من الحرب والوجود المستمر للقوات البرية الإسرائيلية، حاول بعض سكان غزة إضفاء قدر من الاحتفالات والشعائر الدينية على الشهر الفضيل بقدر ما يسمح به الصراع.

"في شمال غزة، سيطر علينا الجوع والخوف"، يقول ماهر حبوش، لاعب كمال أجسام في غزة، في مقطع فيديو على حسابه على إنستغرام. وأظهر الفيديو عشرات الأطفال والبالغين وهم ينظفون شوارع أحد الأحياء ويرسمون الجدران باللون الوردي والأزرق والأصفر. لكننا سنستقبل الشهر المبارك بسعادة وتفاؤل، لأن رمضان نعمة".

في السنوات السابقة، كان سكان غزة يتنافسون مع بعضهم البعض عند تزيين منازلهم وشوارعهم. والآن، أصبح فانوس رمضان ترفا لا يستطيع تحمله سوى القليل.

أرادت فادية نصار، 43 عاما، شراء فوانيس رمضان لابنتها وبنات أخيها وأبناء أخيها، الذين يتقاسمون جميعا غرفة في منزل مع نازحين آخرين من غزة في مدينة دير البلح، لكن الأسعار مرتفعة. واعتقدت أيضا أن مثل هذه اللمسات الزخرفية قد تبدو غير مناسبة أمام الأطفال الآخرين الذين يعيشون في المنزل والذين فقدوا والديهم أو أقارب آخرين.

كانت قد عادت لتوها من السوق ولم تستطع شراء أي مواد بسبب تكلفة كل شيء. وقالت إنهم سيعتمدون بدلا من ذلك على السلع المعلبة للإفطار. وقالت إن الأسواق كانت مكتظة، ولكن بدلا من الأجواء المزدحمة والاحتفالية كما في رمضان الماضي، عندما كانت الأناشيد تنتشر في الشوارع، كان هناك توتر وخوف من الفوضى الآن.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأمم المتحدة شهر رمضان سکان غزة

إقرأ أيضاً:

اليمن أم إيران؟ صراع داخل إسرائيل حول كيفية التعامل مع الحوثيين

شمسان بوست / سكاي نيوز:

ثار خلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس جهاز الاستخبارات (الموساد) دافيد بارنيا، بشأن طريقة مواجهة هجمات الحوثيين اليمنيين على إسرائيل، التي ارتفعت وتيرتها مؤخرا.

وذكرت تقارير صحفية أن بارنيا كان يدفع نتنياهو للتركيز على شن هجمات على إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، كوسيلة لوقف هجماتهم التي يطلقونها من اليمن.

ويتناقض الموقف الذي تبناه رئيس الموساد مع رأي نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، اللذين يفضلان الاستمرار في تنفيذ الضربات ضد الحوثيين أنفسهم في اليمن بدلا من إيران.

ولمح مسؤولون كبار إلى أن الهجمات ضد الجماعة اليمنية من المقرر أن تتصاعد في المستقبل القريب.

ووفقا لصحيفة “هآرتس”، تحدث بارنيا عن خيار ضرب إيران خلال سلسلة من المناقشات حول “عدم وجود نتائج من 3 جولات سابقة من الضربات على معاقل الحوثيين في اليمن”.

وذكر التقرير أن رئيس الموساد يعتقد أن “ملاحقة إيران، التي تمول وتسلح الجماعة اليمنية، ستكون أكثر فعالية”.

وقال بارنيا للمسؤولين الأمنيين، وفقا للقناة 13: “نحن بحاجة إلى الذهاب وجها لوجه ضد إيران. إذا هاجمنا الحوثيين فقط فليس من المؤكد أننا سنكون قادرين على إيقافهم”.

ولم يرد تأكيد أو رد فوري على التقارير، التي نُقلت عن مصادر لم تسمها قالت إنها مطلعة على المناقشات.

ووفقا للقناة 13، اختلف نتنياهو مع تقييم بارنيا، وبدلا من ذلك افترض أن إيران “قضية مختلفة، وسيتم التعامل معها في الوقت المناسب”.

وأفادت أن “تقدير نتنياهو شاركه فيه كبار أعضاء المؤسسة الأمنية”، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وعلى مدى الأيام العشرة الماضية، أطلق الحوثيون 5 صواريخ بالستية و5 طائرات مسيّرة على الأقل على إسرائيل، في ما تقول الجماعة إنها حملة لدعم غزة وسط الحرب المدمرة المستمرة هناك منذ أكثر من 14 شهرا.

ومساء الأربعاء، تعهد نتنياهو بأن “يعاني الحوثيون نفس مصير أعداء إسرائيل الآخرين في المنطقة”، وفق تعبيره.

وتوعد نتنياهو قائلا: “سيتعلم الحوثيون أيضا ما تعلمته حماس وحزب الله ونظام الأسد وغيرهم، وحتى لو استغرق الأمر وقتا فسيتم تعلم هذا الدرس في أنحاء الشرق الأوسط”.

وفي وقت سابق، هدد كاتس بأن إسرائيل ستبدأ في استهداف قادة الحوثيين.

كما أشار قائد القوات الجوية الإسرائيلية تومر بار، إلى “زيادة العمل ضد الحوثيين في المستقبل القريب”، حيث قال إن القوات الجوية “ستتصرف بقوة”.

وفي حين يبدو أن عددا متزايدا من المسؤولين يستعدون لتوجيه ضربة قوية للحوثيين، أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الأربعاء، أن هناك اعتقادا في أن يوقف أي هجوم إسرائيلي على اليمن ضربات الحوثيين على إسرائيل بالصواريخ والمسيّرات.

وكانت إسرائيل نفذت 3 جولات سابقة من الضربات ضد الحوثيين وتعهدت بمواصلة قصفهم، لكن هذا لم يوقف الهجمات القادمة من اليمن.

ويرى محللون أن المسافة الطويلة نسبيا بين إسرائيل واليمن تشكل تحديا عمليا، لكن يمكن التغلب عليه بدعم من الولايات المتحدة أو القوى الغربية الأخرى.

وذكرت “يديعوت أحرونوت” أن مسؤولين إسرائيليين ناقشوا بالفعل مع نظرائهم الأميركيين، خطط تصعيد الضربات على الحوثيين.

ومع ذلك، نقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها، قولها إن إسرائيل لن تكون قادرة على تكثيف هجماتها إلى المستوى اللازم لصد الحوثيين إلا بعد تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 يناير المقبل.

وقال مصدر للصحيفة: “الحوثيون سيدفعون ثمنا باهظا، وسوف تتصاعد الهجمات الإسرائيلية، لكن هذا لا يقارن بما سيحدث بمجرد تولي ترامب منصبه. يخطط الأميركيون لفرض حظر وعقوبات عليهم”.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: إسرائيل تعرقل بعثات الإغاثة في غزة
  • الصليب الأحمر: قلقون من تأثير التصعيد الأخير بين إسرائيل واليمن على الوضع في المنطقة
  • مدفيديف: أي صراع مباشر مع الولايات المتحدة سيتحول إلى حرب نووية عالمية
  • «يونيفيل» تدعو لانسحاب إسرائيل من لبنان في الوقت المحدد
  • مدير "الصحة العالمية" يصدر بيانًا بعد قصف إسرائيل مطار صنعاء أثناء وجوده فيه.. تفاصيل
  • إسرائيل تقصف طائرة مدير منظمة الصحة العالمية ومنسق الأمم المتحدة بصنعاء
  • اليمن أم إيران؟ صراع داخل إسرائيل حول كيفية التعامل مع الحوثيين
  • تشاتام هاوس: المغرب يتحول إلى ساحة حرب تجارية بين القوى العظمى
  • بيانات أممية: انخفاض نسبة سكان غزة الذين نستطيع تقديم مساعدات لهم إلى 29%
  • منع دخول المساعدات.. سلاح إسرائيل لمواصلة الإبادة الجماعية في غزة