الصدام يتجدد.. ما وراء الهجوم المتبادل بين فتح وحماس؟
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
بين التنديد والاتهام، تصاعدت حدة التصريحات والبيانات، بين حركتي فتح وحماس، على خلفية الإعلان عن اسم رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد، بينما يكشف مختصون لموقع "الحرة" ما وراء الهجوم المتبادل، وتداعيات ذلك على الحرب في غزة والقضية الفلسطينية.
ومساء الجمعة، نددت حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، ومعها "فصائل فلسطينية أخرى"، بتعيين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الخبير الاقتصادي المقرب منه محمد مصطفى، رئيسا للوزراء.
وردت حركة فتح على تنديد حماس، باتهام غريمتها بـ"التسبب في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة" عبر "مغامرة" هجومها على إسرائيل في السابع أكتوبر.
تداعيات "عدم التوافق"؟في حديثه لموقع "الحرة"، يشير وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق، أشرف العجرمي، إلى أن تبادل الاتهامات بين فتح وحماس، جاء بسبب "عدم توافق الفصائل على الحكومة الفلسطينية الجديدة".
وبعد تعيين رئيس السلطة الفلسطينية، محمد مصطفى رئيسا جديدا للوزراء، اعتبرت حماس ذلك "تجاهل كامل لها"، ما خلق أزمة بينها وبين فتح، وتبع ذلك إصدار بيانات تحمل "اتهامات متبادلة" بين الجانبين، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ومن جانبه، يربط المحلل السياسي الفلسطيني، أشرف العكة، التصعيد بمحاولة حركة فتح تشكيل حكومة "تكنوقراط" دون التوافق الجدي مع "كل الفصائل الفلسطينية وليس حركة حماس وحدها".
وهناك مجموعة من "العوامل الضاغطة على القيادة الفلسطينية"، لتشكيل الحكومة دون "التنسيق مع باقي الفصائل"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
وقالت حماس في بيان إن "تعيين حكومة بدون توافق وطني هو خطوة فارغة بالتأكيد من المضمون وتعمق الانقسام" بين الفلسطينيين"، ووقعت البيان أيضا حركة "الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وهما منظمتان تصنّفهما إسرائيل ودول أخرى "إرهابيتين".
لكن على جانب آخر، يشير المحلل السياسي الفلسطيني، جهاد الحرازين، إلى أن "حماس وحلفائها"، قد خرجوا ببيان "أسود" لإرسال رسالة للعالم بأن الدماء الفلسطينية لا تعنيهم لكن ما يهمهم فقط "الحكم".
وهناك دمار وخراب في غزة ومناطق بالضفة الغربية، وتكلفة إعادة إعمار ذلك تصل إلى 90 مليار دولار، والحكومة الجديدة ستعنى في الأساس بـ"التعاطي مع المجتمع الدولي"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويتساءل في استنكار:" إذا شكلت حماس وبعض الفصائل التي تصنفها دول غربية كحركات إرهابية، فمن سيدفع تكلفة إعادة الإعمار؟!".
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير المحلل السياسي الفلسطيني، عادل الغول، إلى أن "التفرد" بتعيين رئيس الوزراء وعدم مشاورة الفصائل الفلسطينية "خلق الأزمة".
لكن الأزمة بين فتح وحماس، سوف تنتهي إذا حدث وقف لإطلاق النار في قطاع غزة الذي يشهد حاليا حالة من الفوضى والتجويع، وفق الغول.
ما وراء "الاتهامات المتبادلة"؟القيادة الفلسطينية منقسمة منذ المواجهات المسلحة التي دارت بين حركتي "فتح وحماس" في قطاع غزة في يونيو 2007 والتي أطاحت بنتيجتها حماس بسلطة عباس من القطاع.
وتعمق الانقسام بين سلطة الفلسطينية برئاسة عباس محدودة الصلاحيات في الضفة الغربية، وحماس التي تمسك بالسلطة في قطاع غزة.
ويسود الغموض حول الدور الذي يمكن أن تؤديه السلطة الفلسطينية بعد انتهاء الحرب، نظراً لمحدودية نفوذها ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أي تصور لدولة فلسطينية مستقبلية.
ويرى العكة أن هناك أبعاد أخرى للتصعيد والاتهامات المتبادلة بين فتح وحماس، ويتعلق ذلك بتعامل "الجانب الفلسطيني" مع اليوم التالي ومستقبل الحكم في قطاع غزة.
وهناك أنباء عن "إطلاع قوى أمنية فلسطينية بترتيبات اليوم التالي والتنسيق مع العشائر في قطاع غزة"، ما أثار حفيظة حماس، وفق العكة.
ويشير المحلل السياسي الفلسطيني إلى أن حركة فتح "لا تهتم" بمخرجات اتفاق موسكو، وتحاول "استباق" نتائج الحرب في غزة والتعامل كأن حماس "أضعفت" بالفعل.
وتحاول "فتح" استثمار إضعاف حماس "سياسيا واستراتيجيا ووطنيا"، وهذا ما يعقد المشهد الداخلي الفلسطيني، ويزيد حالة الانقسام، وفق العكة.
لكن على جانب آخر، يؤكد الحرازين أن "القيادة الفلسطينية تريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أوضاع الشعب الفلسطيني".
وهناك من يسعون لتحقيق "مصالحهم فقط"، بعدما أخذو الشعب الفلسطيني في "مغامرة ومقامرة" لم يستشيرو أحد قبل القيام بها، ما جلب الدمار والكوارث على الفلسطينيين، وفق الحرازين.
وحسب المحلل السياسي الفلسطيني فهؤلاء يريدون الآن أن يكون لديهم الدور الأكبر في تشكيل الحكومة، بحثا عن "مصالحهم الشخصية والخاصة".
والبعض منهم لو طرح اسمه كرئيس وزراء أو وزير سيوافق على الحكومة لأن المصالح "الشخصية الخاصة" هي التي تسيطر على "تعاطيهم مع الأمور"، وفق الحرازين.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني أن "حماس وحلفائها"، أصحاب مصالح خاصة وأهداف شخصية ومرتهنين بأجندات خارجية، فدمروا قطاع غزة والقضية الفلسطينية.
أما الغول، فيؤكد أن نتانياهو يرفض وجود حماس وفتح في قطاع غزة، لكن هناك قناعات إسرائيلية أخرى بإمكانية وجود "سلطة فلسطينية أخرى قريبة من التيار الإصلاحي الذي يقوده، محمد دحلان".
لكن حماس"تهرب دائما للأمام ولا تتراجع"، ورغم حالة الجوع والأزمة الإنسانية والغضب الشعبي العارم في قطاع غزة، لكن الحركة "لا تشغلها تلك الأمور وتعتبرها ثانوية، وضريبة لابد منها"، حسبما يوضح المحلل السياسي الفلسطيني.
ولذلك تطالب حماس "الناس بالتحمل حتى تنتهي الحرب"، لأن الحركة ترى أن الأمور سوف تتغير لصالحها، وسوف يكون لديها دورا في تشكيل مستقبل فلسطين ما بعد الحرب، وإدارة الشأن الفلسطيني بشكل عام، حسبما يشير الغول.
مستقبل "القضية الفلسطينية"منذ الاقتتال الدامي بين عناصر حركتي فتح وحماس في صيف 2007، تتفرد حركة حماس بالسيطرة على قطاع غزة الذي يسكنه مليونان وثلاثمئة ألف فلسطيني. بينما ينحصر وجود السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة من إسرائيل.
ومنذ سيطرة حماس على غزة عام 2007، فشلت الجهود العربية والدولية حتى الآن في التوفيق بينها وبين حركة فتح التي تشكل العمود الفقري للسلطة الفلسطينية.
ويريد الفلسطينيون أن تكون المنطقتان أساسا لقيام دولتهم المستقلة في المستقبل، وقالت حماس إن أي محاولة لاستبعادها من المشهد السياسي بعد الحرب هي "وهم".
ويرى العجرمي أن ما يحدث يسئ للقضية الفلسطينية، وهناك حاجة لـ"توافقات وطنية حول كافة القضايا"، الموضوع لا يتعلق فقط بـ"الحكومة".
الموضوع يتعلق بمستقبل "القضية الفلسطينية" برمتها، وهناك حاجة ماسة لـ"وحدة وطنية شاملة"، وإذا بقت الأمور على ما هي عليه والخلافات قائمة، فلن يتم توحيد "قطاع غزة والضفة الغربية"، وفق العجرمي.
ويؤكد وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق، أن ذلك الانقسام يعني "ضياع فرصة إقامة دولة فلسطينية مستقلة"، رغم أن هذا الخيار أصبح أكثر واقعية بعد حرب غزة.
وإذا لم يلتئم الفلسطينيون في إطار محدد، ويتخطون "الانقسامات"، فالشعب الفلسطيني أمام "مأزق حقيقي"، وفق العجرمي.
ومن جانبه، يشير العكة إلى أن زيادة حالة الانقسام الفلسطيني تضغط على "التصورات الكلية للآفق السياسي وحل الدولتين ومستقبل قطاع غزة، وتوحيد المؤسسات وعملية إدارة إعادة الإعمار وإغاثة الناس".
ولا توجد جهة فلسطينية "قادرة بمفردها" على الاضطلاع بتلك المهام حتى "الحكومة نفسها"، وحماس "لن تسمح" لأي طرف بالعمل في قطاع غزة دون "موافقتها"، وفق العكة.
ولن تستطيع الأجهزة الأمنية أو السلطة الفلسطينية، العودة إلى قطاع غزة "دون التوافق مع حماس وإذا لم تكن الحركة جزءًا من اتفاق ما حول مستقبل الحكم بالقطاع"، حسبما يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني،
ويشير إلى أن حماس مازالت موجودة وقائمة في غزة ولم يتم تدمير الحركة أو إبادتها والقضاء عليها، والحرب "لم تنتهي" بعد.
وفي تحذير في الآونة الأخيرة، قال مسؤول أمني لموقع إخباري مرتبط بحماس إن محاولات العشائر أو زعماء المجتمع المحلي التعاون مع خطط إسرائيل لإدارة غزة ستعتبر "خيانة" وستُقابل "بقبضة من حديد".
لكن الحركة نفت تقارير إعلامية بأنها قتلت بعض زعماء العشائر المحليين في الأيام القليلة الماضية لتدخلهم في توزيع المساعدات، وفق وكالة "رويترز".
ويؤكد العكة أن عدم التوافق مع حماس قد يفتح المجال لصراع "فلسطيني داخلي"، متسائلا:" من سيكون الطرف الذي يريد القدوم لقطاع غزة والدخول في صراع مع حماس؟".
لكن الغول يستبعد ذلك الطرح، ويقول:" لن يحدث تصعيد أو صراع مسلح فلسطيني داخلي، على غرار ما حدث في 2007".
ويرجع المحلل السياسي الفلسطيني ذلك لكون الأولوية الحالية هي "سد حالة الجوع ووقف إطلاق النار" في غزة.
ويرى الغول أن حماس تحاول الوصول لوقف إطلاق نار، وإذا حدث ذلك سوف تختفي الكثير من "الظواهر السلبية"، وعلى رأس ذلك "العصابات المسلحة التي تسطو على المساعدات في شمال غزة".
وإذا تم الاتفاق على "وقف إطلاق النار"، سوف تتمكن حماس من إعادة ترتيب أوضاعها من جديد في القطاع وتنتهي "الفوضى"، حسبما يشير المحلل السياسي الفلسطيني.
وعرضت حماس على الوسطاء والولايات المتحدة اقتراحا لوقف إطلاق النار في غزة يشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين، منهم مئة محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة، وفقا لـ "رويترز".
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما تسبب بمقتل 31553 فلسطينيا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 73546، وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، السبت.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة بین فتح وحماس إطلاق النار فی قطاع غزة حرکة حماس حرکة فتح إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
ماذا وراء الهجوم الأمريكي على الحوثيين؟
صعدت الولايات المتحدة ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن، في خطوة تعكس نهج إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ممارسة أقصى الضغوط على إيران ووكلائها.
وتقول بورجو أوزسيليك، وهي باحثة أولى في أمن الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، وحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست"، إن الرئيس ترامب تعهد في أسبوعه الأول من ولايته، بتصنيف جماعة الحوثي في اليمن، كمنظمة إرهابية أجنبية. ودخل القرار حيز التنفيذ في أوائل مارس (آذار) الجاري.
وبعد أسابيع، في 15 مارس (آذار) الجاري، أمر ترامب بشن ضربات جوية وبحرية واسعة النطاق على عشرات الأهداف، في مناطق يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران.
What Trump’s Latest Houthi Strike Really Means https://t.co/qgZxXXewWb via @TheNatlInterest
— Nino Brodin (@Orgetorix) March 18, 2025وترى أوزسيليك أنه من خلال إعطاء الضوء الأخضر لأكبر قصف عسكري حتى الآن في ولايته الثانية، تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق عدة أهداف في آن واحد: إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين، وتطبيق سياسة "الضغط الأقصى" ضد قدرة إيران على تمويل وكلائها، وتوجيه تحذير لمشتري النفط الإيراني الخاضع للعقوبات، وعلى رأسهم الصين.
وقد بررت إدارة ترامب استخدام القوة العسكرية ضد الحوثيين، باعتباره إجراء ضرورياً للحفاظ على "المبدأ الأساسي لحرية الملاحة، الذي تعتمد عليه التجارة الدولية". إلا أن حسابات واشنطن تتجاوز مسألة الأمن البحري.
فللإدارة الأمريكية جدول أعمال جيوسياسي أوسع نطاقاً، يشمل التصدي لنفوذ الصين الاقتصادي، لاسيما اعتماد بكين على النفط الإيراني.
ومن خلال استهداف الحوثيين، لا تعمل الولايات المتحدة فقط على حماية الممرات الملاحية الحيوية، بل تمارس أيضاً ضغوطاً على محور الطاقة بين إيران والصين، وهو عنصر رئيسي في الاستراتيجية الإقليمية لبكين.
وبحسب أوزسيليك، تهدف العملية العسكرية الأمريكية أيضاً إلى منع الحوثيين من ترسيخ نفوذهم داخلياً في ظل عملية السلام الهشة هناك، وإحباط قدرتهم على إعادة تنظيم صفوفهم لدعم عقيدة الدفاع المتقدم الإيرانية المحدثة، التي تعتمد على تمويل وكلائها. وقد يؤدي استمرار الحملة العسكرية الأمريكية إلى إضعاف الترسانة العسكرية للحوثيين وربما تصفية قيادتهم.
ولكن الحوثيين يديرون اقتصاد حرب يتسم بالتنوع، يتيح لهم تحقيق أرباح من تهريب سلع غير مشروعة تتراوح ما بين الوقود والسجائر والمكونات ذات الاستخدام المزدوج والمواد العسكرية، إضافة إلى فرض الضرائب ككيان شبيه بالدولة. وهذا يجعل نظام العقوبات الأمريكي والغربي ركيزة أساسية لمواجهة الحوثيين، لكن تعمق علاقاتهم مع جهات فاعلة رئيسية يعقد فعالية تلك العقوبات.
وفي عام 2024، كانت الصين الوجهة الرئيسية لما يصل إلى 90% من صادرات النفط الإيرانية، ما يؤكد تنامي العلاقات الاقتصادية بين بكين وطهران رغم العقوبات الأمريكية. ومن خلال المساهمة في تمويل الخزانة الإيرانية، تساعد الصين فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في تمويل وكلاء مثل الحوثيين.
ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، كشفت إعلانات بارزة لوزارة الخزانة الأمريكية عن روابط سرية بين الصين والحوثيين.
وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على أفراد حوثيين مقيمين في اليمن والصين، لدورهم في تسهيل نقل الأسلحة والمكونات ذات الاستخدام المزدوج إلى اليمن.
وتقول أوزسيليك إن هذه التطورات كشفت عن شبكة سرية تربط بين الصين والحوثيين، ما يثير تساؤلات حاسمة لصناع السياسات الدفاعية والأمنية في الولايات المتحدة. وقد يؤدي استهداف الحوثيين إلى تداعيات أوسع، ليس أقلها التأثير على تدفق النفط الإيراني إلى الصين.
ورغم صعوبة تأكيد ذلك، فقد أفادت تقارير بأن الحوثيين ربما تلقوا تعويضات مالية أو أشكالاً أخرى من الدعم من الصين، مثل مكونات عسكرية صينية الصنع، مقابل السماح بمرور السفن المرتبطة بالصين بحرية في البحر الأحمر.
وفي إطار سياسة روسيا الخارجية المناهضة للولايات المتحدة، ورد أن موسكو قدمت بيانات استهداف عبر الأقمار الاصطناعية للحوثيين لضرب السفن الأمريكية في البحر الأحمر والممرات المائية المجاورة.
وقد تعمقت العلاقة بين روسيا والحوثيين خلال الصراع في غزة، وزادت وضوحاً في 5 مارس (آذار) الجاري، عندما فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عقوبات على 7 من كبار قادة الحوثيين بتهمة تهريب مواد عسكرية وأنظمة أسلحة والتفاوض على صفقات تسليح مع روسيا.
كما شملت العقوبات عنصراً حوثياً يشتبه في قيامه بتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا لصالح روسيا.
وفي 14 مارس (آذار) الجاري، عقد اجتماع ثلاثي بين روسيا وإيران والصين في بكين لمناقشة البرنامج النووي الإيراني وقضايا أخرى.
وأصبح الحوثيون ركيزة استراتيجية لإيران، ومن المرجح أن تسعى طهران على المدى الطويل إلى تعزيز قدراتهم للحفاظ على الحصار البحري في البحر الأحمر وربما توسيعه.
وتزايدت أهميتهم لدى إيران، خاصة بعد الخسائر التي تكبدتها شبكاتها في لبنان وغزة وسوريا.
ومع تقييد قدرة إيران على نقل الدعم المالي والتقني للحوثيين، من المتوقع أن تعمد الجماعة إلى تصعيد أنشطتها في شبكات التهريب غير المشروعة، بما في ذلك تهريب المخدرات والنفط والتبغ، لتعزيز قوتها الاقتصادية والتنظيمية.
وتشكل التحالفات الناشئة بين الحوثيين والجماعات الإرهابية مثل "القاعدة في جزيرة العرب" و"حركة الشباب" في الصومال تهديداً متزايداً.
وإذا رأى الحوثيون أن هجماتهم لم تلحق ضرراً كبيراً، فقد يوسعون نطاق عملياتهم العسكرية من البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى منطقة القرن الأفريقي.
ومن خلال استهداف الحوثيين ضمن حملة "الضغط الأقصى" على إيران، تؤكد الولايات المتحدة أنها لن تتردد في ضرب الجماعات المسلحة المرتبطة بطهران.
وهذا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران في العراق قد تكون الهدف التالي في الأشهر المقبلة، مع تكثيف واشنطن ضغوطها على بغداد لنزع سلاح هذه الفصائل وتقليص النفوذ الإيراني في البلاد، وذلك قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.