نموذج بتسوانا للحكم الرشيد.. دروس للأفارقة
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
بتسوانا دولة حبيسة تقع في قلب جنوب قارة أفريقيا وجارة لكل من جنوب أفريقيا وزامبيا وناميبيا وزيمبابوي، ومنذ استقلالها عام 1966، خطت خطوات ملحوظة في التنمية بعد أن كانت من أفقر الدول، فمنذ ذلك التاريخ تحولت إلى دولة متوسطة الدخل مستقرة اقتصاديا ومزدهرة.
تقف بتسوانا كمصباح للأمل، تُظهر أن الحكم الرشيد ليس فقط ممكنا ولكن أيضا محوريا.
تمتعت بتسوانا ببيئة سياسية مستقرة منذ استقلالها، مع انتقال سلمي للسلطة وديمقراطية متعددة الأحزاب. وقد حدد أول رئيس للبلاد، السير سيريتسي خاما، أسس الاستقرار السياسي من خلال التأكيد على الوحدة الوطنية وتجنب الانقسامات العرقية والقبلية. ووفقا للبنك الدولي، فإن مؤشر الاستقرار السياسي في بتسوانا يحتل باستمرار مرتبة أعلى من المتوسط في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا منذ عام 2000.
دولة المؤسساتتتمتع بتسوانا بسلطة قضائية قوية ومستقلة، وبرلمان يعمل بشكل جيد، وخدمة مدنية محترفة. وقد لعبت هذه المؤسسات دورا فعالا في تعزيز الحكم الرشيد من خلال ضمان المساءلة والشفافية في تصرفات الحكومة. وتصنف مؤشرات الحكم العالمية الصادرة عن البنك الدولي بتسوانا ضمن أعلى 50% من حيث فعالية الحكومة، والجودة التنظيمية، وسيادة القانون.
التنويع الاقتصادينجحت بتسوانا في تنويع اقتصادها، مما قلل من اعتمادها على صادرات الألماس. لقد استثمرت البلاد في البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، مما أدى إلى نمو اقتصادي أكثر توازنا واستدامة. وبحسب البنك الدولي، انخفضت حصة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي لبتسوانا من 35.8% عام 1991 إلى 18.4% عام 2019، بينما توسع قطاع الخدمات من 46.7% إلى 52.2% خلال الفترة نفسها.
الإدارة الماليةتتمتع بتسوانا بسجل حافل في إدارة شؤونها المالية العامة، مع الالتزام بمستويات منخفضة من الديون واتباع سياسة مالية حكيمة. وقد ساعد ذلك البلاد على تجاوز الانكماش الاقتصادي والحفاظ على بيئة اقتصادية كلية مستقرة. وفقا لصندوق النقد الدولي، ظل الدين العام في بتسوانا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أقل من 20% منذ عام 2000، وهو أقل بكثير من المتوسط في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.
سيادة حكم القانونتتمتع بتسوانا بالتزام قوي بسيادة القانون، مع انخفاض مستوى الفساد مع نظام قانوني شفاف. وقد خلق هذا بيئة مواتية للاستثمار والنمو الاقتصادي. يصنف مؤشر مدركات الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية بتسوانا باعتبارها الدولة الأقل فسادا في أفريقيا، إذ حصلت على درجة 61 من أصل 100 (حيث 0 فاسد للغاية و100 نظيف للغاية).
التنمية الاجتماعيةخطت بتسوانا خطوات كبيرة في تحسين حياة مواطنيها من خلال الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية. وقد ساعد هذا الاستثمار في الحد من الفقر وتحسين الرفاه العام للسكان. وفقا للبنك الدولي، انخفض معدل الفقر في بتسوانا من 30.6% في الفترة 2002-2003 إلى 16.3% في الفترة 2015-2016.
مصنع لتقطيع الماس في بتسوانا (رويترز) مقارنة بتسوانا بالدول الأفريقية الأخرىوفقا لمؤشر إبراهيم للحكم الأفريقي، وهي جائزة تقدمها مؤسسة مو إبراهيم إلى رؤساء الدول أو الحكومات من الأفارقة ذوي الحُكم الرشيد "آي آي إيه جي" (IIAG)، تصنف بتسوانا باستمرار بين أفضل الدول الأفريقية من حيث الحكم العام. في تقرير للمؤسسة نفسها لعام 2018، احتلت بتسوانا المرتبة السادسة من بين 54 دولة أفريقية، حيث حصلت على درجة 71.3 من أصل 100.
وفي المقابل، عانت ولا تزال العديد من البلدان الأفريقية من عدم الاستقرار السياسي، والفساد، وضعف المؤسسات. على سبيل المثال، في نفس تقرير"آي آي إيه جي" (IIAG)، جاءت دول مثل جنوب السودان والصومال وإريتريا في أسفل القائمة، حيث حصلت على درجات أقل من 20 من 100.
عناصر من جيش الدفاع في بتسوانا (رويترز) دروس للبلدان الأفريقية الأخرىإن نجاح بتسوانا في تحقيق الحكم الرشيد يقدم دروسا قيمة للبلدان الأفريقية الأخرى، ذلك أن الاستقرار السياسي يجب أن يحظى بالأولوية وتجاوز الانقسامات العرقية والقبلية وبناء المؤسسات القضائية المستقلة والبرلمانات الفعالة والخدمات المدنية المهنية.
ويضاف لذلك تنويع الاقتصاد مع إدارة مالية حكيمة لضمان الاستقرار الاقتصادي. وفي الجانب الآخر تأتي سيادة حكم القانون وتدابير مكافحة الفساد وكذلك الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الاستقرار السیاسی فی بتسوانا
إقرأ أيضاً:
الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء
أكد رومينيو بيريرا، الكاتب المكلف بالعلاقات الدولية في حزب العمال، الذي ينتمي إليه الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي، ومن شأنه أن يسهم في تعزيز رفاه السكان المعنيين.
وأضاف بيريرا في هذا السياق أنه « يمكن بالطبع الأخذ في الاعتبار تقديم المزيد من الدعم للمخطط المغربي للحكم الذاتي ».
وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه « يمكن بالطبع الأخذ في الاعتبار دعما أكثر وضوحا للمخطط المغربي للحكم الذاتي، طالما أن هذا الحكم الذاتي يرتكز على الحوار والالتزام بالقانون الدولي، ويسهم في رفاه السكان المعنيين ».
واعتبر أنه « يجب على البرازيل مواصلة دعم هذه الجهود والمبادرات التي تعزز السلام والاستقرار في المنطقة ».
وبحسب بيريرا، الذي سيزور المغرب قريبا، فإن « البرازيل تحافظ على موقف متوازن وبناء بشأن قضية (الصحراء)، مع دعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي سلمي ومتوافق عليه ومقبول من كافة الأطراف ».
وذكر، في هذا الصدد، بالدعم الذي عبر عنه مجلس الشيوخ البرازيلي في يونيو 2023 لصالح مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب في 2007.
كما أشار إلى زيارة وزير الخارجية البرازيلي إلى الرباط، التي أشاد خلالها بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب للمضي قدما نحو تسوية هذا النزاع.
من جهة أخرى، وصف بيريرا مستقبل العلاقات بين الرباط وبرازيليا بـ « الواعد »، مؤكدا أن هناك فرصا عديدة للتعاون في مجالات متنوعة.
وأضاف أن « الزيارات الأخيرة لمسؤولين برازيليين رفيعي المستوى إلى المغرب، وإعادة فتح الخط الجوي بين الدار البيضاء وساو باولو (في دجنبر المقبل)، تعكس الاهتمام المتزايد بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ».
وخلص إلى أن « هذه الدينامية ستمكن من تعزيز التبادلات التجارية والتعاون، لا سيما في مجالات الأمن الغذائي، والاقتصاد الأخضر، والسياحة، والثقافة. والتكنولوجيا، كما ستمكن من مواجهة التحديات المرتبطة بتغير المناخ، بما يعود بالنفع على كلا البلدين ».
كلمات دلالية البرازيل الصحراء المغرب