الرؤية- سارة العبرية

يمثل سوق الذكاء الاصطناعي الفضائي واحدا من أكثر المجالات تقدما في القرن الحادي والعشرين، وهو يجسّد التكامل بين علم الذكاء الاصطناعي ومحاكاة الذكاء البشري، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة لاستكشاف الفضاء واستخدامه.

ولقد شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في هذا المجال لنشهد تطور الأقمار الصناعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي تجمع بيانات دقيقة عن الأرض، بالإضافة إلى المركبات الفضائية التي تتنقل بذكاء في الفضاء دون تدخل بشري مباشر، وصولًا إلى الروبوتات المستقلة التي تستكشف أسطح الكواكب الأخرى، وهو ما يجسد البصمة القوية لقدرة الذكاء الاصطناعي.

ويعزز الذكاء الاصطناعي فرص استكشاف المزيد من المعلومات عن الفضاء، مما يجعل العمليات أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة، كما أنه يفتح الباب أمام إمكانيات جديدة كانت في السابق محض خيال علمي، مثل تحليل البيانات الضخمة القادمة من الفضاء للكشف عن أسرار الكون، وتطوير أنظمة دعم الحياة المستدامة للبعثات الطويلة الأمد، إذ يُعد الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية في العصر الجديد للفضاء.

ومع ذلك، يأتي توسع سوق الذكاء الاصطناعي الفضائي مصحوبًا بتحدياته الخاصة، بما في ذلك قضايا الأمان والخصوصية، والحاجة إلى تطوير معايير وأخلاقيات مستدامة تحكم استخدام هذه التكنولوجيا، لكن ورغم التحديات يبقى الإثارة والتفاؤل بالإمكانيات الواسعة التي يقدمها هذا المجال سائدة، مع توقعات بأن يسهم بشكل كبير في مستقبل استكشاف الفضاء واستغلاله.

وبالنظر إلى المستقبل الواعد للذكاء الاصطناعي في الفضاء الخارجي، فإن من تطبيقاته المثيرة هو استخدامه في تحقيق هبوط ذاتي للمركبات الفضائية، ونجد مثالًا بارزًا على ذلك في تكنولوجيا الملاحة المعتمدة على التضاريس (TRN)، التي كانت جزءًا من مهمة ناسا إلى المريخ في عام 2020، مثل تقنية TRN التي مكّنت المركبة من تحقيق هبوط دقيق على سطح المريخ، مع تفادي المناطق الخطرة بكفاءة، وهذه العملية استفادت من تحليل الصور بالزمن الفعلي، تقنيات ليدار (LIDAR)، واستخدام خرائط مدمجة للملاحة وتعديل المسار أثناء الهبوط.

والهبوط الذاتي يسهم في خفض تكاليف المهام الفضائية، مما يساعد على جعل إعادة استخدام الصواريخ خيارًا أكثر فعالية من حيث التكلفة، وهذا التطور يجعل من استكشاف الفضاء نشاطًا ذا جدوى اقتصادية أكبر، وهذا الأمر بمثابة لمحة عن الإمكانيات الواسعة التي يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي في مجال الطيران والفضاء في المستقبل، وبفضل الجهود المستمرة في مجال البحث والتطوير عالميًا، فإن الفرص المتاحة أمام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال تبدو بلا حدود.

وقد أعلنت الصين أنها ستستفيد من تقنية متقدمة لمراقبة الفيديو مدعومة بالذكاء الاصطناعي من نظام "تانفان" الوطني، للإشراف المستمر على الأحداث المحيطة بمحطتها القمرية الدولية المزمع إنشاؤها.

ووفقاً لما ذكرته صحيفة South China Morning Post الصينية، استناداً إلى بيانات من الإدارة الوطنية الصينية للفضاء، يُعتزم تأسيس وتطوير نظام المراقبة البصرية للمحطة القمرية استناداً إلى الخبرات المكتسبة من نجاح مشروع Skynet الصيني، إذ تؤكد الإدارة الوطنية للفضاء الصيني أهمية تطبيق نظام المراقبة بالفيديو في المرافق القمرية لضمان الأداء الفعال لهذه المنشآت الفضائية.

ويمثل أن مشروع "تانفان" (Skynet Project) أكبر شبكة عالمية لكاميرات الفيديو المجهزة بالذكاء الاصطناعي، شاملاً 600 مليون جهاز رصد بصري، وهذا النظام قادر على التعرف على الأفراد بناءً على ملامح الوجه وطريقة المشي من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي.

وتخطط الصين لنشر مجموعة من الكاميرات الصغيرة، التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء والموجات البصرية، بوزن لا يتجاوز 100 جرام، مزودة برقائق الذكاء الاصطناعي، بعمر تشغيلي متوقع يصل إلى 10 سنوات، وهذه الكاميرات مصممة لتحمل تغيرات درجات الحرارة الشديدة من +100 إلى -180 درجة مئوية، بالإضافة إلى مقاومتها للإشعاع الكوني، كما يمكن لهذه الكاميرات التعرف على الأجسام المشتبه بها وتحديد مواقعها وتتبع حركتها، حيث ترسل إشارات تنبيه فورية عند رصد أي شذوذ، متخذة الإجراءات اللازمة على الفور.

وفي مارس 2021، وقعت الصين ووكالة الفضاء الروسية "روس كوسموس" مذكرة تفاهم وتعاون لإنشاء المحطة القمرية الدولية، وضمن خطة البرنامج القمري، تعتزم الصين إرسال ثلاث محطات أوتوماتيكية إلى القمر لاختبار التكنولوجيات الأساسية، مما يمهد الطريق لبناء مجمع قمري تجريبي يمكن التحكم به عن بُعد.

ومن المقرر إطلاق أول بعثة فضائية إلى القمر في عام 2026، بخطة لإتمام المشروع بحلول عام 2028، وقد انضمت إلى هذا المشروع دول مثل باكستان، الإمارات العربية المتحدة، منظمة آسيا والمحيط الهادئ للتعاون، أذربيجان، والشركة السويسرية Nano-SPACE.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة الطيران

ويعتبر الذكاء الاصطناعي مظلة واسعة تغطي تكنولوجيات متقدمة متنوعة مثل الرؤية الحاسوبية، الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتحليل اللغات الطبيعية، وغيرها، ومؤخرًا شهدنا تبني هذه التقنيات عبر أقسام متعددة في صناعة الطيران لتعزيز الفعالية وتحسين الأداء ورفع مستوى الأمان، إذ إن الدفع الرئيسي وراء توسع سوق الذكاء الاصطناعي ضمن هذا القطاع يعود إلى المزايا الملموسة التي تحققت نتيجة لهذه الابتكارات.

كمثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في صياغة واختبار تصاميم وبُنى للطائرات بتحسينات ديناميكية هوائية متقدمة، حيث يمكن لشركات بارزة كإيرباص وناسا الاستفادة بشكل كبير من الذكاء الاصطناعي التوليدي لابتكار تصميمات طائرات أكثر كفاءة وصديقة للبيئة.

وتظهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الفضاء الجوي فوائد كبيرة يمكن قياسها بوضوح، وهذه الفعالية المثبتة تسهم في توقع نمو سوق الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع بمقدار 4.694.7 مليون دولار أمريكي خلال الفترة من 2023 إلى 2028.

كما أن الزيادة في عدد المسافرين جوًا، والتي تعكس اتجاهًا نحو الاعتماد المتزايد على الطيران كوسيلة نقل، تعتبر دافعًا رئيسيًا لهذا النمو، ومع تصاعد حجم الحركة الجوية عالميًا، يبرز الطلب المتزايد على إدارة الحركة الجوية بشكل أكثر كفاءة وتحسين العمليات التشغيلية للرحلات الجوية، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي كحل فعّال.‍

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

 بشأن الذكاء الاصطناعي.. منافسة شرسة بين غوغل و"ChatGPT" 

الاقتصاد نيوز _ متابعة

تعمل شركة "غوغل" على تطوير وضع ذكاء اصطناعي جديد (AI Mode) لتعزيز قدرات محرك البحث الخاص بها ومواجهة المنافسة المتزايدة مع "ChatGPT Search" الذي أطلقته شركة "أوبن إيه آي".

 

التحديات والفرص أمام "غوغل" يمثل إطلاق "ChatGPT Search" نقلة نوعية في عالم محركات البحث، حيث أصبح متاحاً لجميع المستخدمين مؤخراً بعد أن كان مقتصراً على المشتركين المميزين. ورغم أن محرك البحث هذا لا يشكل تهديداً مباشراً لـ"Google Search"، إلا أن دقة نتائجه وتفاعليتها أثارت اهتمام المستخدمين.

في المقابل، تواجه "غوغل" تحديات تتعلق بدمج الذكاء الاصطناعي في منصتها الضخمة التي تعتمد عليها مئات الملايين يومياً. تجربة إطلاق "Bard" السابقة كشفت عن بعض الأخطاء، ما دفع الشركة إلى مراجعة استراتيجياتها التقنية لتقديم تجربة موثوقة ومنافسة.

 

مزايا "AI Mode" الجديد وفقاً لتقارير إعلامية، يعمل وضع الذكاء الاصطناعي الجديد كخيار إضافي إلى جانب القوائم الحالية مثل الصور والفيديوهات. سيوفر هذا الوضع:

إجابات تفاعلية ومخصصة.

روابط مباشرة لمصادر ذات صلة.

إمكانية طرح أسئلة متابعة بواجهة سهلة الاستخدام.

 

الميزة الأبرز التي تقدمها "غوغل" هي قدرة المستخدمين على العودة بسهولة إلى نتائج البحث التقليدية، ما يضمن تلبية احتياجات جميع الفئات.

 

موعد الإطلاق وتوقعات المستقبل رغم عدم إعلان "غوغل" عن موعد رسمي لإطلاق "AI Mode"، تشير التقارير إلى أن العمل على هذه التقنية بدأ منذ فترة طويلة. الصور المسربة من النسخ التجريبية لتطبيق "غوغل" على "أندرويد" تؤكد اقتراب طرح هذه الميزة.

 

سباق الذكاء الاصطناعي مستمر مع احتدام المنافسة بين "غوغل" و"أوبن إيه آي"، يبقى الابتكار مفتاح التميز. وبينما يركز "ChatGPT Search" على التفاعلية وسهولة الاستخدام، تسعى "غوغل" إلى الجمع بين الذكاء الاصطناعي والموثوقية، ما يعد بتحولات  جذرية في طريقة البحث عن المعلومات.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يوجه متابعة مرضى نقص الانتباه
  • هل يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل أطفالنا؟
  • الذكاء الاصطناعي يكشف سر الحفاظ على شباب الدماغ
  • دراسة: الذكاء الاصطناعي قادر على الخداع
  • «جوجل» تدخل وضع الذكاء الاصطناعي الجديد إلى محرك البحث
  • اكتشاف أكبر خزان مائي في الكون يكفي لملء محيطات الأرض.. أين مكانه؟
  •  بشأن الذكاء الاصطناعي.. منافسة شرسة بين غوغل و"ChatGPT" 
  • كيف يمكن للعالم أن يحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي؟
  • أدوات الذكاء الاصطناعي الأكثر شعبية في العام 2024 (إنفوغراف)
  • جوجل تدخل وضع الذكاء الاصطناعي الجديد إلى محرك البحث