بعد أيام من دعوة الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش السوداني لتكوين حكومة طوارئ أو ما قال إنها حكومة حرب، أعلنت تنسيقية القوى الوطنية بزعامة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، الأربعاء الماضي، عزمها توقيع ميثاق سياسي مع الجيش في إطار الجهود لإنهاء الأزمة السياسية الناجمة عن اندلاع الحرب مع الدعم السريع وتكوين حكومة طوارئ وشيكة.

وعلى الفور حظيت التنسيقية باعتراف واسع من السلطة القائمة في بورتسودان، حيث التقت رئيس جهاز المخابرات العامة، كما وصل قادتها أمس الجمعة إلى قاعدة وادي سيدنا العسكرية في أم درمان لإظهار مؤازرة الجيش. وجرى تأمين الوفد للتجول في أم درمان حيث مقر الإذاعة والتلفزيون المسترد من الدعم السريع قبل أيام.

كيف تكونت تنسيقية القوى الوطنية؟

برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار عقدت تنسيقية القوى الوطنية مؤتمرا تأسيسيا ببورتسودان خلال الفترة بين الثامن والعاشر من مارس/آذار الجاري اتفقت في خواتيمه على دعم القوات المسلحة ومؤازرتها في معركتها ضد الدعم السريع، بجانب تشجيع الاستنفار الشعبي وبلورة رؤية موحدة حول توحيد المكونات السياسية والوطنية وبتوصيات تساعد في عمل التنسيقية وتوسيع مظلتها بحيث تستوعب كل القوى الوطنية.

ما القوى المشاركة في التنسيقية؟

وفقا للأمين العام للتنسيقية محمد سيد أحمد الجكومي، فإن التيار الوليد يمثل طيفا واسعا من الكتل والتنظيمات السياسية والوطنية الداعمة لسيادة البلاد وللجيش في حربه ضد قوات الدعم السريع، بينها كيانات تمثل شرق السودان، والجبهة الثورية بقيادة الجكومي وحركة تحرير السودان بقيادة مصطفى تمبور وآخرين.

ويقول عديد من المشاركين في التحالف الجديد إن الهدف الأساسي لتكوينه هو جمع كل القوى الوطنية في مؤتمر دستوري لإنجاح الحوار السوداني-السوداني بدون إقصاء لأي طرف، لكن قوى سياسية في الجانب الآخر تقلل من الوزن السياسي للجماعات المكونة للتنسيقية وتقول إنها لا تجد تأييدا في الشارع السوداني.

موقف الجيش السوداني تعزز في الصراع بعد سيطرته على مقر الإذاعة في أم درمان (مواقع التواصل) هل الميثاق مدخل لحكومة طوارئ؟

بعد 4 أشهر من بدء الحرب بين الجيش والدعم السريع اقترح مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة تكوين حكومة لتسيير دولاب الدولة وفق مهام محددة.

وفي الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التقى وفدُ الآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي ووقف الحرب البرهانَ وصرح بعدها مقرر الآلية عادل المفتي بتسليمهم قائد الجيش خارطة طريق تتضمن وقف الحرب وتكوين حكومة طوارئ، تضطلع بمهام تنفيذ الالتزامات الوطنية فيما يتعلق بالتنمية والعمران وإغاثة السودانيين المتضررين من الحرب وفتح ممرات إنسانية لدخول المساعدات لولايات الخرطوم ودارفور.

وأجرت السلطة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تعديلات وزارية محدودة بدون الإعلان عن حكومة طوارئ. لكن ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش دعا مجلس السيادة في تصريحات الأسبوع الماضي لتكوين حكومة حرب.

يقول المتحدث باسم تنسيقية القوى الوطنية مصطفى تمبور للجزيرة نت إن البلاد تشهد فراغا دستوريا يحتاج إلى تشكيل حكومة حرب تستطيع أن تنهي التمرد وتدير دولاب العمل بصورة أفضل، ويشير إلى أن الاتفاق السياسي مع الجيش سيؤكد على تكوين هذه الحكومة من أقوى العناصر بعد خلق تكتل وطني كبير في مقبل الأيام.

لماذا التوقيع على ميثاق مع الجيش؟

بعد أيام قليلة من مؤتمرها التأسيسي، التقت قيادةُ التنسيقية قائدَ الجيش عبد الفتاح البرهان وأعقبته باجتماع آخر مع مدير جهاز المخابرات العامة. وبحسب تمبور فإن الوفد أبلغ البرهان بنتائج المؤتمر التأسيسي ونقل دعمه للقوات المسلحة في حربها ضد الدعم السريع، كما أكد على عدم إطلاق أي عملية سياسية ما لم يتم القضاء على التمرد.

ويرى تمبور أن الميثاق المرتقب يمثل خطوة إستراتيجية ومهمة جدا من قوى سياسية وطنية تعمل من الداخل وظلت تقف بجانب الشعب السوداني وجيشه الوطني قبل الحرب وبعد اندلاعها.

ما ملامح الميثاق المرتقب؟

أبرز ملامح الوثيقة التي ستوقع مع الجيش وفقا لتمبور هي التأكيد على شرعية القوات المسلحة في الدفاع عن الشعب السوداني ومكتسباته وحراسة البلاد من أي مهددات داخلية أو خارجية بالإضافة إلى رفض أي تسوية سياسية مع جماعة الدعم السريع التي تنفذ ما قال إنه "مخطط لدولة الإمارات تسعى من خلاله لتفكيك السودان ونهب ثرواته".

كما يرفض الميثاق أي حلول تفرض من الخارج ويؤكد على ضرورة خلق أكبر تكتل وطني تحت مظلة تنسيقية القوى الوطنية بقيادة مالك عقار يشمل كل القوى السياسية والمدنية والإدارة الأهلية والطرق الصوفية والطوائف المسيحية والتنظيمات الشبابية والنسوية، مع التأكيد على ضرورة دور القوات المسلحة في ما تبقى من فترة انتقالية تبدأ بعد إنهاء التمرد.

هل الاتفاق محاولة لتسييس المؤسسة العسكرية؟

يبدي مبارك أردول القيادي بالكتلة الديمقراطية (وهي تنظيم يناصر الجيش) رفضه التوقيع على الميثاق المرتقب مع الجيش، قائلا إن القوات المسلحة مؤسسة وطنية لا تمثل طيفا سياسيا ولا جهويا ولا أيديولوجيا، ولديها مهام فنية تتعلق فقط بحفظ البلاد وحماية الدستور الذي يصنعه التوافق بين القوى السياسية والمدنية والاجتماعية، بعملية صحيحة شاملة وشفافة، ويستفتى فيه الشعب لاحقا.

ويقول أردول للجزيرة نت: "إذا قررت قيادة الجيش تكرار نفس تجربة الاتفاق الإطاري فأقل شيء يمكن أن يحصل الآن هو تفكيك الجبهة الداخلية وتشتيت الإجماع الشعبي والالتفاف الذي حاز عليه منذ بدء الحرب".

وكان الاتفاق الإطاري مسودة تم الاتفاق عليها بين الجيش والقوى المدنية، حيث لاقى معارضة من قائد الدعم السريع؛ وهو ما أدى إلى اندلاع الحرب الشرسة الحالية.

ويرى أردول أن تنسيقية القوى الوطنية تسرعت بلقاء البرهان والاتفاق معه بدون الاجتماع ببقية الكتل والقوى الأخرى للتوافق على الحد الأدنى من القضايا الوطنية، ويردف: "واضح أنها عملية تسييس للجيش واستقواء به وإدخاله في المعترك السياسي".

في المقابل، يشدد تمبور على أن الاتفاق الوشيك لا يعني تسييسا للمؤسسة العسكرية، لكنه يعزز دور الجيش في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، ويعتبر أن القوى التي ترفض أي دور سياسي للجيش هي ذاتها التي وقعت معه الوثيقة الدستورية وقاسمته السلطة.

تمبور يقول إن البلاد تشهد فراغا دستوريا يحتاج إلى تشكيل حكومة حرب تستطيع أن تنهي التمرد (الجزيرة) هل الميثاق رد على اتفاق أديس أبابا؟

منذ بدء الحرب تفرقت القوى السياسية بين مؤيد للجيش ومنحاز للدعم السريع وفريق ثالث يقف في المنتصف كما يقول المحلل السياسي أحمد موسى.

ويرجح موسى في حديثه للجزيرة نت أن تكون تحركات تنسيقية القوى الوطنية ردا على توقيع تحالف القوى المدنية "تقدم" اتفاقا مع الدعم السريع في أديس أبابا قبل نحو شهرين، قائلا: "هو ردة فعل أكثر من كونه فعلا أصيلا".

ويشير إلى أن الميثاق المرتقب ليس من الضروري أن يكون سياسيا ولا يتوقع تضمنه بنودا توضح ما يمكن أن يحدث في المستقبل، بل هو مجرد تأكيدات على الاصطفاف نحو هدف القضاء على التمرد.

ويردف: "يمكن أن يؤسس لرؤية سياسية مشتركة تؤدي لتشكيل حكومة حرب خاصة مع تصريحات مسؤولين عسكريين بأن الدولة تحتاج لحكومة حرب رشيقة". في المقابل يشدد  تمبور على أن الميثاق مع الجيش ليس رد فعل بل هو تحرك وفق خطوات وبرنامج وطني واضح المعالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات تنسیقیة القوى الوطنیة القوات المسلحة مجلس السیادة الدعم السریع حکومة طوارئ مالک عقار حکومة حرب مع الجیش

إقرأ أيضاً:

مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان

أدى الهجوم إلى مقتل العشرات بينهم نساء وأطفال بعد أن استباحت قوات الدعم السريع قرية الزعفة- وفق ما أعلنت شبكة طبية مستقلة.

الإضية: التغيير

لقي عشرات المدنيين مصرعهم وأصيب عشرات آخرون إثر هجوم نفذته قوات الدعم السريع على إحدى قرى محلية الإضية بولاية غرب كردفان- غربي وسط السودان.

وشهدت غرب كردفان المجاورة لإقليم دارفور، خلال الفترة الماضية، تحركات مكثفة لقوات الدعم السريع للسيطرة على مقرات الجيش في سياق حربهما الممتدة منذ منتصف ابريل 2023م، وذلك بعد الاستيلاء على مقراته في نيالا- جنوب دارفور وزالنجي وسطها والجنينة في الغرب والضعين شرقاً، فيما لا يزال الجيش يحتفظ بمقراته في مدينة الفاشر شمال دارفور.

وقالت شبكة أطباء السودان- طبية مستقلة- في بيان اليوم الخميس، إن قوة من الدعم السريع نفذت مجزرة بشعة ضد سكان قرية “الزعفة” بمحلية الأضية بولاية غرب كردفان.

وأضافت أن القوة قامت باستباحة القرية وتصفية 74 شخصاً بينهم 12 طفل و9 نساء، فيما أصيب 178 آخرين بجروح متفاوتة.

وأدانت الشبكة بشدة عمليات القتل التي تمارسها الدعم السريع بقرى غرب كردفان والتي لم تراع فيها لأبسط الحقوق الإنسانية التي تجرم قتل المدنيين العزل ونهب أموالهم وحرق مساكنهم.

وعبرت شبكة أطباء السودان، عن بالغ أسفها على الصمت الدولي تجاه جرائم الحرب الموثقة للدعم السريع والتي تمارسها ضد المدنيين العزل في كردفان ودارفور، وطالبت المنظمات الأممية والدولية بمزيد من الضغط على الدعم السريع لوقف هذه الانتهاكات- حسب البيان.

وبدأ الجيش منذ فترة استهداف مواقع تابعة لقوات الدعم السريع في مناطق عديدة بإقليم كردفان، باستخدام الطيران الحربي والمسيرات.

وفي يوليو من العام الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع، السيطرة على اللواء 92 التابع للجيش السوداني وكامل منطقة الميرم بولاية غرب كردفان.

وتواجه قوات الدعم السريع اتهامات متكررة وموثقة منذ اندلاع الحرب، بممارسة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان واعتداءات ممنهجة ضد المدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها أو التي تدخلها في حملتها لتوسيع نطاق الحرب، فيما ترد القوات بالنفي وتأكيد أن المواطنين في مناطق سيطرتها يعيشون في حرية وأمان.

الوسومالإضية الجيش الدعم السريع الزعفة السودان حرب 15 ابريل 2023م دارفور غرب كردفان

مقالات مشابهة

  • اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 60 عنصراً من قوات الدعم السريع في الفاشر
  • مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان
  • قصف كثيف وتوغل بري… هل اقترب سقوط الفاشر؟ .. خبير عسكري يؤكد أن الجيش السوداني جهز قوات كبيرة لفك الحصار عن المدينة
  • مساعد البرهان يبلغ مبعوث للامم المتحدة شروط توقف الحرب ضد الدعم السريع
  • الجيش السوداني: مقتل 60 عنصرا من "الدعم السريع" بهجوم على الفاشر  
  • اقرأ غدًا في «البوابة».. أكدا أهمية تأمين الملاحة في البحر الأحمر.. مصر وجيبوتي ترفضان تشكيل حكومة موازية في السودان
  • مصر وجيبوتي تؤكدان رفضهما لأية محاولات تهدد وحدة السودان وتشكيل حكومة موازية
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 47 مدنيا في قصف للدعم السريع استهدف الفاشر‎
  • “كمين المندرابة”.. الجيش السوداني يلقي القبض على قائد بقوات الدعم السريع وضباطه وجميع قواته