للإمام الراحل الشيخ جاد الحق علي جاد الحق مواقف خلدت نفسها في صفحات التاريخ بأحرف من نور، دافعت عن الإسلام ولعبت دورا رياديا في تاريخ الجامع الأزهر.

ولد الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق يوم الخميس 5 أبريل عام 1917 ببلدة بطرة مركز طلخا بمحافظة الدقهلية، ونشأ في أسرة ملتزمة والتحق بالأزهر الشريف، ثم التحق بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وحصل منها على الشهادة العالمية عام 1934، ثم حصل علي الإجازة في القضاء الشرعي عام 1954، وقد عُين فور تخرجه موظفا قضائيا بالمحاكم الشرعية في يناير 1964، ثم أمينا للفتوى بدار الإفتاء عام 1953 فقاضيا بالمحاكم الشرعية عام 1954، وفي عام 1956 عين قاضيا بالمحاكم بعد إلغاء ثورة يوليو للمحاكم الشرعية ثم رئيسا للمحكمة عام 1971م .

وفي أغسطس 1978م عين فضيلته مفتيا للديار المصرية، وبعدها بعامين اختير عضوا بمجمع البحوث الإسلامية، وفي الرابع من يناير عام 1982م عين فضيلته وزير ا للأوقاف المصرية وبعدها بشهرين وفي شهر مارس عام 1982م عين شيخا للأزهر ليصبح الإمام الثاني والأربعين للأزهر، وفي سبتمبر عام 1988م تم اختيار فضيلته رئيسا للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.

مواقف خالدة للإمام الأكبر جاد الحق علي 

كان لفضيلة الإمام الراحل الشيخ جاد الحق مواقف جريئة وشجاعة وصريحة في الكثير من القضايا والمشكلات المحلية والدولية تمسك فيها بموقف الإسلام, انطلاقا من رسالته الكبري كشيخ للأزهر وإمام للمسلمين.

1 - نصير الأقليات المسلمة:

كان الإمام الراحل يولي اهتماما بالغا بقضايا الأقليات المسلمة في العالم ويطالب بوقف عمليات الاضطهاد التي يتعرضون لها، وأشهر هذه المواقف موقفه من العدوان الصربي علي المسلمين في البوسنة والهرسك، فعندما نشبت حرب إبادة المسلمين في البوسنة أول من أعلن أن حرب الإبادة صليبية في المقام الأول وهدفها إبادة المسلمين في البوسنة.

ونجح الإمام الراحل من خلال منصبه كرئيس للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة وتأييده التام لحملة لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء بمصر في أن يجمع ملايين الدولارات تم إرسالها للمجاهدين في البوسنة.

وكان لفضيلته موقف شجاع في مناصرة المجاهدين في الشيشان وقدم لهم كل الدعم المالي والمعنوي، وعندما نشبت حرب الشيشان بين الروس والشعب الشيشاني أصدر بيانا حول تلك الحرب، حيث أكد أنه لولا تمسك شعب الشيشان بإسلامهم ما حاربهم الدب الروسي.

وقد قدم الإمام الراحل العديد من المنح الدراسية المجانية لأبناء البلدان الإسلامية المستضعفة حتي يعودا لأوطانهم دعاة للإسلام، وذلك من خلال الدراسة في الأزهر الشريف.

 

2 - قضية القدس:

كانت قضية القدس تشغل حيز ا كبير ا من عقل وقلب الإمام الراحل، وكان يذكر بها في كل المواقف والمناسبات مؤكد ا علي أن القدس ستظل عربية إسلامية إلي قيام الساعة رغم أنف الإسرائيليين.

ورفض الإمام الراحل سياسة التطبيع مع إسرائيل ما استمرت في اغتصابها للأرض العربية، وكان مما قاله: (لا سلام مع المغتصبين اليهود، ولا سلام إلا بتحرير الأرض العربية), ورفض زيارة المسلمين للقدس بعدما أفتي بعض العلماء بجواز ذلك بعد عقد اتفاقية أوسلو عام 1993م، وقال إن من يذهب إلي القدس من المسلمين آثم آثم، والأولي بالمسلمين أن ينأوا عن التوجه إلي القدس حتي تتطهر من دنس المغتصبين اليهود، وتعود إلي أهلها مطمئنة يرتفع فيها ذكر الله والنداء إلي الصلوات، وعلي كل مسلم أن يعمل بكل جهده من أجل تحرير القدس ومسجدها الأسير. 

وعلي أثر هذا النداء القوي من الإمام الراحل دعا البابا شنودة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في مصر هو الآخر المسيحيين لعدم زيارة القدس.

ورفض الإمام الراحل ما تردد عن حصول إسرائيل علي مياه النيل من خلال مشروع ترعة السلام، وقال مقولته الشهيرة: ؛إن حصول إسرائيل علي مياه النيل أصعب من امتلاكها سطح القمر .

وعن الأسري المصريين الذين قتلتهم إسرائيل عمد ا إبان حرب يونيو 1967 وأثارتها الصحافة المصرية، قال فضيلته: (القتل العمد ضد أسرانا يستحق القصاص).

 

3 - تمسك بحكم الإسلام في مؤتمر السكان:

نشرت الصحف العالمية قبيل انعقاد المؤتمرالدولي للسكان بالقاهرة عام 1994،  وثيقة المؤتمر والتي تتضمن إباحة الشذوذ والزنا وحمل الصغيرات العذارى والحفاظ علي حملهن وإباحة إجهاض الزوجات الشرعيات الحرائر.

وفور علم الإمام الراحل بخطوط تلك المؤامرة، وأصدر بيانا شديد اللهجة والصراحة يرفض وثيقة المؤتمر لأنها تخالف شريعة الإسلام وأكد البيان أن الإسلام لا يقر أي علاقة جنسية بغير طريق الزواج الشرعي الذي يقوم بين الرجل والمرأة كما يحرم الإسلام الزنا واللواط والشذوذ, ويحرم إجهاض الجنين ولو عن طريق الزنا، وأهاب البيان بالأمة الإسلامية عدم الالتزام بأي بند أو فقرة تخالف شريعة الله.

وقد سارعت الحكومة المصرية بتبني بيان شيخ الأزهر وأصدر الرئيس المصري مبارك بيانه الذي أكد فيه أن مصر المسلمة لن تسمح للمؤتمر بأن يصدر أي قرار يصطدم مع ديننا وقيمنا، وخرج المتآمرون يجرون أذيال الخيبة والفشل 

وعندما ظهرت علي التو أول نتائج مؤتمر السكان في مصر بقيام وزير الصحة المصري بمنع ختان الإناث وتجريمه اتخذ قرارا جريئا بإعلانه أن ختان الإناث من شعائر الإسلام ولا يجوز لأحد أن يمنعه, وتمسك بموقفه, بالرغم من الدعوي القضائية التي رفعتها ضده المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بمصر.

كما تصدي لقرار وزير التعليم المصري بمنع الحجاب في المدارس المصرية والابتدائية وضرورة موافقة ولي أمر الطالبة في المرحلة الإعدادية والثانوية علي ارتداء ابنته الحجاب, وأصدرت لجنة الفتوي بيانا أعلنت فيه أن القرار الوزاري يخالف الشريعة الإسلامية ونصوص الدستور, واستند المحامين المصريين لهذه الفتوي عند التقاضي أمام المحاكم ضد وزير التعليم المصري حتي تم إلغاء هذا القرار. 

 

4 - نهضة الأزهر:

حين تولي الإمام الراحل جاد الحق مشيخة الأزهر عام 1982م كان عدد المعاهد الأزهرية لا يزيد عن 600 معهد, وبلغت عدد تلك المعاهد في عهده ستة آلاف معهد وبضع مئات, فقد زرع الإمام الراحل المعاهد الأزهرية في قري مصر, كما تزرع النخيل في الصحراء.

كما أنشأ معاهد أزهرية تخضع لإشراف الأزهر في تنزانيا وكينيا والصومال وجنوب أفريقيا وتشاد ونيجيريا والمالاديف وجزر القمر وغيرها من البلدان الإسلامية.

كما فتح الإمام الراحل باب الأزهر واسعا أمام الطلاب الوافدين من الوطن الإسلامي وخارجه, وزاد من المنح الدراسية لهم حتي يعودوا لأوطانهم دعاة للإسلام.

ونجح في فتح فروع لجامعة الأزهر في جميع أنحاء مصر وعقدت الجامعة في عهده لأول مرة مؤتمرات دولية في قضايا طبية وزراعية وثقافية مهمة تحدد رأي الأزهر والإسلام فيها.

وكان آخر قرارات الإمام الراحل لنهضة الأزهر هو تحويل الأزهر الشريف إلي مدرسة مسائية للرجال والنساء ولنشر الثقافة الإسلامية الرفيعة, ولتوضيح حقائق الدين السمحة البعيدة عن التعصب والتشرذم والداعية للحب والسلام علي شكل مركز مفتوح للدراسات الإسلامية, ويتم فيها تدريس جميع فروع العلوم الإسلامية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأزهر الشريف الاضطهاد الإمام الأكبر البابا شنودة البوسنة والهرسك الشيخ جاد الحق الشريعة والقانون القتل العمد ثورة يوليو ترعة السلام جامعة الأزهر كلية الشريعة والقانون مؤتمر السكان محافظة الدقهلية مجمع البحوث مبارك الإمام الراحل فی البوسنة وزیر ا

إقرأ أيضاً:

انعقاد مجلس الحديث العشرين لقراءة “صحيح البخاري” من مسجد الإمام الحسين

 ينعقد اليوم الأحد، مجلس الحديث العشرون لقراءة صحيح الإمام البخاري بالإسناد عقب صلاة العصر، في رحاب مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بالقاهرة.

حكم جمع الصلوات الخمس .. وأداء الفجر بعد الاستيقاظ .. الأزهر يوضححكم الدعاء بالمغفرة عند نهاية كل عام وبالإعانة فى العام الجديد

ويضم المجلس نخبة من علماء الحديث بجامعة الأزهر، منهم: فضيلة الأستاذ الدكتور صبحي عبد الفتاح ربيع، أستاذ الحديث وعلومه؛ وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبد الفتاح الدسوقي، أستاذ الحديث وعلومه المساعد؛ والدكتور عبد الرحمن رمضان عبد المجيد، مدرس الحديث وعلومه.

تأتي هذه الفعاليات ضمن جهود وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في خدمة السنة النبوية الشريفة، وحرصًا على إحياء المجالس الحديثية التي تقدم الفهم الصحيح للسنة، وتتيح فرصة لطلبة العلم والباحثين في علوم الحديث، عبر نهج علمي متصل بالإسناد، يتبنى المنهج الأزهري الوسطي المعتدل.

مقالات مشابهة

  • تسيير قافلة عهد الأحرار بمناسبة ذكرى مولد الزهراء
  • مفتى الجمهورية: الشريعة الإسلامية وضعت أحكامًا تهدف لتحقيق العدالة واليسر (فيديو)
  • في ذكرى وفاته.. حكاية فيلم غير مسار صلاح ذو الفقار وقصة حب شادية
  • انعقاد مجلس الحديث العشرين لقراءة “صحيح البخاري” من مسجد الإمام الحسين
  • في ذكرى وفاته.. الشيخ علي محمود إمام التلاوة وسيد الإنشاد ومكتشف النجوم
  • ذكرى رحيل الشيخ العناني: علامة فارقة في تاريخ الأزهر والشريعة الإسلامية
  • ذكرى ميلاد الفنان محمد رضا.. سر إتقانه دور المعلم في السينما
  • تعرف على.. أبرز الإسهامات والجولات الخارجية لشيخ الأزهر لـ عام 2024
  • شيخ الأزهر في ٢٠٢٤.. جولات خارجية تعزز الرسائل الحضارية وتدعم القضايا الإسلامية
  • شيخ الأزهر في 2024.. جولات خارجية تعزز الرسائل الحضارية وتدعم القضايا الإسلامية