ديفيد هيرست: كل العلامات تشير إلى هزيمة استراتيجية لـإسرائيل
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، مقالا لرئيس تحريره ديفيد هيرست، أشار فيه إلى أن العلامات كافة تؤكد تعرض دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى "هزيمة استراتيجية"، في عدوانها المتواصل على قطاع غزة.
وبرهن هيرست على طرحه بالإشارة إلى وجود عقبات لا تحصى في وجه الاحتلال، من خسارة الرأي العام الغربي إلى القلق الشديد الذي بات يساور داعميها.
وابتدأ مقاله بالحديث عن الطفل الفلسطيني فيصل الخالدي (5 سنوات) الذي روى لحظات اغتيال الاحتلال لوالديه بطريقة مروعة أمام عينيه، قائلا إن "الغلام الصغير، راح يسرد الحقائق كما لو كان رجلا بالغا".
وتاليا ترجمة المقال كاملا:
تحدث فيصل الخالدي عن اللحظة التي دخل فيها الجنود الإسرائيليون بيت عائلته في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، بينما كان يتأهب للذهاب إلى المدرسة.
Bu gönderiyi Instagram'da gör التلفزيون العربي Alaraby TV (@alarabytv)'in paylaştığı bir gönderi
وقال في حديث له مع مراسل التلفزيون العربي الذي كان يجري مقابلة معه: "كانت أمي حاملاً. عندما كنا نغادر إلى المدرسة دخلوا (أي الجنود الإسرائيليون) إلى غرفة المعيشة وأطلقوا النار على أمي في بطنها. كانت حاملاً في الشهر السابع".
"وماذا عن أبيك؟".
قال الغلام: "كان نائماً".
"ثم صحا من نومه؟".
قتل هو وأمي في نفس الأسبوع".
"في نفس اليوم؟".
"نعم، أمامي وعلى مرأي مني".
"أخذوهم إلى الممر وقتلوهم أمامي. عندما ذهبنا إلى الممر أخرجوهم وقتلوهم أمامنا".
العالم يراقب
لربما كان هؤلاء الجنود ينفذون تعليمات الحاخام إلياهو مالي، رئيس المدرسة اليهودية في يافا الذي قال، إن "المبدأ الأساسي الذي لدينا هو أننا عندنا نعيش الحرب المقدسة للوصية، في هذه الحالة غزة، بحسب صوت القاضي، سوف لن تتركوا نفساً واحدة على قيد الحياة. المعني واضح جداً. إذا لم تقتلهم أنت أولاً فلسوف يقتلونك. إرهابيو اليوم وأطفال الماضي، الذي بقي في حياتهم. والواقع هو أن النساء هن من يصنع هؤلاء الإرهابيين. ما يعنيه هذا هو أن تعريف "لا تبقى نفس على قيد الحياة" واضح جداً في الكتاب المقدس. إما أنت أو هم".
إذن التوراة واضحة حول الحاجة لقتل النساء والأطفال.
ولكن ماذا عن كبار السن؟
كان هذا سؤالاً وجهه أحد الحضور إلى الحاخام، الذي أجابه قائلاً: "لا يوجد أناس أبرياء. نفس الشيء ينطبق على المسنين الذين لديهم القدرة على حمل السلاح. كما أن التوراة واضحة جداً في الكتاب. في غزة، بحسب تقديرات القوات الأمنية، 95-98 بالمائة يريدون تدميرنا، وتلك هي الأغلبية. ونفس الشيء ينطبق [على الأطفال]. إذا تركته على قيد الحياة، فلا تحاول أن تتذاكى على التوارة".
لربما كان هذا هو السبب الذي جعل جنوداً آخرين مؤخراً يهنئون رفيقاً لهم قتل رجلاً مسناً غير مسلح يعاني من مصاعب في السمع والنطق، والذي كان رافعاً يديه داخل غرفة نومه.
قال الجندي واصفاً ما حصل: "فتحنا الباب، فارتعد. سار باتجاهي وفعل هكذا (يلوح بيديه). قتلته بأربع رصاصات".
سأله زميل له في مقطع فيديو نشر على موقع إكس: "وهل كان الوحيد؟".
"لا أدري. ليس لدينا وقت. لربما كان هناك آخرون. كانت هناك غرفة أخرى. لم يكن لدينا وقت".
"وقال، لا، لا؟".
"نعم، لا، لا".
"وأرديته قتيلاً؟ ممتاز".
لاحقا في المقطع، يُسأل الجندي: "ماذا بدون سلاح؟ كان يحمل شيئاً؟".
"لا، لا، اختبأ بجانب السرير".
"كل الاحترام".
تظهر مقاطع الفيديو الجنود الإسرائيليين وهم يتحدثون فيما بينهم. يبدو أنهم إلى حد بعيد يزدرون ما قد يفكر به بقية العالم، وهم غافلون عن الأثر الذي تخلفه هذه المقاطع حول العالم. ولكن العالم يراقب.
محل تناقض
بقي العالم الغربي على مدى 75 عاماً لا يبالي. ولكن هذه الحرب تجبر داعمي إسرائيل الغربيين على رؤية الجرائم المرعبة التي ترتكب في حملة وصفوها قبل خمسة شهور بأنها عادلة. حتى الناقد التقدمي لإسرائيل، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي بيرني ساندرز، قال قبل خمسة شهور إن الحرب ضد حماس عادلة.
مستوى التوحش والابتهاج الذي يبديه الجنود الإسرائيليون عندما ينطلقون في عمليات القتل اليومية، وتجويع غزة، ثم إسقاط منشورات باللغة العربية تقول للفلسطينيين بأن عليهم إطعام المحتاجين، وقتل 400 شخص ينتظرون المساعدات، ثم التعهد بإغراق غزة بالمساعدات، كل هذا أكثر بكثير مما يمكن كنسه تحت البساط عندما تتوقف هذه الحرب.
لقد تم تجاوز الحد. بهذه الحرب، دخلت إسرائيل الطبقة النخبوية من الدول المارقة. لقد غدت أقبح القبيح، ويستحيل في حقها المغفرة. لا يمكن تبريرها، ولا يمكن وضع الأمر في أي سياق. كل العملية التي تنفذ في غزة شيء شنيع.
لقد أصبحت الصهيونية اللبرالية عبارة يتناقض بعضها مع بعض. إنه شيء لا يصدق.
بتصرفها بهذا الشكل، تحولت إسرائيل ليس إلى وطن للناس المعذبين الذين عانوا من الاضطهاد حول العالم لآلاف السنين، وإنما إلى فورت نوكس التفوق العرقي اليهودي، الوريث الطبيعي لدعاة التفوق العرقي للبيض.
وهذا له تأثير تحولي كبير على الشعب اليهودي حول العالم، والذي باسمه وباسم ماضيه المشترك يتم ارتكاب تلك الجرائم.
ليس باسمنا
لم تأت الصرخات القلبية القصيرة لجوناثان غليزر، مخرج فيلم "نطاق المصلحة" من فراغ حينما قال في خطاب قبوله لجائزة الأوسكار: "نقف هنا كرجال يفندون يهوديتهم والمحرقة التي يتم اختطافها من قبل احتلال أفضى إلى صراع، يلتهم الكثيرين من لأبرياء".
نفس صرخة "ليس باسمنا" يرددها آلاف الشباب اليهود الذين يخرجون للتظاهر كل نهاية أسبوع في لندن من أجل وقف الحرب في غزة.
ومؤخرا، قالت ناشطة يهودية تعمل مع مجموعة نعمود بريطانيا اسمها إيميلي: "أظن أن مجتمعنا يشهد صحوة هادئة، وترى ذلك بدليل أن الكتلة تنمو باستمرار، والحركة مستمرة في النمو، والمنظمات القاعدية تزداد نمواً يوماً بعد يوم. لم أكن من قبل متأكدة كما أنا اليوم من أنني سوف أرى فلسطين حرة".
وحينما سئلت عن رأيها في محاولات حكومتها تصنيف هذه المسيرات على أنها من عمل المتطرفين، قالت: "لقد سئمت أن يقال لي من قبل أشخاص غير يهود كيف ينبغي على كإنسانة يهودية أن أشعر. لقد سئمت أن يقال لي إن علي أن أشعر بالخوف بينما هذه المسيرات إلى حد كبير سلمية، والناس الذين يشاركون فيها في غاية اللطف معنا والامتنان لنا. هذا في الواقع يثبت مدى الجهل بالرأي اليهودي خارج فقاعتهم الصهيونية الصغيرة جداً".
وهذا هو المكان الذي توجد فيه القيادة الحقيقية. إنها في الشوارع وليس داخل البرلمان. هؤلاء هم الأسود. أما قادتنا السياسيون فهم الحمير.
يحق لإسرائيل والمدافعين عنها أن يتملكهم الرعب مما يقوله لهم جيل جديد من اليهود الأمريكيين والبريطانيين.
على مدى العقود الثمانية الماضية، أدارت إسرائيل إجماعاً حول وجودها، وحول هويتها، وحول غايتها، وكان ذلك أقوى من كل ما تلقته من أسلحة وأموال ومهاجرين يهود.
كلما ضعف هذا الإجماع كلما فقدت إسرائيل نفوذها في مراكز القوى الغربية. وها نحن نرى الإدمان القهري على دعم إسرائيل يقلب الطاولة على محاولات الغرب ذاته إقناع نفسه بأنه قوة أخلاقية، قوة من أجل الخير في العالم.
بموجب آخر تعريف للتطرف من قبل الحكومة البريطانية بات صواباً دعم حكومة تضرب عرض الحائط بمعاهدة الإبادة الجماعية، وتجوع السكان الذين يرزحون تحت نير الاحتلال، وتقتل الأمهات والأطفال غير المسلحين كما تشاء، بينما التطرف هو الاحتجاج ضد كل هذا عبر مسيرات تنظم في شوارع لندن.
هذه سخافة غير مسبوقة.
وتترك لدول مثل جنوب أفريقيا مهمة إرشاد بريطانيا إلى الصواب. ها هي جنوب أفريقيا تعلن عن نيتها محاكمة مواطنيها الذين يعودون إلى البلاد بعد القتال في صفوف الجيش الإسرائيلي.
سوف يستغرق تآكله فترة من الزمن، ولكن بعد هذا الذي يجري في غزة، لن يكون مضموناً في المستقبل استمرار قدرة إسرائيل على الهيمنة على كل واحد من الأحزاب السياسية الكبرى في الغرب. لن يكون بإمكانها إملاء تعريف معاداة السامية، ولن تضمن الأموال التي يحتاج إليها السياسيون الغربيون الطامحون.
في يومنا هذا، كل سياسي من حزب المحافظين أو من حزب العمال يطمح لأن يصل إلى الموقع الأرفع، فإن عليه – وجوباً تقريباً – أن ينتمي إلى أصدقاء إسرائيل، ذلك النادي الذي يفرض نفوذه على كل واحد من الأحزاب السياسية. إلا أن ذلك قد لا يكون الوضع بالنسبة للأجيال القادمة من السياسيين.
لقد غدت المعارضة الأكاديمية اليهودية لإسرائيل قوية ومدوية. ولم يعد من الصواب وصفها بالهامشية. بدأت إسرائيل الآن تفقد الصوت اليهودي العالمي.
"الحرب من الداخل"
مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإبقاء على هذه الحرب مستمرة لأطول مدة ممكنة لا تحظى بالمساعدة من الداخل.
تحدى اثنان من كبار الأعضاء في حكومة الحرب رغبات رئيس الوزراء على الملأ. جاء أول تصرف ينم عن تحد علني من وزير الدفاع يوآف غالانت الذي أعلن أنه سيوافق على طرح قانون خدمة عسكرية جديد فقط فيما لو وافق حزب الوحدة الوطنية الذي يترأسه عضو الكنيست بيني غانتز على كيفية تنظيم الإعفاء الذي يحظى به طلاب المدارس الدينية من الخدمة الإجبارية.
ما فعله غالانت فعلياً هو أنه منح غانتز حق الفيتو ضد القانون الذي يعتمد عليه تمويل المدارس الدينية، التي يرفض طلابها الانخراط في الخدمة العسكرية. بدون هذا القانون، سوف تنسحب الأحزاب الدينية من الائتلاف، الأمر الذي سيفضي إلى انهيار الحكومة.
جاء الإجراء الثاني من غانتز، الذي قام بزيارات لم تحظ بموافقة الحكومة إلى كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، لدرجة أن نتنياهو أمر سفاراته في البلدين بعدم التعاون. ولكن بلغ ضعف نتنياهو السياسي حداً لم يعد بإمكانه معه طرد غانتز أو غالانت من الحكومة.
تلقى نتنياهو ضربة ثالثة خلال نفس الفترة التي لم تتجاوز بضعة أسابيع من التصريح الأخير الصادر عن كبير حاخامات اليهود الشرقيين إسحق يوسف الذي قال إنه فيما لو فرضت الحكومة الخدمة العسكرية الإلزامية على الجماعات المتدينة، فسوف يغادرون إسرائيل جماعياً. ندد مقال نشرته صحيفة الجيروزاليم بوست بالحاخام يوسف. اعتبر كاتب المقال أن كلمات الحاخام تمثل إهانة للجنود الذين يخاطرون بحياتهم في غزة.
تتضاءل السلطات التي يملكها قائد الحرب الإسرائيلية داخل إسرائيل، فلم يعد يتمكن من إدارة الحرب كما يرغب. كما أن ميزان القوة بين إسرائيل وحماس ليس محسوماً كما بدا للوهلة الأولى.
ما من شك في أن الحملة العسكرية أضعفت قدرات حماس كقوة مقاتلة في غزة، على الرغم من أن أعضاء القيادة في غزة لا زالوا يمررون، وبشكل مستمر، رسالة إلى الجناح السياسي في الدوحة وبيروت مفادها أنهم على ثقة بأن لديهم القدرة على الاستمرار.
ثمة مؤشر آخر على ثقتهم بأن لديهم القدرة على رسم مستقبل فلسطين وقيادتها، ألا وهو قائمة الأسرى الذين يتوجب تحريرهم مقابل من تبقى من رهائن إسرائيليين.
تتضمن القائمة مروان البرغوثي، القيادي في حركة فتح المحكوم بخمسة مؤبدات وأربعين سنة سجن بسبب دوره في الانتفاضة الثانية، وأحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعبد الله البرغوثي، القيادي العسكري في حماس، وإبراهيم حامد، أحد قيادات الانتفاضة الثانية.
فيما لو أطلق سراح أي من هؤلاء الرجال، فإن الأثر الذي سيتمخض عن ذلك هو إعادة تشكيل القيادة الفلسطينية على مستوى جميع الفصائل، الوطنية والعلمانية والإسلامية.
سيكون ذلك بالنسبة للفلسطينيين انبعاثاً سياسياً هائلاً. ولسوف يعني كذلك النهاية الحتمية للسلطة الفلسطينية التي تتعاون مع القوة التي تحتلهم.
بالنسبة لإسرائيل، من الممكن أن يوفر تحرير هؤلاء الرجال فرصة حقيقية للتفاوض على إنهاء الصراع. ولكن فقط رجال مثل آمي أيالون، رئيس الشين بيت السابق، يدرك هذه النقطة. بدلاً من ذلك، الفكرة التي خرجت بها حكومة الحرب هي تنصيب عميل آخر من السلطة الفلسطينية، ماجد فرج، ليكون مسؤولاً عن غزة. إلا أن مهمة فرج محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ، ولذلك حري به لو كان حكيماً أن يرفض مثل هذا العرض المسموم.
الضوء الأخضر يتحول إلى الأصفر
يؤثر ضعف نتنياهو بقوة على النخب السياسية الغربية التي تدعم وتسلح إسرائيل.
خلاف الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نتنياهو بات معروفاً وعلى مرأي ومسمع من الجمهور. فالرئيس الأمريكي الذي قال بملء فيه قبل خمسة شهور إن إسرائيل لديها كل الحق في الدفاع عن نفسها، يقول الآن إنه لا يمكن لإسرائيل أن تقتل 30 ألف فلسطيني آخر باسم الدفاع عن النفس.
لا أعتقد أن بايدن طرأ عليه تغيير في التوجه أو أن القشور سقطت عن عينيه. لم يزل المسؤولون في الحكومة الأمريكية يتلقون معلومات كاملة عما يجري في الميدان داخل غزة في كل مرحلة من مراحل هذه العملية.
فقد كانوا يعلمون، على سبيل المثال، أن حماس لم تكن تحول اتجاه قوافل المساعدات أو تسرق الطعام، وقد صرحوا بذلك.
لئن كان بايدن الآن يواجه عواقب منحه إسرائيل الضوء الأخضر لغزو غزة بعد هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر، فإن هذه العواقب في جوهرها انتخابية. لقد صدم فريق بايدن بحجم الصوت غير الملتزم.
مئات الآلاف من الناخبين في أنحاد الولايات المتحدة صوتوا لغير مرشح في التصفيات الديمقراطية يوم الثلاثاء العظيم، في الوقت الذي تتعاظم فيه الحركة التي تحث النخابين على التصويت غير الملتزم، وذلك احتجاجاً على تعامل بايدن مع الحرب في غزة. وهذا يمكن أن يكلفه الكثير في الانتخابات العامة المقررة في شهر نوفمبر.
هذا العام، كانت ترحيبات بايدن بشهر رمضان دافئة بشكل خاص. ولكن الأمريكيين العرب لا يريدون أحضاناً، بل يريدون رؤية تغيير في السياسة. ومازال بايدن يدعم فقط وقف إطلاق نار مؤقت، وليس دائماً. ولم يهدد بوقف توريد الأسلحة لإسرائيل.
ومع ذلك شهدنا تغيراً متعمداً في اللهجة. خذ على سبيل المثال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، أعلى المسؤولين اليهود موقعاً في الولايات المتحدة، والذي كان صارخاً في دعمه لإسرائيل بعد هجوم حماس قبل خمسة شهور. يوم الخميس، حذر شومر إسرائيل من أنها لا يمكن أن تنجو فيما لو أصبحت دولة مارقة على مستوى العالم.
اتهم شومر نتنياهو بأنه يقدم نجاته السياسية على المصلحة الوطنية، وقال إنه بالغ في تسامحه مع قتل المدنيين في غزة، والذي دفع بالدعم الذي تحظى به إسرائيل عالمياً نحو أدني المستويات، مؤكداً على أن إسرائيل لا يمكن أن تنجوا فيما لو أصبحت دولة مارقة.
خسارة الرأي العام في الغرب، واستمرار قضية الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، وتآكل الإجماع اليهودي، وتململ وقلق داعمي إسرائيل – كل هذه العناصر تشير إلى هزيمة استراتيجية سوف تمنى بها إسرائيل.
حتى لو توقفت الحرب الآن، فإن الثمن الذي دفعته إسرائيل حتى تعيد احتلال غزة، سوف يكون أعلى بكثير مما كانت ستدفعه قبل خمسة شهور. ولكنها مازالت لا تدرك ذلك. ولسوف تفعل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة الفلسطيني امريكا فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الحرب لا یمکن من قبل فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل بين الانقسام والتجهيز لما بعد نتنياهو
تتواصل ارتدادات الحرب الإسرائيلية في غزة على المجتمع الإسرائيلي وجيش الاحتلال على حد سواء، مما يفاقم حالة التشظي والانقسام الشديد التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، ضاربة بظلالها السوداء على مستقبل الحالة الداخلية، مما سيكون لها تبعات مؤلمة وقاسية، بحسب تصريحات كثير من المسؤولين والقادة السابقين في جيش الاحتلال.
وكان آخر هذه التحركات، توقيع أكثر من 250 عضواً سابقاً في الموساد على عريضة تطالب بإبرام اتفاق سريع لاستعادة الأسرى، حتى لو كان ثمن ذلك إنهاء الحرب، ووقّع على الدعوة 3 رؤساء سابقين للموساد، وهم داني ياتوم، وإفرايم هاليفي، وتامير باردو، إضافة إلى العشرات من رؤساء الأقسام ونواب رؤساء الأقسام في الجهاز.
وانضموا إلى الدعوات التي أطلقها أخيراً نحو 1000 من الطيارين والعاملين في سلاح الجو الإسرائيلي، وكان منهم اثنان من قادة سلاح الجو سابقا، وهما الجنرالان دان حالوتس ونمرود شيفر.
وتبع ذلك إعلان مئات الجنود من قوات الاحتياط من سلاح المدرعات وسلاح البحرية والأطباء، إضافة إلى وحدة 8200 الاستخبارية، مطالبتهم بوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى.
ويرى مراقبون، أن هذه التحركات مثلت قمة جبل الجليد، أما ما رافقها من أسئلة وجودية لم تكن لتطرح سابقا، فقد تحولت إلى حالة من النقاش العام ضمن حالة استقطاب شديدة، كشفت عنها استطلاعات الرأي.
إعلان صراع بقاءدفعت خطوات ائتلاف اليمين المتطرف الانقلابية على مؤسسات الدولة -التي سبقت هجوم طوفان الأقصى– مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الخروج للشوارع، وكان العامل المشترك بينها، هو الوقوف في وجه الانقلاب القضائي والمحافظة على هوية الدولة كدولة ديمقراطية، وفق وصفهم.
لكن الحرب في غزة أظهرت أشكالا أخرى من الخلافات، ليس فقط على ملف الانقلاب القضائي فحسب، بل إن فشل توقع الهجوم والتصدي له أجبر الإسرائيليين على طرح تساؤلات لتحديد المسؤول عن هذا الفشل.
كما طرح تساؤلات عن دور حكومة نتنياهو بمكوناتها اليمينية المتطرفة في الوصول إلى هذه الحالة، التي قدمت إسرائيل بصورة ضعيفة منقسمة، "شجعت الأعداء على تنفيذ السابع من أكتوبر".
ويرى المختص في الشؤون الإسرائيلية، وديع عواودة، أن هذا العنوان العريض من الخلافات بفعل الحرب، حرك قضايا خلافية داخلية دفينة، وأثر على القدرة بالشعور بالتضامن داخل المجتمع الإسرائيلي، والشعور بالأمن الشخصي، وطرح تساؤلات عن مستقبل الديمقراطية الإسرائيلية وغيرها، والتي تمس عصب المشهد الداخلي.
وأضاف، أن الحرب على غزة كحدث تاريخي وتهديد وجودي وفق وصف نتنياهو لم يخفف من نار الخلافات الداخلية، بل إنها زادت وتعمقت وساعد على ذلك طول الحرب وعدم حسمها وقضية الأسرى.
ويضاف إلى ذلك السجال بين المستوى السياسي والأمني بشأن المسؤولية عن فشل السابع من أكتوبر، والذي يوصف بأنه صراع بقاء دموي في إسرائيل.
وكشف عن جزء من هذا الصراع السجال العلني بين رئيس الشاباك الأسبق يورام كوهين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن طلبات الأخير بقمع المعارضين وطردهم من الكابينت.
وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير إقالة رئيس الشاباك رونين بار والمستشارة القضائية غالي بهاراف ميارا، التي تحولت إلى أزمة دستورية عالقة.
وفي آخر استطلاع للرأي نشره معهد دراسات الأمن القومي في نهاية مارس/آذار الماضي، قدر 67% من العيّنة، أن إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية من شأنه أن يضر بالدافع للخدمة القتالية إلى حد كبير أو إلى حد ما.
إعلانوقال 44%، إن الضرر سيكون خطِراً بشكل خاص، وأعرب 70% من الجمهور عن قلقهم بشأن مستقبل الديمقراطية الإسرائيلية، كما كشف الاستطلاع انخفاض توقع المشاركين في الاستطلاع على قدرة المجتمع الإسرائيلي على التعافي من آثار الحرب.
وبقي مستوى القلق بشأن الوضع الاجتماعي مرتفعا، إذ أبدى 65% من إجمالي العيّنة قلقهم بشأن الوضع الاجتماعي في إسرائيل في اليوم التالي للحرب، كما تضاءل الشعور بالأمن الشخصي.
في المقابل، كشف استطلاع للرأي نشره معهد الديمقراطية الإسرائيلية الجمعة، أن 43% يؤيدون العصيان المدني إذا لم تمتثل الحكومة للمحكمة العليا في تعليق إقالة رئيس الشاباك رونين بار.
ويشير تقسيم اليهود، حسب المعسكر السياسي إلى أن أغلبية كبيرة على اليسار (86%) تؤيد العصيان المدني في حال عدم امتثال الحكومة لقرار المحكمة العليا بشأن إقالة رونين بار، وفي الوسط هناك أغلبية أصغر (57%)، وعلى اليمين أقلية صغيرة فقط (21%) تعتقد أن العصيان المدني، هو السبيل للرد على عدم امتثال الحكومة لقرار المحكمة العليا.
عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة: حكومتنا متطرفة والتوصل إلى صفقة هو الحل الوحيد لإنقاذ أرواح أبنائنا#الجزيرة pic.twitter.com/xu7hf7oVrW
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) April 12, 2025
معارضة الشارعوقد كشفت حرب غزة المستمرة عن حالة معارضة رسمية، ضعيفة ومنقسمة، ولكن في المقابل ساعدت على صعود أشكال أخرى من المعارضة نجحت في تحريك الشارع بقوة، في قضايا مختلفة أبرزها قضية الأسرى، والانقلاب القضائي ومحاولة فرض حكومة نتنياهو اليمينة الديكتاتورية على مفاصل الدولة.
وشارك نحو مليوني شخص فعلا في مظاهرة واحدة على الأقل، وفقا لاستطلاع رأي نشره معهد الديمقراطية الإسرائيلي.
ومن أبرز هذه الحركات والمنظمات:
حركة عائلات عودة المختطفين والمفقودين: وتمثل بعض أقارب معظم الأسرى الإسرائيليين الذين أسرتهم المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023 والتي لها دور بارز في المظاهرات والاحتجاجات دعما لصفقة تبادل أسرى وإيقاف الحرب على غزة، وتمثل عصب الجهات التي تحتج وتتظاهر أثناء الحرب. حركة النضال ضد الانقلاب القضائي: وتضم في الأصل منظمات يسارية سبق لبعضها أن نشطت في الاحتجاجات على نتنياهو خلال ترؤسه الحكومة الإسرائيلية الـ 35 في 2021. حركة الأعلام السوداء: أطلقها 4 أشقاء من عائلة شفارتسمان، على رأسهم الدكتورة شيكما بريسلر، والتي تتهم وسائل إعلام إسرائيلية، أن تمويلها مصدره جمعية "المسؤولية الوطنية" التابعة لرئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك. منظمة إخوة السلاح: منظمة احتجاجية وتطوعية إسرائيلية أسسها جنود الاحتياط كجزء من حركة الاحتجاج على الانقلاب القانوني الذي أعلنته الحكومة الإسرائيلية السابعة والثلاثون في يناير 2023 واستمرت في الاحتجاجات على استمرار الحرب ومن أجل عودة الأسرى. حركة احتجاج التكنولوجيا الفائقة: هي منظمة احتجاجية إسرائيلية بدأت في 15 ديسمبر 2022، مكونة من أشخاص من صناع التكنولوجيا والابتكار الإسرائيلية. تضم المنظمة شركات التكنولوجيا الفائقة والموظفين ورجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين ورجال الأعمال وأعضاء مجتمع التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلي. قوة كابلان: من أبرز الحركات التي قادت الاحتجاجات في مفترق كابلان في تل أبيب، تصف نفسها -وفقا لموقعها الرسمي- بأنها أكبر قوة مدنية ديمقراطية وليبرالية تعمل بكل الطرق القانونية ضد الحكومة التي تؤدي إلى تدمير إسرائيل وضد المسؤول عن الفشل الذي يرأس الحكومة، وتقاتل الآن لإنهاء الحرب في غزة وتحرير الجميع للعودة إلى منازلهم. حركة من أجل جودة الحكم: تعرف نفسها بأنها حركة غير حزبية مستقلة، تعمل لهدف غير ربحي لتعزيز حكم أكثر جودة، بالإشراف على سيادة القانون، وتنشط في تقديم الالتماسات للمحكمة العليا، والكشف عن تصرفات موظفين حكوميين. منظمة أحرار في بلدنا: وهي تابعة لحزب أزرق أبيض الذي أسسه بيني غانتس وزير الجيش ورئيس الأركان الأسبق. إعلانووفقا للمختص في الشؤون الإسرائيلية، فراس ياغي، فإن الاحتجاجات التي سبقت الحرب وما تلاها، أفرزت مخاضا عنيفا داخليا في المجتمع الإسرائيلي، ليس فقط زيادة الهوة والتشظي الداخلي، بل بروز أيضا، جهات وشخصيات تدير المشهد الداخلي الإسرائيلي، بخلاف الشخصيات وقادة الأحزاب الحاليين من قطبي السياسة من معارضة وائتلاف.
ويوضح أن هؤلاء الذين يقفون في المشهد يتهمون بأنهم السبب في ما وصلت إليه إسرائيل من ضعف وانقسام، "وهو ما شجع الأعداء على السابع من أكتوبر".
وأضاف ياغي في حديثه إلى الجزيرة نت، أن لاستمرار الحرب آثارا كارثية اقتصاديًا واجتماعيًا، وعلى كافة المستويات، وما يرافقها من حالة الاستقطاب الشديد والتوتر الداخلي، والعواقب الكارثية على صورة إسرائيل في العالم، وعلاقتها بحيث باتت دولة منبوذة، بسبب حرب الإبادة التي ترتكبها في غزة، وفقًا لكثير من المحللين والكتاب الإسرائيليين".
ولا خلاف بأن إسرائيل باتت بكل مكوناتها رهينة لأفكار المتطرفة، التي تسيطر على مفاصل الحكومة في إسرائيل، ضاغطة على نتنياهو من جهة، ويقوم هو بالمقابل باستغلالها لتمرر أجنداته الشخصية والسياسية ضاربا بعرض الحائط أي مصالح آنية أو بعيدة لإسرائيل في المنطقة والعالم.
وفي المقابل، ترك نتنياهو لهذا التيار بمختلف ألوانه السياسية والدينية، كل الأبواب مشرعة لترسيخ هيمنته الشاملة على الحالة السياسية والعامة، وتنعكس هذه الهيمنة في الانزلاق بشدة نحو اليمين في ظل تراجع سطوة اليسار ويسار الوسط.
وفي مقارنة مع آخر استطلاعات الرأي التي نشرتها القناة 12 الأحد، نجد أن هناك تغيرا واضحا نحو يسار الوسط، رغم تغيير في الأسماء، فمجموع مقاعد الأحزاب اليمينية مع الحريدية بلغ 64، مقابل 74 مقعدا، كانت في آخر انتخابات 2022، أما مقاعد اليسار فقد ارتفعت وفقا للاستطلاع إلى 44 مقعدا مقابل 40 في آخر انتخابات.
إعلانوقد فسر الدكتور مناحيم لازار في مقال نشرته معاريف، أن متوسط مقاعد الليكود شهريًا بلغ 27 مقعدًا في سبتمبر/أيلول 2023، وكان ذلك في ذروة الاحتجاجات على التعديلات القضائية.
وبعد السابع من أكتوبر، حدث هبوط واضح وانخفض المتوسط إلى 21 مقعدًا، وبعد ذلك انخفض إلى ما دون 20 مقعدًا لعدة أشهر، ولكن بعد مرور أكثر من عام على الحرب على غزة أصبح لدى حزب الليكود 24 مقعداً، بفارق 3 مقاعد فقط.
التغيير الذي برز خلال استطلاعات الرأي المختلفة يعكس أيضا قدرة نتنياهو على البقاء رغم العواصف التي اجتاحت إسرائيل خصوصًا الحرب، وحقق نجاحات كان آخرها تمرير الموازنة وتأجيل ملف تجنيد الحريديم المتفجر، والسيطرة الفعلية على قادة المؤسسة الأمنية مع تحميلهم فشل السابع من أكتوبر، ثم استبدالهم بآخرين أكثر ولاء وطاعة له.
في مقابل حالة الاستقرار التي تناولها لازار، يرى رونين تسور في مقال نشرته القناة 12 الأربعاء بأنه رغم معجزة استقرار الوضع السياسي لنتنياهو إلا أن الليكود وفق الاستطلاعات ما زال بعيداً عن الوصول إلى الثلاثين مقعدا.
ولكن مع تنامي التهديد لحكمه، وتكثيف التطرف الداخلي إلى أبعاد مثيرة للقلق، فإن دعم المجموعة السياسية الأساسية -من التيار الديني- التي ستقف إلى جانبه مهما كانت الظروف، يزداد قوة فهو يعتمد عليهم في معيشته، والحفاظ على مكانته، وتحقيق رغبة الانتقام لدى قطاعات كبيرة من أعضائه.
وبينما كشفت استطلاعات الرأي عن تغيير في المزاج العام الإسرائيلي بسبب الحرب، ومن ذلك أن رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت (يمين متطرف) سينجح بأن يترأس أكبر حزب في إسرائيل لو خاض الانتخابات القادمة.
يسعى بينيت ذو الأصول الصهيونية الدينية إلى تغيير جلده ولو قليلا، وقد بدأ باستمالة الناقمين على سياسة نتنياهو من حلفائه الحاليين من اليمين المتطرف، إضافة إلى الساخطين من أحزاب المعارضة بسبب وهن وضعف قادتها.
إعلانوسجل بينيت حزبا جديدا باسم "بينيت 2026″، ووفق استطلاع رأي لصحيفة معاريف في حال جرت الانتخابات اليوم، فإن حزب بينيت سيحل أولا بحصوله على 29 مقعدا، مقابل حصول الليكود برئاسة نتنياهو على 21 مقعدا.
وعليه، يحصل المعسكر المعارض لنتنياهو على 65 مقعدا، مقابل 45 مقعدا لمعسكر نتنياهو، و10 مقاعد للنواب العرب.
يرى عواودة أنه لو تم تكليف لجنة تحقيق حكومية في السابع من أكتوبر فلن يكون نتنياهو وأيضا قادة من أحزاب الائتلاف الحالي في المشهد السياسي.
وأوضح الخبير بالشأن الإسرائيلي، أن نتنياهو يعرف جيدا، أن لجنة التحقيق، ووقف الحرب يعني تفكك حكومته، وستتبعه انتخابات مبكرة، سيدفع ثمنها شخصيا من تاريخه السياسي وسيكون خارج المشهد، إضافة للعقاب الذي سيتعرض له الليكود، وباقي مكونات الائتلاف، في صناديق الاقتراع من الناخبين على دوامة الأزمات التي فرضتها أجنداتهم الشخصية الضيقة على إسرائيل من أثمان بالدم.
ويتفق ياغي معه، أن نتنياهو لن يكون في المشهد السياسي القادم إلا إذا نجح في إطالة هذه الأزمة من حرب، وتوتر في الإقليم حتى نهاية فترة ولايته في نهاية 2026، على أمل أن يكون هناك تغيير في المزاج العام الإسرائيلي، وقدرته على إقناعهم وتسويق صورة النصر المطلق، والأسرى، واليوم التالي للحرب ليس في جبهة غزة وحدها بل في الحالة الداخلية الإسرائيلية".