الجزيرة:
2024-11-22@17:32:16 GMT

ميناء غزة.. خطة نتنياهو وتنفيذ بايدن

تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT

ميناء غزة.. خطة نتنياهو وتنفيذ بايدن

في خطابه حول حالة الاتحاد في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي؛ فوجئ العالم بقرار الرئيس الأميركي جو بايدن عزمه إقامة ميناء بحري عسكري في غزة على وجه السرعة؛ لتسهيل عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

لم تمضِ بضعة أيام حتى نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية في 11 مارس/ آذار 2024م، نقلًا عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، أن "خُطة إنشاء طريق بحري إلى غزة عبر قبرص لتقديم المساعدة الإنسانية للفلسطينيين، بدأها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتعاون مع الرئيس الأميركي جو بايدن"، بعد أسبوعين من اندلاع الحرب، أي قبل خمسة أشهر من قرار الرئيس بايدن.

فلماذا تأخّر بايدن كل هذا الوقت؟ وما الدوافع الحقيقية لهذا المشروع؟ وإذا كان نتنياهو حريصًا على إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة فلماذا يعطّل إدخال المساعدات البرية حتى الآن؟

ما الذي يهدف إليه نتنياهو من وراء التخطيط المبكر لإنشاء ميناء في قطاع غزة؟ وما علاقة هذا المشروع بأهداف الحرب التي أعلنها والتي لم يعلنها بعد؟ وما الذي جدّ حتى يستعجل نتنياهو وبايدن في إنشاء الميناء؟

كذب بلا حدود

لم تكن مجرد فكرة طرحها نتنياهو على الرئيس بايدن، بل كانت خطة متكاملة بدأ نتنياهو العمل على تنفيذها مبكرًا، فقد ذكرت الصحيفة نقلًا عن مصدرها رفيع المستوى، أن نتنياهو عرض الخطوط الرئيسية لهذه الإستراتيجية على الرئيس القبرصي خريستودوليديس، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد حديثه مع بايدن، وأن نتنياهو تحدث مع بايدن ثانية في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي في الخطة نفسها، واقترح عليه تشكيل فريق لاستكشاف الإمدادات البحرية عبر قبرص، مؤكدًا إجراءَ فحص شامل لجميع البضائع التي سترسل إلى قطاع غزة.

وقد بثّت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني تصريح الرئيس القبرصي الذي يبدي فيه استعداد بلاده فورًا لشحن كَميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى غزة. كوسيلة مجدية لتكملة تدفق المساعدات بشكل كبير إلى القطاع عبر الحدود المصرية.

وقال؛ إن التخطيط لهذا الممر قد اكتمل بشكل أساسي، ويمكن أن تبدأ المساعدات في التدفق عندما يتم إعلان وقف القتال، وذكر أنه كان على اتصال منتظم مع بنيامين نتنياهو بشأن الاقتراح، وأن الجميع يدعم هذه المبادرة: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية تأييد بلاده الأكيد للمشروع.

فما الذي كان يهدف إليه نتنياهو من وراء هذا التخطيط المبكر لإنشاء الميناء في قطاع غزة؟ وما علاقة هذا المشروع بأهداف الحرب التي أعلنها والتي لم يعلنها بعد؟ وما الذي جدّ حتى يستعجل نتنياهو وبايدن في إنشاء الميناء؟

أسئلة ربما كان من العسير إيجاد إجابة قاطعة لها، ولكن المؤكد؛ أنه مهما تعددت الإجابات، فإن أيًّا منها لن يكون حرص نتنياهو وبايدن على إيصال المساعدات للمدنيين وإغاثة النساء والأطفال والمرضى والرضع.

لماذا تم إخراج قرار الرئيس بايدن على هذا النحو، وإظهاره على أنه التفاف على العراقيل التي يضعها نتنياهو في وجه إدخال المساعدات من المعابر البرية، في حين أن بايدن يقوم بتنفيذ خطة نتنياهو؟ إن هذا يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك ضلوع الولايات المتحدة في إفشال عملية إدخال المساعدات الإنسانية من المعابر البرية، الجنوبية والشمالية، ويكشف حجم الكذب الذي مارسته الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وشركاؤهما لافتعال أزمة الجوع في غزة، وافتعال أزمة الأونروا وتعليق عملها داخل قطاع غزة.

وهو الكذب نفسه الذي غطّى به نتنياهو على ما جرى في هجوم "طوفان الأقصى"، والكذب الذي لازم الخطاب السياسي الداعم للكيان الصهيوني منذ اليوم الأول لاجتياح قطاع غزة. كما كشف الأسباب الحقيقية للمسرحية الهزلية التي قامت بها الولايات المتحدة، وفرنسا، وبعض الدول العربية بإلقاء صناديق الوجبات الجاهزة جوًّا، ليتلقفها الشعب الجائع الذي يهرول مندفعًا بين براثن الموت؛ لعله يظفر بوجبة طعام طائشة تسد رمق من يعول.

إخراج قرار إنشاء الميناء على هذا النحو؛ عزز الآراء القائلة بوجود بنك أهداف صهيو-أميركية غير معلنة تتجاوز حدود مأساة حرب الإبادة الجماعية الدائرة في قطاع غزة، وتتجاوز حدود الأهداف المعلنة للحرب، والمتعلقة بالقضاء على حماس، والإفراج عن الأسرى والمختطفين

بنك الأهداف غير المعلنة

لقد عزز إخراج قرار بايدن على هذا النحو الآراء القائلة بوجود بنك أهداف صهيو-أميركية غير معلنة تتجاوز حدود مأساة حرب الإبادة الجماعية الدائرة في قطاع غزة، وتتجاوز حدود الأهداف المعلنة للحرب، والمتعلقة بالقضاء على حماس، والإفراج عن الأسرى والمختطفين، ونستدلّ على ذلك بما يأتي:

 قيام الولايات المتحدة باتخاذ هذا القرار والشروع بتنفيذه بصورة أحادية خارج إطار الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وهو أمر ليس جديدًا على الولايات المتحدة عندما تنوي القيام بأي مغامرات خارجية، كما فعلت سابقًا في العراق وأفغانستان. لماذا لم تطلب الولايات المتحدة من الأمم المتحدة القيام بذلك؟ بأي حق وبأي شرعية تعتدي الولايات المتحدة على أراضي قطاع غزة ومياهه الإقليمية؟ الولايات المتحدة ليست طرفًا محايدًا، وإنما شريك كامل للكيان الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهالي قطاع غزة منذ أكثر من خمسة أشهر. إذا كانت الولايات المتحدة حريصة على حماية المدنيين في قطاع غزة، وإذا كان ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين لأكثر من ثلاثين ألفًا يؤرق الرئيس بايدن وإدارته، فمن باب أولى أن يُصدِر قرارًا فوريًا بإيقاف إطلاق النار على غرار سرعة قرار بناء الرصيف العائم. مسارعة الكيان الصهيوني بحماسة عالية إلى التنسيق والتعاون مع الفريق الأميركي القادم لبناء الرصيف العائم، وقيام وزير الدفاع يوآف غالانت وقائد البحرية مع غيره من المسؤولين ذوي العلاقة بالعمل على القيام بما يلزم لإنشاء هذا الرصيف؛ بحجة تسريع عملية توزيع المساعدات على أهالي قطاع غزة. مسارعة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى تأييد قرار الرئيس بايدن، واستعدادهما للتعاون فيه، بمشاركة عدد من الدول العربية، رغم الانتقادات الدولية الحادة لهذه الخطة من منظمات الأمم المتحدة، ورغم إقرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه لا بديل عن الممرات البرية. لا يعقل التصديق بأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ومنظماته عاجزة عن وضع آليات تضمن إدخال المساعدات بصورة إنسانية منظمة تصل إلى كافة المناطق، وتضمن حماية العاملين فيها، وتراعي كافة الشروط الإسرائيلية. أن الكيان الصهيوني يقوم بتفتيش حاويات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة عن طريق البر، وقد اشترط الشرط نفسه على المساعدات التي ستأتي عن طريق الرصيف العائم الأميركي، وقد تم بالفعل ترتيب آلية التفتيش بالتعاون مع الحكومة القبرصية. تعتبر عملية نقل المساعدات عن طريق البحر أكثر تعقيدًا من نقلها عن طريق البرّ، وأكثر تكلفة وأطول زمنًا، وتحتاج إلى ما يحتاج إليه النقل عن طريق البر، من تفتيش ونقل وتخزين وتنظيم وتوزيع وكوادر، فلماذا هذه الحماسة وهذه السرعة وهذا التوافق الصهيو-أميركي والأوروبي والعربي لإنشاء الرصيف الأميركي العائم في غزة؟ أن هذا الرصيف البحري سيكون جاهزًا للعمل بعد شهرين على الأقل، في حين أن آلاف الشاحنات في مصر، على الجانب الآخر من الحدود، تنتظر السماح لها بالدخول. وهذا يعني أن المعاناة الإنسانية في قطاع غزة ستستمر، وأن الحرب ستستمر معها حتى تتحقق أهدافها المعلنة وغير المعلنة.

هذه القراءة تجبرنا على التحرك في اتجاهين متضادين: الأول اتجاه العودة إلى الوراء لإعادة التفكير في الأيام التي سبقت هجوم "طوفان الأقصى"، والمعلومات التي توافرت لدى نتنياهو حول الهجوم القادم، وكيفية تعامل الجهات الأمنية المختصة بقيادة نتنياهو، مع هذه المعلومات، ومستوى الاشتباك العسكري في مواجهة الهجوم، وأخيرًا وليس آخرًا؛ طبيعة الخطة العسكرية التي رد بها الكيان الصهيوني على الهجوم.

كما تجبرنا هذه القراءة على التحرك إلى الأمام للوقوف على سيناريوهات الفصل الأخير لهذه الحرب.

ويبقى السؤال: ما دوافع نتنياهو من وراء إنشاء هذا الميناء؟ ولماذا لم يصدر أي موقف رسمي محدد من حركة حماس تجاه هذا المشروع؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الأسبوع القادم بإذن الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات المساعدات الإنسانیة الولایات المتحدة إدخال المساعدات إنشاء المیناء الرئیس بایدن هذا المشروع قرار الرئیس فی قطاع غزة عن طریق ما الذی قرار ا

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تستخدم “الفيتو” ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة

2024-11-20naghamسابق انطلاق الجلسات الحوارية في غرفة تجارة حماة لتعديل قانون حماية المستهلك انظر ايضاًانطلاق الجلسات الحوارية في غرفة تجارة حماة لتعديل قانون حماية المستهلك

حماة-سانا انطلقت اليوم في مبنى غرفة تجارة حماة‏ الجلسة الحوارية التي اطلقتها وزارة التجارة ‏الداخلية

آخر الأخبار 2024-11-20الشيخ قاسم: لايمكن أن نترك بيروت تحت ضربات العدو الإسرائيلي.. وعليه دفع الثمن 2024-11-20قانون اتحاد الصحفيين… ندوة حوارية‏ في دار البعث 2024-11-20ارتقاء 36 شهيداً وجرح العشرات جراء عدوان إسرائيلي استهدف أبنية سكنية في تدمر 2024-11-20بمناسبة اليوم العالمي لمرضى السكري… فعالية توعوية طبية في طرطوس 2024-11-20محور الأورام في رابع أيام مؤتمر أيام صحة دمشق 2024 العلمية 2024-11-20محافظ الحسكة يتفقد عدداً من المشاريع الخدمية والتنموية في ريف القامشلي 2024-11-20في مكتبة الأسد بدمشق… توقيع إصدارات أدبية جديدة 2024-11-20الجيش الروسي يحرر بلدة جديدة ويدمر البنية التحتية لمطارات عسكرية أوكرانية 2024-11-2043985 شهيداً منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة 2024-11-20رئاسة مجلس الوزراء: عدم قبول أي بطاقة إعلامية غير صادرة عن وزارة الإعلام أو اتحاد الصحفيين

مراسيم وقوانين مرسومان بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعدين شاغرين في دائرة دمشق وآخر في دائرة مناطق حلب 2024-11-20 الرئيس الأسد يصدر ثلاثة قوانين تسهم في تطوير آليات العمل بالقطاع السياحي 2024-11-14 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتنفيذ عقوبة العزل بحق قاضية في النياية العامة التمييزية 2024-11-02الأحداث على حقيقتها القوات الروسية تقيم 9 نقاط مراقبة بريفي القنيطرة ودرعا قرب “منطقة فصل القوات” 2024-11-18 الجيش يدمر 15 طائرة مسيرة للإرهابيين في أرياف حلب واللاذقية وإدلب 2024-11-18صور من سورية منوعات مركبة الشحن الفضائية الصينية “تيانتشو-8″تلتحم مع محطة الفضاء الصينية تيانقونغ 2024-11-16 انبعاثات الكربون العالمية تصل إلى مستوى قياسي خلال العام الجاري 2024-11-13فرص عمل الخارجية تعلن عن برنامج تدريب المقبولين للتقدم إلى المرحلة الثالثة من مسابقتها 2024-11-06 التعليم العالي تسمح للجامعات الخاصة فتح التسجيل المباشر لملء الشواغر في كلياتها 2024-11-04الصحافة استكمال المــهــمــة!!! بقلم: أ. د.بثينة شعبان 2024-11-18 المسافة صفر.. مخرز في خاصرة الاحتلال – بقلم : جمال ظريفة 2024-11-16حدث في مثل هذا اليوم 2024-11-2020 تشرين الثاني- اليوم العالمي للطفل 2024-11-1919 تشرين الثاني 1954 – بدء بث «تلفزيون مونتي كارلو» وهي أقدم قناة تلفزيونية خاصة في أوروبا 2024-11-1717 تشرين الثاني 1969 -مفاوضات بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة للحد من عدد الأسلحة الإستراتيجية على كلا الجانبين 2024-11-1616 تشرين الثاني 1970- قيام الحركة التصحيحية بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد 2024-11-1515 تشرين الثاني 1920-عقد أول اجتماع لعصبة الأمم في جنيف 2024-11-1414 تشرين الأول 1908- عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين يعلن عن نظرية كمية الضوء
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
  • نيويورك تايمز: مذكرة الاعتقال ضد نتنياهو تشير إلى تورط الولايات المتحدة
  • المحكمة الجنائية الدولية: أصدرنا أوامر اعتقال لـ نتنياهو وجالانت
  • باحث: واشنطن أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل بالتصعيد في حربها على غزة
  • الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غزة
  • للمرة الأولى.. مروحيات أردنية تنقل مساعدات إلى غزة
  • الولايات المتحدة تستخدم “الفيتو” ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة
  • زيلينسكي: أوكرانيا قد تخسر الحرب إذا خفضت الولايات المتحدة المساعدات
  • تحذير أممي من كارثة إنسانية في شمال غزة بسبب الحصار وعرقلة المساعدات
  • الخارجية الأمريكية: نعمل لإيجاد حلول آمنة لإدخال المساعدات إلى غزة