هكذا يؤثر مكان إقامتك على صحة قلبك.. ولكن ما علاقة المطاعم؟
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
يمونيتور/دويتشة فيلة
مكان السكن مهم في صحتنا العامة، فالعيش في الريف مثلا يوفر مزايا صحية مختلفة للقاطنين في المدن. وتوضح دراسة حديثة من الولايات المتحدة أن موقع إقامتنا له تأثير كبير على صحة قلوبنا إلى جانب التغذية.
من المهم بداية الإشارة إلى أن التغذية غير الصحية، التي تتألف أساسًا من المنتجات الجاهزة الغنية بالسكر والدهون تؤثر سلبا على صحة القلب.
بيد أن الدراسة أظهرت مشكلة إضافية لمن يعيش بالقرب من مطاعم الوجبات السريعة والمقاهي والحانات، حبث يتعرض باستمرار لإغراءات الأطعمة غير الصحية. وهو ما يمثل تأثيرا إضافيا على اتباع المرء لتغذية غير سليمة تؤثر عليه مستقبلا.
وبحسب موقع WMN الألماني قام باحثون من جامعة تولان في نيو أورليانز في الولايات المتحدة بتحليل بيانات أكثر من 500 ألف شخص في الفترة العمرية بين 37 و 73 سنة. استخلصوا هذه البيانات من سجل “UK Biobank” البريطاني. خلال التحليل، قاموا بدراسة عدد المقاهي والحانات ومطاعم الوجبات السريعة، وكذلك المتاجر التي تبيع الأطعمة الجاهزة في نطاق كيلومتر واحد من موقع إقامة المشتركين.
بعد ذلك، قارنوا البيانات مع تقارير الصحة للمشاركين في الدراسة. وتم تشخيص قصور القلب لدى حوالي 13 ألف مشارك خلال فترة المراقبة لمدة 12 عاما. وأظهرت الدراسة بشكل واضح أنه كلما كانت مطاعم الوجبات السريعة والحانات أقرب ، كلما ارتفعت المخاطرة بالإصابة بأمراض القلب.
لذا، كان لدى المشاركين الذين عاشوا في الأماكن التي فيها كثافة أعلى من مطاعم الوجبات السريعة، مخاطرة إضافية تصل إلى 16 في المئة للإصابة بالقلب الضعيف، مقارنة بالذين لم تكن بجوارهم هذه المطاعم.
توضح الدراسة أن الأمر لا يتعلق فقط بما نأكل، ولكن أيضا بأين وتحت أي ظروف نعيش. فمن يتعرض للعديد من الأطعمة غير الصحية في محيطه القريب، يتغذى وفقا للدراسة بشكل غير صحي. ولكن يمكنك مقاومة ذلك. كيف؟ عن طريق شراء الأطعمة الصحية.
وبحسب موقع فت فور فن الألماني تلعب أطعمة مثل الشوفان والأفوكادو وكذلك التوت دورا مهما في تغذية القلب والحفاظ على صحته. كما تعتبر الخضراوات والفواكه مصادر جيدة للفيتامينات والمعادن. كما أنها منخفضة السعرات الحرارية وغنية بالألياف الغذائية.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الصحة الطب القلب المدينة
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب | ضي رحمي.. أن تترجم لتكون القصيدة قلبك الآخر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في عالمٍ تُستنزف فيه الكلمات كما تُستنزف الأعمار، تبدو الترجمة أحيانًا فعلًا باردًا، مجرّد جسر صامت بين لغتين. لكن حين تمر القصائد من بين يدي ضي رحمي، تصبح الترجمة طقسًا شعريًا قائمًا بذاته، كأن النص الأصلي لم يوجد إلا ليُولد من جديد بلغتها. ليست ضي رحمي مترجمة تقف على الحياد بين الشاعر وقارئه العربي، بل هي عاشقة تختار قصائدها كما تختار روحٌ عاشقٌ مَن يهواه، بعين تمسّ، وقلب يُنصت، وضمير لا يُهادن.
ضي رحمي لا تضع نفسها في مصاف "المترجمين المحترفين". تصرّ، بتواضع متوهج، على أنها "مترجمة هاوية". وهذا في ذاته مفتاح لفهم صوتها الخاص: ليست ضي أسيرة قواعد النشر ولا شروط المؤسسات، بل أسيرة الدهشة وحدها. لا تترجم ما يُطلب منها، بل ما يطلبها. ما يمسّها كما لو أن القصيدة سُرّبت لها من حلم سابق.
في هذا المعنى، فإن ترجماتها ليست نقلًا من لغة إلى أخرى، بل استعادة. كأنّ ضي تعثر على قصيدة في لغتها الأم وقد كُتبت أصلًا بها، فتُعيدها إلى أهلها. ليس غريبًا إذًا أن تجد الكثيرين يظنون أن تلك الكلمات التي قرأوها لها هي شعر عربي خالص، لا ترجمة.
ليس من السهل أن تختار قصيدة لتترجمها. فالنصوص، كما الناس، تحمل أعمارًا وأقنعة وثقافات قد تنفر منها الروح أو لا تجد فيها ما يشبهها. غير أن ضي رحمي تمتلك حسًّا نادرًا في هذا الاختيار. تختار القصائد التي تنتمي إلى عوالم هشّة، إلى تلك الفجوات الدقيقة بين الحب والخسارة، الوحدة والحنين، الغضب والرقة. تنجذب إلى الشعراء الذين يكتبون كمن يربّت على كتف العالم: لانج لييف، نيكيتا جيل، رودي فرانسيسكو، وآخرون ممن يُقال عنهم شعراء المشاعر الدقيقة.
وتنجح ضي في أن تنقل هذه المشاعر لا باعتبارها معاني لغوية، بل باعتبارها أصداءً داخلية. فهي تعرف كيف تحفظ موسيقى النص، كيف تُبقي على رعشة الجملة، وعلى ذلك الفراغ النبيل الذي يتخلل بعض القصائد ويمنحها عمقًا لا يُفسَّر.
في ترجماتها، يظهر صوت أنثوي واضح، لكنه غير شعاري. لا تخوض ضي في قضايا النسوية من بوابة المباشرة، بل تفتح بابًا خلفيًا للقارئ كي يرى هشاشة النساء، غضبهن، صمتهن، توقهن للحب، وانهياراتهن الصغيرة، من دون أن تقول ذلك بصوت عالٍ. تترك اللغة تفعل ذلك.
في ترجمتها لقصيدة عن امرأة وحيدة تُحدّث ظلالها، لا يبدو أن ثمّة شيء يحدث سوى أن القارئ يشعر أنه هو تلك المرأة. هنا تتجلى قوة ضي: لا تسرد الشعر، بل تجعلك تعيش داخله، كأنك كنت دومًا هناك.
ضي لا تكتفي بالترجمة المكتوبة. على ساوند كلاود، نسمع بصوتها أو بصوت متعاونين معها ترجمات مسموعة لقصائدها المختارة. الصوت هنا ليس مجرد أداة قراءة، بل امتداد للقصيدة. نبرة الصوت، طريقة الوقف، وحتى الأنفاس الصغيرة بين السطور، كلها تشكّل طبقة إضافية من الترجمة، تجعل من القصيدة حدثًا سمعيًّا، لا قرائيًّا فقط.
هذه القدرة على المزج بين الكلمة والموسيقى الداخلية للصوت تجعل من ترجماتها لحظة حميمية، كما لو أنك جالس قبالة صديقة تخبرك شيئًا سريًّا عن العالم.
ما يعمق هذا البعد الإنساني في أعمال ضي هو أنها ليست فقط مترجمة، بل فاعلة في العمل الاجتماعي والإنساني. عملها من أجل ضحايا العنف يمنحها حساسية لا يمتلكها كثيرون. الترجمة هنا ليست فعل ترف ثقافي، بل امتداد للرغبة في فهم الألم الإنساني بكل لغاته. لذلك نجد في ترجماتها إصرارًا على منح الألم صوتًا ناعمًا، لا يصرخ، بل يشير بإصبعه إلى قلبك، ويصمت.
لو جاز لنا أن نكتب قصيدة عن ضي رحمي، لربما قلنا إنها تلك اليد التي تُمسك بالقصيدة المترجمة كما لو كانت دمًا طازجًا خرج لتوّه من الوريد. لا تضعه في قارورة محكمة، بل تتركه يسيل في اللغة العربية كأنه لم يكن غريبًا قط.
ربما ليست ضي مترجمة بالمعنى التقليدي، لكنها بالتأكيد شاعرة تتنكر في زي مترجمة. شاعرة لا تكتب القصيدة، بل تبحث عنها في لغات الآخرين، وتعيد كتابتها بلغة تشبه قلبها.