قال مركز أبحاث عربي إن عسكرة البحر الأحمر عملية مقصودة من الولايات المتحدة التي ربما وجدت في هجمات الحوثيين فرصة حتى تقطع الطريق على احتمالية زيادة الوجود العسكري الصيني حول البحر الأحمر وبحر العرب.

 

وأضاف مركز "المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة" -في تحليل للدكتور أيمن سمير الخبير في العلاقات الدولية- إن التطورات الجارية في البحر الأحمر خلال الأسابيع الماضية على خلفية استمرار الهجمات الحوثية ضد السفن منذ نوفمبر 2023، وما أعقبها من شن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات ضد أهداف حوثية في اليمن منذ الثاني عشر من يناير 2024، تثير العديد من التساؤلات حول أدوار القوى الدولية والتنافس بينها في هذه المنطقة الإستراتيجية.

 

وبحسب سمير فإن من ضمن هذه التساؤلات، هل استثمرت الولايات المتحدة في هجمات الحوثيين على السفن التجارية والحربية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب منذ أول هجوم على السفن التجارية المتجهة من وإلى إسرائيل في التاسع عشر من نوفمبر الماضي؟

 

وقال "إذا كان الأمر كذلك، فما هي أهداف واشنطن مما يمكن تسميته بـ”العسكرة الجديدة”؟ وهل هذه الأهداف تتعلق فقط برسالة ردع لحلفاء إيران في المنطقة، أم أن الأمر يتعلق بإعادة التموضع الأميركي في الإقليم، وقطع الطريق أمام ما يُسمى بـ”المقبولية الصينية” التي تزداد يوماً بعد آخر في المنطقة منذ أن توسطت بكين في المصالحة بين السعودية وإيران في العاشر من مارس 2023؟ وإلى أي مدى يهدف تشكيل واشنطن لتحالف “حارس الازدهار” في التاسع عشر من ديسمبر الماضي، ثم تأسيس الاتحاد الأوروبي “قوة أسبيدس” في التاسع عشر من فبراير الماضي، إلى وضع التجارة الصينية مع أوروبا تحت سيطرة وهيمنة القوة الغربية؟ وما هي خيارات بكين للرد على تلك الخطوة الأميركية؟

 

أهداف أميركية

 

وأضاف أن الدبلوماسية الصينية نجحت في بناء قواعد راسخة لها خلال الأزمة الحالية في البحر الأحمر وباب المندب، ربما استغلت الولايات المتحدة هجمات الحوثيين على الملاحة البحرية في البحر الأحمر لتحقيق مجموعة من الأهداف التي ليست لها علاقة بحرية الملاحة.

 

ومن ضمن الأهداف يقول سمير استكمال السيطرة على المحيط البحري لـ”القوة البحرية المشتركة”: هذه هي أكبر قوة بحرية على وجه الأرض تغطي 3.2 مليون ميل بحري من المياه الدولية، وأسستها الولايات المتحدة منذ عام 2002 تحت مظلة الأسطول البحري الخامس الذي يقع مقره في مملكة البحرين، وتشارك فيها 39 دولة.

 

وأشار إلى أن نطاق عمل هذه القوة البحرية (The Combined Maritime Forces) يغطي مساحة تبدأ من الساحل الغربي للهند حتى البحر الأحمر. وفي الوقت الحالي تعمل تلك القوة تحت قيادة الجنرال براد كوبر، وهو قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية، والأسطول الخامس للبحرية الأميركية المعروفة باسم “نافسنت” (NAVCENT).

 

وتابع "لهذا فإن قوتي “حارس الازدهار” و”أسبيدس” سوف تبقيان في المنطقة حتى بعد نهاية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووقف الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وسوف تُضاف الأصول العسكرية الجديدة لهاتين القوتين إلى الأصول الأميركية والغربية الموجودة بالفعل في المنطقة منذ تأسيس واشنطن لـ”قوة المهام المشتركة 150″ (CTF 150) التي تعمل خارج مياه الخليج في المحيط الهندي وبحر العرب وقرب الساحل الشرقي لأفريقيا، وتضم نحو 15 سفينة".

 

وأردف الخبير في العلاقات الدولية "جاء بعدها تأسيس الولايات المتحدة لـ”قوة المهام المشتركة 151″ (CTF 151) التي تعمل في مساحة إقليمية واسعة، وأدت دورا كبيرا في تجفيف منابع القراصنة بالقرب من الساحل الصومالي، ثم أسس البنتاغون “قوة المهام المشتركة 152” (CTF 152)، ومجال عملها الرئيسي في الخليج العربي، ولها إسهامات كبيرة في مجال الأمن البحري والتدريب وبناء القدرات".

 

ويرى أن كل هذه القوات  تمنحالفرصة للأسطول الأميركي لمراقبة أي نشاط صيني في المنطقة التي يمكن أن تنشط فيها أيضا روسيا وإيران. وهذه الأصول العسكرية الغربية الجديدة تعزز الحضور الأميركي في منطقة المحيط الهندي، وغرب خليج ملقا، وصولا إلى الساحل الشرقي لأفريقيا، وهي منطقة تنافس شديد بين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والآسيويين من ناحية، والصين من ناحية أخرى.

 

وطبقا للخبير في العلاقات الدولية فإن الهدف الثاني هو تعزيز الجوانب العسكرية لقوة المهام المشتركة “153”: تشكلت هذه القوة (CTF 153)، في إبريل 2022، وتضم 39 دولة بهدف الحفاظ على الأمن البحري في البحر الأحمر وباب المندب، لكن تلك القوة كانت تحتفظ فقط بمعدات عسكرية خفيفة لمواجهة القرصنة أو التهريب. ووجدت الولايات المتحدة في الهجمات الحوثية على السفن التجارية القادمة والمتجهة إلى إسرائيل في الفترة من التاسع عشر من نوفمبر 2023، وحتى الإعلان عن “حارس الازدهار” في التاسع عشر من ديسمبر من العام الماضي، فرصة لتقوية وتعزيز “القوة 153” بالسفن العسكرية العملاقة، واستحضار أشكال القوة والردع إلى البحر الأحمر بما فيها أنظمة الدفاع الجوي والبحري كافة، وهي مكتسبات عسكرية ما كان لواشنطن أن توفرها في ظروف تختلف عن الظروف الناتجة عن الهجمات الحوثية على السفن. وتحققت كل هذه الأهداف في تحالف “حارس الازدهار” الذي يعمل ضمن نطاق عمل “القوة 153″، ولهذا تضمن هذا التحالف العسكري سفنا وفرقاطات لديها أنظمة دفاع جوي.

 

بينم الهدف الثالث يتضمن تضييق مساحة العمل أمام القاعدة البحرية الصينية في جيبوتي: لم يترك نطاق عمل القوة البحرية المشتركة الأميركية، الذي بات يضم كلا من البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب، بجانب كل من المياه الدولية المحيطة بالخليج العربي، وجزءا كبيرا من المحيط الهندي غرب السواحل الهندية وحتى الصومال وشرق أفريقيا، مساحة للمناورة أمام الجيش الصيني في القاعدة الصينية في جيبوتي. فمنذ أغسطس 2017، عندما جرى تأسيس القاعدة البحرية الصينية في جيبوتي، كانت الولايات المتحدة تشكو من هذه القاعدة، وتعتبرها خطرا على قاعدتها في ليمونيه المجاورة. وتشكل إضافة المزيد من الأصول العسكرية للبحرية الأميركية والغربية بالقرب من القاعدة الصينية الوحيدة في المنطقة، ضغطا إضافيا وتحجيما هائلا لقدرات هذه القاعدة.

 

وبشأن الهدف الرابع يقول سمير "قطع الطريق أمام المناورات الصينية المشتركة مع روسيا وإيران: ستشكل الأصول العسكرية الجديدة للغرب، سواء “حارس الازدهار” أم “قوة أسبيدس”، حلقة من النار في مواجهة تنامي المناورات المشتركة التي تجمع الصين وروسيا وإيران في المنطقة، خاصة مع عزم بكين وموسكو وطهران على إجراء مناورات مشتركة في العشرين من مارس 2024.

 

ويؤكد أن الهدف الخامس هو هيمنة أميركية على طرق نقل البضائع الصينية: تنظر واشنطن إلى هيمنتها على البحر الأحمر عسكريا بأنها سوف تؤثر سلبا في خصمها الصين في أربعة محاور رئيسية.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا البحر الأحمر الصين اقتصاد قوة المهام المشترکة الولایات المتحدة الهجمات الحوثیة فی البحر الأحمر حارس الازدهار فی المنطقة وبحر العرب على السفن

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الصيني يزور أوروبا

يقوم وزير الخارجية الصيني وانغ يي، بجولة أوروبية مصغرة هذا الأسبوع يشارك خلالها في مؤتمر ميونخ للأمن.

يجمع المؤتمر الذي يُطلق عليه "دافوس الدفاع" و يُعقد سنوياً في العاصمة البافارية الألمانية بين 14 و 16 فبراير (شباط) نخبة الخبراء الجيوسياسيين في العالم.

Chinese Foreign Minister Wang Yi will visit the United Kingdom (#UK) and co-chair the 10th China-UK Strategic Dialogue, visit #Ireland and attend the 61st Munich Security Conference (MSC) in #Germany from Feb. 12 to 17 pic.twitter.com/OFNFJkQxjA

— Mission of China to the EU (@ChinaEUMission) February 10, 2025

ومن المقرر أن يزور وانغ المملكة المتحدة وإيرلندا اعتباراً من، الأربعاء، على أن يتوجه بعد ذلك إلى نيويورك لحضور اجتماع حول الحوكمة العالمية في مقر الأمم المتحدة.

كما يشارك في الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين المقرر يومي 20 و 21 فبراير (شباط) في جنوب أفريقيا.

وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غوه جيا كون إلى أن وانغ يعتزم الدفاع عن "التعددية" والتعاون الدولي.

أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الأربعاء، أنه لن يشارك في اجتماعات مجموعة العشرين هذا الشهر في جنوب إفريقيا، متهما حكومة الدولة المضيفة بوضع جدول أعمال "معاد لأمريكا".

وقال غوه "يتعين على مجموعة العشرين تعزيز روح الشراكة والتعاون من أجل النمو الاقتصادي العالمي، وتوجيه الحوكمة العالمية نحو مسار أكثر عدالة ومعقولية".

فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية جديدة على الصين وبعض حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية.

مقالات مشابهة

  • بسبب الهجوم على السفن.. أسامة ربيع: خسائر قناة السويس 7.2 مليار دولار
  • منطاد التجسس الصيني على الولايات المتحدة كان محملا بتكنولوجيا أميركية
  • مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية يدشن موقعه الإلكتروني الجديد
  • حرب السودان وحدود القوة الأميركية
  • وزير الخارجية الصيني يزور أوروبا
  • بـ 1150 حصان.. أمريكا واليابان يطلقان سيارة كوبرا تنطلق بقوة جنونية
  • جنود صهاينة بالضفة لـ هآرتس: قائد المنطقة الوسطى سمح لنا باستخدام القوة المميتة ضد الفلسطينيين
  • حديث ترامب عن غزة يبدد آمال عودة الشحن للبحر الأحمر
  • متظاهرون يهاجمون موكب «نتنياهو وغالانت» في أمريكا.. وتضامن عربي واسع مع السعودية
  • القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: هذا البيان المفبرك هو محاولة يائسة لتضليل الرأي العام