على مدار عقود مضت خضعت أفريقيا لنفوذ تيارات الإسلامى السياسى المتشددة، التى تبيح العنف وتروج له وتمارسه، مثل: جماعة الإخوان، وجماعة بوكو حرام، وحركة الشباب، وتنظيمى القاعدة وداعش.
ودخل التصوف إلى القارة الأفريقية مع القرن الـ١١، على أيدى المرابطين، الذين توغلوا فى أعماق القارة، ونشروا مذهبهم الذى اعتمد على التقشف والزهد، وكانت الطرق: القادرية، والتيجانية، والشاذلية، من أوائل طرق الصوفيين التى وجدت رواجا وأتباعا بأفريقيا.


وتشمل خريطة الوجود الصوفى فى أفريقيا تاريخا كبيرا فهناك السنوسية فى ليبيا، والقادرية السوكتية فى نيجيريا، ومسانا فى شرق مالي، والتيجانية فى غربها.
ومع استمرار الأزمة بين أصحاب الفكر الإسلامى السلفي، والصوفيين، حيث يعتبر كل منهما الآخر على ضلالة، استطاعت الجماعات المتطرفة أن تنفذ إلى قلب القارة، وصارت ذات نفوذ واضح وخطير بعدد كبير من الدول الأفريقية، فما هى خريطة الوجود الصوفى بالقارة، وهل يملك الفكر الصوفى القدرة على مواجهة التطرف؟
بينما عاشت دول شرق إفريقيا، ومنذ بدايات القرن الماضي، تحت ظل خطاب إسلامى معتدل، استطاع التجاوب مع أفكار الطرق الصوفية وإيجاد مكان لها بقربه، حاولت الجماعات المتشددة طرد الصوفيين، خوفا من أن يكونوا بديلا مناسبا للمسلمين، لا سيما مع التشدد الواضح للتيار السلفى فى أحكام الشريعة.
ويأتى من بين أهم عناصر الاختلاف بين الصوفية والسلفية، أن الأولى لم تؤيد فكر الثانية الذى يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية بالعنف والترهيب والاغتيالات.
وبدأ الاهتمام بالطرق الصوفية، على الصعيد العالمي، عندما بدأت تظهر آراء تشير إلى إمكانية مواجهة هذه الطرق لحركات الإسلام السياسى كمنهج فكرى وتربوي، يستطيع كبح جماح حركات العنف المتأسلمة.
ويرى بعض المفكرين أن الانتماء إلى الفكر الصوفى يمثل ردة فعل طبيعية على التعصب والتشدد السلفي، معتبرين أنه يمكن استغلال هذا فى وضع الصوفية بديلا للتيارات المتطرفة.
ويعتبر المراقبون أن الصوفية قادرة على تقديم نفسها كبديل للتطرف، إذا تخلت عن بعض ما يعترى مذاهبها من أفكار سلبية، مثل: التواكل على الآخرين، والفكر الخرافى والأسطوري، وعدم الاعتراف بالعلوم التجريبية، خاصة أن شيوع هذا الفكر بين الصوفية، كان سببا فى نفور الكثيرين الذين لم يجدوا بعد ذلك ملجأ إلا الجماعات السلفية المتشددة.
ويتفق المراقبون أيضا على أن هناك مجموعة من التحديات التى تواجه محاولات تعزيز نفوذ الفكر الصوفي، مقابل الفكر السلفى المتشدد، منها انغماس التصوف فى الروحانيات، بشكل يمكن أن يهدد أحد الجوانب المهمة للفكر الإسلامي، وهو الجانب المادى الخاص بالأحكام الشرعية والحلال والحرام. 
كما أن الصوفية لم تستطع أن تدافع عن نفسها بالقوة اللازمة، أمام الهجوم السلفى الضاري، الذى يتهم أتباع الصوفية باللجوء إلى البدع، والخرافات، بل والخروج من الملة بالكلية.
وأمام هذه التركيبة التى تحكم الفكر الصوفي، يبقى السؤال معلقا ويحتاج إلى مزيد من التجارب العملية، هل تستطيع الصوفية أن تحل بديلا للفكر المتشدد؟

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الصوفية التصوف

إقرأ أيضاً:

الانتخابات 2025: النفوذ العشائري يوجّه قواعد اللعبة

17 مارس، 2025

بغداد/المسلة: مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في أكتوبر 2025، يتجدد الحديث عن الدور المحوري الذي تلعبه العشائر في المشهد السياسي. ففي بلد يمتاز بتركيبته الاجتماعية العشائرية، تصبح الولاءات القبلية عاملاً حاسماً في تحديد مسار العملية الانتخابية ونتائجها.​

منذ عقود، والعشائر العراقية تحتفظ بنفوذ قوي في الحياة السياسية، حيث يعتمد العديد من السياسيين على دعم عشائرهم لضمان الفوز في الانتخابات، خاصة في المناطق ذات الطابع العشائري البارز. هذا النفوذ تعزز بعد عام 2003، حينما شهد العراق تحولات سياسية كبيرة أدت إلى تراجع دور الدولة أمام تصاعد سطوة العشائر. ​
و في الانتخابات السابقة، برز تأثير العشائر بوضوح، حيث شكل مرشحو القبائل نسبة كبيرة بين المتنافسين على مقاعد مجلس النواب. وكانت القبائل تختار مرشحيها بغض النظر عن البرامج الانتخابية، مما يعكس الثقل الاجتماعي والسياسي الذي تتمتع به هذه الكيانات. ​

ومع اقتراب الانتخابات المقبلة، تشير التقارير إلى أن القوى السياسية تسعى جاهدة لكسب دعم العشائر، حيث بدأ بعض السياسيين بزيارات ميدانية لشيوخ ووجهاء القبائل لتعزيز التحالفات وضمان الأصوات. ​

لكن هذا الدور المتنامي للعشائر يثير تساؤلات حول مستقبل العملية الديمقراطية في العراق. ففي ظل ضعف مؤسسات الدولة وانتشار الأمية، يصبح القضاء العشائري بديلاً عن النظام القانوني الرسمي، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية. ​
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تتباين آراء العراقيين حول هذا الموضوع. فبينما يرى البعض أن العشائر تلعب دوراً إيجابياً في حل النزاعات وتعزيز السلم المجتمعي، يعتبر آخرون أن تدخلها في السياسة يعوق بناء دولة المؤسسات والقانون.​

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستستمر العشائر في لعب دورها التقليدي في الانتخابات المقبلة، أم أن العراق سيشهد تحولاً نحو تعزيز دور المؤسسات الرسمية وتقليص النفوذ العشائري في السياسة؟​

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

 

 

 

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • 8 سنوات على رحيل السيد ياسين.. أستاذ الباحثين
  • بعد الـ60 مليون صاروخ .. نجاحات الداخلية فى مواجهة تجار البارود قبل أيام من العيد
  • على مائدة الفكر
  • اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام.. دعوات للتسامح في مواجهة تصاعد الإسلاموفوبيا
  • الانتخابات 2025: النفوذ العشائري يوجّه قواعد اللعبة
  • كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» بـذور التطـرف ( 2)
  • حوار جاد لتغيير آمن بديلا للقلق في مصر
  • هداف فرنسا يضع «البريميرليج» بديلاً ليوفنتوس
  • إطلاق (14) مشروعا خدميا في قضاء سنجار وسهل نينوى
  • السوداني يطلق عبر دائرة تلفزيونية العمل التنفيذي بـ 14 مشروعاً في قضاء سنجار ومناطق سهل نينوى