سودانايل:
2025-05-02@09:01:43 GMT

هل للأمة قوات مسلحة أم للقوات المسلحة أمة؟

تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT

عبد الله علي إبراهيم
حكمت قوى الحرية والتغير بسائر مسمياتها بأن فساد الأمر في بلدنا بدأ في 1989 وأنت رائح. وهو اعتساف للتاريخ وجرجرة له من يد المرء التي لا توجعه. ولا مانع مع ذلك من استيائهم السودان منذ ذلك التاريخ. ولكن يبقى السؤال إن كانوا أحسنوا فهم هذا القدر من التاريخ الذي اقتطعوه احتساباً. للأسف، لم يفهموه وكانت حربهم للإنقاذ بحكم عادة المعارضة المتأصلة فيهم لا فتحاً يبدأ ب"من أين جاء هؤلاء الناس؟" كموضوع للبحث لا استهوالاً أو قرفاً.

وحاولت خلال ثلاثة عقود أن أوطن سؤال من أين جاؤوا في هيبة البحث ورحمانه في حين لم يطلبوا منه سوى التأفف من الكيزان على مجيئهم إليهم على حين غرة ب" شنط الحديد". ولما سقموا من سوقي لهم للحفر في البنية الاجتماعية والتاريخية للإحاطة بما هم فيه من مأزق اعتزلوني وتخلصوا مني بقولهم إنني معارضة المعارضة "مقطوع طاري" بما فيها من إيحاء عن نومي من العدو. ولا معارضة لمعارض عندهم حتى لو "ضرب ظهرك وأخذ مالك".
وأنشر هنا بعض ما رغبت لهم التفكير فيه عن تركيب دولة الإنقاذ السياسي والاجتماعي والثقافي والمقارن ليعرفوا من أين جاءت. ولكنهم أضربوا عن التفكير من هول نظام اتحد فيه مكروهان من أعظم الشرور في نظرهم وهما الجيش والكيزان. والإطاحة بها معجلاً أولى ثم تصح البيئة للتفكير بعد الخلاص منهم. إلى المقال القديم:

لم يكن بروفسير العجب أحمد الطريفي يشير إلى القوات المسلحة إلا بـ "قوة دفاع السودان" وهو اسمها منذ نشأتها على يد الإنجليز. ثم أصبحت تُسمى الجيش السوداني بقرار حكم الفريق عبود، ثم سماها نميري قوات الشعب المسلحة (اختلطت التغييرات عليّ نوعاً ما). وكان تمسك العجب باسم "قوة دفاع السودان" نوعاً من الهذر و "التعوجز".
لم يتغير اسم المؤسسة العسكرية عندنا فحسب، بل تحولت باطنياً إلى مؤسسة مترامية الأطراف. وأصبح كادرها البشري، بحكم احتلاله مراكز القرار والإدارة والتنفيذ في الساحة العسكرية والمدنية سواء بسواء زهاء ثلاثة وثلاثين عاماً، أوعى بالإشكال الوطني قياساً بطوائف أخرى من الصفوة المتعلمة. فإدارة العمليات والمخابرات والتموين والروح المعنوية خصّبت ونوَعت خبرات ضباط القوات المسلحة. ولهذا تنامت مؤسساتهم الأكاديمية العسكرية العليا وأصبحت مراكز شديدة للتنوير والأبحاث والتدريس. فإذا نظرت بالمقابل إلى ضباط الحكومة المحلية، الذين كانوا نوارة الخدمة المدنية يُديرون المجالس والمديريات مترامية الأطراف، تجدهم قد تدنوا إلى أصحاب كناتين يوزعون السكر والمعجون الصيني وسجائر ذات صندوق فضي. وهدم ذلك قامتهم بين الناس وغطَّى على خيالهم وتردَّى بخبراتهم.
القول بفصل القوات المسلحة عن السياسة تطبيقاً للشعار المأثور "إلى الثكنات يا عساكر" قول هين ساذج. فالقوات المسلحة خلال سنوات حكمها الطويل تمددت في المجتمع المدني ذاته ونَمَّت تقاليداً في الحكم أو سوء الحكم لا فرق. ولذا صح، ونحن على أعتاب الوفاق والسلام إن شاء الله (مما ذاع في وقت ما من الإنقاذ)، أن نُولي أدق عنايتنا لهذه المؤسسة الأساسية في حاضر حياتنا ومستقبلها. فقد أضحت فينا مثل قول أحدهم عن الجيش الجزائري. فقال القائل إنه إذا كان للأمم مثل إنجلترا قوات مسلحة فإن للقوات المسلحة الجزائرية أمة هي الجزائر. وأعجبتني كلمة أخرى عن منزلة الجيش الباكستاني الذي هو إما في الحكم أو عائداً إلى الحكم. فعلق أحدهم عن هذا الجيش بعد انقلاب جنرال المشرف الأخير قائلاً إن باكستان مثل بطل من أبطال كمال الأجسام ركَّز على ترييض جزءٍ من جسده (هو الجيش) في حين أهمل بقية الأجزاء (مؤسسات المجتمع المدني والحكم الشورى) حتى تضعضعت وتهاوت. وقواتنا المسلحة قريبة من هذا الوصف.
إن على المعارضة الموافقة للإنقاذ (وفيها قدر من الضباط الناقمين على القوات المسلحة أو الإنقاذيين بحق لإنهاء خدماتهم المتميزة باكرًا وبلؤم وهم الذين قرروا أن يعطوا عمرهم جنداً للوطن) أن يُحسنوا الحديث عن الجيش والنظر في سياساته، والتوقير للقوات المسلحة. فالمدنيون خلو الوفاض من خبرة الخطاب الحسن مع هذه القوات وقد تربوا على لعنها في المظاهرات وفي قعداتهم. وعليهم أن يقفوا على ثقافة القوات المسلحة إن أرادوا لها أن تبتعد عن الحكم وتقبل بإرادة المدنيين بشأن حربها وسلمها. وأضرب لذلك مثلاً. فقد حكى لي الدكتور أحمد الأمين البشير، أستاذ التاريخ بأمريكا، أن السفارة السودانية استضافت العقيد قرنق في سياق المساعي الجارية للسلام قبل قيام الإنقاذ. وتوافد السودانيون بروفسورات ودكاترة وطلاب دكتوراة وماجستير أو ماجستيراه (والكلمة الأخيرة من ابتكار الأستاذة عواطف سيد أحمد وزميلاتها اسماً للماجستير التي يطول مداها ولا يفرغ منها صاحبها، فتكاد تُصبح دكتوراة): مدنيون صر، الأعمى شايل المكسر، لسماع حديث العقيد قرنق عن السلام. ورأى أحمد الملحق العسكري للسفارة، العميد المك، ينفلت غاضباً من مكتبه، مديرًا ظهره للاجتماع، خارجاً من الباب. وتوقف ليقول لدكتور أحمد:
- يعني اتلميتو تسمعو كلام المتمرد ده.
فالعقيد الذي تقاطر المدنيون لسماع حديثه كزعيم لحركة سياسية هو في نظر زملاء سلاح له سابقين مجرد "متمرد". صح حديث الملحق أم لم يصح، إلا أنه يكشف عن ثقافة للقوات المسلحة حري بالمدنيين معرفتها إذا أرادوا ثقة تلك القوات في المجتمع المدني الديمقراطي الذي ينشدون.

IbrahimA@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوات المسلحة للقوات المسلحة

إقرأ أيضاً:

رئيس أركان حرب القوات المسلحة يتفقد المنظومة التعليمية بمعهد ضباط الصف المعلمين ويلتقي هيئة التدريس والطلبة

تفقد الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة المنظومة التعليمية بمعهد ضباط الصف المعلمين، وذلك فى إطار حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على الإهتمام بمنظومة القوى البشرية لتأهيل مقاتلين لديهم القدرة والجاهزية على مجابهة كافة التحديات التى تواجه الدولة المصرية.

بدأت الجولة التفقدية  بمشاركة رئيس أركان حرب القوات المسلحة الطلبة فى تنفيذ الأنشطة والتمارين الرياضية والمرور على عدد من ميادين التدريب المطورة والتى تظهر مدى الكفاءة البدنية العالية التى يتمتع بها الطلبة داخل المعهد.
أعقبها مشاركة الفريق أحمد خليفة أعضاء هيئة التدريس وطلبة المعهد تناول وجبة الإفطار، كما إستمع إلى عرض تقديمى من اللواء أركان حرب أيمن أمين الجندى مدير معهد ضباط الصف المعلمين تناول أوجه التطوير والتحديث لنظم الإعداد والتأهيل داخل المعهد التى تهدف إلى الإرتقاء بالمستوى العلمى والتدريبى للطلبة، وأدار حوارًا مع أعضاء هيئة التدريس إستمع فيه إلى آرائهم وإستفساراتهم حول مختلف القضايا والموضوعات للإطمئنان على المستوى العلمى لهم ومدى إدراكهم بما يدور حولهم من أحداث ومتغيرات متسارعة على كافة الإتجاهات الإستراتيجية للدولة، مشيرًا إلى أهمية إستمرار تأهيلهم فى الموضوعات العسكرية
وإلمامهم باللغات الأجنبية، فضلًا عن المحافظة على اللياقة البدنية بما يسهم فى تخريج أجيال جديدة مسلحة بالعلم والمعرفة قادرة على حماية الوطن.

تلى ذلك قيام رئيس أركان حرب القوات المسلحة بتفقد عدد من الأجنحة التعليمية وميادين التدريب التخصصية المزودة بأحدث وسائل التدريب، والمرور على مناطق الإيواء والمستشفى داخل المعهد للإطمئنان على الحالة الإدارية التى تنعكس مباشرة على الروح المعنوية.

وفى ختام الجولة إلتقى رئيس أركان حرب القوات المسلحة بضباط وطلبة وجنود المعهد ونقل لهم تحيات وتقدير السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وحرصه الدائم على متابعة الحالة التدريبية والمعنوية لطلبة ضباط صف المعلمين والفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى وإعتزازه بالجهد الذى يبذلة الطلبة، مؤكدًا حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على توفير كافة الإمكانات العلمية والتدريبية لإعداد وتأهيل مقاتلين قادرين على تحمل المسئوليات  الملقاة على عاتقهم للزود عن مقدسات الوطن مهما كلفهم ذلك من تضحيات، واستمع لإستفسارات عدد من الطلبة فى العديد من الموضوعات التى تدور فى أذهانهم تجاه كافة الأوضاع الداخلية والإقليمية والعالمية، وأوصاهم بالتفانى فى التدريب والتسلح بالعلم والمعرفة، مشيرًا إلى أن خريجى معهد ضباط الصف المعلمين هم العمود الفقرى للقوات المسلحة ودماء تتدفق فى شرايين جيش مصر العريق بما يقدمونه من نموذج وقدوة فى العمل والعطاء والإنضباط وحسن الآداء وحضر الجولة التفقدية عدد من قادة القوات المسلحة.

مقالات مشابهة

  • مفوض حقوق الإنسان: الرعب الذي يتكشف في السودان لا حدود له
  • القوات الروسية تحسن تموضعها على طول خط المواجهة مع أوكرانيا
  • القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولى العلمى الثالث للطب الطبيعى والتأهيلى وعلاج الروماتيزم
  • القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولى العلمي الثالث للطب الطبيعي وعلاج الروماتيزم
  • القوات المسلحة توقع بروتوكول تعاون مع وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات
  • بروتوكول بين القوات المسلحة ووزارة الاتصالات لتأهيل المجندين لسوق العمل
  • مجلس الوزراء يشيد بصمود بالتطور الذي تشهده القوات المسلحة
  • رئيس أركان حرب القوات المسلحة يتفقد المنظومة التعليمية بمعهد ضباط الصف المعلمين ويلتقي هيئة التدريس والطلبة
  • الفريق أحمد خليفة يتفقد المنظومة التعليمية بمعهد ضباط الصف المعلمين
  • رئيس الأركان: خريجو معهد ضباط الصف المعلمين هم العمود الفقري للقوات المسلحة