مع اقتراب عامها الأول ضرورة وقف الحرب
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
بقلم: تاج السر عثمان
١
مضت ١١ شهرا على الحرب اللعينة، والتي تقترب من إكمال عامها الأول مما يتطلب وقفها ومنع تجددها ، والتي انفجرت في ١٥ ابريل من العام الماضي، أدت لدمار ونزوح الملايين داخل وخارج البلاد ومقتل وجرح الآلاف، وإبادة جماعية وتطهير عرقي وعنف جنسي، وتدمير في البني التحتية والمؤسسات الخدمية والتعليمية والصحية والأسواق والبنوك وفي المصانع، وفي المواقع الأثرية والثقافية والتراثية، وعطلت الإنتاج الزراعي مما يهدد حياة ٢٥ مليون سوداني بنقص الغذاء حسب بيانات الأمم المتحدة.
استمرت الحرب رغم كل المبادرات والمناشدات بوقفها واخرها قرار مجلس الأمن بوقف الحرب بمناسبة شهر رمضان الكريم، مما يعني المزيد من الدمار وتدهور الأوضاع المعيشية والصحية والإنسانية، وعدم فتح المسارات الآمنة لوصول الأغاثات للمواطنين تحت وابل الرصاص والقنابل.
كما تهدف الحرب الجارية لتصفية الثورة وإعادة إنتاج النظام المدحور وسياساته القمعية و نهب أموال و ثروات البلاد وتهريبها للخارج، والتفريط في السيادة الوطنية ومصادرة الحقوق والحريات الأساسية كما في اعتقالات وتعذيب السياسيين وأعضاء لجان المقاومة والخدمات، وحل لجان المقاومة ولجان الخدمات ولجان تسيير الحرية والتغيير، وقطع الاتصالات والانترنت، ومواصلة الابادة الجماعية من طرفي الحرب لنهب الأراضي والذهب وبقية المعادن، وبيع أصول وأراضي وموانئ البلاد.
اضافة لخطورة إطالة أمد الحرب وتمددها لتشمل ولايات جديدة كما في احتلال الدعم السريع لأربع عواصم من ولايات دارفور الخمس اضافة لاحتلال الجزيرة وتدهور الوضع الأمني والإنساني فيها، ووصول الحرب كردفان الخ. فضلا عن خطورة تقسيم البلاد وتأثيرالحرب على استقرار المنطقة والبلدان المجاورة بحكم التداخل القبلي مما يهدد الأمن الإقليمي والدولي.
٢
وتتزايد حدة الصراع الإقليمي والدولي لنهب موارد السودان وافريقيا، والصراع من أجل إيجاد موطئ قدم على البحر الأحمر في شكل قواعد عسكرية وموانئ، باعتبار أن الحرب الجارية لا يمكن عزلها عن الحرب الروسية - الاوكرانية وحرب غزة، والتدخل الإيراني، وتدهور الوضع في البحر الأحمر كما في القصف الحوثي للسفن التجارية البريطانية والامريكية والقصف الأمريكي البريطاني لليمن والصراع من أجل نهب الموارد والسيطرة بين أمريكا وحلفائها وروسيا والصين لنهب الموارد وإعادة تقسيم العالم، مع تشديد سباق التسليح، وميزانية الحرب الكبيرة على حساب احتياجات الجماهير من تعليم وصحة وضمان اجتماعي، وتحسين مستوى المعيشة التي تدهورت مع التضخم والارتفاع الجنوني في الأسعار. .
٣
جاءت الحرب اللعينة لتحقيق الأهداف التالية:
- الصراع والاستحواذ على السلطة بين مليشيات الإسلامويين وصنيعتهم الدعم السريع.
- قطع الطريق أمام الثورة وتصفيتها، كما في التهجير والنزوح الواسع الجاري لسكان الخرطوم وبقية المدن وتدمير المصانع ومواقع الإنتاج الزراعي والخدمي الأخري، لاضعاف قوى الثورة الحية.
كما جاءت امتدادا لمجازر دارفور وجنوب كردفان وجنوب والنيل الازرق وبقية المناطق الطرفية الأخري ، وبعد تصاعد المقاومة لاتقلاب 25 أكتوبر الذي اصبح قاب قوسين أو أدني من السقوط ، وعقب الصراع الذي انفجر في الانفاق الإطاري حول الاصلاح الأمني والعسكري في قضية دمج الدعم السريع في الجيش الدعم، اقترح البرهان عامين واقترح حميدتي عشر سنوات.
وهي حرب تشكل خطرا على وحدة البلاد وعلى الاستقرار الإقليمي والدولي مما يتطلب وقفها فورا، ودرء آثارها، ومنع تجددها بتجنب التسوية والاتفاقات الهشة التي تعيد الشراكة مع العسكر والدعم السريع، والافلات من العقاب، مما يعيد إنتاج الأزمة والحرب مرة أخرى.
٤
أخيرا مع إشراف الحرب على انتهاء عامها الأول، لا بديل غير وقف الحرب واسترداد الثورة، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد، والترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع ومليشيات المؤتمر الوطني وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، والمحاسبة وعدم الافلات من العقاب، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، والسيادة الوطنية وحماية ثروات البلاد من النهب، وتحقيق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية.
alsirbabo@yahoo.co.uk
///////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع کما فی
إقرأ أيضاً:
مصريون ناجون يكشفون أهوال معتقلات الدعم السريع
على مدى ما يقارب من عامين، نُقل عماد معوض عدة مرات من مكان احتجاز إلى آخر في السودان، حيث اعتقلته قوات الدعم السريع مع عدد آخر من المصريين بتهمة التجسس، وكان يخشى في كل مرة أن يكون اليوم الذي يمر عليه هو الأخير في حياته.
أمضى التاجر المصري البالغ (44 عاما) سنوات في بيع الأجهزة المنزلية في السودان قبل أن يقتحم مقاتلون من قوات الدعم السريع منزله في الخرطوم في يونيو/حزيران 2023، ويعتقلوه مع 6 مصريين آخرين.
ويقول معوض من منزله في كفر أبو شنب، وهي قرية هادئة بمحافظة الفيوم المصرية جنوب غرب القاهرة "اتهمونا بأننا جواسيس"، ويتذكر كيف فتش العناصر، الذين اعتقلوه، هاتفه ومنزله، قائلا "كنّا مجرد تجار، لكن بالنسبة لهم، كل مصري كان موضع شك".
رغم عدم العثور على أي أمر مريب لديهم، عُصبت أعين أفراد المجموعة واقتيدوا في شاحنة إلى مركز احتجاز في الخرطوم.
كان قد مضى شهران على بدء الحرب، وكان مئات الآلاف من سكان السودان فروا إلى الحدود المصرية بحثا عن الأمان، لكن معوض لم يتمكن من ذلك قائلا "لم يكن ممكنا لي أن أسافر بسبب كمية البضائع التي كانت لدي والتي كان يمكن أن تسرق"، كما كانت هناك "ديون" يتعيّن سدادها، و"اضطررنا لحراسة بضاعتنا مهما كانت الظروف".
إعلانوتتهم قوات الدعم السريع، التي تخوض نزاعا مدمّرا مع الجيش السوداني منذ أبريل/نيسان 2023، مصر بالتدخل في الحرب عبر دعم الجيش، الأمر الذي تنفيه القاهرة.
وفي مبنى جامعي حُول إلى سجن في حي الرياض بالعاصمة السودانية، احتُجز معوض مع 8 مصريين آخرين في زنزانة مساحتها 3 أمتار بـ3 أمتار من دون أي نوافذ.
ويوضح معوض أن الزنازين الأخرى كانت تضمّ ما بين 20 و50 معتقلا، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 6 سنوات، ورجال مسنّون، بعضهم في التسعينات من العمر.
ويقول أحمد عزيز، وهو تاجر مصري آخر كان محتجزا مع معوض، إن الطعام الذي كان يقدّم للمعتقلين "لم يكن أكلا.. كانوا يُحضرون لنا ماء ساخنا ممزوجا بالدقيق، عبارة عن عجينة لا طعم لها".
وكانت المياه إما مالحة وملوثة من إحدى الآبار، أو مليئة بالرواسب من نهر النيل، مما أدى إلى تفشي الأمراض بين السجناء الذين لم يتمكن بعضهم من الصمود في هذه الظروف، فماتوا.
ويضيف عزيز أنه عندما كان يصاب سجين بالمرض، ما كان عليه سوى "انتظار الموت".
ووفقا لمعوض، "بدأت أجسام المساجين تفقد مناعتها، وأصبحوا مجرد هياكل"، مشيرا إلى أن 5 مساجين "أحيانا أكثر وأحيانا أقل بقليل، كانوا يموتون يوميا"، وكانت تترك الجثث غالبا لتتعفن في الزنازين لأيام، بينما يرقد المعتقلون بجانبها.
ويروي معوض "لم يكونوا يغسّلون الجثث"، وكان عناصر قوات الدعم السريع "يلفونها ويلقون بها في الصحراء".
ويصف عزيز، الذي احتُجز في سجن سوبا لمدة شهر، كابوسا حقيقيا عاشه في هذا المعتقل، قائلا "لم تكن هناك مراحيض، مجرد دلاء داخل الزنزانة تترك هناك طوال اليوم".
ويضيف "لا يُمكن أن يمرّ أسبوعان من دون أن تُصاب بالمرض"، وقد انتشرت الحمى على نطاق واسع بين السجناء، مما أثار مخاوف من انتشار الكوليرا والملاريا "ليلا، كانت أسراب الحشرات تزحف على السجناء.. لم يكن هناك ما يجعلك تشعر بأنك إنسان".
وتقول الأمم المتحدة إن سجن سوبا التابع لقوات الدعم السريع في جنوب الخرطوم، ربما كان يضم أكثر من 6 آلاف معتقل بحلول منتصف عام 2024.
ويوضح محمد شعبان، وهو تاجر مصري آخر، أن حراس قوات الدعم السريع في سجن سوبا اعتادوا إهانة السجناء وضربهم بالخراطيم والعصي والسياط.
إعلانويقول شعبان البالغ (43 عاما) إنهم "كانوا يجردوننا من ملابسنا.. ثم يُمعنون بالسجناء ضربا وإهانة وشتما".
رغم محنتهم، كان معوض وعزيز وشعبان من بين المحظوظين، إذ أُطلق سراحهم بعد 20 شهرا من الأسر نتيجة ما يعتقدون أنها عملية استخباراتية مشتركة بين مصر والسلطات السودانية الموالية للجيش.
وعادوا إلى ديارهم في مصر، وهم يكافحون للتعافي جسديا ونفسيا "لكن علينا أن نحاول طي الصفحة والمضي قدما"، بحسب شعبان الذي يقول "علينا أن نحاول أن ننسى".
ووفق الأمم المتحدة، اعتقل عشرات الآلاف في السودان في سجون قوات الدعم السريع أو الجيش السوداني، وفق تقرير صدر في وقت سابق من هذا الشهر.
ومنذ بدء الحرب قبل سنتين، وثق النشطاء عمليات اعتقال وتعذيب طالت عمال إغاثة في الخطوط الأمامية أو ناشطين حقوقيين أو مدنيين بصورة عشوائية.