سودانايل:
2024-10-03@04:58:30 GMT

عندما يصحو الموت

تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT

عصام الدين الصادق

كان يتجاور في تلك الجزيرةِ الخضراء وهي بين هذين النهرين الجمال والسلام والحياة والبهجة ولإشراق والبسمة والضحكات والدهشه والفرح ودموعه والعداله والعزةِ و الحب والسعاده حتي الموت كان أكثر إشراقاً وجمال ويرشف من كأس الحياة قليلاً ومن السعادة حِفنةٌ ومن الجمال ما يتزين به كانوا يعيشون سوياً
يتزاور الجميع ويتبادلون العطايا في الربيع والخريف والشتاء والصيف من منحة الخالق دون قيد او شرط لا تسمع إلا الضحكات ودموع الفرح تهطل بغزارةٍ فتزدان الخضرةِ بثوب العزةِ ويحضنها الجمال بين إندهاشة الموت والسعادة والحب ليستيقظ الربيع بصوت الضحكات العالي فيودع الشتاء الجميع فقد حانت ساعة الرحيل لينام ،
كانت السعاده تشتعل في كل مكان ولهيب الحب بلغ عنان السماء وشظايا الجمال زانتها كالنجوم
في الضفةِ الاخري من النهر كان الظلامُ حالك والصراعُ مستعر بين الفتنة وبجانبها الموت يقاتلون الضغينة والغدر والحقد ولأنانيه والحسد والقذارة والنار والسرقة والموت ولاغتصاب والتمكين قضت الفتنة علي الجميع خضعوا لها وقدموا صكوك الولاء والطاعه وهم صاغرون يتجرعون كأس الهزيمةِ تحت عناق الفتنة والموت بنشوة النصر
خرجة الفتنة والموت من الحرب مخضبين بالجراح ذهبا إلي النهر ليغتسلا فتسألهما القذارةِ : إلي اين أنتم ذاهبان؟
قالت الفتنه : سنذهب إلي النهر لنغتسل من هذه الدماء قالت: تباً لكي ألا تعلمين العداء بيني وبين ماء النهر ؟
وتريدي أن تذهبي بي إليه لنظافة تلك الدماء التي زينتك كالزهور ؟
أرجوكي أتركي الموت يذهب وحده يغتسل ويأتي لكي ببعض الماء وتغتسلي أما إذا ذهبتي بي سيقتلني النهر فهو لا يحبني ويكرهني لأني قذره، ولاتنسي بأنني سأكون لكي مطيعه وقد تحتاجيني يوماً فأنتي من تدبري كل شئ ونحن رهن إشارتك أرجو أن تفكري في الأمر قبل الذهاب اسأل النار إنها أكثرنا معرفة بالنهر
قالت النار: أعتقد أن القذارة علي حق انا أيضاً اتجنبه
قالت الفتنة : حسناً إذهب إذا أيها الموت وأحضر لي قليلاً من الماء لأشرب وأرسل يداي
ذهب الموت إلي النهر وعندما إقترب رأي في الضفة الاخري من النهر السماء تضيئ والسعادة تشتعل
سأل النهر ماذا يحدث هناك وما هذه الاصوات و الانوار الباهيه ؟
قال النهر إنها جزيرة الحياة و الجمال والبهجة ولإشراق والسلام والحب والعداله
قال الموت أتوجد جزيرةٌ هنا بها تلك الاشياء وما تلك الحياة التي ذكرتيها أتوجد حياة أخري غير تلك التي نعيشها هنا ؟
قال النهر : نعم منذ زمن بعيد ، لكنك مشغولٌ بتلك الحياة التي تعيشها وهذه الصراعات التي تتغذي عليها حتي أصبحت بهذا الشكل القبيح والمتسخ بالدماء والروائح النتنه
قال الموت: أصدقك القول لقد سئمت هذه الحياة وأريد أن أتركها لقد تعبت وأُصِبتُ بكثيرٍ من الامراض وأصحاب السوء فأصبحت الفتنة أقرب المقربين إلييه فأنا أرغب في السلام ولا أحب الحروب فهي تصيبني بعسر الهضم وأمراض المعده
قال النهر: حسناً يمكن أن أساعدك واسأل الحياة برغبتك في العيش معهم
قال الموت : أشكرك أيها النهر العظيم كعظمة مملكة كوش
قال النهر : هل تعرف مملكة كوش ؟
قال: نعم إنها الحضاره التي تواجدت في العام 1500 حتي 2500 قبل الميلاد
إستغرب النهر وقال: كيف علمته بكل ذلك
قال الموت : أنا وُجِدتُ قبل كل هذه الحضارات ، حتي أنت أنا أتذكر متي ولدت قال النهر حقاً ؟
قال الموت طبعا بما أنك ستساعدني بالذهاب إلي الضفة الاخري سأخبرك متي كانت ولادتك
قال النهرُ : حسناً الحياة صديقتي فلن ترفض لي طلباً وسوف توافق علي قدومك إذا طلبت منها ذلك هيا أخبرني متي وُلِدت
قال الموت : نعم اتذكر في تلك الفتره انا كنته شاباً جميلا ووسيم وكثير الصيام والتجوال وأصبحنا أنا والحياة صديقين حميمين وكُنّا نستمتع بالجمال والحب والسلام حتي جاء ذلك الرجل الطيب أدم وزوجته كان نبياً وتقياً أنجب من الأبناء والبنات وتكاثرو وكونوا عائلات حتي تفرعو وأصبحو قبائل وشعوب ثم تفرقوا وبدءوا يفسدون الحياة بالحروب حتي جاء اصدقائك كالفتنة والضغينه فأنا أعرفهم جميعاً لذلك أنا تعبت من هذه الحياة وإبتعدته عنهم
فوجدتَ حياة أفضل في تلك الجزيره
أما قصتك أنت فكان ذلك في عصر المنزل المطير الذي سادت بعدهه فترة جفاف طويله كثرت فيها الصحاري فظهرت أنت وكنت موسميا وضعيف اقصد بأنك لم تكن موجوداً قبل عصر المنزل ولكنك اصبحت في ذلك الشكل إلا في نهاية العصر الجليدي
قال النهر : إذن أنا ولدت وجدت في نهاية العصر الجليدي ؟
قال : نعم
فرح النهر وشكر الموت وقال له إنتظر هنا سأذهب إلي الحياة وأعود إليك بالخبر اليقين يا صديقي
وافقت الحياة علي قدوم الموت للعيش بينهم بعد أن سألت أصدقائها فوافق الجميع علي قدومه والعيش ببنهم ولكن إشترطو عليه ترك اصدقاء السوء
فرح الموت وعاش في جزيرة الحياة مع السلام والحب ولإشراق والسعاده

alsadigasam1@gmail.

com
///////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قال الموت

إقرأ أيضاً:

وسع عقلك.. العفو

 

سلطان بن محمد القاسمي

هل شعرت يومًا أن قلبك مُثقل؟ ليس بالتعب الجسدي الذي يُمكن التخلص منه بقليل من الراحة، بل بذلك الثقل الذي يسكن أعماق روحك، ثقل الضغائن والغضب الذي لا يُرى، لكنه يستنزف طاقتك، ويُكدر صفوك. من هنا، سنتحدث اليوم عن هذا الثقل، وما سأشاركه معك هو:  فن العفو. كيف تستطيع أن تترك الضغائن خلفك، وتفتح لنفسك أبوابًا جديدة نحو السلام الداخلي؟ وكيف تصل إلى تلك المرحلة التي تشعر فيها بأنك سيد نفسك، وملك قرارك، متحررًا من أغلال الماضي؟

عندما نتأمل في هذه الفضيلة، نجد أن العفو ليس مجرد تصرف نبيل تجاه الآخرين، بل هو عملية شفاء للنفس وتطهير للروح. ولذلك، فإنَّ العفو هو تحرر من الأعباء التي نضعها على كاهلنا. كما يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم":فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ"الحجر: 85. تأمل معي في هذه الكلمات، "الصفح الجميل"، ذلك الصفح الذي لا انتظار فيه لمُقابل، لا ضغينة ولا ألم. بالتالي، هو عفو ينبع من قلب صافٍ يُريد أن ينعم بالسلام الداخلي، ويُحرر نفسه قبل كل شيء.

وهنا تبدأ الحكاية. نحن بحاجة للعفو، ليس فقط للإحسان إلى الآخرين، بل للإحسان إلى أنفسنا أولاً. إذا تأملنا في حياتنا اليومية، سنجد أننا نعيش حياة مليئة بالسكينة والسلام فقط عندما نُحرر أنفسنا من أثقال الضغائن القديمة وأوجاع الماضي.  ما الجدوى من تكرار الذكريات المؤلمة التي تجعلنا سجناء للماضي؟ العفو يُحررنا، ويفتح لنا أفقًا جديدًا لنعيش الحياة بنقاء روحي، حيث لا نعود أسرى للماضي.

إضافةً إلى ذلك، العفو لا يعني نسيان ما حدث أو تجاهل الألم الذي شعرنا به. بل يعني تجاوز تلك المشاعر السلبية التي تربطنا بالأحداث المؤلمة. نأخذ العبرة ونتجاوز الألم. انظر إلى موقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة. كان في موضع قوة، وكان بإمكانه الانتقام، لكنه قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". هذا القرار لم يكن فقط عفوًا عن الناس، بل كان عفوًا عن أي ضغينة تُثقل قلبه. بالتالي، هو مثال على القوة الحقيقية، تلك التي تجعل من العفو طريقًا لتحويل الأعداء إلى أصدقاء، وتحقيق السلام الداخلي.

إذاً، كيف يمكن للعفو أن يكون قوة؟ ببساطة، عندما تعفو، أنت تتحرر من العبء الذي يُثقل روحك. تتحرر أيضًا من المشاعر السلبية التي تأكل من طاقتك الداخلية. بل وأكثر من ذلك، فقد أثبتت الدراسات النفسية الحديثة أن العفو له فوائد جسدية ونفسية ملموسة. بمعنى آخر، العفو يساعد على تخفيف التوتر والقلق، ويعيد للنفس الراحة والصفاء. فأنت حين تعفو، لا تهدي الآخرين فقط، بل تهدي نفسك صحة نفسية وجسدية لا تقدر بثمن.

وبالإضافة إلى ذلك، إذا تأملنا في حياة الأنبياء والصالحين، سنجد أن العفو كان دائمًا حاضرًا في تعاملاتهم. خذ مثلاً قصة النبي يوسف عليه السلام. عندما عفا عن إخوته الذين ألقوه في البئر، لم يكن ذلك نسيانًا للألم، بل كان اختيارًا أكبر وأعمق للسلام الداخلي، رؤية واضحة للمستقبل، بعيدة كل البعد عن أسر الماضي وأوجاعه. هكذا، يوسف عليه السلام علّمنا درسًا خالدًا في أن العفو هو الطريق الوحيد للتحرر الحقيقي.

وفي الحديث الشريف: "من كظم غيظاً وهو قادرٌ على أن يُنفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يُخيِّره في أي الحور شاء". هذا الحديث يذكرنا بأن كل مرة نختار فيها كتمان الغضب والعفو، نرتقي بأنفسنا خطوة نحو الرضا الداخلي، خطوة نحو السمو الروحي الذي يجعلنا أكبر من الضغائن وأسمى من الأحقاد.

وعلاوة على ذلك، العفو هو الأساس الذي تقوم عليه العلاقات الإنسانية القوية. تخيل كيف يمكن أن تستمر العلاقات العائلية أو الصداقات دون عفو! كل علاقة قد تمر بمراحل من التوتر والخلاف، لكن ما يميز العلاقات المتينة هو القدرة على التجاوز والعفو. ولنا في قصة الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مثال رائع. عندما عفا عن مسطح بن أثاثة في حادثة الإفك، رغم الجرح العميق الذي خلفته الحادثة في قلبه، اختار أبوبكر أن يغلب العفو على الألم، ليضرب لنا مثالًا خالدًا في كيفية التعامل مع الأذى بمستوى من السمو الأخلاقي.

وفي جانب آخر، لا يمكننا أن ننسى أهمية العفو عن الذات. كم مرة قسونا على أنفسنا، حاكمناها على أخطاء مضت، قرارات اتخذناها في لحظات ضعف؟ إذا كان الله، في عظمته ورحمته، يغفر لعباده ويمنحهم فرصة للتوبة والتجديد، فلماذا نبقى نحن أسرى لذواتنا وأخطائنا؟ مسامحة الذات هي أولى خطوات الحرية. إنها تلك اللحظة التي نقرر فيها أن نمنح أنفسنا فرصة ثانية، نغفر لأنفسنا ونبدأ من جديد، متحررين من كل قيود الندم.

لكن العفو لا يقف عند حدود الفرد، بل هو ثقافة نحتاج لتعزيزها في مجتمعاتنا. المجتمع الذي يتبنى التسامح والعفو بين أفراده هو مجتمع قوي ومستقر. العفو لا يعني ضعفًا، ولا تنازلًا عن الحقوق، بل هو قرار واعٍ بجعل الإنسانية والمحبة أعلى من أي خلاف. وبالتالي، هذه الرسالة يجب أن ننقلها للأجيال القادمة: العفو قوة، والتسامح هو الطريق الحقيقي للنجاح والعيش بسلام.

وفي النهاية، العفو ليس فقط وسيلة لتحقيق السلام الداخلي، بل هو قوة تمنحنا الحرية من قيود الماضي. هو تلك اللحظة التي نختار فيها أن نعيش بقلوب طاهرة، خالية من الأعباء. ما أجمل أن تعيش حياتك بلا ضغائن، متحررًا من كل ما يُعكر صفاء قلبك. فكلما اخترت العفو، صرت سيد نفسك، حرًا من قيود الماضي، ومستعدًا لتجارب جديدة بروح نقية ونفس متفائلة.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ماذا قال مصطفى محمود عن الحياة بعد الموت؟.. أسرار من العلم والإيمان
  • الشروع في الضخ التجريبي للمياه من خزان أبوزيان إلى بلدية العربان
  • وسع عقلك.. العفو
  • «بوجواري» يبحث الاحتياجات اللازمة لحل مشكلة نقص المياه ببنغازي
  • الإحباط وصراعات الحياة
  • «مقاومة شندي» تنفي رفضها دفن منسوبي الحركات المسلحة وتدين إثارة الفتنة والعنصرية
  • إلّا شريان الحياة!
  • ديلي إكسبرس: النهر الصناعي في ليبيا أعجوبة هندسية
  • ملامح من الحياة في كندا (4)
  • هذا ما فعله الجيش الجمعة والسبت لدرء الفتنة