عُرف الكويتيون بإقبالهم على القيام بالأعمال الخيرية منذ قديم الزمان، ويتأصل حب الخير في المجتمع الكويتي منذ نشأته.

وينشط باحثون كويتيون في توثيق مسيرة العمل الخيري والتطوعي الإنساني الكويتي، وإبرازه محلياً ودولياً، ويأتي كتاب "الأعمال الخيرية الكويتية قديما في المناسبات الموسمية"، لمؤلفه الدكتور خالد يوسف الشطي، في إطار تلك الجهود التي تستهدف توثيق مسيرة العمل الإنساني الكويتي ونقلها للأجيال.

تجهيز المساجد

ومن بين ما توثقه لنا صفحات كتاب "الشطي" – الصادر عن مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني - الأعمال التي اشتهر بها أهل الكويت قديما في شهر رمضان المبارك الذي كانوا يستعدون لاستقباله مُبكراً من خلال تجهيز المساجد والقيام بأعمال الخير ومد يد العون والمساعدة للمحتاجين، بجانب تلك المظاهر التراثية الرمضانية التي تتوارثها العائلات الكويتية وبقيت حيّة وخالدة على مدار قرون مضت وحتى اليوم، وكذلك الأعمال الخيرية لأهل الكويت في مختلف المناسبات الموسمية.

وبحسب الكتاب، فإن الأعمال الخيرية الكويتية تنوّعت في المناسبات المختلفة، فقد اشتهرت الكويت قديماً وحديثاً بريادة أبنائها للعمل الخيري والإنساني، ومساعدتهم للمحتاجين وتكاتفهم وتعاونهم فيما بين بعضهم البعض في القيام بتلك الأعمال داخل الوطن وخارجه.

وحظيت المساجد بعناية الكويتيين في كل المواسم بشكل عام وخلال موسم شهر رمضان بوجه خاص، حيث حرص أبناء الكويت على بناء المساجد والتبرع بالأوقاف الخيرية، والوصايا للصرف من ريعها على صيانة المساجد وتسيير شؤونها، كما تبرعوا بالأوقاف لتشمل شتى احتياجات المجتمع آنذاك، كالتعليم والعلاج ومساعدة الأسر والمحتاجين، وإقامة موائد الإفطار في شهر رمضان ونحر الأضاحي في عيد الأضحى المبارك.

مدارس وكتاتيب

كما أنشأوا المدارس والكتاتيب، وأنفقوا على تسييرها وتقديم العون لها، وكفلوا الأيتام، وقدموا الرعاية للأرامل والفقراء والمحتاجين، ولم يتركوا مجالاً من مجالات الخير إلا وساهموا فيه قدر ما يستطيعون.

وهكذا وكما يدلنا كتاب الدكتور خالد يوسف الشطي "الأعمال الخيرية الكويتية قديما في المناسبات الموسمية"، فقد وسار أبناء الكويت جيلا بعد جيل في عمل الخير على مر الزمان، ولم يتركوا حاجة من حاجات المجتمع إلا وسدوها.

طابع رمضاني خاص

وكان لشهر رمضان المبارك طابع خاص في مسيرة العمل الخيري الكويتي قديما وحديثاً، حيث كان أهل الكويت يستعدون لاستقبال شهر رمضان مع حلول شهر شعبان، أي في وقت مُبكّر، فيقدمون المساعدات للأسر المحتاجة والمتعففة لتهيئتها لاستقبال شهر الصوم.

وكان الكويتيون يتنافسون في العطاء والبذل وإخراج الزكوات والصدقات في شهر رمضان المبارك.

ولأن "رمضان" هو شهر الجود والإحسان، فقد كان لأهل الكويت أعمال خيرية كثيرة في هذا الشهر الفضيل، حيث كانوا – وما يزالون - يجودون بالزكوات وعامة الصدقات.

ويُسجّل الكتاب فرحة أهل الكويت بقدوم شهر رمضان، حيث كان الأطفال يذهبون عصر كل يوم لرؤية المدفع، ويستقبلون شهر الصوم بالتهليل والزغاريد، وينقل الكتاب عن السيد أحمد بزيع الياسين رحمه الله، بأنه خرج قبل رمضان بيوم إلى صلاة المغرب في أحد المساجد، ولما انتهوا من الصلاة خرجوا لرؤية الهلال، فلما رأوه قالوا: يا هلال هلك الله ربي وربك الله.

تعدد موائد الإفطار

 الحرص على إفطار الصائمين كان من الأعمال الرمضانية المعتادة من أهل الكويت قديما وحديثاً، حيث كانت موائد الإفطار الرمضاني تنتشر في المساجد بتبرعات أهل الخير، ويذكر لنا الكتاب، أن المحسن عبد الوهاب عبد العزيز العثمان كان يقيم ولائم إفطار في رمضان، ويوزع الولائم على الصائمين بنفسه، وتبرع البعض بأوقاف وأتلات ليصرف من ربعها على إفطار الصائمين في المساجد، ومما يُذكر في ذلك أن السيد عبد الله رشيد البدر أوصى عام ١٩٠٦م بجزء من وصيته لتقديم الخبز والتمر الإفطار الصائمين في مسجد البدر خلال شهر رمضان، وذلك إضافة إلى إقامة موائد الإطار الرمضانية في الدواوين، وفي البيوت أيضا، فقد كان الجيران يجهزون وجبات الإفطار لجيرانهم من الأسر التي لا عائل لها، إضافة إلى إفطار الصائمين في بيوت الوقف المخصصة لعابري السبيل.

وحرص الدكتور خالد يوسف الشطي أن يُسجّل لنا عبر صفحات كتابه "الأعمال الخيرية الكويتية قديما في المناسبات الموسمية"، بعض العادات والتقاليد التراثية المتعلقة بشهر رمضان في الكويت قديما، والتي تحتفظ بها الذاكرة الشعبية الكويتية حتى اليوم.

عادات حفظتها الذاكرة الشعبية

ومن هذه العادات ما اعتاد عليه أهل الكويت خلال شهر الصوم من صنع مأكولات معينة مثل الهريس والجريش والرُّزْ، وحلويات مثل اللقيمات ليقوموا بتوزيعها على الأهل والجيران والمساجد والأسر المحتاجة والمتعففة.

وقيام البعض بشراء بعض الحلويات، مثل الزلابية، لإدخال الفرح والسرور على أهل البيت، وعلى الجيران وعلى الأرحام الذين تكون بيوتهم قريبة.

وكانت هناك عادة "النافلة" وهي عادة حميدة عُرف بها أهل الكويت قديماً، وبقيت في الذاكرة الكويتية حتى اليوم، وتتمثّل في توزيع طعام في ليلة الجمعة، كل يوم خميس،

ومما يذكره الكتاب في هذا الشأن، أن المحسن محمد علي الدخان كان يذبح ۱۰ رؤوس أغنام يوم الخميس من رمضان.

كما يروي لنا الكتاب عن "أبو طبيلة"، وهو شخص يتبرع لإيقاظ الناس ليلاً للسحور في رمضان ويقرع بالطبل ليوقظ الناس قائلا: "عادت عليكم ..... والشير ما يجيكم"، وغير ذلك من الأقوال.

وفي آخر أيام رمضان يقوم نهاراً يقرع البيوت التي كان يطوف بجانبها ويوقظها للسحور، فيعطونه مبالغ نقدية، أو مواد تموينية (تمر - أرز - سكر - طحين) ويجرى خلفه الأطفال، وهو يدعوا الأصحاب البيوت بطول العمر ويقول: عساكم من عواده.

ويذكر الكتاب عادة "القرقيعان"، وهي عادة رمضانية تبدأ ليلة الرابع عشر من رمضان وتستمر ليلة الخامس عشر والسادس عشر، وهي الليالي التي يكون فيها القمر مكتملاً، حيث كان النور يملأ الطرقات، ويقوم الأولاد بالطواف بعد المغرب بين البيوت والأحياء فيطرقون الأبواب، ويعطونهم المكسرات المخلوطة بالحلويات وكانت الفتيات الصغيرات يتجهن إلى البيوت المجاورة، أما الأولاد فيطوفون الأحياء القريبة والبعيدة.

وهكذا تتعدد فصول وموضوعات الكتاب الذي يُقدّم توثيقا دقيقاً للأعمال الخيرية الكويتية في شهر وفي غيره من المواسم السنوية، شاملاً العادات والتقاليد التراثية التي تحتفظ الذاكرة الشعبية الكويتية بالكثير منها حتى اليوم، بجانب كل جوانب العمل الخيري والتطوعي والإنساني الذي يتوارثه الكويتيون عن الأجداد والآباء حتى اليوم، والذي يكون أكثر حضوراً في شهر رمضان المبارك.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكويت المجتمع الكويتي شهر رمضان العمل الخيري الكويتي موائد الإفطار أهل الكويت شهر رمضان المبارک إفطار الصائمین فی المناسبات فی شهر رمضان أهل الکویت حتى الیوم قدیما فی حیث کان

إقرأ أيضاً:

"سيوة واحة الأحلام والأساطير".. كتاب جديد لمحمد أمين عبد الصمد بمعرض الكتاب

 

بمعرض القاهرة للكتاب 2025 .. أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، كتاب سيوة واحة الأحلام والأساطير".. دراسة إثنوجرافية، للدكتور محمد أمين عبد الصمد، ضمن إصداراتها بسلسلة "الدراسات الشعبية"، المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، المقرر انطلاقها في الفترة من 23 يناير الحالي إلى 5 فبراير المقبل في مركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، ضمن برامج وزارة الثقافة، تحت شعار "اقرأ.. في البدء كان الكلمة".

دراسة إثنوجرافية

 

الكتاب دراسة إثنوجرافية قدمها الباحث والكاتب المسرحي محمد أمين عبد الصمد؛ حيث بدأ بتاريخ مختصر لواحة سيوة: موقعها وتضاريسها ومناخها وسكانها، وبيئتها وآثارها، ورصد المجتمع السيوي من وجهة نظر المشاركين في المواقف الاجتماعية داخله عارضا تفسيرهم لكل سلوك على حدة، دون فرض أي إطار أو بناء استنتاجي على هذه المواقف، من خلال تناول المناسبات الاجتماعية الخاصة بدورة الحياة (ميلاد - زواج - وفاة)، والاحتفالات الدينية (المولد النبوي - الحج - عيد الفطر - عيد الأضحى - عاشوراء - مولد سيدي سليمان)، واحتفالية السياحة (عيد المصالحة)، والطرق الصوفية (المدنية الشاذلية - السنوسية - العروسية)، والقانون العرفي بوصفه أداة للضبط الاجتماعي، والطب الشعبي، مرورًا بفنونهم: الأغنية، والحكاية، والرقص، والأزياء بحثًا عن الرمز والمعنى.

كما اعتمد الباحث على مجموعة من الكتابات التوثيقية، ومنها: نسخة من مخطوطة الطيب أبو مسلم، التي أرَّخ فيها للواحة والأحداث المهمة بها، وهي بخط الفنان سمير جابر، الذي نسخها من الأصل في سيوة عام 1969، أثناء رحلته للجمع الميداني للرقصات الشعبية في مصر، وكتاب "شريعة الصحراء: عادات وتقاليد" للواء رفعت الجوهري، وكتاب "واحات مصر، المجلد الأول: سيوة" للأثري الأستاذ الدكتور أحمد فخري، بالإضافة إلى خطط المقريزي، ومقدمة ابن خلدون، وكُتب بعض الرحالة والأثريين. خاتما كتابه بثلاث مقابلات مفتوحة أجراها مع الإخباريّين.

سلسلة الدراسات الشعبية تعنى بنشر الدراسات المتعلقة بالفلكلور ونصوص وسير وحكايات وملاحم الأدب الشعبي، تصدر برئاسة تحرير الباحث حسن سرور، ومدير التحرير محمد شومان، تصميم الغلاف نسرين محمود.

وتشارك هيئة قصور الثقافة في دورة هذا العام من المعرض بأكثر من 165 عنوانا جديدا تم اختيارها بعناية وصدرت ضمن سلاسل الهيئة ومجموعة أخرى تم إصدارها بمناسبة المعرض، وتقديمها بأسعار مخفضة للجمهور، وقد تنوعت موضوعات الكتب لتشمل التاريخ والتراث والأدب الشعبي والتراجم العالمية وكتب أعلام الفكر والأعمال الرائدة، بالإضافة إلى إصدارات متنوعة في سلاسل: السينما، السير الذاتية، أدب الرحلات، الفلسفة، والدراسات الشعبية، الفن التشكيلي، النقد الأدبي، المسرح، والموسيقى، والعبور، وكذا الأعمال الإبداعية في القصة والشعر والرواية، بجانب الركن الخاص بكتب الأطفال وركن في جناح الهيئة للكتب المخفضة.

ويشرف على إصدارات الهيئة في المعرض الإدارة المركزية للشئون الثقافية، برئاسة الشاعر د. مسعود شومان، والإدارة العامة للنشر الثقافي، برئاسة الكاتب الحسيني عمران، والإدارة العامة للتسويق والمبيعات، برئاسة تغريد كامل.

 

مقالات مشابهة

  • "سيوة واحة الأحلام والأساطير".. كتاب جديد لمحمد أمين عبد الصمد بمعرض الكتاب
  • افتتاح معرض الكتاب وإطلاق مبادرة «مليون كتاب» غدا
  • «المراسل التلفزيوني من الميدان إلى الشاشة».. كتاب جديد لـ علاء فياض بمعرض الكتاب
  • شنطة قصور الثقافة والمليون كتاب.. مبادرات نوعية في معرض الكتاب
  • «المناخ التنظيمي في المؤسسات الصحفية» كتاب للدكتور حامد فيزي في معرض الكتاب
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب "البهجةُ السَّنيةُ على متنِ السَّنوسيَّة"
  • للباحثين وطلَّاب العلم.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب البهجةُ السَّنيةُ
  • جناح الأزهر يقدم كتاب "العقائد السُّنية" في معرض الكتاب
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم كتاب العقائد السنية مع شرح وحاشية
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب "العقائد السُّنية" مع شرح وحاشية