هل وضع العطر في نهار رمضان يفسد الصيام؟.. أعرف رأي الشرع
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
حكم وضع العطر في نهار رمضان.. ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، يقول السائل فيه: ما حكم وضع العطر في نهار رمضان؟ وهل وضع العطر في نهار رمضان يفسد الصيام، لأنني في أحد أيام رمضان كنت أستعد لصلاة العصر، وعندما أردت أن أضع العطر منعني صديقي وقال لي إنه يبطل الصيام، فهل هذا صحيح؟ وتكرر إرسال هذا السؤال إلى دار الإفتاء من قِبل الكثير من السيدات والرجال على حد سواء.
وقالت دار الإفتاء المصرية: إن من شمائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبه الطيب والإكثار من التطيب، حيث روى النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»، وروى الإمام البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ"، إلا إذا كان محرمًا، فالطيب ممنوع أثناء الإحرام، ومع ذلك فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضع الطيب قبل الإحرام، روى الإمام مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ».
حكم استخدام الطيب في نهار رمضانوأوضحت دار الإفتاء، أن عموم هذه الأدلة -وغيرها مما ورد في استحباب استعمال الطيب والتعطر بالروائح الزكية- يقضي بجواز ذلك في الصيام وغيره إلا ما استثناه الشرع الشريف كالإحرام وما يلحق به، ويؤيد ذلك أن علماء الإسلام على اختلاف مذاهبهم وتنوع مشاربهم لم يعدوا ذلك ضمن مفطرات الصوم، قال الإمام محمد بن أحمد ميَّارة المالكي في «الدر الثمين والمورد المعين» (ص: 464، ط. دار الحديث): [وأما المشموم الطيب الرائحة فنقل صاحب «المعيار» عن الإمام أبي القاسم العقباني أنه قال: لا أعلم من يقول فيه بالإفطار وإنما يكره في مذهب بعض أهل العلم] اهـ.
لكنهم اختلفوا فيما وراء ذلك من حيث الكراهة وعدمها، فمنهم من يرى جوازه بلا كراهة، ومنهم من يرى أنه يسن الابتعاد عنه، وذلك لأنه منافٍ لحكمة الصوم التي منها تعويد الصائم على التقشف والابتعاد عن التَّرفُّه والشهوات، ومنهم من يرى كراهية شم ما لا يُؤمن أن يجذبه النَّفَس إلى الحلق، ومنهم من فرَّق بين المعتكف وغيره، فكرهه لغير المعتكف، لأنه غير مبتعد عما يفسد اعتكافه.
فالحنفية يرون جواز التطيب للصائم بلا كراهة، قال العلامة حسن بن عمار بن علي الشرنبلالي المصري الحنفي في «مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح» (ص: 245، ط. المكتبة العصرية): [وتفيد مسألة الاكتحال ودهن الشارب الآتية أن لا يكره للصائم شم رائحة المسك والورد ونحوه مما لا يكون جوهرًا متصلًا كالدخان فإنهم قالوا: لا يكره الاكتحال بحال وهو شامل للمطيب وغيره ولم يخصوه بنوع منه وكذا دهن الشارب] اهـ.
ويرى بعض الشافعية أنه يُسن ترك التطيب في الصيام، لما فيه من الترفه، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" (1/ 142، ط. دار الفكر): [وسن من حيث الصوم.. ترك شهوة لا تبطل الصوم، كشم الرياحين والنظر إليها، لما فيها من التَّرفُّه الذي لا يناسب حكمة الصوم] اهـ، وإذا سن ترك شم الرياحين، فمن باب أولى يسن ترك وضع العطور التي تُظهرها هذه الرياحين، إلا أن التطيب كان فيما مضى من أنواع التَّرفُّه كما ذهب إلى ذلك الشافعية، أما اليوم فليس من الترفه في شيء، بل أصبح من العادات العرفية، والمرء إذا لم يتطيب ربما انبعثت منه روائح كريهة تُنفِّر الناسَ منه.
ويرى بعض الحنابلة كراهية شم ما له جرم من العطور، لأنه لا يُؤمَن أن يجذبه النَّفَس إلى الحلق، قال العلامة البهوتي الحنبلي في «كشاف القناع عن متن الإقناع» (2/ 330، ط. دار الكتب العلمية): [ويكره للصائم شم ما لا يأمن أن يجذبه نفَسه إلى حلقه كسحيق مسك وكافور ودهن ونحوها كبخور عود وعنبر] اهـ، وأكثر العطور اليوم ليست مما له جرم يمكن أن يجذبه النَّفَس إلى الحلق، وإن كانت العطور سائلة أو جامدة ولها جرم فيكفيه ألا يدنيها من أنفه أو حلقه حتى لا يدخل إلى جوفه شيء منها، خروجًا من الخلاف، فإنهم إنما كرهوه احترازًا لأنه إذا دخل شيء إلى الجوف أفطر، فإذا أمن من دخول شيء إلى جوفه جاز له أن يضعها حيثما يريد.
ويرى المالكية جواز التطيب للصائم المعتكف ويكرهونه لغير المعتكف، وعلَّتهم في ذلك أن المعتكف معه مانع يمنعه مما يفسد اعتكافه، وهو مكثه في المسجد وبُعدُه عن النساء بخلاف غير المعتكف، قال العلامة أبو البركات سيدي أحمد الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 549، ط. دار إحياء الكتب العربية): [وجاز للمعتكف.. .تطيبه بأنواع الطيب، وإن كره لصائم غير معتكف، لأن هذا معه مانع يمنعه مما يفسد اعتكافه، وهو المسجد وبُعدُه عن النساء] اهـ.
واختتمت دار الإفتاء: وبناء على ما سبق، فيجوز للصائم أن يتطيب في نهار رمضان، ولا حرج عليه في ذلك.
اقرأ أيضاًحكم صلاة التراويح في وسائل المواصلات بالنسبة لـ المسافر.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع
مفتي الجمهورية: التشاؤم بالأرقام والأيام منهي عنه شرعا.. وهذا حكم صوم أصحاب الأعمال الشاقة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: حكم العطر في نهار رمضان نهار رمضان دار الإفتاء الله ع ى الله
إقرأ أيضاً:
حكم تناول عقار مخدر بقصد تخفيف الألم.. الإفتاء توضح
يلجأ بعض المرضى إلى تناول عقار مخدر بقصد تخفيف الألم رغم ما قد تحمله هذه الأدوية من آثار جانبية أو مخاطر الإدمان عند استخدامها بشكل مستمر، وهو ما يطرح تساؤلًا لدى كثيرين عن ما حكم استخدام الأدوية المخدرة للعلاج؟.
وكشفت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، عن حكم تناول الأدوية المخدرة بغرض العلاج وتخفيف الألم، مشيرة إلى أنه حالة واحدة يجوز فيها شرعًا تناول الدواء المخدِّر.
هل تربية الكلب في المنزل حرام شرعًا؟.. الإفتاء: لا يجوز في هذه الحالة
هل يجوز الاقتراض مع العلم بعدم القدرة على السداد؟.. الإفتاء تجيب
حكم إمامة الجالس للقائم في الصلاة.. دار الإفتاء توضح
هل يجوز حرق أوراق المصحف التالف بسبب تعذر القراءة منها؟.. الإفتاء تجيب
وقالت دار الإفتاء، إن هذه الحالة التي يجوز فيها تناول الدواء المخدر هي بغرض العلاج، موضحة أنه يجب أن يكون العلاج بهذه المواد المخدرة بإشراف طبي موثوق معتمد، ويجب على المريض ألا يتجاوز الجرعة الطبية الموصوفة.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن حكم التعامل مع الأدوية المخدرة جائز بغرض العلاج من الناحية الشرعية، محذر من أن البعض يلجأ لها دون أن تصريح طبي؛ وهو ما قد يؤدي لمشكلات صحية أو التسبب في الإدمان.
دعاء الشفاءوقالت دار الإفتاء المصرية، إن دعاء الشفاء هو من وصايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، حيث أوصى بالدعاء للمريض .
وأوضحت الإفتاء، أنه جاء في الأثر أنه زار النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- لمّا مَرِض ودعا له بالشفاء، حيث رُوي عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنّه قال: «ثمّ وضع يدَه على جبهتي، ثمّ مسح يدَه على وجهي وبطني، ثمّ قال: اللهمُّ اشفِ سعدًا، وأتممْ له هجرتَه، فما زلتُ أجد بردَه على كبِدي -فيما يخالُ إليّ- حتى الساعةَ».
وتابعت: بل إنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- دعا لذلك وحبّب به وحثّ عليه وعلّم أصحابه -رضي الله عنهم- صِيَغ الدعاء التي تُعجّل في شفاء المرضى، وأنّه ينبغي على ما من زار مريضًا أن يدعو له بتلك الصِيَغ، منها ما رواه ابن عبّاس -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَات: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلاَّ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ».
دعاء الشفاء للمريضيُقصد بـ دعاء الشفاء للمريض من السنة تلكالأدعية المأثورة، الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتي تقال لاستشفاء المريض ومنها:
قال رسول الله: «بسمِ اللهِ ثلاثًا وقُلْ سبْعَ مرَّاتٍ: أعوذُ باللهِ وقدرتِه مِن شرِّ ما أجِدُ وأُحاذِرُ».
«أَذْهِبِ البَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا».
«بسمِ اللَّهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولَا في السَّماءِ، وَهوَ السَّميعُ العليمُ ثلاثَ مرَّاتٍ».
«لا بَأْسَ، طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ».
«اللهمَّ عافِني في بدني، اللهمَّ عافِني في سمعي، اللهمَّ عافِني في بصري».