تعاون واشنطن وطهران في احتلال العراق وتدميره
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
آخر تحديث: 16 مارس 2024 - 10:38 صبقلم: د. عبدالرزاق محمد الدليمي ليست الجاهلية مرحلةً تاريخيةً قد انتهى أوانها ، بل هي حالة اجتماعية يمكن أن تتجدّد كلّما توفّرت ظروفها؛ لأنّ حقيقة الجاهليّة هي الانحراف عن شريعة الله وهدى الأنبياء، والحكم وفق الهوى، كما جاء في القرآن( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُون)فرجال الدين يقولون دائما ان الدنيا ليست دارهم ومع ذلك يضعون ايديهم على كل شئ في الحياة،واحد هم مصائبنا الكبرى في العراق المنكوب هو الدور الكارثي لبعض العمائم.
كان تأثير نظام الملالي في ايران بالعراق أحد أكثر الجوانب التي يجري الحديث عنها ولكنه أقلّ الجوانب التي يتم فهمها في الوضع الذي أعقب الاحتلال،رغم المناوشات الدعائية بين واشنطن وطهران الا ان نظام الملالي قدم للاحتلال الامريكي البريطاني دعما لولاه لما حقق الاحتلال تقدمه السريع في جبهات كثيرة منها مثلا السماح لدخول قوات الاحتلال البريطاني من الاراضي العراقية التي تحتلها ايران منذ 1925 (الاهواز) بعد فشلها في مواجهة صمود القطعات العراقية البطله في البصرة …وضمن سياسة التخادم سمحت واشنطن لملالي طهران بأخذ أدوار بشكل متباين وفي كثير من الاحيان غير مناسب ومؤذ وفاضح منها القيام بسلسلة من التدخلات غير المشروعة (التلاعب في الانتخابات ومساندة المليشيات والتسلّل إلى الى جميع محافظات البلاد). وفي الواقع، ان هدف ملالي طهران من توغلها الموسّع في العراق، محاولة لاستمرار عدم الاستقرار إن حقيقة أن لإيران مصالح حيوية في ما يحدث في العراق هو أمر لا ريب فيه. كما أنّ كونها قد مارست حتى الآن نفوذاً ينطوي على تحفّظ كبير هو أيضاً جليّ، حيث تؤكد الوقائع أن لديها القدرة على القيام بأكثر من ذلك بكثير وأسوأ من ذلك إلى حدّ بعيد. ولزيادة فرصة خلق الوضى في العراق بنجاح وافشال اي مسعى حتى ولو بشكل محدود بالانتقال السياسي إلى حدّ اعلى، كما ان من الأمور الجوهرية والحاسمة لطهران أن تعمل مع ذيولها بالعملية السياسية في تعقيد قضايا الأمن ، في وقت لم تحرك الولايات المتحدة ساكنا على الأقل بالحيلولة دون حدوث مزيد من التدهور في الذي يحدث بالعراق المحتل نتيجة التدخل الواسع والعميق من قبل ملالي طهران . لقد اثبتت الاحداث طيلة 21 سنة عجاف من عمر الاحتلال البغيض زيادة المخاوف بأن نظام إيران الداعم الرئيسي بعد امريكا للعنف المناهض في العراق. كذلك، اصبح واضحا ان إيران لم تكتفي بما تسببت به من كوارث في العراق بل ذهبت لدعم وتسهيل حركة الجماعات المسلحة وثبت باليقين ان طهران دعمت داعش وتنظيمات اخرى كثيرة تعبث في العراق وسوريا ولبنان واليمن وصولا الى افريقيا وغيرها من اماكن تمددت بها ايران ، وبأنها كانت مسؤولة عن كثير من عمليات الاغتيالات داخل العراق. كما لايزال الملالي يعملون لإقامة حكومة دينيّة (ثيوقراطية) موالية لهم قلبا وقالبا. إن الفكرة العامة المتمثلة في أن ملالي إيران مصمّمين على القضاء على اي استقرار العراق (ان وجد!!) وصياغة سياساته وسرقة ثرواته بشكل حاسم (عن طريق استغلال الجوانب العقائدية الطائفية أو إرسال الملايين من مواطنيها لتوطينهم في العراق)، والاستمرا بتأسيس حكومات دمى ذات ميول مماثلة ومذعنة لها، قد أصبحت مقبولة وامر واقع في العراق وبقبول واذعان من العالم العربي واستفادة الولايات المتحدة. علما ان هنالك دلالة بتدخل اجهزة ملالي طهران والتلاعب في الانتخابات الامر الذي ادى في كل مهازل الانتخابات الى فوز وانتصار الاحزاب الشيعية العميلة لايران وهو أكثر من مجرّد ترجمة سياسية لسيطرتهم على كل المشهد السياسي والامني في العراق المحتل. كذلك، لم يعد خافيا تقديم الادلة الملموسة والواقعية على تورط إيران بنشاطات وجرائم المليشيات التابعة لها للتمرّد على حكومة الدمى التي اسسوها وعدم الاستقرار إلى الحدّ الأقصى. إن قوّة إيران تآكلت بعد خسارتها الحرب العدوانية ضد العراق لمدّة ثماني سنوات مع العراق في عقد الثمانينات من القرن الماضي، الا انها استفادت من تلك الحرب عن طريق تمكن وكالاتها الأمنية من الاطلاع الكبير عن التضاريس الطبيعية والسياسية لجغرافية العراق، كما أصبحت قادرة على الاحتفاظ بوجود استخباراتي نشط في جنوب العراق وفي بغداد ومحافظات اربيل ودهوك والسليمانية، وتشتمل أذرع النفوذ الإيراني على شبكة واسعة الانتشار من المخبرين المدفوعي الأجر وفيلق الحرس الثوري الإيراني والدعاية الدينية الطائفية الممّولة بواسطة دولار النفط العراقي ويتمثّل الأمر الأكثر أهمية في أن نظام إيران مستمر بالتأثير على العملية السياسية الفاسدة الفاشلة في العراق من خلال تقديم دعمه لعملائه ، وفي حين أن سجل 21 عاما الماضية يوحي بوجود حافز إيراني دائم وراسخ للتدخل في كل تفاصيل الحياة بالعراق وفي العديد من الأنشطة الإيرانية، رغم ان المجتمع العراقي. يواجه هذا التدخل بالشكّ والاستياء العميقين تجاه جارتهم اللعينة. إن نقطة الانطلاق لفهم التعاون والتخادم بين واشنطن والدور الموكل لنظام ملالي إيران يجب أن تعتمد على تقييم صحيح لمصالحهما. وهذه المصالح اصبحت واضحة كالشمس التي لاتحجبها غرابيل الدعاية الامريكية المضللة، وتتمثّل أولوية واشنطن وطهران في الحيلولة دون ظهور العراق من جديد كتهديد لنظام ايران وامن الكيان الصهيوني، سواء كان ذلك في شكل عسكري أو سياسي أو إيديولوجي، ومنع دعم العراق للقومية الكردية المناهضة للنظام العنصري الطائفي في إيران أو نجاح النظام الوطني الذي كان قائما في العراق قبل الاحتلال بتوحّيده لجهود ونضال القوميات المهمة في ايران لقيام نظام بديل أو نموذج ديمقراطي يجمع المواطنين الرافضين لحكم الملالي الذين يعيشون في إيران وخارجها مثل مجاهدي خلق وغيرهم. وبناءً على ذلك، فإن إيران مصمّمة على الاستمرار بالهيمنة على العراق، وتجنّب انتقال عدم الاستقرار الى مجتمعاتها، والحرص على وجود دائم لحكومات تنشئها من عملائها من شيعة السلطة، والأهم من ذلك، الإبقاء على الولايات المتحدة منشغلة وفي وضع حرج. وقد ترتّب على ذلك نشوء استراتيجية ذات ثلاث شعاب معقّدة: التشجيع على ديموقراطية الانتخابات (كوسيلة لإنتاج الحكم الشيعي على المنهج الفارسي)؛ والترويج لخلق درجة من الفوضى بحيث تكون سهلة الانقياد (وذلك لإحداث اضطراب مطوّل ولكن قابل للسيطرة عليه)؛ والاستثمار في سلسلة واسعة من الفاعلين العراقيّين المتنوعين، الذين كثيراً ما يكونون منافسين (لتقليل المخاطر إلى الحدّ الأدنى في أيّة نتيجة يمكن تصوّرها). إن هذه المصالح وهذه الاستراتيجية، التوافقية بين نظام طهران والامريكان في ادارة العراق وهي أكثر من مجرّد محاولة هادفة لصياغة العراق في الصورة الخاصة التي تخدم بها الطرفين، تفسّر عدم محاسبة واشنطن لايران على تورّطها في كثير من الملفات الخطرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن علما ان الامريكيين يعلمون علم اليقين بأن ملالي طهران متورطين حد النخاع في كثير من الملفات الكارثية في العراق والدول الاخرى.كما أن ايران تنظر إلى الأحداث في العراق كجزء من مخاوفها المتشككة المتزايدة تجاه الولايات المتحدة سيما اذا حصل تغيير في تكتيكات الادارة القادمة (اذا جاء الجمهوريين الى الحكم) ومن حضور أمريكي كبير على حدودها، وإلى قلقها من خطابات الجمهوريين في واشنطن الرنّانة وخشيتها من شهيّتهم في تقليم اظافر النظام، وبالتالي فإن طهران تمتنع عن خيار تدخل أوسع بكثير لإنتاج عدم استقرار أكبر.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی العراق کثیر من
إقرأ أيضاً:
هل تسعى إيران للحصول على قنبلة نووية رغم تراجع ردعها التقليدي؟
أكد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن عدم اليقين بشأن مخاطر التسلح وتكاليفه وفوائده قد يمنح الولايات المتحدة نفوذا قويا يُمكنها من ضمان استمرار طهران في اتباع سياسة التحوط النووي، وذلك رغم أن "الانتكاسات العسكرية" الأخيرة قد غذت الحديث الإيراني عن احتمال حدوث اختراق نووي محتمل.
وقال المعهد في تحليل له إنه "مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تواجه إيران فترة من التحديات الهائلة، بما في ذلك عودة محتملة لسياسة الضغوط القصوى التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران في السابق".
وأوضح أن هذه الفترة "تأتي عقب سلسلة من الإجراءات الإسرائيلية التي أضعفت قدرات الردع الإيرانية، بما في ذلك الضربة التي شنتها إسرائيل في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، التي أدت إلى تحييد دفاعاتها الجوية الاستراتيجية وقدرتها على إنتاج صواريخ باليستية تعمل بالوقود الصلب، مما جعلها أكثر عرضة للهجمات المستقبلية وأضعف قدرتها على تجديد مخزونها من الصواريخ المستنفذة جزئيا".
وأضافت أنه "في المقابل، حثّ بعض المسؤولين الإيرانيين النظام على تعزيز قوة الردع من خلال إنتاج أسلحة نووية، مما أثار مخاوف من احتمال تخلي إيران قريباً عن استراتيجية التحوط النووي".
العتبة النووية
خلال فصلي الربيع والصيف الماضيين، حذر العديد من المسؤولين الإيرانيين من أن تفاقم بيئة التهديد قد يدفع النظام إلى إعادة النظر في عقيدته النووية، وفي الوقت نفسه، صرحت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أن طهران بدأت بتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في منشآت تخصيب اليورانيوم في موقعي "فوردو" و"نطنز".
وبالتوازي مع ذلك، صرح مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون للصحفيين أن إيران انخرطت في أبحاث متقدمة تشمل المعادن، والنمذجة الحاسوبية، والمتفجرات، التي يُعتقد أنها مرتبطة بتطوير الأسلحة النووية.
وأكد تقييم استخباراتي أمريكي صدر في تموز/ يوليو أن إيران "نفذت أنشطة تجعلها في وضع أفضل لإنتاج جهاز نووي، إذا قررت ذلك"، وبالتالي، لم يكن مفاجئاً أن تستهدف الضربة الإسرائيلية في 26 تشرين الأول/ أكتوبر منشأة بالقرب من طهران، يُعتقد أنها تشارك في أنشطة التسلح هذه.
واعتبر المعهد أن "النظام الإيراني تبنى مقاربة أكثر جرأة وتقبلا للمخاطر تجاه إسرائيل"، معتقدًا أن "الدولة اليهودية أصبحت أضعف تدريجيًا بسبب حرب غزة، وما رافقها من توترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى تنامى القوة الصاروخية الإيرانية المتطورة".
وأضاف "كذلك، كان النظام الإيراني مقتنعًا بضرورة الرد بحزم على مختلف التحركات الإسرائيلية، بما في ذلك الضربات التي استهدفت شخصيات إيرانية بارزة ووكلاء إيران في دمشق وطهران وبيروت، وانطلاقاً من ذلك، نفذت إيران هجمات صاروخية مكثفة ضد إسرائيل في 13 نيسان/ أبريل وفى الأول من تشرين الأول/أكتوبر".
وقال إن "هذه التحركات قد تبشر بتبني طهران سياسة أكثر جرأة فيما يتعلق بتطوير الأسلحة النووية، ما لم تعتمد الولايات المتحدة وشركاؤها سياسة أكثر حزمًا وصرامة في الأشهر المقبلة".
الانتشار النووي
أوقفت طهران معظم أنشطتها السرية المتعلقة بالأسلحة النووية في عام 2003، بعد أن كشفت جماعة معارضة عن تفاصيل البرنامج، ومنذ ذلك الحين، تبنت إيران استراتيجية تحوطية تهدف إلى الحفاظ على خيار امتلاك السلاح النووي، نظرا لأن مخاطر وتكاليف السعي لتحقيق هذا الهدف - بما في ذلك العزلة الدبلوماسية، والعقوبات الاقتصادية، والضربات العسكرية، وربما سباق تسلح نووي إقليمي – تعتبرها طهران مخاطر غير مقبولة.
وظلّت طهران توازن في حساباتها النووية بين مجموعة واسعة من العوامل، حيث وفرت استراتيجية التحوط فوائد عدة تمكّنها من الحصول على القنبلة النووية دون مواجهة مخاطر أو تكبد تكاليف الباهظة.
ومنذ ذلك الحين، تبددت بعض المخاوف التي دفعت إيران إلى اتباع استراتيجية التحوط، بينما لا تزال هناك مخاوف أخرى قائمة بقوة، على سبيل المثال، أصبح عزل طهران اليوم أكثر صعوبة مما كان عليه في الماضي، حيث عزز النظام علاقاته مع روسيا والصين.
وقام العديد من شركاء الولايات المتحدة بالتحوط من خلال التواصل مع طهران، بينما قام العديد من حلفاء الولايات المتحدة بتقليل مخاطرهم من خلال التواصل مع طهران، ومع ذلك، لا تزال إيران عرضة للعقوبات.
وأشار الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان إلى أن تخفيف العقوبات لا يزال أولوية، في حين أن المرشد الأعلى علي خامنئي سيدعم على الأرجح مثل هذه الجهود إذا لم تضطر طهران إلى دفع ثمن باهظ للغاية.
وأصبح احتمال التهديد بالقيام بعمل عسكري أعلى من أي وقت مضى، فقد حلّقت الطائرات الإسرائيلية فوق إيران في 26 تشرين الأول/ أكتوبر دون أن تواجه أي ردع، وتمكنت من استهداف مواقع محددة بدقة لإلحاق أكبر ضرر ممكن بقدرات النظام على إنتاج الصواريخ الباليستية، وذلك في عملية جرت بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة.
وقال المعهد أن "الاستخبارات الإسرائيلية نجحت مرارا وتكرارا في اختراق أنشطة إيران الأكثر حساسية، مما يتيح لطهران أن تفترض بشكل منطقي أنه إذا حاولت القيام بتجاوز العتبة النووية في الوقت الراهن، فمن المرجح أن تكون إسرائيل على علم بذلك، كما قد تدعم إدارة بايدن المنتهية ولايتها الضربة لإحباط هذا الاختراق، إن لم تشارك فيه فعليا، وينطبق هذا من باب أولى على إدارة ترامب القادمة".
وأضاف أن إيران "قد تحتاج إلى عدة أسابيع أو أشهر لتصنيع سلاح نووي عملي، مما يمنح أعداءها الوقت الكافي للتحرك، ويشير الاستخدام الأخير لقاذفات بي 2 لضرب منشآت تخزين الطائرات بدون طيار والصواريخ الحوثية المدفونة في اليمن إلى أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى استخدام هذه الطائرة ضد إيران إذا ما رأت أن ضربة عسكرية ضد برنامجها النووي أمر ضروري".
و تُعد طائرة "بي 2" الوحيدة المصرح لها بإسقاط القنبلة (GBU-57) التي تزن 30,000 رطل، وهي ذخيرة ضخمة مصممة لاختراق التحصينات العميقة، كما أنها السلاح التقليدي الوحيد القادر على الوصول إلى منشأة التخصيب الإيرانية المتواجدة تحت الأرض في "فوردو".
حدود امتلاك قوة نووية
وقال المعهد إنه "يتعين على طهران أن تدرس بعناية ما إذا كانت فوائد امتلاك القنبلة النووية تبرر المخاطر المرتبطة بها، وقد تطرق المرشد الأعلى علي خامنئي لهذا الموضوع في عدة مناسبات، إما لتبرير اعتماد سياسة التحوط النووي بعد عام 2003، أو ربما نتيجة تطور حقيقي في طريقة تفكيره، فقد ذكر على سبيل المثال أن المجاهدين الأفغان هزموا الاتحاد السوفيتي وأن إيران أحبطت مساعي الولايات المتحدة في العراق وسوريا، على الرغم من امتلاك القوتين العظميين للأسلحة النووية".
ولفت خامنئي الانتباه إلى أن الأسلحة النووية لم تمنع سقوط الاتحاد السوفيتي، وفي المقابل، لا توجد دلائل على أن خامنئي يعتبر امتلاك الأسلحة النووية ضرورة لبقاء الجمهورية الإسلامية.
واعتبر المعهد "لو كان ذلك هو اعتقاده (خامنئي)، لما وافق على تعليق البرنامج النووي أو تفكيكه في مرات عديدة، سواء لتجنب العزلة الدبلوماسية أو للحصول على تخفيف للعقوبات الاقتصادية.
وأضاف أن "إيران لم تتمكن من حماية علمائها النوويين البارزين من فرق الاغتيال الإسرائيلية، أو أهم منشآتها النووية من المخربين الإسرائيليين، أو أرشيفها النووي من السرقة من قبل عملاء إسرائيليين، وإلى أن يقوم النظام بحل هذه المشكلة، علما بأن الأحداث الأخيرة لا تبعث على الثقة في هذا الصدد، وقد لا يرغب النظام في إنتاج أسلحة نووية قد تكون عرضة للتخريب أو التحويل من قبل عملاء أجانب أو إرهابيين محليين".
الحفاظ على سياسة التحوط
وقال المعهد إنه "مع تزايد التحول التدريجي نحو مقاربة أكثر مغامرة تجاه "إسرائيل"، ربما تكون إيران قد وصلت إلى منعطف حاسم. لذلك يجب على واشنطن أن تبذل قصارى جهدها لإحباط هذا التحول الخطير ومنعه من أن يصبح واقعاً دائماً، وتحفيز طهران على مواصلة اتباع سياسة التحوط".
وأضاف أنه "على الرغم من أن إيران المتحوطة حاليا تشكل خيارا غير مرغوب فيه، إلا أنه أقل خطورة مقارنةً بإيران النووية. كما تمثل استراتيجية التحوط خياراً أكثر حكمة مقارنةً بضربة وقائية كبيرة على المواقع النووية الإيرانية، والتي من المرجح أن توفر مهلة مؤقتة لا تتجاوز سنة أو سنتين فقط قبل أن يعاد بناء البرنامج النووي الإيراني مرة أخرى، مما يؤدي إلى تكرار سيناريو الهجوم لاحقاً. وكما فشلت عملية "جز العشب" في نهاية المطاف في غزة، قد تفشل هذه الاستراتيجية في إيران أيضاً. ومن شأن القيام بضربة وقائية ضد إيران أن تزيد من قناعتها بأن بناء القنبلة النووية بات ضرورياً وحتميا".
وفي مواجهة احتمال تولى ترامب ولاية ثانية، قد تسعى إيران لتسريع إنتاج أجهزة الطرد المركزي المتقدمة والمواد الانشطارية، بهدف تعزيز موقفها التفاوضي مع واشنطن أو تسريع قدرتها على تجاوز العتبة النووية، لا سيما إذا تصاعدت التوترات بشكل أكبر. بل وربما ترى إيران أن الفترة التي تسبق يوم التنصيب تمثل فرصة مثالية لاتخاذ خطوات أولية نحو الاختراق النووي، مما يمكنها من التفاوض مع الإدارة الجديدة انطلاقاً من موقع قوة. وقد تشمل هذه التحركات إخفاء المواد الانشطارية في مواقع غير معلنة أو بناء منشآت تخصيب سرية.
وذكر أنه "لمواجهة هذه المخاطر، أمام القادة الأمريكيين عدة خيارات، أولاً، ينبغي على الإدارة الأمريكية المقبلة التأكيد على أنها لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، على غرار الإدارات السابقة، ثانياً، بالتعاون مع إسرائيل وشركاء آخرين.
وأوضح أنه ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لـ"ردع" طهران عن الحصول على القنبلة النووية وإبقائها متحوطة لأطول فترة ممكنة وأبرزها توطيد التعاون الوثيق مع إسرائيل وحلفاء آخرين لتوجيه رسالة واضحة لإيران مفادها أنها تواجه تحالفاً دولياً واسع النطاق، والعمل على حشد دعم مجموعة واسعة من الحلفاء الدوليين وتحفيزهم على المشاركة في حملة ضغط قصوى ضد إيران إذا ما قامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز المستويات الحالية (60 في المئة) أو حاولت بطريقة أخرى تجاوز العتبة النووية".
وتتضمن هذه الخطوات "تكثيف استخدام قاذفات القنابل الشبح من طراز بي 2 في التدريبات والعمليات الإقليمية كإشارة واضحة بأن واشنطن قد تستخدم هذه المنصة إذا حاولت إيران اختراق العتبة النووية، نشر مركبة "دارك إيجل" الانزلاقية الجديدة بعيدة المدى التي تفوق سرعة الصوت التابعة للجيش الأمريكي في المنطقة لإبراز القدرة على إمكانية استهداف القيادة الإيرانية إذا أمرت باختراق نووي، حيث قد تكون بعض الأهداف النووية غير قابلة للوصول المباشر".
وجاء في هذه الخطوات المقترحة أيضا "إظهار القدرة المستمرة على اختراق برنامج طهران النووي بالوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل لإظهار أن أي أسلحة نووية ستكون عرضة للتخريب والتحويل عن مسارها، وبالتالي يمكن أن تشكل خطراً على النظام، وإطلاق حملة تأثير في وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية للتشكيك في جدوى الأسلحة النووية والتأكيد على المخاطر التي يمكن أن تشكلها على إيران في حال التخريب أو تحويل مسارها أو ما قد ينتج عن ذلك من انتشار نووي إقليمي.