هذه هي خسائر لبنان من استمرار حرب المساندة
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
قد يكون أسوأ ما في الحروب هو ما يعيشه اللبنانيون اليوم. فما يتعرّض له الجنوب يوميًا هو حرب حقيقية، وإن كانت غير شاملة وغير موسّعة، ولكن مفاعيلها المباشرة وغير المباشرة قد يكون ضررها أخطر بكثير من توسّعها. فقسم من اللبنانيين، وبالتحديد أهل الجنوب يعيشون بالفعل مخاطر الحرب فيما القسم الآخر منهم يعيشون هاجس وقوع حرب شاملة قد تطال كل لبنان، ويعيشون بالتالي على وقع التهديدات الإسرائيلية اليومية بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، مع ما ينتج عن الحرب الدائرة في الجنوب من خسائر بشرية ومادية واقتصادية وسياحية، خصوصًا إذا استمرّ الوضع على ما عليه حاليًا حتى فصل الصيف، الذي بات ينتظره لبنان كل سنة بفارغ الصبر لما لمردود تمضية المغتربين اللبنانيين بأعداد كبيرة جزءًا من عطلهم السنوية في ربوعه من تأثير إيجابي على الدورة الاقتصادية.
فالذين كانوا يقصدون وطنهم الأم كل سنة في فصل الصيف يتردّدون هذه السنة، مع أن أهاليهم في لبنان يشجعونهم على المجيء ويطمئنونهم إلى أن الحرب بمفهومها الشامل لن تقع، وأن المناطق غير المستهدفة بالنيران الإسرائيلية تعيش حياة طبيعية، وإن كان القلق على أهل الجنوب ومصيرهم وما تتعرّض له منازلهم وأرزاقهم من قصف وحشي ينغّص عليهم هدوء الحياة شبه الطبيعية التي تعيشها تلك المناطق، التي لا تزال حتى الساعة في منأى عن الاعتداءات الإسرائيلية الآخذة بالتوسع جنوبًا وبقاعًا، وكأن ثمة مخطّطًا مبطّنًا لإبقاء جميع اللبنانيين وليس الجنوبيين فقط في حال من الترقّب والانتظار، حيث يعّد العدو في كل يوم مفاجأة أمنية مختلفة عن الأخرى كاستهداف بلدة أنصار في منطقة بعلبك البقاعية، وقبلها قصف مدينة النبطية، وقبل قبلها ضرب إقليم التفاح باستهداف بلدة جدرا؛ وقبل كل ذلك الوصول إلى الضاحية الجنوبية واغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري.
كثيرون من المغتربين اللبنانيين قرروا، ولو بحسرة، عدم السفر إلى لبنان هذا الصيف، لأن الأخبار تصل إليهم مضخّمة، وهم البعيدون عن مسرح الأحداث، خصوصًا أن قسمًا كبيرًا منهم يتحمّل قساوة الغربة عن وطنه لأنه عانى الكثير من الحروب العبثية. فإذا لم يقصد المغتربون وطنهم الأم هذا الصيف فإن ذلك يعني أن لبنان سيخسر أولًا هذه الحركة الحميمية النابعة من تعّلق المغترب بأرض أبائه وأجداده، وسيخسر أيضًا المردود المادي الناتج عما يُصرف في تلك الفترة، والذي يقدّر سنويًا بعشرة مليار دولار تعيد بعضًا من الحيوية إلى الميزان التجاري في بلد يحتاج إلى كل دولار حتى يستطيع أن يوازن بين ما يستهلكه وبين ما يستورده، فضلًا عن الخسائر المباشرة التي تقع على رأس كل لبناني نتيجة هذه "الحرب العبثية" كما سمّاها البطريرك الراعي، ولو اقتباسًا عن بعض أهل الجنوب.
فاللبناني المغترب اليوم كاللبناني المقيم. كلاهما يخافان على المصير ويخشيان من أن يكون مستقبل الوطن على غير ما كان عليه في الماضي يوم قال الشاعر إيليا أبو ماضي "أرجع لنا ما كان يا دهر في لبنان".
وعلى رغم معرفتهما المسبقة أن بعض الغيارى على مصلحة لبنان لا يزالون يعملون على الحؤول دون تفاقم الأمور إلى ما هو أسوأ، أقّله بالنسبة إلى منع جرّ لبنان إلى حرب لن تقتصر أضرارها على الجنوب، بل قد تشمل كل لبنان، ومنه قد تمتد نيران الحرب إلى المنطقة كلها. ولذلك نرى الموفدين الدوليين، في حركة دائمة، وقد أصبحت بيروت محطة رئيسية لهم في جولاتهم في المنطقة، وهم يقدمون النصح للجميع بأن تكون لديهم مقاربات متقاربة، أقّله لناحية توحيد بعض المصطلحات، التي من شأنها أن تسهم في تنظيم إدارة هذا الاختلاف قبل الحديث عن المراحل المتقدمة في أي مفاوضات قد يسعى إليها بعض، الذين يرون أبعد من أنوفهم، وهم يتوقعون أن تصل أمور اللبنانيين إلى الأسوأ في حال لم ينزل جميع الافرقاء اللبنانيين عن أشجار مواقفهم المتصلبة، وبالأخص في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي. وقد يكون ما نُقل عن الرئيس السابق ميشال عون لوفد "حزب الله" مدار أخذ وردّ في الأيام المقبلة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
لتسريع انسحابها من الجنوب..لبنان يدعو باريس وواشنطن للضغط على اسرائيل
طالب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الإثنين باريس وواشنطن بالضغط على إسرائيل لتسريع انسحلبها من جنوب لبنان، بعد نحو شهر من سريان وقف إطلاق النار الهش مع حزب الله.
والولايات المتحدة وفرنسا عضوان في اللجنة الخماسية التي تضم أيضاً لبنان وإسرائيل وقوة الأمم المتحدة في لبنان يونيفيل، التي يُفترض أن تحافظ على الحوار بين الأطراف مع تسجيل انتهاكات وقف إطلاق النار ومعالجتها.
ودخل اتفاق الهدنة حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد شهرين من مواجهة مفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.
ويتبادل الجانبان الاتهامات بانتهاك الهدنة بشكل متكرر.
وحثت يونيفيل من جهتها، في بيان على "الإسراع في انسحاب الجيش الإسرائيلي ونشر القوات اللبنانية في جنوب لبنان".
وينص الاتفاق على انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق حدودية في جنوب لبنان خلال 60 يوماً، وتعزيز الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة لانتشارها في الجنوب عند الحدود الشمالية للدولة العبرية.
وأكد ميقاتي "يجب أن تراجع أطراف اتفاق وقف إطلاق النار، وهم الفرنسيون والأمريكيون لوضع حد لتلك المماطلة الإسرائيلية والإسراع قدر الإمكان قبل انتهاء مهلة الـ60 يوماً" المنصوص عليها.
وأكد أن "التأخير والمماطلة في تنفيذ القرار الدولي لم تأت من الجيش، بل المعضلة هي في الجانب الإسرائيلي".
وأكد ميقاتي ضرورة "حل كل الخلافات بما يتعلق بالخط الأزرق حتى لا يكون هناك أي مبرر لوجود أي احتلال إسرائيلي على أرضنا".
وتابع "نسعى مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والدول العربية خاصة والدول الصديقة لإنشاء صندوق ائتمان يُشارك فيه الجميع من أجل إعادة إعمار كل ما دمّر في الجنوب اللبناني".