خاص- ما إن تخمد الحركة في أحياء وأزقة مدينة صنعاء القديمة ترقبا لأذان المغرب حتى يظهر أطفال يحملون أطباقا ويتنقلون على عجل بين المنازل، في عادة رمضانية يتمسك بها الأهالي رغم الأزمة المعيشية التي تعصف باليمن منذ 9 أعوام.

وتبادل الأطباق الرمضانية طقس مجتمعي في كثير من المدن اليمنية، حيث يقرنه الأهالي بقدوم رمضان، وفيه تمنح كل أسرة الأسرة الأخرى من جيران الحي جزءا من طبقها الرئيسي، في حين ترد الأخرى بعطاء مماثل، فيما يكون الأطفال هم مندوبي التوصيل، لتجد كل أسرة على مائدتها أطباقا مختلفة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4مسلمو جنوب أفريقيا يستعدون لرمضان بمعرض "عيد فيست"list 2 of 4عبارة "فلسطين في القلب" تزين مجسما لفانوس رمضاني في القاهرةlist 3 of 4حرب غزة والأوضاع الاقتصادية تلقي بظلالها على استعدادات المسلمين لاستقبال رمضانlist 4 of 4عرق السوس.. مشروب رمضاني تناوله نابليون على فراش الموت ووزّعه الإسكندر على جنودهend of list

ورغم أن هذا التقليد ينم عن التكافل المجتمعي فإن له أثرا اقتصاديا أيضا، إذ تكتفي الأسرة بطبخ طبق رئيسي بدلا عن أطباق عدة، مما يوفر على الأسر الفقيرة في ظل ارتفاع الأسعار، كما يقول عمار محمد للجزيرة نت.

الأطفال هم مندوبو توصيل الأطباق الرمضانية (الجزيرة)

وارتفعت أسعار السلع الأساسية في اليمن إلى مستويات عالية، فوصل سعر الدجاجة الواحدة -وهي طبق رئيسي على مائدة رمضان- نحو 10 آلاف ريال يمني (6.5 دولارات) في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، فيما بلغ سعرها 2500 ريال (4.5 دولارات) في مناطق سيطرة الحوثيين.

فقراء وأغنياء

ولا تقتصر هذه العادة على الأغنياء، بل يشارك فيها الجميع، ويقول عمار "لدي جار يعيش ظروفا صعبة، إذ إنه من دون عمل، وتضطر زوجته للطبخ على الحطب بدلا عن غاز الطهي، ومع ذلك لم يتوقف عن مشاركتنا طبقه الرمضاني".

وبحسب عمار -الذي يسكن في حي شملان غربي مدينة صنعاء القديمة- فإن هذا التضامن تقليد سنوي يحرص الأهالي على المشاركة فيه بأصناف من الأطباق التقليدية مثل "اللحوح" و"السلتة" و"السنبوسة"، وكل يجود بما يملك، سواء كان فقيرا أو غنيا، حتى بالخبز فقط.

ويجلب هذا التقليد الدفء والرحمة، فهذه الأطباق الدائرة بين المنازل ليست مجرد طعام، بل هي صورة عن صمود اليمنيين وكرمهم، كما يقول عمار.

طفلة يمنية تحمل طبقا من الطعام لجيرانها قبل أذان المغرب في العاصمة اليمنية صنعاء (الجزيرة) شهادة تضامن

ولم يكن عادل -الذي سكن حديثا في حي شميلة جنوبي المدينة- قد تعرف إلى أهالي الحي، قبل أن يتفاجأ بأطفال يطرقون باب منزله قبل حلول موعد إفطار اليوم الأول من رمضان هذا العام، ويقول للجزيرة نت "لم أكن قد تعرفت إلى أحد ومع ذلك شاركوني طعامهم، شعرت أن جميع سكان الحي هم أهلي وعائلتي".

وتقول دعاء الواسعي -وهي مديرة بيت التراث الصنعاني في وزارة الثقافة- إن تبادل الأطباق بين الجيران عادة مجتمعية متعارف عليها بين الأهالي وليست مقصورة على أناس بعينهم، بل يؤكد الجميع من خلالها على العطاء والتضامن.

وتشير دعاء إلى أن "الوضع المعيشي الصعب لم يحل دون هذا التضامن"، وتقول "البعض يمنح جاره أحيانا قطعة خبز".

ويواجه اليمنيون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم جراء تداعيات الحرب، وتشير التقديرات إلى أن 17.6 مليون شخص (من أصل 35 مليونا) يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد عام 2024، وفق تقرير صادر في فبراير/شباط الماضي عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

الوضع المعيشي الصعب لم يحل دون هذا التضامن بين الأسر اليمنية (الجزيرة) وضع معيشي صعب

ارتفاع الأسعار وتدهور العملة المحلية وتوقف صرف الرواتب وندرة الغذاء أثر حتما على التقاليد الرمضانية، وأضفى مصاعب على العديد من الأسر التي عجزت عن شراء متطلبات رمضان.

ويعيش نحو مليون موظف حكومي في مناطق سيطرة جماعة الحوثي دون رواتب للعام الثامن، وسط تبادل الجماعة والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا المسؤولية، فيما انهارت العملة المحلية إلى أدنى مستوى لها أمام النقد الأجنبي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في بلد يستورد 80% مما يستهلكه، حسب تقرير لمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية.

ويقول محمد العزب -وهو يدير مبادرة خيرية في حي الحصبة وسط المدينة- للجزيرة نت إن مظاهر التكافل بين اليمنيين قلّت بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وانهيار القدرة الشرائية وانحسار الوظائف، ومن بينها عادة تبادل الأطباق التي كانت تعد مظهرا بارزا في رمضان، ورغم أنها لا تزال قائمة فإنها تقتصر على بعض الأسر المقتدرة.

وتقول رئيسة مؤسسة الرحمة للتنمية الإنسانية رقية الحجري إن الظروف الاقتصادية الصعبة قست على الجميع، ومع ذلك لا يزال التكافل الاجتماعي قائما، لكنه ليس كما كان في السابق "لم يعد الناس كما كانوا من قبل، ولا عاد الجيران مثل جيران زمان".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات

إقرأ أيضاً:

كان من الصعب على ترامب تقبيلها.. قبعة ميلانيا تثير الجدل بحفل التنصيب

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعينين تختفيان وراء حافة قبعتها الصوفية التي تتخذ طراز قبعات القوارب، وقفت ميلانيا ترامب خلف الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على المنصة بالقاعة المستديرة في مبنى الكابيتول بالولايات المتحدة، بينما كان يؤدي اليمين الدستورية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، بينما تقف خلفه ميلانيا ترامب خلال مراسم التنصيب في قاعة الكونغرس الأمريكيCredit: Morry Gash - Pool/Getty Images

وصُممت القبعة، التي كانت إضافة صارمة لزي عسكري الطراز وأنيق، من قبل صانع القبعات المقيم في مدينة نيويورك الأمريكية إريك جافيتس. وكان معطفها الأزرق المصنوع من مزيج الحرير والصوف مزدوج الأزرار مشدودًا عند الخصر مع ساقين مكشوفتين، وحذاء بكعب عالٍ.

وكان قد صمم المعطف آدم ليبس، وهو مصمم مقيم في مدينة نيويورك الأمريكية قام بتصميم أزياء لكل من بايدن وميشيل أوباما.

ظهرت ميلانيا ترامب مرتدية معطفًا من الصوف من تصميم آدم ليبس وقبعة صارمة على طراز قبعات القواربCredit: Photo by Graeme Jennings-Pool/Getty Images

وتحت المعطف المصمم خصيصا، كان هناك تنورة ضيقة مصنوعة من مزيج الحرير والصوف، وبلوزة من الكريب الحريري باللون العاجي مطوية بشكل دقيق في ياقة حادة، وجميعها خيطت يدويًا من قبل فريق ليبس في مدينة نيويورك الأمريكية.

وقال ليبس في بيان: "تقليد التنصيب الرئاسي يجسّد جمال الديمقراطية الأمريكية، واليوم تشرّفنا بإلباس السيدة الأولى، ميلانيا ترامب. وقد صمم زي السيدة ترامب من قبل بعض أمهر الحرفيين في أمريكا، وأنا فخور جدًا بعرض هذا العمل أمام العالم".

مقالات مشابهة

  • جوتيريش أمام المنتدى الاقتصادي العالمي: نواجه تهديدا نوويا يتطلب اهتماما عالميا
  • «تضامن مطروح» تستقبل 2 طن لحوم لتوزيعها على الأسر الأكثر احتياجا
  • تأكيد حكومي – أوروبي على أهمية خطة ورؤية الحكومة اليمنية لتحقيق التعافي الاقتصادي
  • وزير الخارجية يلتقي الممثل المقيم لمنظمة الطفولة باليمن
  • انعدام الغذاء على أكثر من نصف الأسر اليمنية يضعها في خطر
  • كان من الصعب على ترامب تقبيلها.. قبعة ميلانيا تثير الجدل بحفل التنصيب
  • فلوريان أشرف تكشف عن تطوير «نانو بودي» لعلاج الفصام وتحسين حياة المرضى (فيديو)
  • غرق زوجين أثناء محاولة إنقاذ طفلهما باليمن
  • الصقري يستعرض أمام "منتدى دافوس" جهود عُمان لدعم التحول الاقتصادي والبيئي
  • «دبي الخيرية» تكمل استعداداتها لإطلاق حملتها الرمضانية