متظاهرون إسرائيليون يتوعدون بالاحتجاج حتى تعود الحكومة عن مخطط تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية
تاريخ النشر: 25th, July 2023 GMT
القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/الأناضول
توعد متظاهرون إسرائيليون بمواصلة احتجاجاتهم ضد حزم “التعديلات القضائية” حتى تتراجع الحكومة عمّا أسموه “مخطط تحويل إسرائيل من ديمقراطية إلى ديكتاتورية”.
وبالمقابل تبدو الحكومة ماضية في إقرار ما أسمته “إصلاح القضاء” بعد أن صوت الكنيست (البرلمان)، الإثنين، لصالح قانون “الحد من المعقولية”، وهو واحد من 8 قوانين تعزز قوة السلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية وعلى رأسها المحكمة العليا.
وقال متظاهرون للأناضول إنهم لا يعولون كثيرا على استماع الحكومة الحالية إلى مطالبهم وتوقف تشريعاتها.
وبعد يوم من الاحتجاجات الواسعة في أنحاء متفرقة بالبلاد، بدت الشوارع الإسرائيلية هادئة خلال ساعات نهار الثلاثاء، وإن كانت الدعوات لاحتجاجات نهاية الأسبوع لم تتوقف.
– إسرائيل في خطر
أورين شفير (52 عاما) وهو مهندس وأحد مؤسسي حركة “أخوة السلاح” أبرز الحركات التي تقود الاحتجاجات منذ تأسيسها قبل 7 أشهر، قال للأناضول: “نحتج ضد الحكومة الحالية التي تحاول أن تحولنا من ديمقراطية إلى ديكتاتورية”.
وتقوم حركة “أخوة السلاح” أساسا على جنود وضباط بالاحتياط الإسرائيلي يرفضون حزمة تشريعات “إصلاحات القضاء” المثيرة للجدل.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن أعداد الجنود وضباط الاحتياط الذين أعلنوا رفضهم الخدمة حال إقرار التشريعات وصل إلى 10 آلاف.
وقال شفير: “الأرقام تزداد بشكل دراماتيكي لأن كثيرين أعربوا عن أملهم بأن لا يتم تمرير القانون بالكنيست، والآن بعد تمريره كثير من الضباط والجنود قالوا إن هذا يكفي، وإنه تم اجتياز الخط الأحمر، ولن يخدموا النظام الديكتاتوري وأبلغوا مسؤوليهم بأنهم لن يخدموا بالاحتياط”.
ويأخذ الضباط وجنود الاحتياط على وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأنه لم يقف إلى جانب مطالبهم بشأن وقف مشاريع التعديلات القضائية.
وذكر شفير: “توقعنا من شخص مسؤول عن أمننا ودفاعنا أن يتحلى بالمزيد من الشجاعة وأن يخرج ويقول: لن نسمح لهذا بالمرور لأنه يضع إسرائيل في خطر، ولكن للأسف هو لم يفعل ذلك، وأعتقد أنه لا يستحق وظيفته بعد الآن”.
واعتبر شفير أن الرد الأقوى على الحكومة هو “إعلان المزيد من ضباط وجنود الاحتياط رفضهم الخدمة”.
وأضاف: “لن نخدم في ظل هذه الحكومة بعد الآن ومسؤولية إيجاد الحل تقع على عاتقهم، دعونا منذ البداية لوقف التشريعات والدخول في حوار للتوصل إلى إجماع واسع من الجميع، وللأسف هم لا يستمعون لنا وآمل أنهم سيستمعون الآن”.
– وضع مأساوي بحاجة لحكومة جديدة
عاميت (45 عاما) لم يذكر اسم عائلته وهو طبيب من القدس، رفض فكرة أن عدم أداء الخدمة العسكرية سيكون له عواقب على جاهزية الجيش.
وقال عاميت للأناضول: “إذا حدث شيء سيئ مثل الحرب مع دول عربية فالجميع سيحضر، ولا إمكانية لأن يجلس الناس في منازلهم، فالناس ستخرج للقتال، وبالتالي فإنه على المدى القريب لا أرى أي عواقب”.
ورأى أنه رغم إقرار الكنيست قانون “الحد من المعقولية” فإن الاحتجاجات لن تتوقف، بل ذهب إلى حد “الدعوة لإسقاط الحكومة”.
وقال: “كما ترى فالاحتجاجات لم تتوقف وأصبحت أكبر، وأعتقد أنها لن تتوقف حتى تسقط هذه الحكومة”.
وأضاف: “يجب أن يكون هدفنا الأساسي العودة للانتخابات والتصويت لحكومة أفضل لمساعدتنا في الخروج من هذه الوضع المأساوي”.
واستدرك بأنه لا يعتقد بأن الحكومة ستستمع إلى أصوات المحتجين، وقال: “لن يستمعوا إلى أصوات الشارع، ويجب أن تكون داخل الكنيست أصوات تسقط هذه الحكومة”.
– التفكير بخطوات أكثر تطرفا
أفيتال روفين (20 عاما) من القدس، قال إنه أحد رافضي الخدمة العسكرية بسبب ما تقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.
قال روفين للأناضول: “رفضت الخدمة في الجيش الإسرائيلي بسبب الاحتلال ونظام الفصل العنصري وأتظاهر حاليا ضد الإصلاحات القضائية”.
ورأى أنه في حين يتظاهر المحتجون ويرفعون الصوات فإن الحكومة تتجاهلهم.
ومع ذلك فقد استدرك: “بمرور نحو نصف سنة من تكوين الحكومة الحالية فالاحتجاجات مستمرة، ويجب القيام بخطوات أكثر تطرفا”.
واقترح في هذا السياق إغلاق شوارع رئيسة، وقال: “علينا أن نصل إلى الحواجز في شارع بلفور حيث منزل رئيس الوزراء، علينا أن نحاول تنظيم المزيد من الاحتجاجات في محيط المحكمة العليا”.
وأضاف: “علينا فعل أي شيء من شأنه عدم تسهيل الأمور على الحكومة، لأنهم إذا شعروا بما يكفي من الثقة، فسيكون بإمكانهم تمرير القوانين الجديدة”.
واعتبر روفين أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش “يدفعان بقوانين الإصلاح القضائي لأجل تحييد المحكمة العليا بحيث يمكنهم القيام بخطوات أكثر عنفا ضد الفلسطينيين”.
وقال: “لا أعتقد أن إسرائيل كانت ديمقراطية يوما ما، ليس منذ التطهير العرقي في 1948 ولا احتلال 1967، ولا الآن، حيث ينفذ المستوطنون هجمات عنيفة ويحرقون قرى فلسطينية في الضفة الغربية، لا أحد يهتم بهذا الأمر ولا أحد يحتج على ما يجري هناك”.
وأردف: “هناك شيء جيد يخرج من هذه التظاهرات، مثلا تقبل رفض الخدمة على أساس مواقف أيديولوجية، فحينما رفضت الخدمة قال كثيرون حتى لو كنت ترفض هذه الممارسات (الاحتلال للفلسطينيين) فعليك ألا ترفض الخدمة لأنه ما زال هناك حاجة لك للدفاع عن البلد”.
وتابع روفين: “لكن الآن نرى أناسا يقولون من حقك رفض الخدمة لأسباب محقة، ووظيفتنا الآن توسيع رؤية النظر هذه بحيث تشمل معارضة الاحتلال وليس فقط معارضة الإصلاح القانوني”.
– الإضرابات الاقتصادية تصعيد متوقع
من جانبها، اعتبرت ميخال شاليف، وهي ناشطة اجتماعية من القدس الغربية، أن “الحكومة تخطئ إذا اعتقدت أن الاحتجاجات ستتوقف”.
وقالت شاليف للأناضول: “نقول للحكومة إنها إذا اعتقدت أن الأمور ستهدأ فهي مخطئة، فنحن سنبقى في الشوارع حتى تستعيد المحكمة العليا سلطاتها مجددا”.
ولم تقدم إجابة على إمكانية أن تؤدي الاحتجاجات إلى تراجع الحكومة، ولكنها رأت أنه سيكون للإضرابات الاقتصادية تأثيرا كبيرا.
وقالت: “آمل من التحركات الشعبية، ومن النافذين اقتصاديا أن يخوضوا إضرابا كبيرا، وهذه هي رغبتي، وأعتقد أنها ستكون الخطوة التالية”. واستدركت شاليف: “للأسف، قادتنا سيئون وفاسدون ولا يهتمون بالمواطنين، وبنيامين نتنياهو يريد البقاء في الحكم ونحن نقول له يكفي”.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
هل تؤثر السعودية على إدارة ترامب بشأن إسرائيل؟
تظل سعودية تظل عاملا مؤثرا في الانتخابات الأمريكية المقبلة، خصوصا مع التطورات المتعلقة بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، العلاقات بين الرياض وواشنطن تأثرت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة بسبب الملفات الإقليمية.
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، أشارت فيه إلى أن دول شرق أوسطية تتطلع لتخفيف دعم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لإسرائيل من خلال علاقاته مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دولا عربية تعول على السعودية وعلاقاتها مع دونالد ترامب وثقلها السياسي في المنطقة لكي تخفف من سياسات الرئيس المنتخب وسط مخاوف من سعيه لتنفيذ سياسة مؤيدة لإسرائيل.
وبعد التوليفة المؤيدة لإسرائيل التي أعلن عنها ترامب لإدارته القادمة، يخشى المسؤولون العرب من دعم ترامب سياسات إسرائيل لضم الضفة الغربية واحتلال غزة وشن حرب ضد إيران.
لكنهم يأملون في أن تتمكن الرياض من تعديل سياسات الإدارة القادمة في المنطقة من خلال الاستفادة من علاقة بن سلمان مع ترامب، وشهية الرئيس المنتخب للصفقات المالية ورغبته المتوقعة في التوصل إلى "صفقة كبرى" من شأنها أن تقود إلى تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي قوله: "اللاعب الرئيسي في المنطقة هي السعودية، بسبب علاقاتها معه، ولهذا ستكون المحور الرئيسي لأي تحركات تريد الولايات المتحدة القيام بها". وقال مسؤول عربي آخر إن الأمير محمد بن سلمان سيكون "مفتاحا" رئيسيا للتأثير على سياسات ترامب لوقف الحرب الإسرائيلية في غزة، وبشكل عام الموضوعات المتعلقة بفلسطين، حيث سيستخدم التطبيع المحتمل مع إسرائيل كورقة نفوذ. وقال المسؤول: " قد تؤثر السعودية وبقوة على كيفية تعامل ترامب مع غزة وفلسطين"، مضيفا أن "الكثير من دول المنطقة قلقة مما سيأتي بعد". وفي ولاية ترامب الأولى، تبنت السعودية الأسلوب المعاملاتي لترامب وسياسة "أقصى ضغط" من إيران.
كما ووقف ترامب مع ولي العهد في قضية مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018. وتفاخر ترامب بأنه سيحقق "الصفقة الكبرى" لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، لكن الجهود التي أشرف عليها صهره جاريد كوشنر فشلت لأن الفلسطينيين والدول العربية رأوها متحيزة بالكامل لإسرائيل.
وعاقب ترامب الفلسطينيين وأغلقت بعثتهم في واشنطن، كما ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وقام بالإشراف على اتفاقيات تطبيع مع دول عربية، عرفت باتفاقيات إبراهيم، حيث أقامت دول مثل الإمارات العربية المتحدة والسودان والبحرين والمغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وفي مقابلة اجرتها معه قناة "العربية" السعودية الشهر الماضي قال ترامب إن العلاقات الأمريكية السعودية هي "عظيمة" وبحروف كبيرة. وقال "احترام كبير للملك واحترام كبير لمحمد الذي عمل أمورا عظيمة فلديه رؤية".
وبعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، حافظت السعودية على علاقات مع ترامب من خلال هيئة الإستثمار العامة التي يترأسها ولي العهد، الأمير محمد، واستثمرت ملياري دولار في شركة لكوشنر. وكان ياسر الرميان، مدير الهيئة حاضرا في الصف الأول مع ترامب لمشاهدة مبارة يو أف سي بنيويورك نهاية الأسبوع، كما واستقبلت ملاعب غولف التابعة لترامب مناسبات عقدتها ليف غولف، التي تعتبر واحدة من أهم استثمارات هيئة الإستثمار السعودية في الرياضة.
لكن السعودية أعادت تعديل سياساتها الإقليمية ومنذ تولي بايدن السلطة. فقد استأنفت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في 2023. وهي محاولة للتقارب مستمرة منذ هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
ومع أن النزاع عطل خطة إدارة بايدن لدفع السعودية التطبيع مع إسرائيل، وتشمل على معاهدة دفاعية إلا أن واشنطن لا تزال تتعامل مع السعودية، كحليف مهم وفي الجهود الإقليمية لتسوية الأزمة. وقد شددت الرياض من انتقاداتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة. وفي تشرين الأول/أكتوبر قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إن التطبيع مع إسرائيل "غير مطروح على الطاولة حتى يتم التوصل إلى حل لإقامة دولة فلسطينية".
وانتهز ولي العهد فرصة عقد قمة عربية- إسلامية في الرياض واتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، كما وشجب حربها في لبنان وضرباتها على إيران. وفسر الدبلوماسيون والمحللون تصريحات ولي العهد بأنها رسالة لإسرائيل حول وحدة العالم الإسلامي في شجبه للهجمات الإسرائيلية ودعمه للدولة الفلسطينية.
وشجبت الرياض ما وصفته "التصريحات الإسرائيلية المتطرفة لفرض السيادة على الضفة الغربية". ووعد ترامب أثناء حملته الانتخابية بتحقيق السلام في الشرق الأوسط ووقف الحرب. لكن الكثير من المرشحين الذين اختارهم لتولي مناصب مهمة في إدارته يعتبرون من المؤيدين المتحمسين لإسرائيل، مثل مايك هاكبي، المرشح لتولي السفير في إسرائيل وستيفن ويتكوف، مبعوثه الخاص للشرق الأوسط.
لكن ترامب قال إنه يريد توسيع اتفاقيات إبراهيم، وقال لقناة العربية إن "الإطار موجود، وكل ما عليهم فعله هو إعادة إدراجه وهذا سيحدث بسرعة كبيرة". وأضاف: "إذا فزت، فستكون أولوية مطلقة، فقط إحلال السلام في الشرق الأوسط للجميع. هذا سيحدث".
وبالتأكيد ستكون السعودية مهمة في محاولات إعادة اتفاقيات إبراهيم، إلا أن ترامب لن ينجح بإقناعها بدون الضغط على نتنياهو تقديم تنازلات للفلسطينيين بشأن الدولة الفلسطينية، وهو أمر يرفضه نتنياهو بالمطلق.
وقال دبلوماسي عربي ثاني أن هذا يعني أن "ترامب ليس في حاجة إلى أي لاعب آخر في الشرق الأوسط الآن أكثر من السعودية"، مضيفا "ترامب هو شخص يحب أن تقدم له صفقات جاهزة ينسبها لنفسه"، ولو قدم له محمد بن سلمان "صفقة، فهناك احتمال، وربما كان الاحتمال الوحيد".
كما ويأمل المسؤولون العرب أن يكون من الصعب على ترامب تهميش الفلسطينيين في ظل مستوى الغضب الناجم عن الدمار في غزة الذي أعاد قضيتهم إلى قمة الأجندة الإقليمية. ويشعر القادة بالقلق إزاء الصراع الذي قد يؤدي إلى تطرف شرائح من سكانهم، وبخاصة بين الشباب ومنهم الشباب السعودي.
وقال الدبلوماسي العربي: "يحتاج ترامب لوقف الحرب في غزة، ولكي يحدث هذا، فهو بحاجة لمعالجة اليوم التالي" للحرب. و "هو بحاجة للتركيز على مسار فلسطيني وإلا فلن ينجح العنصر الإقليمي. وكانت السعودية واضحة أنه بدون دولة فلسطينية فالتطبيع ليس خيارا".
وتقول الصحيفة إن هذا يمنح ولي العهد السعودي فرصة لتقديم نفسه وبلاده كقيادة للمنطقة، لكن هذا الدور يأتي بمخاطر في ظل عدم القدرة على التكهن بتصرفات ترامب ورفض نتنياهو الدولة الفلسطينية.
ويقول إميل الحكيم من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية: "لقد نجح السعوديون في المناورة بشكل جيد من خلال تقديم أنفسهم ليس باعتبارهم الزعيم، بل باعتبارهم مهندسي الإجماع العربي والإسلامي، وبذلك ينشرون المسؤولية. والسؤال هو: هل يستطيعون تحمل الضغوط والتعامل مع الكشف؟ هل يستطيعون التعامل مع الفشل المحتمل؟".
وقال الدبلوماسي العربي الثاني إن الأمير محمد وجد "كلمة السر" لدور القيادة في الشرق الأوسط، فـ "القضية الوحيدة التي توحد العالم العربي هي القضية الفلسطينية. والسؤال هو إلى أي مدى تستطيع السعودية الاستثمار في هذا الأمر... وإلى أي مدى سيتمكن نتنياهو من نسفه".