الحرب على غزة.. إماطة اللثام عن التطرف الديني في الغرب
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
تتزاحمُ على شاشات التلفزيون والهواتف الذكيّة مشاهد غزة المؤلمة، فنخرج مع كل مشهد جديد من حال كنّا نظن أنه الأقبح إلى حال أقبح منه. وهل من مشهد أقبح من مشاهد أطفال يتناهشها الجوع والعطش، ومشاهد الجثث ملقاة على قارعة الطريق لا تجد من يدفنها، إكرامًا للأرواح التي سكنتها! يتساءل كل ذي حسّ إنساني سليم: كيف يتم التطبيع مع هذه المشاهد والأحوال التي لا يصفها الكلام؟
حين ننظر بعين الذاكرة والمخيلة لا نجد ما يكافئ هذه المشاهد قسوة وتطرفًا إلا في المشاهد التي تعجّ بها الكثير من الأفلام والمسلسلات الواسعة الانتشار، من قبيل مسلسل «الأموات السائرون» (Walking Dead)، أو فيلم «أنا أسطورة» (I am a Legend)، أو "قواعد الاشتباك" (Rules of Engagement)، أو "28 أسبوعًا لاحقًا" (28 Weeks Later).
هذه المسلسلات والأفلام، وغيرها كثير لا يحصى، تجسد بطولة الفِرْقة الناجية التي تجد نفسها مضطرة لممارسة التطهير والإبادة الجماعية للبقاء على قيد الحياة، وجميعها تنزع عن الجمهور المستهدَف بعملية الإبادة، صفة الإنسانية، كي تحوله إلى مجرد مجموعة كائنات مسعورة لا حق لها في الوجود.
نستطيع القول؛ إن مؤسسات صناعة الأفلام الأميركية، ساهمت منذ ما يقرب من قرن من الزمن – ولا تزال تساهم – في تخدير الحسّ الإنساني لبلوغ النهاية في الاستخفاف بقتل النفس البشرية. صحيح أن الثقافات الأخرى، ومنها الثقافة العربية والإسلامية، لا تخلو من كتابات ومرويات تَسْتَسْهِل القتل؛ لكن هذا الاستسهال بلغ ذِروته مع فنون الصورة المتحركة التي كان للثقافة الغربية دور كبير في تطويرها.
فقد صار مألوفًا لدى الأجيال التي ترعرعت في حِضن هذه الثقافة الاستمتاعُ بأفلام يكون فيها قتل النفس البشرية مرفوقًا بكلمات ساخرة من البطل، حتى صار الموت في كثير من أفلام هوليود موضوع معالجة هزلية.
لعل ما نراه من تمادي أميركا في تقديم الدعم لإسرائيل في قتلها الفلسطينيين وتجويعهم وتشريدهم ما هو إلا نتيجة اعتقاد ديني راسخ. وليس غريبًا أن تصطبغ الثقافة الأميركية الإمبريالية كما تجليها الكثير من الأعمال السينمائية بصبغة التطرف الذي يدفع صاحبَه إلى حد القبول بإبادة الشعوب الأخرى دون تمييز بين المحارب والمقعد
وعليه، فلا غرابة أن يبلغ الاستخفاف بقتل الآخرين وموتهم درجة كبيرة في الخطاب السياسي الأميركي الإمبريالي؛ ولعل من الشواهد والقرائن الدالة على هذا الاستخفاف ما نسمع من كلام يتردد على ألسنة الكثير من المحللين، كلام يربط بين اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، وإمكانية قبول الإدارة الحالية بالدعوة لإيقاف إطلاق النار.
أفبعد هذا الاستخفاف بالعقول استخفاف يذكر؟! إذ ليست الدعوة إلى حقن دماء الأبرياء من الأطفال والرضع دعوة يحكمها مبدأ إنساني أخلاقي واضح يتعالى عن الأغراض السياسية الانتخابية؛ إنما هي إستراتيجية من الإستراتيجيات المستعملة لاستمالة فئات وشرائح مجتمعية تعارض القتل الهمجي الذي لا ينضبط بمعنى.
يحار العقل أمام ما يحصل من تطهير وتجويع وتنكيل بالشعب الفلسطيني الأعزل. فإذا جاز القول إن القبول بمشاهد التقتيل في غزة عند فئة عريضة من صنّاع القرار السياسي في الولايات المتحدة والغرب عمومًا قد يعود إلى ما وقر في مخيلتهم من تصورات تنزع عن الآخرين صفة الإنسان لتجعلهم أهدافًا تُقْتَنص من بعيد، عبر توسط أدوات تكنولوجية وأسلحة فتاكة؛ فما الذي يقف وراء قبول، أو تعايش صنّاع القرار في العالم العربي والإسلامي مع هذه المشاهد؟ أهو ضعف دول ما بعد الاستعمار الهيكلي الموروث، أو الخوف من الدخول في مواجهة عسكرية، أم الحسابات الجيوسياسية؟
أمام خدر الحسّ الإنساني إزاء ما يحصل في غزة، سواء لدى صنّاع القرار من داخل المنظومة السياسية الغربية، أو داخل التكتلات والهيئات الإسلامية والجامعة العربية، يقف الإنسان حائرًا، أَيُخاطِب الإنسانَ الفلسطيني، أم الشارع العربي الإسلامي، أم الضمير الإنساني، أم المنظومة السياسية الغربية، أم المسؤولين عن الهيئات العربية والإسلامية؟
لا جدال في أن ما يحصل في غزة من تنكيل بالنساء والأطفال والشيوخ إنما يصّب في تعزيز الإحساس بالغبن والمذلة والإهانة لدى شرائح عريضة من المجتمعات العربية والإسلامية. ومهما تكن التسوية السياسية بعد انتهاء الحرب، فسيظل الشعور بالعجز والإهانة من أكثر المشاعر سيطرة على الذات العربية الإسلامية.
ومعنى هذا أن الإنسان العربي المسلم سيظلّ في علاقته بالعالم – خصوصًا العالم الغربي- يصدر عن مواقف عاطفية لا تنضبط بضابط العقل السوي، إنما بعواطف تحمل صاحبها إما على الخنوع والرضوخ للأمر الواقع، وإما على ردود أفعال طائشة غير مضمونة العواقب.
يتحدث «دومينيك مويزي» (Dominique Moïsi) في كتابه: «جيوسياسة العاطفة» (La Géopolitique de l’émotion) عن ثلاثة ضروب من العاطفة، منها ما يؤسس لثقافة الخوف، ومنها ما يؤسس لثقافة الشعور بالإهانة، ومنها ما يؤسس لثقافة الأمل، وكلها تساهم في رسم ملامح عالمنا المعاصر بخصائصه الجيو-إستراتيجية والجيو- سياسية. في هذا الكتاب الذي صدر سنة 2008 يُصنَّف العالم العربي والإسلامي على أنه ينتسب إلى الثقافة التي تقوم على تجرع الإحساس بالغبن والمذلة.
يصحّ كلام «مويزي » من عدة وجوه، فالعالم العربي والإسلامي تجرع على امتداد القرن العشرين الإحساس بالضعف والإهانة؛ وقد ظل يصدر عن هذا الإحساس في بناء ثقافته التي من خلالها يتفاعل مع العالم.
غير أن صمود الشعب الفلسطيني ووقوفه في وجه أعتى القوى العسكرية في العالم جاء ليؤشر على منعطف جديد، وكأننا بهذا الشعب يدفع بثقافة الشعور بالإهانة والإذلال إلى أقصى مداها، فيخرج عاري الصدر طلبًا لمواجهة الموت، ولسان حاله يقول: المنية ولا الدنية. وبهذا يفتح باب الأمل أمام باقي شعوب المنطقة العربية والإسلامية في أن تطرح مشاعر الإهانة وتُخرِج إلى أفق وجودي جديد، ذاتًا يحدوها الأمل في أن تساهم في صنع عالم الغد.
تمثل الحرب على غزة لحظة محورية في تاريخ العالم العربي والإسلامي. ولا ينفع أن يتم مواجهة ما يحصل في غزة بالصمت الرسمي؛ أملًا في أن تفضي نهاية هذه الجولة من الحرب إلى نوع من أنواع الاستقرار، أو إلى تحقيق مكاسب لشعوب المنطقة.
الراجح، بل المحقق، هو أن الثقافة العربية والإسلامية لن يكون لها شأن يذكر في العالم الذي هو قيد التشكل إلا مع التحلي بالشجاعة للمساهمة في إيقاظ العالم من الغيبوبة الثقافية وتخليصه من مفعول التخدير الممارس على العقول بواسطة فنون الصورة المغرّرة والمضللة.
عند التأمل، نجد أن ما يمارس من عنف ضد الإنسان الفلسطيني وما يلحقه من تدمير لمقومات وجوده توجد جذوره في فكر ديني طهراني متطرف. في روايته (Act of Oblivion) أو «قانون العفو»، يروي «روبيرت هاريس» قصة هارِبَيْن من العدالة البريطانية، كانا من المقربين من «كرومويل»، المتشدد الذي كان وراء شنق ملك بريطانيا «تشارلز الأول».
بينما هما في طريقهما بحثا عن مكان آمن داخل أميركا، رأى مُرْشِدُهما أن يقضيا ليلة عند بعض الهنود الحمر، وكان أثناء ذلك يحدثهما عن الجهد الذي يبذله لدعوة هؤلاء القوم للمسيحية، وهو يقول: «علينا أن نعمل على إدخالهم في حظيرة المسيح كما يدعونا الكتاب المقدس، حيث يقول: اسألني فأعطيك الأمم ميراثًا لك، وأقاصي الأرض ملكًا لك» وما إن أنهى الرجل كلامه حتى قال «وِيل»، أحد الفارين: «لكنك لم تُتمم بقية النص: تُحطمهم بقضيب من حديد، مثل إناء خزّاف تُكسِّرهم». ويستطرد الرجل المرشد ردًا على «ويل» قائلًا: «لست أتفق إطلاقًا مع هذا، ولو أني أعرف الكثيرين ممن ينظرون للأمور من هذه الزاوية».
يحيلنا هذا الحوار على طبيعة الفكر الطهراني المركوز في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، والذي يقوم على أساس الاعتقاد في وجوب تحطيم الأمم الأخرى وكسرهم مثلما يكسر إناء الخزف.
ولعل ما نراه من تمادي في تقديم الدعم لإسرائيل في قتلها الفلسطينيين وتجويعهم وتشريدهم ما هو إلا نتيجة هذا الاعتقاد الديني الراسخ. وليس غريبًا أن تصطبغ الثقافة الأميركية الإمبريالية – كما تجليها الأعمال السينمائية المذكورة – بصبغة التطرف الذي يدفع صاحبَه إلى حد القبول بإبادة الشعوب الأخرى دون تمييز بين المحارب والمقعد.
يجلي لنا موقف المرشد الذي لم يساير الهاربَين في تصورهما للهنود الحمر وفي اعتقادهما بلزوم تحطيمهم بقضيب من حديد، أن تاريخ أميركا ليس طهرانيًا دينيًا خالصًا؛ بل هناك قوى أخرى ساهمت في صنعه، وهذه القوى هي التي بالإمكان المراهنة عليها للخروج بالعالم من منطق الحروب الدينية الأعمى، نحو أفق إنساني أرحب.
إن الثقافة الإمبريالية التي تقوم على أساس الاعتقاد الديني الداعي إلى إبادة الآخرين ثقافة لا تنتج سوى الدمار والخراب، وهي تدخل أصحابها في حكم من يفسد في الأرض وهو لا يشعر، بل يظن أنه من المصلحين. فلعل قمة الفساد تكمن في فقدان الشعور بما يحدثه الإنسان من تحطيم لمقومات وجود الآخرين.
وقمة الصلاح تكمن، كما تجلي لنا قصة سليمان – عليه السلام – مع النمل في القرآن الكريم، في الشعور بوجود المخلوقات والتماس البقاء لها، هذا الشعور الذي يدخل في عداد النعم التي تستوجب تقديم الإنسان الشكر لخالقه. فبعد أن سمع سليمان – عليه السلام – قول النملة «ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون»، تبسم عليه السلام وقال: « رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين».
لقد كان للحرب على غزة دور كبير في إماطة اللثام عن تطرف الغرب الديني، بعد أن كان مفهوم هذا التطرف لا ينسحب إلا على التطرف الإسلامي.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات العالم العربی والإسلامی العربیة والإسلامیة ما یحصل فی غزة
إقرأ أيضاً:
حرب تجارية تُشعل العالم
حاتم الطائي
◄ الحرب التجارية الشعواء ستأكل الأخضر واليابس وسيكتوي الجميع بنيرانها
◄ خسائر تريليونية للشركات الأمريكية في أقل من 4 أسابيع
◄ سياسات ترامب المتطرفة تقضي على فكرة "العولمة الاقتصادية" والسوق المفتوح
لن تسلم أي دولة في العالم من نيران الحرب التجارية التي يُشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويُخطئ من يظن أنَّه في منأى عن تداعيات مثل هذه السياسات الحمائية المتطرفة التي تنطلق من دوافع سياسية في الأساس، وليست اقتصادية، كما تزعم الإدارة الأمريكية الجديدة، إذ إنَّ جميع المؤشرات تُؤكد أن شظايا القصف المُتبادل في الحرب التجارية الجارية حاليًا بين أمريكا وعدد من دول العالم، وأهمها: الصين وكندا والمكسيك، ستطال كل الاقتصادات حول العالم، لا سيما وأن التقديرات تُشير إلى أنَّ النمو الاقتصادي العالمي قد ينخفض هذا العام فقط بنحو 0.75%، بينما ستفقد التجارة الدولية 3% من قيمتها.
قد يُجادل بعض الاقتصاديين في مصطلح "الحرب التجارية"، لكن المُؤكد أننا أمام أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، بينما لم يتعافى الاقتصاد العالمي بصورة كاملة، بعد سنوات عجاف تسببت فيها جائحة كورونا والركود الذي ضرب أنحاء العالم. ومن المفارقات أنَّ هذه الحرب التجارية ليست وليدة اللحظة؛ بل كانت نيّة مُبيّتة لدى الرئيس الأمريكي خلال فترة ترشحه للانتخابات؛ حيث ظل يستخدم ورقة التهديد بالرسوم الجمركية لاكتساب المزيد من الأصوات، وخاصة الأصوات اليمينية، واستغل ذلك برفع شعار "أمريكا أولًا" و"لنجعل أمريكا عظيمة مُجددًا"، وهي شعارات منفصلة تمامًا عن الواقع الذي نعيشه اليوم، فالولايات المتحدة ليست مجرد دولة عادية في هذا العالم، بل إنها أكبر اقتصاد بقيمة لا تقل عن 28.7 تريليون دولار، وهو ما يمثل ربع الاقتصاد العالمي البالغ 110 تريليونات دولار، ولذا فإنَّ أي اهتزاز لهذا الاقتصاد يضر بالعالم من حوله.
ويكفي أن نعلم أنه منذ أن بدأ الرئيس ترامب شن حرب الرسوم الجمركية، تكبدت البورصة الأمريكية خسائر فاقت 5.5 تريليون دولار في أقل من 30 يومًا، والتوقعات تُرجِّح اضطرابات في الدورة الاقتصادية العالمية، وموجات من التقلبات في حركة التجارة العالمية، ولا ننسى أنه في المقابل أن الدول التي تتعرض لرسوم جمركية مرتفعة، سلسلة من الرسوم المضادة، من باب المعاملة بالمثل، وسنظل في دوامة من الرسوم والرسوم المضادة، حتى تضع هذه الحرب أزارها، ومرة أخرى سيلحق الضرر الجميع.
ترامب بطبيعته الشعبوية واليمينية المتطرفة، لن يتراجع عن فرض المزيد من الرسوم، خاصة وأنها تُحقق له أهدافه الأخرى، وتسمح له بتنفيذ أجندته، لكن من المدهش أن ترامب لا يعي بالدرجة الكافية أنَّ هذه الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، فهي من جهة قد تحقق له أهدافه أو تساعده في الضغط على خصومه، لكن من جهة أخرى، ستتسبب في موجة تضخم نتيجة ارتفاع أسعار الواردات من الدول المفروض عليها هذه الرسوم، ومن ثم انخفاض التضخم، وهذه عوامل ضارة للغاية بالاقتصاد الأمريكي ومن ثم الاقتصاد العالمي بالتبعية. لذلك ترامب لا يرى سوى بعين واحدة، وهي عين تركيع الخصوم وإذلالهم، لكن المؤكد أنَّ الدول الأخرى لن ترضخ لمثل هذه الضغوط الاقتصادية، فمثلا كل من كندا والمكسيك تُصدِّران إلى أمريكا سلعًا بما قيمته 893 مليار دولار، ومع فرض رسوم بنحو 25% فإن ثمة مخاطر اقتصادية وتجارية هائلة ستضُر بالاقتصاد الأمريكي الذي يعتمد على هذه الواردات في الكثير من الصناعات، علاوة على ما ستُحدثه من تضخم في الأسعار يكتوي به المستهلك الأمريكي.
مثل هذه السياسات الحمائية المتطرفة تتنافى تمامًا مع قواعد منظمة التجارة الدولية، وتتعارض مع النهج الرأسمالي الليبرالي الذي تجسده الولايات المتحدة الأمريكية، بل وكانت قائدة له، فضلًا عن تسبب مثل هذه الممارسات في نسف فكرة "العولمة الاقتصادية" واقتصادات السوق المفتوح، وتداعيات ذلك على النمو الاقتصادي في البلدان الأخرى.
ويبقى القول.. إنَّ العالم اليوم لن يحتمل تبعات مثل هذه الحرب التجارية الشعواء، لا سيما في ظل الظروف العصيبة التي تعصف بالكثير من المناطق والصراعات المشتعلة في أرجائه، والولايات المتحدة باعتبارها أكبر اقتصاد في العالم، يتعين عليها التحلي بالمسؤولية وتهدئة المخاوف العالمية؛ إذ لا ريب أنَّ الاقتصادي سيكون المتضرر الأكبر من تبعات هذه الحرب، وعلى الرئيس ترامب أن يُدرك أن سياسات فرض الأمر الواقع بالقوة المُتغطرِسة لن تُجدي نفعًا، ولن تُفيد أي طرف مهما كان، فما أحوجنا اليوم إلى التكاتف في مواجهة التحديات، والعمل المشترك من أجل خير البشرية والناس أجمعين.
رابط مختصر