الولايات المتحدة: لم نطلب من فرنسا التخلي عن خطابها حول إرسال قوات إلى أوكرانيا
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
قال البيت الأبيض إن واشنطن لم تطلب من فرنسا أو دول أخرى التخلي عن خطابها حول إمكانية إرسال قوات إلى أوكرانيا.
وأوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، خلال مؤتمر صحفي، يوم الجمعة: "هذه قرارات سيادية تتخذها الدول. ويمكنني أن أتحدث فقط نيابة عن دولتنا ذات السيادة وقائدها العام، الذي أكد بوضوح أننا لن نرسل قواتنا (إلى أوكرانيا)".
وكانت واشنطن قد أكدت في وقت سابق أنها لا تعتزم إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا، وأن موقف الإدارة الأمريكية بهذا الشأن لم يتغير.
إقرأ المزيديذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن أن المشاركين في مؤتمر الدول الداعمة لأوكرانيا، الذي عقد في باريس يوم 26 فبراير الماضي، بحثوا إمكانية إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا لدعم قواتها.
وأوضح ماكرون أنه لا يوجد هناك إجماع بشأن هذه الفكرة، لكنه لم يستبعد هذا الخيار.
بدورهم، أعلن قادة معظم الدول الغربية وحلف الناتو، أنهم لا يعتزمون إرسال قوات إلى أوكرانيا.
المصدر: تاس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: إيمانويل ماكرون الأزمة الأوكرانية البيت الأبيض العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إرسال قوات إلى أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
سياسات أمريكا في التعامل مع الدول
يوسف الجهضمي
في عالم السياسة الدولية، لا مكان للعاطفة أو الالتزام الدائم. فالتحالفات ليست سوى أدوات تُستخدم ما دامت تُحقق المصلحة، وعندما تنتفي الحاجة إليها، تُرمى جانبًا دون تردد. والسياسة الأمريكية تمثل النموذج الأبرز لهذا المنطق؛ إذ إنها لا تعترف بوجود أصدقاء دائمين أو أعداء دائمين؛ بل تحكمها قاعدة واحدة: "المصلحة أولًا وأخيرًا".
تاريخيًا، لا يوجد حليف واحد للولايات المتحدة استطاع أن يضمن ولاءها إلى الأبد، بغض النظر عن الخدمات التي قدمها أو التضحيات التي بذلها من أجلها. اليوم، قد يكون النظام الحاكم في بلد ما "حليفًا استراتيجيًا"، لكن غدًا قد يصبح "عائقًا" يجب التخلص منه. هذه العقلية لم تتغير منذ نشوء الولايات المتحدة كقوة عظمى؛ بل ترسخت مع مرور الزمن وأصبحت السمة الأبرز لسياستها الخارجية.
والحديث عن هذه المسألة يصبح أكثر إلحاحًا، خاصة في ظل التقلبات السريعة التي يشهدها العالم العربي، حيث تتغير التحالفات وتتبدل الولاءات وفقًا لما تمليه المصلحة الأمريكية.
منطق الغدر الأمريكي: لماذا لا تدوم الصداقات؟
إذا كان هناك شيء واحد ثابت في السياسة الأمريكية، فهو "عدم الثبات"؛ بمعنى أن واشنطن لا تمنح أي ضمانات دائمة لحلفائها، بل تتعامل معهم كأدوات لتحقيق أهدافها الاستراتيجية. وعندما تنتهي الحاجة إليهم، يتم التخلص منهم أو استبدالهم بآخرين.
الولايات المتحدة لا تعتمد فقط على قوتها العسكرية والاقتصادية؛ بل تستفيد من قدرتها على بناء تحالفات مؤقتة، ثم التخلي عنها عندما يحين الوقت المناسب. هذا النهج قائم على عدة أسس:
البراغماتية المطلقة: لا مجال للعواطف أو الالتزامات الأخلاقية، بل المصلحة هي الحكم الوحيد. التغيرات الجيوسياسية: العالم متغير، والمصالح تتبدل. ما كان مهمًا بالأمس قد يصبح غير ضروري اليوم. القوة الأمريكية المطلقة: واشنطن تضمن أنها تستطيع استبدال أي حليف دون أن تتعرض لخطر كبير، نظرًا لهيمنتها على الاقتصاد والسياسة العالمية. عدم الثقة في الحلفاء: حتى أقرب الحلفاء يُنظر إليهم بعين الشك، لأن الولاءات يمكن أن تتغير.وهناك أمثلة تاريخية على الغدر الأمريكي، منها:
شاه إيران محمد رضا بهلوي (1979)؛ حيث كان الشاه يُعد "حليفًا ذهبيًا" للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. قدم لها النفط، ودعمها سياسيًا وعسكريًا، وحمى مصالحها لعقود. لكن عندما اندلعت الثورة الإسلامية في إيران، أدارت له واشنطن ظهرها ورفضت حتى استقباله للعلاج، مما أدى إلى انهيار نظامه وصعود الجمهورية الإسلامية، التي تحولت إلى عدو لدود لأمريكا نفسها. صدام حسين (2003)؛ ففي الثمانينيات، كان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أداة أمريكية في حربه ضد إيران؛ حيث حصل على دعم عسكري واستخباراتي ضخم. لكن بعد انتهاء الحرب، بدأ يميل إلى الاستقلالية، وبدأ يشكل تهديدًا للمصالح الأمريكية في المنطقة. فجاء الغزو الأمريكي في 2003، بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وهي كذبة اعترف بها الأمريكيون لاحقًا. حسني مبارك (2011)؛ كان الرئيس المصري الراحل حسني مبارك واحدًا من أقوى الحلفاء مع الولايات المتحدة، خاصة في ملف السلام مع إسرائيل. لكنه اكتشف في لحظة واحدة أن ولاءه لم يشفع له عندما اندلعت ثورة 25 يناير. واشنطن لم تدعمه، بل ضغطت عليه للتنحي، مما عجّل بسقوطه. الأكراد في سوريا (2019)؛ في الحرب ضد تنظيم داعش، اعتمدت أمريكا على القوات الكردية كحليف أساسي. لكن بعد انتهاء المعركة، تخلت عنهم وسمحت لتركيا بشن هجوم واسع عليهم، مما تسبب في كارثة إنسانية.لكن.. كيف يمكن للدول التعامل مع هذا الواقع؟ مع فهم هذا المنطق، على الدول التي تعتمد على الدعم الأمريكي أن تدرك أن تحالفها مع واشنطن ليس مضمونًا، وعليها: تنويع التحالفات؛ إذ لا يجوز الاعتماد على أمريكا وحدها، بل يجب إقامة علاقات متوازنة مع قوى أخرى مثل الصين وروسيا وأوروبا. كما يتعين عليها بناء قوة ذاتية؛ لأن الدول التي تعتمد على نفسها تكون أقل عرضة للابتزاز الأمريكي. وكذلك عدم الانخداع بالشعارات؛ حيث إن أمريكا تتحدث دائمًا عن "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان"، لكنها في النهاية تتحرك وفق مصالحها.
وأخيرًا.. السياسة الأمريكية قائمة على مبدأ "لا صداقات تدوم، ولا وفاء يستمر". من يكون صديقًا لواشنطن اليوم، قد يصبح عدوها غدًا. والتاريخ مليء بالشواهد على ذلك. ولذلك، فإنَّ الدول التي تريد الحفاظ على استقلالها وسيادتها يجب أن تتعامل مع الولايات المتحدة بواقعية، وأن تبني سياستها الخارجية على مبدأ "تحقيق التوازن" بدلًا من "الاعتماد الكامل".