تفسير «القرطبي».. الجامع في التفسير
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
تنوعت مناهج المفسرين فى تفسيرهم للكتاب العزيز، ولكل مفسرٍ طابعه الخاص، ومن بين هذه المناهج ما يمكن أن نسميه بـ«التفسير الفقهى»، حيث يعرض المفسِّر للأحكام الفقهية التى تشتمل عليها الآيات، وممن اشتُهر بهذا المنهج الإمام القرطبى رحمه الله، فى تفسيره المسمَّى بـ«الجامع لأحكام القرآن، والمبيِّن لما تضمَّنه من السنة وآى الفرقان»، هذا التفسير المبارك الذى كتب الله له القبول والانتشار.
والإمام أبوعبدالله القرطبى رحمه الله من أهل قرطبة، إلا أنه رحل إلى صعيد مصر التى كانت ولا تزال محط رَكب العلماء والصالحين، واستقرَّ بمنية بنى خصيب (محافظة المنيا حالياً) إلى أن توفى فى سنة (٦٧١هـ)، وقد كان -رحمه الله- من عباد الله الصالحين والعلماء العارفين، صاحب ورع وزهد فى الدنيا، مطرحاً للتكلُّف، يمشى بثوب واحد وعلى رأسه طاقية، مشغول بما يعنيه من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجهٍ إلى الله وعبادة وتصنيف.
يأتى تفسير القرطبى «الجامع لأحكام القرآن»، من بين أشهر كتب التفسير، قال عنه الحافظ الذهبى: «وقد سارت بتفسيره العظيم الشأن الرُّكبان». [تاريخ الإسلام: (15/229)]، ويقع هذا التفسير فى عشرة مجلدات، حسب طبعة دار الكتب المصرية - القاهرة، وقد وصف العلامة ابن فرحون هذا التفسير بقوله: «وهو من أجلِّ التفاسير وأعظمها نفعاً، أسقط منه القصص والتواريخ، وأثبت عوضَها أحكام القرآن، واستنباط الأدلة، وذكر القراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ» [الديباج المُذهب: (2/309)].
وحقيقة الأمر أنه لم يصفُ للقرطبى ما ألزم به نفسه فى مقدمته لتفسيره من إسقاطه للقصص، وكما تفيده عبارة ابن فرحون، فقد ذكر قدراً لا بأس به من غرائب القصص الإسرائيلى، ولعله كان فى ذلك محكوماً بثقافة عصره. ويُعد هذا التفسير من المصادر المعتمدة فى الأحكام الفقهية؛ فإنَّ القرطبى -وهو أحد أئمة المالكية المحققين- يُقسّم الآية إلى مسائل بحسب الأحكام التى تتضمنها، كقوله فى آية القتل: (فيه عشرون مسألة)، ويفيض فى ذكر مسائل الخلاف، ويُورِد أقوال المذاهب الأخرى، مع بيان أدلتها، ووجه كل دليل، ومناقشة الأدلة، والترجيح بينها، وأحياناً يورد سبب الخلاف، إلا أن ما يلفت النظر فى هذا التفسير أنه لا يتعصب لمذهبه بل يتجرد، مع ذكره فى ثنايا المسائل لمواضع اتفاق العلماء واختلافهم، الأمر الذى نحتاجه اليوم فى التسامح ونبذ التعصب المذهبى، وترسيخ فكرة إدارة واستثمار الخلاف الفقهى بشكل إيجابى، ما يؤكد مرونة وحيوية الفقه الإسلامى وملاءمته لكل زمان ومكان.
د. تامر محمد فتوح
باحث بدار الإفتاء المصرية
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أحكام القرآن القرآن هذا التفسیر
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة سوهاج يكرم ٢٥ من حفظة القرآن كاملًا بمدرسة القرآن الكريم بالصلعا
كرم الدكتور حسان النعماني رئيس جامعة سوهاج، ٢٥ من حافظات القرآن الكريم كاملاً بمدرسة القرآن الكريم بقرية الصلعا، ومنحهم مكافأة مادية تشجيعاً لهم على بذل المزيد من الجهد في حفظ القرآن الكريم، وتحفيزهم على مواصلة التفوق ليكونوا مثل أعلى يحتذى به.
حضر الاحتفال كلاً من الدكتور علاء غالب رئيس أسرة طلاب من أجل مصر، والدكتور محمد كمال منسق عام الانشطه الطلابيه، والدكتور ممدوح السيد وكيل كلية التربية الرياضية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور أحمد عاطف مدير رعاية الشباب، وبلال خلف عمدة القرية، وأحمد عبد الرحمن المحامى بالنقض وخادم القرآن الكريم، وعاصم زيدان مدير المدرسة، والمهندسة آلاء عبد العظيم المنسق العام بالمدرسة، وعبد التواب العمرى ممثلاً عن أهل القرية.
وفي البداية هنأ النعماني خلال كلمته الطالبات حافظات القرآن الكريم، قائلاً" أننا نفتخر ونعتز بأبنائنا من حفظة كتاب الله، ونتمنى أن يكونوا دائماً نماذج مشرفة يحتذى بها، وقدوة لشبابنا وأطفالنا لتحفيزهم على حفظ كتاب الله، وغرس حبهم له وتقديسه، وخلق روح التنافس فى حفظه، مؤكدًا علي أهمية السعي لتعلم القرآن الكريم وتعاليم الدين الإسلامي حتى يكون القرآن خلقاً وسلوكاً لكل أبناءنا.
كما قدم النعماني الشكر لمدرسة تحفيظ القرآن بقرية الصلعا والذي كانت لها الفضل بعد الله عز وجل والدور الهام في تشجيع الطلاب علي حفظ كتاب الله وتعليمهم احكامه من تجويد وترتيل دون مقابل مادي، لافتاً الي انها تقوم على الجهود الذاتية وتضافر المخلصين ومحبي أهل القرآن الكريم من داخل القرية وخارجها، ومقدماً الشكر ايضاً لأسر الطلاب علي مابذلوه من جهد مع أبنائهم المتفوقين من أهل القرآن ليحققوا هذا التفوق الملموس فى حفظ كتاب الله، داعيا الله أن ينير قلوبهم دائماً بذكره ويمُن الله عليهم ببركاته وينفع بهم أنفسهم و أهلهم ووطنهم، و ان تسير باقي القرى على نهج قرية الصلعا في تحفيظ أبنائها القرآن الكريم.
وأعرب أحمد عبد الرحمن، عن سعادته بتكريم الدكتور حسان النعماني للطالبات حفظة القران والذي سيكون له بالغ الأثر في نفوسهم وتشجيعهن على بذل المزيد من الجهد في حفظ كتاب الله، متمنياً ان تحذو كافة مؤسسات المجتمع حذو جامعة سوهاج ويتم فتح قنوات اتصال مباشرة مع الطلاب وتقديم يد العون لهم، مؤكداً على أن مكاتب تحفيظ القرآن الكريم بالصلعا تسعى لبناء جيل قوي ومتفوق يحمل راية القرآن الكريم ويعتبر حفظه وتدبره من أعظم الأعمال الصالحة التي يمكن للشخص أن يقوم بها.
وأضاف عاصم زيدان مدير المدرسة، أن هذه المدرسة امتداد لنبتة الخير التي وضعوها مشايخ وعلماء القريه، وشملت حلقات لتحفيظ القرآن الكريم بالصلعا منذ أكثر من مائه عام حتى تجميعها بمدرسة القرآن الكريم بالصلعا منذ أكثر من ٢٠عاماً حتى بلغت لما عليه الآن لخدمة ٢٠٠٠ طالب وطالبة من حفاظ الذكر، قادرين على تحديات المستقبل والحفاظ على مكتسبات الوطن ومقدراته.