الوطن:
2024-12-26@14:38:38 GMT

تفسير «القرطبي».. الجامع في التفسير

تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT

تفسير «القرطبي».. الجامع في التفسير

تنوعت مناهج المفسرين فى تفسيرهم للكتاب العزيز، ولكل مفسرٍ طابعه الخاص، ومن بين هذه المناهج ما يمكن أن نسميه بـ«التفسير الفقهى»، حيث يعرض المفسِّر للأحكام الفقهية التى تشتمل عليها الآيات، وممن اشتُهر بهذا المنهج الإمام القرطبى رحمه الله، فى تفسيره المسمَّى بـ«الجامع لأحكام القرآن، والمبيِّن لما تضمَّنه من السنة وآى الفرقان»، هذا التفسير المبارك الذى كتب الله له القبول والانتشار.

والإمام أبوعبدالله القرطبى رحمه الله من أهل قرطبة، إلا أنه رحل إلى صعيد مصر التى كانت ولا تزال محط رَكب العلماء والصالحين، واستقرَّ بمنية بنى خصيب (محافظة المنيا حالياً) إلى أن توفى فى سنة (٦٧١هـ)، وقد كان -رحمه الله- من عباد الله الصالحين والعلماء العارفين، صاحب ورع وزهد فى الدنيا، مطرحاً للتكلُّف، يمشى بثوب واحد وعلى رأسه طاقية، مشغول بما يعنيه من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجهٍ إلى الله وعبادة وتصنيف.

يأتى تفسير القرطبى «الجامع لأحكام القرآن»، من بين أشهر كتب التفسير، قال عنه الحافظ الذهبى: «وقد سارت بتفسيره العظيم الشأن الرُّكبان». [تاريخ الإسلام: (15/229)]، ويقع هذا التفسير فى عشرة مجلدات، حسب طبعة دار الكتب المصرية - القاهرة، وقد وصف العلامة ابن فرحون هذا التفسير بقوله: «وهو من أجلِّ التفاسير وأعظمها نفعاً، أسقط منه القصص والتواريخ، وأثبت عوضَها أحكام القرآن، واستنباط الأدلة، وذكر القراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ» [الديباج المُذهب: (2/309)].

وحقيقة الأمر أنه لم يصفُ للقرطبى ما ألزم به نفسه فى مقدمته لتفسيره من إسقاطه للقصص، وكما تفيده عبارة ابن فرحون، فقد ذكر قدراً لا بأس به من غرائب القصص الإسرائيلى، ولعله كان فى ذلك محكوماً بثقافة عصره. ويُعد هذا التفسير من المصادر المعتمدة فى الأحكام الفقهية؛ فإنَّ القرطبى -وهو أحد أئمة المالكية المحققين- يُقسّم الآية إلى مسائل بحسب الأحكام التى تتضمنها، كقوله فى آية القتل: (فيه عشرون مسألة)، ويفيض فى ذكر مسائل الخلاف، ويُورِد أقوال المذاهب الأخرى، مع بيان أدلتها، ووجه كل دليل، ومناقشة الأدلة، والترجيح بينها، وأحياناً يورد سبب الخلاف، إلا أن ما يلفت النظر فى هذا التفسير أنه لا يتعصب لمذهبه بل يتجرد، مع ذكره فى ثنايا المسائل لمواضع اتفاق العلماء واختلافهم، الأمر الذى نحتاجه اليوم فى التسامح ونبذ التعصب المذهبى، وترسيخ فكرة إدارة واستثمار الخلاف الفقهى بشكل إيجابى، ما يؤكد مرونة وحيوية الفقه الإسلامى وملاءمته لكل زمان ومكان.

                              د. تامر محمد فتوح

                             باحث بدار الإفتاء المصرية

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أحكام القرآن القرآن هذا التفسیر

إقرأ أيضاً:

لا تتوعَّدونا وقد جرّبتمونا

همام إبراهيم

لقد جربتمونا 9 سنوات بأعنف ما لديكم براً وبحراً وجـــــواً، وبذلك بعون الله أصبحنا في صلابة وثبات كبير جِـدًّا أكبر مما كنتم تتصورون، وازددنا خبرة قتالية أكثر، وهذا الشعب بطبيعته مقاتل وبفعل عدوانكم ارتفعت مهاراته وخبراته وقدراته، وازداد بذلك ارتباطه بالله أعظم، وأدرك خطورة العدوّ الأمريكي والإسرائيلي وتكشفت له كُـلّ الأقنعة المتدينة والمتسيسة والمتفلسفة، ومن طوفان الأقصى خرج عنفوان هذا الشعب بشكل منقطع النظير.

حربكم الإعلامية المكثّـفة، أنتم بها تجعلون هذا الشعب يتشوق للميدان كما يتشوق الطفل لثدي أمه، هذا شعب ثائر مؤمن له منطلقات عقائدية إيمانية متأصلة ومتجذرة مترسخة، ويحمل روحية قرآنية ممتلئة بالقيم والشهامة والكرامة والعزة والمروءة، متحصن بأعظم هُـوية لا يمتلكُها أيُّ شعب آخر، وليس مُجَـرّد نظام حاكم كما يقيس البعض ببعض الدول والشعوب.

المعذرة من كثر صياحه ونباحه دل على جبنه وضعفه وهشاشته، أن تحَرّككم سيفضحكم أكثر أمام كُـلّ من لا يزال أمامه غشاوة من تضليل، وسيجعلنا في المقام الأقرب للتأييد الإلهي والنصر والعون، ونقول لكم فقط ما علمنا الله في القرآن (هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)، ويجعلكم في المقام الأقرب للضربة الإلهية القاصمة التي ستنهيكم عن آخركم، ليست أمريكا هي الإله والمتحكم بمجريات الأمور في هذه الأرض، هي وهم من خيط عنكبوتي ضئيل جِـدًّا لا يكاد يبين.

إن الله علّمنا في القرآن الكريم بأنهم ضعفاء جِـدًّا وجبناء خَاصَّة في الميدان العسكري، وعرّفنا بخططهم وأساليبهم ونفسياتهم الضعيفة الخالية من أدنى عوامل الثبات؛ لأَنَّهم أولياء للشيطان، ومن يلحق بهم سيكون حتى أضعف منهم، الله هو المتحكم في القلوب، سيملأ قلوبكم خوفاً ورعباً؛ لأَنَّكم وقفتم في الاتّجاه الذي يخذل مستضعفي غزة وتجردتم حتى من الإنسانية طمعًا في سلطة، ولم تؤثر فيكم تلك الجرائم التي تتقطع لها حتى الحجارة السوداء الصماء، وأعطيتم ظهوركم لنداءات واستغاثات وبكاء وآلام الأُمهات المسلمات العربيات المستضعفات التي يستفرد بهن ذلك الصهيوني المجرم، وتغاضيتم عن أعراضكم بالآلاف اللاتي يُنتهك شرفهن في سجون الصهيوني الخبيث، وظهرتم اليوم بلا شرف.

كما أنه علّمنا في القرآن كيف نكون بمستوى المواجهة والغلبة عليهم وعليكم لحقة بهم فقط، فكيدوا كيدكم واسعوا سعيَكم، فما تتوعدنا إلا بإحدى الحسنيين نصرًا أَو شهادة، ولسنا بأغلى من دماء مستضعفي غزة، فلا طيب الله لنا عيشًا إن كنا صامتين وراضين بأن نعيش هذه الحياة التي تبخس قيمتنا فيها.

نحن في الموقع الذي يرضي الله ويريده، وهذا يجعلنا في ثبات واطمئنان وإرادَة وعزم على الاستمرار أكثر وأكثر، ولربما يريد الله أن يستدرجكم لننتقلَ إلى مرحلة أوسعَ وأقربَ للقدس، وله عاقبة الأمور.

مقالات مشابهة

  • لا تتوعَّدونا وقد جرّبتمونا
  • الجامع الأزهر في عام 2024.. مصدر إشعاع توعوي وفكري وثقافي لا يخفت
  • الجامع الأزهر في 2024.. مصدر إشعاع توعوي وفكري وثقافي لا يخفت
  • حصاد 2024.. الجامع الأزهر مصدر إشعاع توعوي وفكري وثقافي لا يخفت
  • الجامع الأزهر في 2024 .. مصدر إشعاع توعوي وفكري وثقافي لا يخفت
  • ملتقى الجامع الأزهر للقضايا المعاصرة يدعو إلى التفكر في أسرار التعبير القرآني
  • حكم تفسير الرؤيا ومن أي علم تستمد
  • الأزهر يجري مقابلات المنسقين المرشحين للمشاركة في برامج تحفيظ القرآن عن بعد
  • مدير الجامع الأزهر يتفقد اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالإسكندرية
  • أستاذ تفسير: القرآن أمرنا بإجراء "fake check" للأخبار لمنع الشائعات