د. مجدي عبد الغفار: الأمة حين عملت بما في كتاب الله سادت العالم
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر اليوم الجمعة عقب صلاة التراويح «ملتقى الأزهر.. قضايا إسلامية»، بمشاركة فضيلة الدكتور مجدي عبد الغفار، الأستاذ بجامعة الأزهر، وفضيلة الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، وأدار الملتقى الدكتور أحمد همام، مدير إدارة الشؤون الدينية بالجامع الأزهر، وذلك بحضور فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، ونخبة من علماء وقيادات الأزهر الشريف، والمصلين الذين حضروا إلى الجامع من شتى ربوع مصر ومن مختلف الدول العربية والإسلامية من المقيمين في مصر، وناقش الملتقى اليوم «القرآن الكريم.
وقال الدكتور مجدي عبدالغفار إن القرآن الكريم عطاؤه متجدد لكل عصر وكل جيل، ونحن نتحدث عن هذا الجانب فإنما نتحدث عمن يمتلك زمام الكلمة، فمن امتلك زمام الكلمة امتلك زمام العالم، ونحن أمة امتلكت زمام الكلمة، فنحن أمة «اقرأ»، أمة عرفت معنى العلم فسادت وقادت من خلال هذا الكتاب الخالد، ومعرفة ما فيه، والأمة حين فهمت مما في هذا الكتاب وصلت إلى سيادة العالم، ونشرت العلم في كل مكان.
وأضاف فضيلته أن أمتنا كما أخبرنا الحق سبحانه في هذا الكتاب {وَكَذَ ٰلِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا لِّتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَیَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَیۡكُمۡ شَهِیدࣰا}، أمة الشهادة على العالم بوعي وعلم وحق، وقد آن لهذه الأمة أن تسود بمعرفة حقيقية بهذا الكتاب وما فيه، وجعله واقعًا في حياتنا، فما أحوجنا إلى الوحي الذي يخاطب الوعي وما أحوجنا إلى الوعي المحصن بالوحي، وليس هناك أمة فتحت ذراعيها للآخر كهذه الأمة لأنها أخرجت للناس، وتعامل الناس بالحسنى، وهذه المعاملة كانت السر الأمثل في الإقبال على هذا الدين حينما رأى الناس من المسلمين هذا التعامل الراقي فأقبلوا على هذا الدين ودخلوه بحب.
من جانبه، أكد الدكتور محمود الهواري أن عطاء القرآن المتجدد يؤكد أن هذا الكتاب يكشف كل يوم عن معان جديدة، فرغم أنه نزل منذ أكثر من 1400 سنة لا تزال زوايا هذا الكتاب مملوءة بركة، وما زالت آيات هذا الكتاب الكريم مملوءة حكما وعبرا وعظات، فقط تحتاج إلى نفس طاهرة وإلى قلب رقيق ليكتشف عطاء القرآن المتجدد، ولما نزل كتاب الله على رسول الله ﷺ اقتضى العقل السليم ألا تنقضي عجائب القرآن، لأنه لو انقضت عجائبه في دهر أو زمن أو قرن ما بقي لأبناء الزمان اللاحق شيئا يحسون به جمال القرآن وجلاله، لذا ترى العطاء المتجدد لكتاب الله في ثوابه وبركته وترى العطاء المتجدد لعطاء الله في هدايته ودعوته، وفي العلوم الخادمة التي قامت عليه، وفي كل ما تعلق به.
ودعا فضيلته إلى النظر والتأمل في هذا الثواب العظيم المتصل الذي لا ينقطع الذي جعله رب العالمين حسابا بالحرف وليس بالسورة ولا بالجزء، بل على مستوى الحرف، وهذا عطاء يتجدد لأبناء كل زمان، كلما قلبوا في كتاب الله ربت وزادت وكثرت ونمت حسناتهم عند ربهم، ومن عطاء القرآن المتجدد أنه لا يقطع بركته عن قارئه في الدنيا، بل يرفع ذكر أهله ويجعلهم من أهل الله، ولم تنقطع عند هذا الحد الدنيوي فحسب، بل تلحقه في قبره وعند الحساب عند رب العالمين، وهناك عطاء متجدد في هداياته فهو يهدي للتي هي أقوم عقيدة ونورًا وإيمانًا وعملًا وخلقًا وأدبًا، وفي كل مجالات الحياة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: هذا الکتاب
إقرأ أيضاً:
هل يحق لنا البحث عن اليقين؟أم هو واجب علينا؟
بقلم : الخبير المهندس حيدر عبدالجبار البطاط ..
السؤال عن الحق في البحث عن اليقين ليس مجرد استفسار فكري بل هو تأمل في طبيعة الإنسان وحقيقة وجوده.
فمنذ فجر التاريخ كان البحث عن الحقيقة وسعي الإنسان لفهم الكون والخالق جزءاً جوهرياً من تجربته البشرية.
السؤال الذي يطرح نفسه ؟؟
هل هذا البحث حق مشروع؟
أم أنه واجب يفرضه علينا وجودنا؟
التأمل في تجربة الأنبياء ، رحلة البحث عن اليقين !!
القرآن الكريم يعرض لنا نماذج مضيئة لرحلة البحث عن اليقين وأبرزها تجربة نبي الله إبراهيم عليه السلام.
إبراهيم النبي و ابن الانبياء الذي وهب حياته للبحث عن الحقيقة مرّ بمراحل من التأمل العميق.
رأى الكوكب والقمر والشمس وتساءل عما إذا كانت هذه الأجرام السماوية هي الإله الذي يستحق العبادة.
لكنه حين رأى أفولها قال بحسم
لَا أُحِبُّ ٱلۡأٓفِلِينَ ( الأنعام: 76).
هكذا أدرك إبراهيم أن الإله الذي يستحق العبادة هو الذي لا يغيب ولا يتغير بل هو خالق السماوات والأرض.
رحلته لم تكن فقط حقاً بل ضرورة عقلية وروحية للوصول إلى اليقين.
و عاد الكرة نبي الله ابراهيم عليه السلام الذي خاطب الله مباشرة طلب من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى !!
قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِي ( البقرة: 260).
هذا الطلب ليس إنكاراً للإيمان بل هو رغبة في تحقيق الطمأنينة القلبية واليقين العميق.
البحث عن اليقين حق أم واجب ؟؟
كل إنسان وُلد بعقل قادر على التفكير وتأمل الكون.
القرآن نفسه يحثنا على النظر في ملكوت السماوات والأرض
أَوَلَمۡ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ( الأعراف: 185).
البحث والتساؤل هو حق أساسي للإنسان وهو جزء من طبيعته وفطرته.
الله أعطانا هذا العقل لنستخدمه ونبحث به عن الحقائق وهذه نعمة يجب أن تُستغل.
البحث عن الحقيقة ليس فقط حقاً بل يمكن اعتباره واجبًا.
الإيمان كما يقدمه القرآن ليس مجرد تسليم أعمى بل نتيجة للتفكر والتدبر.
الله يوجهنا إلى النظر في آياته الكونية والبشرية والتأمل في معانيها للوصول إلى اليقين.
يقول تعالى:
إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ( آل عمران: 190).
هنا يتجلى أن الإيمان ليس حالة ساكنة بل رحلة تتطلب السعي والتدبر وهو واجب على كل إنسان يطلب معرفة خالقه والحقائق المحيطة به.
البحث عن اليقين بين العقل والقلب
البحث عن اليقين يشمل العقل والقلب معاً .
تجربة إبراهيم كانت عقلية وروحية وكذلك طلب موسى الطمأنينة القلبية.
إذن اليقين ليس مجرد معرفة عقلية بل حالة تكامل بين الفكر والإيمان العميق.
البحث عن اليقين حق وواجب في آنٍ واحد.
إنه حق يمنحنا الحرية للتساؤل والتأمل وواجب يفرضه علينا كوننا كائنات عاقلة مسؤولة عن إدراك الحقيقة والعيش بناءً عليها.
الرحلة إلى اليقين هي جوهر الإنسانية، وهي دعوة القرآن الكريم لكل من أراد أن يفهم هذا الوجود وخالقه.
فإذا كان الأنبياء أنفسهم قد سلكوا هذا الطريق فكيف بنا نحن الذين نسعى للاقتداء بهم؟
التأمل والتدبّر فريضة العقل الحر
فإن عبادة تخلو من التفكر ليست إلا انقيادًا أعمى يُطفئ شعلة الإنسان التي وُهِبَت له ليبحث عن الحق بمحبة واعية لمن أوجده من العدم.