رأي اليوم:
2025-03-17@04:12:15 GMT

شوقية عروق منصور: في جبل طارق لن تجد إلا القرود

تاريخ النشر: 25th, July 2023 GMT

شوقية عروق منصور: في جبل طارق لن تجد إلا القرود

 

شوقية عروق منصور أي شعب في العالم  يعتبر التاريخ جزءاً من هويته الحياتية اليومية  ويتكىء عليه دائماً  كي يوصل الماضي بالحاضر حتى يكون مستقبله مشرقاً ، يستمد من تاريخه القدرة على مواجهة الأحداث وخوض الصراعات لكي يعيش افضل ويبقى قوياً امام الشعوب الأخرى. لكن المواطن العربي من المحيط الى الخليج  ما زال يعتبر تاريخ الفتوحات والانتصارات غرفته المضيئة التي يدخلها كي يشعر بالقوة  والأمان في زمن يتسم بالضعف والهزال السياسي والترهل الاجتماعي ، فما زال يعيش على هدير المعارك والفتوحات  وصليل السيوف ونبض الآثار ووجوه الابطال والقادة العظماء والصور التي عانقت العز واستطاعت ان تفرض تفاصيلها على الغرب الذي كان يعيش آنذاك الظلام.

 نعانق التاريخ فنتحول الى مجرد دمى محشوة بالعبارات المزينة، لكن عندما نريد مصافحته والدخول في جدل معه يبدأ بالضغط علينا حتى يحولنا الى قزام في حلبة وهمية يبقى هو بطلها وهو قارع جرسها وهو الحكم والمشاهد. وحده التاريخ يملك حق المكان والزمان ، لكن هنا في هذا المكان التاريخ عبارة عن فرصة سياحية عابرة مرهونة بربح موصول بجيوب اللذين يروجون لبضاعتهم، في المقابل هناك عيب وخجل وقبضات من الغضب وزفرات حزن  على ايام عربية كانت ترقص في اثواب العز والفخر والكبرياء. المكان جبل طارق ….!! الجبل الذي يحضن المضيق الشهير و الذي شكل في الروح العربية قمة الفتح الاسلامي واضاف للتاريخ العربي  بوصلة الاصرار والقوة وتحدي الصعاب ومد جسور الازدهار . جبل طارق  يتحرك ويتنفس ويعيش في اعماقنا كنقطة لبداية الرسالة الاندلسية التي امتدت سنواتها طويلاً -800 عاماً- فجاءت فصلاً جميلاً في التاريخ الاسلامي يكسوه ثروة فكرية وانسانية وسياسية ومعمارية مذهلة . طارق بن زياد ، ذلك القائد البربري ، العسكري بامتياز – لو لحق الرتب العسكرية لتقلد ارفع الاوسمة –   الذي قرر ان يفتح الاندلس ، تلك البلاد الغريبة ، التي كانت يعاني سكانها من ظلم ملكهم – لذريق – ترسل للمسلمين كي يخلصونهم من الظلم ، وتتعاون معهم عبر حاكم سبتة – قريبة من طنجة – يوليان . عندما يصل القائد طارق بن زياد الى الجبل والذي عرف بعد ذلك جبل طارق – في 5 من شهر رجب سنة 92 ه – 27 نيسان 711 م-  اصدر اوامره بإحراق السفن – محل خلاف المؤرخين –  وقال خطبته الشهيرة التي جاء في مطلعها  (ايها الناس اين المفر البحر من ورائكم والعدو امامكم وليس لكم الا الله والصدق والصبر). لا يوجد قائد عسكري اليوم يلخص استراتيجيته القتالية لجيشه بهذا الاسلوب الصادم الواعي المتيقن من النجاح والانتصار. في ظل تلك الحالة التاريخية الروحية، سافرت كي ارى ذلك الجبل، الخطوة الأولى على طريق الأندلس، او الباب الذي فتح على اسبانيا او الفردوس المفقود الذي نعشق الوقوع في احلامه، كما نحب ان نتغنى بأمجادنا التي هربت من بين اصابعنا. الصعود للجبل يصيبك بالدوار فالطريق ضيقة جداً لا تتسع لأكثر من سيارة، تصبح رهينة بيد السائق البريطاني – جبل طارق محمية بريطانية – الذي يريد ان يقود بسرعة كي يصل بسرعة ويتخلص منك ، لكن لا يهم ، سنصل ونتمتع بهواء الماضي ، ونرى روح طارق بن زياد وهي تتجلى في الأفق وصوته الهادر يتغلغل في ايامنا المحبطة . وصلنا الى القمة ، اشجار متناثرة وصورة بانورامية للمدينة من فوق، مدينة راقدة على ميناء و شاطىء طويل وبيوت متراصة تبعث على التضامن، المرشد يتجاهل اسم طارق بن زياد عمداً ، افتش عن حجر او اشارة او لوحة او علامة تدل على الوجود العربي فلم اجد، بل استطاع المرشد ان يشد الانتباه الى القرود بدلاً من التاريخ، حيث اخذ يتغزل بهذه القرود التي انتشرت وتتعامل مع السياح بخفة ورشاقة وخطف، فهي تخطف أي اكياس او حاجيات من المتواجدين، المرشد يشرح ويفصل ويؤكد ان للقرود اهمية خاصة هنا، حتى ان السلطات  المسؤولة عن الجبل عندما وجدت ان هناك تدنى في تناسل تلك القرود قررت ان تستورد فصيلة خاصة من القرود من دولة الجزائر وفعلاً تم الاستيراد، وعادت القرود الى كامل عهدها وخفتها وقفزها . الجبل الذي يعيش في احلام التاريخ تحول الى مصيدة للسياح اللذين يريدون الترويح عن النفس وليس التفتيش عن النفس مثلنا!!!، الغياب العربي بارز بشكل محزن ويبعث على القهر من استخفاف الغير بنا والاستخفاف بإحلام وتاريخ  العرب. من يحلم بجبل طارق فان الجبل لا يمت لنا بصلة، حتى في الهامش لا يوجد لنا مكان نلجأ اليه ونقول كنا هنا !! لقد قامت السلطات المعنية بحملة تنظيف للوجود العربي حتى انها لم تتنازل وتضع لوحة تشير الى اسم طارق بن زياد !! ونسأل هنا بحسرة  لماذا لا يقام صندوق عربي من قبل الجامعة العربية لرعاية الآثار والاسماء العربية وابرازها في الدول الغربية؟ من الممكن التعاون الثقافي مع السلطات البريطانية عن طريق الدعم المالي ، والحرص على التوثيق !! من المخجل ان نبقى أسرى صفحات الكتب ، بينما الواقع يمد لسانه ويستهزء بنا. ان ربيع الثورات العربية  لم يكشف عن فشل الانظمة  السياسية وعن توريط واسقاط المواطن في مستنقعات الفقر والبطالة والجوع والتهميش ، بل هذه الدول لم تعمل شيء لحماية تاريخنا في الدول الغربية ، لقد وضعت اموالها وارصدتها في بنوك الغرب لكن لم تقايض اموالها بالمحافظة على آثارنا ، نخجل امام الدول التي تتمسك بقبر او حجر في دول ثانية وتحاول ان تبنى الجسور للحجيج لهذا القبر او الحجر ، لأن المكان لا يبقى مجرد مكان عندها بل هو ذاكرة مقروءة ، ذاكرة تتحرك وتشير للأجيال، ذاكرة يدخلها الشعب وهم في حالة فخر. ماذا عملنا كي نحافظ على الحلم الاندلسي، لاشيء مجرد كلمات تتخللها مواويل  البكاء، من القصائد العصماء الى الخطباء الذين يعانون رعشة الفخر، حيث كنا وكان، ولم نقترب الى حقيقة الصورة التي طردتنا وابقت الاطار كي نتشبث به. نعترف تم وأد تراث الأندلس على يد المسؤولين العرب الذين امتلكوا الأموال ولم يستطيعوا ان يحموا التاريخ بأساليب عديدة، الأنظمة السياسية العربية وحدها تعرف طرقها، وتعرف كيف تدافع عن تاريخها عبر علاقاتها وانفاقها مع الأنظمة الغربية، فالمال يشتري القناعات والاشخاص والسياحة ، لقد ملكنا المال ولم نستثمره في سبيل رفع شأننا. نحلم بالأندلس، لكن هذا الحلم خرج… ومن ينتظر عودته فليذهب ويشاهد البقايا كيف يتم التعامل معها، لولا المدخول السياحي لتم هدمها دون ان تجد من يعترض … عذراً طارق بن زياد … انت الآن وحدك ، تحيط بك قبيلة من القرود. كاتبة فلسطينية

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

الدفاع المدنى اللبنانى: استشهاد مواطن بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة ببلدة ميس الجبل

كشف الدفاع المدني في جنوب لبنان عن استشهاد مواطن في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة ببلدة ميس الجبل جنوبي البلاد، وذلك في نبأ عاجل عبر قناة “القاهرة الإخبارية”.

غارات إسرائيلية على منطقة جنتا عند الحدود اللبنانية السوريةمصابون إثر غارة إسرائيلية على منطقة مشروع دمر في دمشق

فيما قال جيش الاحتلال إنه استهدف عنصرين من حزب الله في منطقتي ياطر وميس الجبل جنوبي لبنان.

وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية بارتقاء شهيدين جراء قصف إسرائيلي استهدف سيارة على طريق بلدة ياطر جنوبي البلاد.

وفي وقت سابق، في تصعيد جديد للتوترات على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، شن الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية على مواقع تابعة لحزب الله في جنوب لبنان.

ووفقًا لوسائل إعلام عبرية نقلا عن الجيش الإسرائيلي، استهدفت الغارات مواقع عسكرية تحتوي على وسائل قتالية ومنصات صاروخية تابعة لحزب الله، معتبرًا وجود هذه المعدات تهديدًا لإسرائيل وخرقًا للتفاهمات بين البلدين.

ومن الجانب اللبناني، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ غارات متتالية على مناطق عدة في الجنوب اللبناني، بما في ذلك تلة زغربن في جبل الريحان بمنطقة جزين، ومناطق بين بلدتي ياطر وزيقين، ووادٍ في بلدة البابلية، ومنطقة مريصع بين بلدتي أنصار والزرارية، ومنطقة الحمدانية بين بلدتي كفروة وعزة.

وأشارت الوكالة إلى تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي على ارتفاعات منخفضة فوق منطقة الزهراني.

مقالات مشابهة

  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الوزارة تضع آليات لضمان استفادة الجيش من خبرات الضباط المنشقين بالشكل الأمثل وتعتبرهم جزءاً أصيلاً من المؤسسة العسكرية ومن الواجب تكريمهم وإعطاؤهم المكانة التي يستحقونها
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • الدفاع المدنى اللبنانى: استشهاد مواطن بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة ببلدة ميس الجبل
  • انتشال أشلاء شهيد في ميس الجبل
  • بعد ضربة ياطر.. غارة إسرائيلية تستهدف سيارة في ميس الجبل
  • الدفاع المدني ينتشل أشلاء شهيدين في ميس الجبل
  • أمل جديد.. دواء يعالج القرود المصابة بإيبولا
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع 250 سلة غذائية في مدينتي روجاي وبيلو بولة بجمهورية الجبل الأسود
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع 400 سلة غذائية في الجبل الأسود ورومانيا
  • منصور بن زايد يحضر مأدبة الإفطار التي أقامها محمد بن بطي آل حامد