أكد توبي إيلز، رئيس قطاع الصناديق السيادية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في فيتش، في تصريح لرويترز، أهمية جهود الإصلاح المستمرة التي تبذلها مصر فيما يتعلق بتصنيفها السيادي. 

وبالرغم من التطورات الأخيرة مثل زيادة التدفقات النقدية، وانخفاض قيمة العملة، وارتفاع أسعار الفائدة، أكد إيلز أن هذه التطورات وحدها قد لا تكون كافية لتغيير التصنيف الائتماني للبلاد.

وتصدرت مصر عناوين الأخبار في شهر فبراير من خلال صفقة تطوير عقاري وسياحي كبيرة بقيمة 35 مليار دولار مع شركة أبو ظبي القابضة الإماراتية. وعلى الرغم من هذه الجهود، بما في ذلك السماح لسعر الصرف بالانخفاض والموافقة على برنامج موسع مع صندوق النقد الدولي، أشار إيلز إلى أن هذه التطورات قد تم أخذها في الاعتبار بالفعل في التصنيف ونظرته المستقبلية المستقرة.

وكانت وكالة فيتش قد خفضت تصنيف مصر إلى (B-) في نوفمبر مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وبالنظر إلى المستقبل، سلط إيلز الضوء على الحاجة إلى تقليل نقاط الضعف الخارجية للحصول على تصنيف إيجابي. وفي حين أن التدابير الأخيرة عالجت بعض المخاوف المباشرة، يبقى السؤال ما إذا كانت نقاط الضعف قد تعود إلى الظهور في المستقبل.

ومن المقرر أن تراجع وكالة فيتش التصنيف الائتماني لمصر في مايو، لكن إيلز أشار إلى أنه قد يكون من السابق لأوانه تقييم مسار المالية العامة بحلول ذلك الوقت. 

وتؤثر التصنيفات الائتمانية بشكل كبير على تكاليف اقتراض الدولة، ويمكن أن تشير التوقعات المستقرة إلى احتمال رفع التصنيف على المدى القريب إلى المتوسط.

وفيما يتعلق بانخفاض قيمة الجنيه المصري، حذر إيليس من أنه على الرغم من أنه قد يؤثر على التحويلات، التي تعد مصدرًا حيويًا للنقد الأجنبي، إلا أنه قد يساعد أيضًا في تعويض خسائر الدخل الناتجة عن الصراعات الإقليمية.

 ومع ذلك، حذر من أن الفشل في السماح لسعر الصرف بالتقلب وارتفاع التضخم يمكن أن يؤدي بسرعة إلى تآكل المكاسب الأخيرة، كما شهدنا بعد تخفيض قيمة العملة في عام 2016.

وسلط إيلز الضوء أيضًا على مسار الديون المليء بالتحديات في مصر، حيث اقتربت مدفوعات الفائدة مقارنة بالإيرادات الحكومية من 50% واقتربت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 100%. 

وتعد السيطرة على التضخم، الذي تجاوز 35% في فبراير، قد يوفر سبلًا لخفض أسعار الفائدة وخفض تكاليف الديون في المستقبل.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

آلة التصنيف الفكري وتحديات التبدّل

يدفعنا الواقع المعاصر إلى الحديث عن مربعات التصنيف الفكري للشعوب عبر مراحل تاريخية مختلفة، وتحديد الوقت المعاصر لا يعني الانقطاع الزمني عن التاريخ عبر مراحله وعصوره المختلفة؛ إذ عرف التاريخ قديمُه وحديثه هذه التصنيفات تأسيسا وتوظيفا، ثم نقدا وصل في أحيان كثيرة إلى القطيعة ورمي متلبس الفكر بالضلالة، وتجريمه وعقابه بأقسى صنوف العذاب، وحيث إن آلة التصنيف الفكري منذ بدايتها لم تكن بمعزل عن الدعم السياسي ومكوناته فإن تنظيمات الدول والحكومات كانت وما زالت شريكة في وضع تلك التأسيسات ودعمها ثم رفضها ونبذها ومهاجمتها، فما هي تلك التصنيفات؟ وما الذي دفع الحكومات لتأسيسها قبل التخلي عنها، ثم رفضها ومهاجمتها لاحقا؟ وكيف يمكن اليوم تحميل الأفراد مسؤولية مراحل التجييش الفكري والدعم المالي الضخم لتلك التصنيفات الفكري بما تضمنته من جماعات ومؤسسات وتنظيمات؟

تحاول مقالة اليوم تذكير المؤسسات المالية والإدارية بمسؤوليتها تجاه تأسيس تلك التصنيفات الفكرية التي استغرقت عقودا من الزمن وأجيالا من معتنقيها في كل أرجاء العالم، مع التأكيد على بديهيات العقائد الفكرية التاريخية التي يمكن تأسيسها انطلاقا من أفكار فاضلة ومبادئ نبيلة، ثم حشد الجماعات في كل مكان لتبنيها بما تتضمن من قيم ومبادئ تلامس عاطفة الشعوب وتتبنى قضاياهم، وتدافع عن إنسانيتهم في سعيها لحماية منظومة القيم العليا والأخلاق الرفيعة، من عدالة ومساواة. ضمن هذه المنطلقات مر القرن العشرون بمجموعة من التصنيفات الفكرية التي بقيت آثارها حتى اليوم، ولا ندري إن كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة ليستبدلها أصحاب المال والنفوذ بتصنيفات أخرى أكثر توافقا مع مصالح الدول وأقوى تأثيرا على الشعوب، أم أنها تهدأ اليوم لتشتعل بعد أمد قريب أو بعيد؟ من هذه المربعات الفكرية «حركة القومية العربية» (القوميين العرب) حركة أُسست في أعقاب نكبة فلسطين عام 1948، والتي نشأت أساسًا في لبنان بين أوساط طلبة الجامعات مثل الجامعة الأمريكية في بيروت، ضمّت في صفوفها أردنيين وفلسطينيين وكويتيين وعراقيين، ثم كل العرب عبر عقود، ولهذه الحركة ما لها من أثر على حياة الشعوب العربية سياسيا، واجتماعيا وحتى ثقافيا في المدارس الأدبية والفنية، بين كثير ممن استجابوا للنداءات العاطفية التي خاطبت الشعوب العربية بعد الهزيمة لتدعوهم إلى وحدة تمكنهم من الحفاظ على ممتلكات ومقدرات الأمة العربية والنأي عن التفكير بشكل فردي يريده الاحتلال وتدعمه المركزية الدولية الغربية لتفكيك الوطن العربي، ومع معتنقي هذه الحركة كان هنالك مجموعة من السياسيين والقادة العسكريين ممن عززوا مبادئ هذه الحركة، لكن بعد مجموعة من الهزائم المتكررة والخيانات الموثقة لمبادئ القومية والتقنّع برداء القومية لنيل مصالح شخصية تراجعت هذه الحركة، لتظهر حركات أخرى أبعدتها عن الواجهة دون أن تختفي تماما؛ إذ لا يمكن خلع عباءات التصنيف الفكري بسهولة وسرعة كخلع عباءات الأزياء، أو التبدل العمراني، إذ يتسم الفكر بالبناء التراكمي صعب التأسيس بطيء التحوّل، خصوصا حينما يتصل بعقائد الناس المرتبطة بالدين والأرض والحياة.

كما يتضمن القرن العشرون «حركة الوحدة الإسلامية» وهي حركة سياسية تدعو إلى وحدة المسلمين تحت دولة إسلامية واحدة أو خلافة واحدة بينما الوحدة العربية تدعو إلى وحدة واستقلال العرب بغض النظر عن الدين، الوحدة الإسلامية تدعو إلى وحدة واستقلال المسلمين بغض النظر عن العرق، ومن هذه الحركة انبثقت مجموعات تصنيفات فرعية مثل: الجماعة الإسلامية، وتنظيم القاعدة، والخلافة الإسلامية، وعصائب أهل الحق، والمجاهدون، والمنظمات الجهادية، وكذلك الأمر في تبنيها ودعمها من كثير من الجماعات والدول انطلاقا من دعوتها الأوسع «جغرافيا» للوحدة في الدفاع عن الإسلام والمسلمين، لكنها اتصلت كذلك بكثير من المصالح السياسية كمحاربة الاتحاد السوفييتي حينها وهي دعوة سياسية أكثر منها دينية لما كان يعرف عن الاتحاد السوفييتي حينها من دعمه لحركات التمرد والثورة في الوطن العربي مما ألّب عليه الحكومات العربية خاصة الملكية التي كان يدعو صراحة لتقويضها، فلم يكن أفضل من تجييش الشعوب العربية والإسلامية لمحاربة الروس أعداء الدين و الأمة الإسلامية، ويعيد التاريخ ما حدث مع القومية العربية لتخرج هذه الحركة عن أهدافها الأولى إلى أهداف أخرى سياسية، أو مادية اختلط فيها القيمي النبيل مع الدنيوي الهزيل، والقناعة مع التضليل، والحق مع الباطل وبدأت هذه الحركات سواء الأولى أو الثانية بنقد تطبيقها وتوسيع مجالات التنفيذ وحدود التأثير لتبدأ الكثير من الحكومات (ومنها حكومات غربية كان لها مصالح مشتركة مع قادة هذه الجماعات) بالتحول والتبدل على هذه الحركات ومهاجمتها بعد نصرتها، سواء كان ذلك عبر جسر من اختلاق الذرائع المصنوعة أو مجرد الاتهامات المدفوعة إعلاميا للتأثير على ما تأسس من سمعة لهذه الحركات عبر عقود.

ومن التصنيفات الفكرية في القرن العشرين كذلك «حركة الإخوان المسلمين» وهي حركة إسلامية سياسية تصف نفسها بأنها «إصلاحية شاملة» أسسها حسن البنا في مصر في 22 مارس 1928م عقب تخرجه من دار العلوم فانتشرت تعاليم البنا إلى ما هو أبعد من مصر، حيث أثرت على مجموعة متنوعة من الحركات الإسلامية من المنظمات الخيرية والدعوية إلى الأحزاب السياسية، الهدف المعلن للجماعة حسب موقعها الرسمي هو إقامة دولة مدنية ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية، وكذلك وجدت هذه الحركة ما سبقتها إليه باقي الحركات من التبدل والتحول والصدام مع السياسيين في محاولة للإلغاء أو الإحلال.

ختاما؛ ما يعنينا في هذه المقالة ضرورة تحمل الحكومات ومتخذي القرار مسؤولياتهم عن تأسيس وتبني ودعم هذه الحركات عبر عقود، أو على الأقل إغفال نشاطاتها وإهمال نقدها وتوجيه معتنقيها، وليس من العدل اليوم تحميل أفراد تبنوا فكريا ما وضع أمامهم مبدأ راسخا، ووضعهم ضمن دوائر التهميش والإقصاء المجتمعي لمجرد استجابتهم لمؤثرات الحكومات إعلاميا وفكريا، كما لا يمكن إزالة وإلغاء آثار تلك الحركات أو بعض آثارها المتطرفة في غمضة عين، لذلك فلا سبيل لأي انتقال فكري مرحلي جديد إلا عبر الحوار المعزز بمنطلقات منطقية مُقْنِعة، ومبادئ قيمية مقبولة وإيجاد بدائل ممكنة تسعى للإحلال مكان السابق في التأثير الفكري المجتمعي.

مقالات مشابهة

  • آلة التصنيف الفكري وتحديات التبدّل
  • منصة بلاتس لأبحاث الطاقة: مؤتمر المناخ في باكو يعتمد قواعد لتنظيم تجارة الكربون الدولية
  • 94 % نسبة الإنجاز في الإصلاحات بطريق وادي حيبي
  • ارتفاع التصنيف الائتماني السيادي لإمارة رأس الخيمة
  • الصندوق السيادي المعنوي.. تعزيز وتنمية
  • المجلس الدولي للاتصالات يعتمد قرارا حول حماية الصحفيين الفلسطينيين
  • السيسي يتابع مشروعات صندوق مصر السيادي وجهود جذب الاستثمارات
  • ترامب يعتمد على عالم التلفزيون والنجوم في تشكيل إدارته
  • مكتب الصرف يعتمد تقنية جديدة لمحاصرة مزوري الرخص
  • صندوق النقد الدولي: دعم مصر مستمر وسط تحديات إقليمية وإصلاحات هيكلية