د. بسام روبين لا شك أن الحرب الأوكرانية أزالت القناع عن الوجه الحقيقي لبعض الدول الغربية بل أظهرت أوزانها العسكرية والسياسية الحقيقية أمام العالم، بعد أن نجح الغرب  ولفترة طويلة من الوقت في خداع الأمم والشعوب ودغدغتها بإصطلاحات رنانة فارغة المحتوى كالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة، ولا ننسى كذبة مكافحة الإرهاب، بينما هم من أعدائها عندما يتعلق الأمر بالآخرين، ومن أكبر الداعمين  للإرهاب أحيانا.

وأصبح الغباء السياسي وانعدام السياسة الأخلاقية من سمات بعض هذه الدول، فهم لا يكترثون عندما يعلنون التزامهم بأمن إسرائيل، وبدعمهم لكيان محتل رغم أنه ككيان وفي كل يوم  يقتل الأطفال والشيوخ والنساء ويهجر الفلسطينيين، وها هم ينقلون هذه التجارب الغير إنسانية للأوكرانيين ويتسببون بتهجيرهم وزلزلة بنيتهم التحتية التي أفنو عمرهم في بنائها  ويبحثون الآن عن كتل بشرية جديدة لإشراكها في معركة كسر العظم مع روسيا بعد أن شارفت الكتلة البشرية الأوكرانية على النفاذ، والغريب في الموضوع أن  نجد كيانات غربية سهلة المنال وتتمتع بغباء سياسي عميق كسابقتها أوكرانيا فنراها تتراكض للمشاركة في الصراع الدائر بين الغرب وروسيا، ومع أنها لا تواجه أي تهديد حقيقي مما قد يلحق  شعوبها بمصير الشعب الاوكراني الغائب، والمغيب عن حقيقة المشهد حيث ضحى به زعيمه وقدمه قربانا للغرب ،لا لشيء إلا تنفيذا لأجندات الماسونية الغربية بعد أن نجحت في هندسة عقول الشعوب وبعض الزعماء  وصورت لهم روسيا والصين كغول يسعى لابتلاعهم. وبالرغم من أن روسيا هي الدولة الأولى عالميا في امتلاكها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية الأقوى إلا أن بعض  الدول التي تتزعم المشهد كأمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا يتصرفون وكأن روسيا دولة تقليدية ربما لأن الغباء السياسي وانعدام الواقعية لدى بعضهم وعدم اكتراثهم بحياة المواطنين الأبرياء دفعهم للاعتقاد باستحالة استخدام روسيا للاسلحة النووية، مهما بلغت درجة  تصعيدهم في دعمهم الغير مبرر لأوكرانيا ،لهذا نراهم يتدرجون نحو التصعيد  العسكري بعد كل مرحله من مراحل الفشل العسكري الأوكراني علّهم ينجزون تقدما عسكريا ولو بسيطا على الجبهات ،يفرض على روسيا الانخراط في سلام منقوص، وهذا الأمر يستحيل الحدوث لأسباب عملية كثيرة، ولنا في قنبلة هيروشيما خير دليل عندما حسمت الحرب بمجرد إلقائها وتبدلت الموازين، فالتصعيد المتزايد المتراكم قد يشعل العالم ويقتل أي فرص للسلام وربما يدفع بروسيا لاستخدام النووي بشكل مفاجيء ينهي القتال ويمسح أوكرانيا من خريطة العالم إلى الأبد، وهذا ما لا نتمناه، ولكن علينا أن نكون فاعلين ايجابيين، ونبحث عن الدوافع التي تسعى بعض الدول متعمدة بصفتها  تقود المشهد وتخوض حربا بأجساد الأوكرانيين إلى دوام التصعيد، والذي قد يفضي لتدمير العالم مع غياب نادر وصادم للحكمة وللحكماء داخل المعسكر الغربي، وتحكم  بعض الساسة الاغبياء بزمام القيادات السياسية. داعيا المعسكر الغربي لسرعة إعادة تقييم الموقف العسكري والسياسي من قبل حكماء محايدين، وذلك قبل فوات الاوان والتوقف عن تضليل العالم والكذب عليه بدعم ومساعدة إعلام موجه ورخيص لا يدرك خطورة ما يقوم به على الشعوب والعالم بأسره. حفظ الله العالم وألهم الزعماء بطانة واقعيه صادقة وصالحة لحماية الشعوب من قادم المخاطر. عميد اردني متقاعد

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج

يبدو أن دول الخليج أمام حقبة مختلفة عمّا كانت عليه في السابق. كمية الأموال التي تنفقها في أشياء قد تتجاوز الخيال على عكس ما كان الأمر قبل ثلاثة عقود أو أقل، يؤكد أنها قادمة بقوة إلى عالم الاستثمار، لتكون لاعبا أساسيا في الاقتصاد العالمي. هناك تفكير بين صناع القرار ليس في كيفية الوصول إلى المستقبل بتوظيف هذا الأموال، بل كيف نصل إلى الهدف دون ضجيج جيوسياسي.
تركيز الحكومات على الاستثمار بمبالغ ضخمة يعكس فهما عميقا بالنسبة إلى القادة الخليجيين و\خاصة السعوديين، والإماراتيين، والقطريين للميزة الإستراتيجية التي تتمتع بها المنطقة في الوقت الحالي. الجمع بين الموارد المالية الهائلة والموقع الجيوسياسي والترابط العالمي المتزايد يمثل فرصة فريدة لهذه الدول لوضع نفسها بطرق لا تستطيع الدول الأخرى، وخاصة المنشغلة بالتحديات الحالية، أن تفعلها.
المنطقة اليوم في وضع فريد يسمح لها بأن تقول لبقية العالم: “لقد حان الوقت لنوع مختلف من العمل،” بل “نحن نتصرف الآن، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها العالم.” منطقة لديها كثرة في الأموال، والفرص التي لم تُغتنم في السابق جاء وقت الاستمتاع في كيفية إنفاق السيولة عليها بعيدا عن ضوضاء السياسة والحروب والخلافات الإقليمية والدولية، التي بات التعايش معها أمرا لا مفر منه. من يديرون الحكم أنفسهم يعون ذلك جيدا.


هل يمكن اعتبار أن هذا التحول المذهل له ثمن؟ وما هو؟ أم أنه حنكة سياسية رسمتها قيادات المنطقة لتكوين قدرة استثمارية لم تحدث في التاريخ أبدا، بينما العالم منشغل بمشاكل لا حصر لها؟
إحدى الأفكار الرئيسة اللافتة هي أن هذه الدول تستطيع أن تركز على التحول إلى نفسها. لم يكن ذلك ضمن اهتماماتها في السابق. هذا يعني أن لها القدرة على الاستثمار في المشاريع والصناعات التي تضمن لها السيادة على المدى الطويل. لم يعد يُنظَر إلى الثروة الناتجة عن النفط والغاز باعتبارها مجرد سلعة لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل، بل باعتبارها حجر الأساس لبناء اقتصاد قوي ومتنوع. القدرة الاستثمارية تسمح لها بتجميع ليس فقط رأس المال المالي، ولكن أيضا الأصول الإستراتيجية على مستوى العالم.
ومن خلال التركيز على بناء استثمارات داخلية ضخمة مستدامة طويلة الأجل مع التوسع في الخارج عبر صفقات مدروسة بعيدا عن الأموال الساخنة ضمن دبلوماسية الكل صديق لنا ما دمنا نربح ماديا وسياسيا، تستطيع هذه الدول أن تضمن أنها ليست مجرد لاعبين مهمين في الأسواق العالمية، بل ومهندسين نشطين لمستقبل الكوكب.
كل التحديات بالنسبة إليهم ستكسر عاجلا أم آجلا لا يهم الوقت. هناك احتياطيات مالية تفوق 4 تريليونات دولار، أكثر من نصفها عبارة عن أصول تديرها صناديقها السيادية العملاقة. هي فرصة لجعل تلك الثروة تنمو باطراد رغم المناخات السياسة المتقلّبة.
العالم يتعامل اليوم مع العديد من الأزمات، من عدم الاستقرار الاقتصادي إلى التوترات الجيوسياسية، وتغير المناخ، والاضطرابات الاجتماعية. في المقابل، تمنح البيئات السياسية والاقتصادية المستقرة في الخليج هذه الدول ميزة تنافسية. فهي لا تتعثر في هذه الأزمات بنفس القدر الذي تتعثر فيه الدول الأخرى، ويمكنها استخدام مواردها للمضي في مشاريع طموحة قد يتردد الآخرون في متابعتها.
هذا الاستقرار، إلى جانب الحياد الإستراتيجي في السياسة العالمية، مثل تجنب التورط في صراعات غير ضرورية، وما أكثرها في منطقتنا، يمنح قادة الخليج موقفا متميزا وقويا. فدولهم تملك الأدوات الكافية للتصرف بشكل أكثر حزما وبسرعة أكبر من العديد من الدول الأخرى، التي غالبا ما تشتت انتباهها المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية المباشرة.


هي الآن تمتلك سيولة كبيرة تشغيلية وإستراتيجية، وعلاقات دولية واسعة النطاق. هذا المزيج يمنحها أفضلية للوصول إلى الفرص التي لا تستطيع معظم الدول منافستها، كالاستثمار في التقنيات الناشئة والبنية الأساسية وغيرها من الصناعات المتقدمة. إن صناديق الثروة مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز أبوظبي للاستثمار ومبادلة والقابضة (دي.إي.كيو) وهيئة الاستثمار القطرية من بين الأكبر في العالم، تعد أدوات حاسمة تمكنها من الاستثمار على نطاق عالمي وبلا توقف.
أضف إلى ذلك، تتمتع دول الخليج برفاهية بناء شبكة عالمية من العلاقات المتعددة تمتد عبر الشرق والغرب. تسمح لها هذه الروابط بإنشاء تعاون مبني على المصالح المفيدة للطرفين، ما يبني أسس استثمارات رائدة في كل شيء من المدن المستقبلية العملاقة مثل نيوم، مرورا بالطاقة البديلة إلى الذكاء الاصطناعي. والأهم من ذلك كله أن رسم حدود التوازن الاقتصادي الداخلي والعلاقات الدولية تشكل نقطة مفصلية. كيف ذلك؟
سياسة الصمت السياسي بعيداً عن أن يكون علامة على التقاعس لجعل رقعة الأعمال تتوسع دون خطر هو في الواقع إستراتيجية ذكية. في عالم حيث يمكن فحص كل خطوة سياسية وتسييسها، فإن قدرة دول الخليج على البقاء هادئة نسبيا على المسرح السياسي العالمي تسمح لها بالتركيز على ما هو مهم حقا: التنمية الاقتصادية والتكنولوجية. وعبر تجنب التورط في المناقشات السياسية التي لا نهاية لها، يمكن لهذه البلدان أن تولّد بيئة حيث يمكن لأعمالها أن تزدهر دون التشتيت أو التحديات التي تأتي مع المواقف الجيوسياسية.
يمكن اعتبار هذا التكتيك خيارا متعمدا لتجنب التدخل في الصراعات العالمية، وتوجيه الموارد بدلا من ذلك، نحو بناء شيء تحويلي ذي فائدة. فالسياسيون والمسؤولون الخليجيون يدركون جيدا أن التركيز والاهتمام بالرخاء الاقتصادي طويل الأجل اليوم سيوفر لبلدانهم مسارا للأجيال القادمة من الثروة والنفوذ مستقبلا. وفي حين قد تكافح دول أخرى مع عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فإن دول الخليج قادرة على استخدام ثرواتها ونفوذها للمضي قدما بطرق فعالة وقوية.
النهج الذي تتسلط عليه الأضواء والمتعلق بتوفير قدرة استثمارية لم يسبق لها مثيل من قبل، هو بالضبط ما تحتاج إليه دول الخليج. فهو لا يسمح لها فقط بتجاوز العواصف العالمية فحسب، وإنما أيضا باستخدام قوتها المالية وموقعها الإستراتيجي لإعادة تعريف دورها في العالم، الذي لطالما كان يركز باعتبارها تسبح على احتياطي هائل من النفط والغاز وتذهب مبيعاته للإنفاق الباذخ دون أيّ فائدة ترجى.

مقالات مشابهة

  • يوم المرأة العالمي: إعادة التفكير في الحرية التي لم تكتمل
  • قضية “اولاد المرفحين”.. الفرنسية التي قدمت شكاية الإغتصاب تسحب شكايتها
  • مقررة أممية: سلوك إسرائيل بالضفة الغربية مخزٍ والموقف العربي صادم
  • المطران عطالله حنا: الدفاع عن فلسطين وشعبها المظلوم واجب إنساني
  • حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج
  • 2030.. «ثلث العالم» في «المونديال»!
  • أحمد حسن: علاقتي بـ أبوتريكة استحالة تنتهي
  • محمد بن زايد: بناء الشراكات التنموية مع الدول الإفريقية والعالم سياسة إماراتية متواصلة
  • التصنيفات لا تهزم الشعوب.. الإرهاب في غزو الدول لا مقاومة المحتلين
  • «صابرين» لـ حبر سري: مشهد شربي السجائر في مسلسل أفراح القبة جرئ ودخلت في مرحلة تمرد