محمد حسن يكتب: «أمير الحشاشين» والدور التنويري للشركة المتحدة
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
حدد أرسطوطاليس هدف الدراما فى التطهير، أى التأثير الوجدانى فى المشاهدين، والدراما الجيدة هى التى تحتوى على التأثير الذهنى بجانب الوجدانى، وهذا ما ميَّز الدراما التليفزيونية «أمير الحشاشين»، فقد أدركت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أهمية اللحظة الفارقة التى نعيشها هذه السنوات وما يراد بالأمة وبالدول الفاعلة فى المنطقة من إشغالها عن التنمية بالصراعات وبمحاولات حثيثة لجعل من يطلقون عليهم (الأصوليين) يصلون لحكم بلدانهم بتغييب العقول وإفشاء الأضاليل فيهم.
ولهذا تتجلى أهمية التنوير بالتوعية وكشف زيف المدعين، ولا يوجد خير من الدراما الشيقة المبهرة كوعاء ينقل للمشاهدين حقيقة هؤلاء الإرهابيين عن طريق استلهام الماضى وإسقاطة على الحاضر، فجماعة الحشاشين التى يتناول حقبتها المسلسل التليفزيونى المتميز «أمير الحشاشين» ما هى إلا الإرهاصة الأولى لجميع الجمعيات الإرهابية التى عرفناها بعدها بقرون بأسمائها المتعددة كالسلفية الجهادية والفرقة الناجية، مروراً بجماعة الإخوان المجرمين والتكفير والهجرة وغيرها، فكل هذه الجماعات فعلت نفس ما فعله حسن الصباح ابن مدينة أصفهان فى بلاد فارس (إيران) والذى امتطى العقيدة والمذهبية ليصل لحكم العالم وينفرد بالسلطة والنفوذ والقوة عن طريق تغييب العقول بإعطاء أتباعه وشيعته الحشيش الذى غيّب عقولهم من ناحية وإعطائهم الإيهام العقائدى الكاذب كالمذهب الشيعى والطريقة الإسماعيلية بحجة الدعوة فى البداية للإمام نزار المصطفى لدين الله، والتناول الأكثر روعة للفيلسوف المبدع عبدالرحيم كمال حينما ذكر على لسان حسن الصباح فى الحلقة الثالثة أن ظلم نزار سيكون مفتاحه للوصول للقمة.
إذن نحن أمام شخصية برجماتية لا تعتقد ولا تؤمن بأى شىء سوى تحقيق مصلحتها الشخصية على حساب كل المبادئ وأى عقائد، ولأن المخرج بيتر ميمى الذى قدّم من قبل (الاختيار) فكشف من خلاله نوعية من أولئك الأفاقين يلتقى بعبدالرحيم كمال المهموم فى إبداعه بكشف زيفهم كما فعل فى رائعته (القاهرة - كابول)، فنحن إذن أمام مشروع فكرى فنى يسعى للتأثير الذهنى فى جمهوره، ولسنا أمام مجرد مسلسل تليفزيونى كالذى اعتدنا أن نشاهده منذ عقدين، حتى إن البعض يحرص على مشاهدة الحلقات أكثر من مرة، ليس فقط لأهمية الطرح الفكرى والسرد التاريخى، ولكن لأن الأحداث متلاحقة وتشبه الملاحم الدرامية -ولكن الملحمة قالب درامى مختلف- استطاع السيناريست والمخرج والمونتير أحمد حمدى وحسين عسر مدير التصوير ومحمد عطوة مبدع المؤثرات البصرية أحد أهم عناصر الإبداع ومحمود فكرى مصمم الملابس وهانى المغربى مبدع المؤثرات الخاصة هو ومصمم الجرافيك وإبداع أمين بوحافة الموسيقى وميكساج طارق علوش، كل هؤلاء من مبدعى عناصر التعبير المرئى والسمعى جسّدوا، فى إيقاع متدفق، رؤية مخرج مبدع واعٍ بقضية وطنه وهموم مجتمعه المدمرة لأى تنمية بل المهددة لوجود الأوطان أصلاً.
وعلى مستوى الأداء التمثيلى نجد العمل يزخر بدلائل فنية متميزة سنتناولها تفصيلاً فى مقال نقدى لاحقاً، ولكن وجبت الإشادة بتلقائية أداء كريم عبدالعزيز وسيطرته على الإطار الخارجى والداخلى لشخصية حسن الصباح وإن غابت نرجسية الشخصية عن رؤية كريم فى التناول، وكنت أتمنى من المخرج الاهتمام بتذكير كريم عبدالعزيز فى بعض الأحيان بعدم طغيان تلقائية الأداء على وضوح مخارج الحروف لأهمية فلسفة الحوار، والمخرج المبدع استطاع تقديم كوكبة مدهشة من الممثلين الكبار ومنح النجوم فرصة تقديم شخصيات غريبة عن أدوارهم ولكنهم أبدعوا من خلالها كمحمد سليمان وأحمد عبدالوهاب وأحمد عيد وميرنا وليد ومعتز السويفى وغيرهم.
تحية لكل من شارك بالتنوير والتوعية الفنية فى إمتاع الملايين بدراما تليفزيونية مفعمة بالفن والفكر والمتعة السمعية والبصرية، وبجانب مبدعى العمل فريق إبداع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وقياداتها وكل من سهَّل تقديم هذا النور الفنى إلى نور الشاشة الصغيرة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: محمد حسن الشركة المتحدة الحشاشين
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي: الاتفاق الاقتصادي مع واشنطن لن ينجح بدون تقديم ضمانات أمنية
أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن أي اتفاق اقتصادي بين بلاده والولايات المتحدة لن يكون فعالًا أو ناجحًا ما لم يُرفق بضمانات أمنية حقيقية، مشددًا على أن أمن أوكرانيا يظل الأولوية القصوى في أي تعاون مستقبلي مع واشنطن.
جاءت هذه التصريحات خلال مقابلة حصرية مع شبكة NBC الأمريكية، حيث سلط زيلينسكي الضوء على التحديات التي تواجه بلاده في ظل الحرب المستمرة مع روسيا، وأهمية الدعم الأمريكي المستدام.
وفي حديثه مع الشبكة الأمريكية، أوضح زيلينسكي أن أوكرانيا لا تسعى فقط للحصول على دعم اقتصادي، بل تحتاج إلى التزام واضح من الولايات المتحدة بضمان أمنها وحمايتها من التهديدات الروسية.
وأشار إلى أن أي مشاريع استثمارية أو مساعدات مالية ستفقد قيمتها إذا لم يتم تأمين البلاد من التصعيد العسكري المستمر.
وقال الرئيس الأوكراني: "لا يمكننا الحديث عن استثمارات، أو إعادة إعمار، أو انتعاش اقتصادي بينما تواصل روسيا استهداف بنيتنا التحتية. يجب أن تكون الضمانات الأمنية جزءًا أساسيًا من أي اتفاق اقتصادي مع واشنطن."
وتسعى أوكرانيا إلى تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ليس فقط على المستوى الاقتصادي، ولكن أيضًا من خلال اتفاقيات دفاعية طويلة الأمد.
ويرى زيلينسكي أن الدعم الأمريكي يجب أن يتجاوز المساعدات العسكرية الطارئة، ليشمل التزامات دائمة تضمن استقرار بلاده وردع أي تهديد مستقبلي.
وبحسب مصادر حكومية أوكرانية، تشمل مطالب كييف: تعزيز تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي متقدمة لحماية المدن والبنية التحتية الحيوية، زيادة التعاون العسكري الاستخباراتي لضمان استجابة أسرع لأي هجمات روسية، ودعم أوكرانيا في الانضمام إلى الناتو، أو على الأقل توفير اتفاق أمني شبيه بـ"المادة الخامسة" التي تنص على الدفاع المشترك في حال تعرض أي عضو لهجوم.
ووجود ضمانات أمريكية لحماية الاستثمارات الأجنبية في أوكرانيا، مما يشجع الشركات العالمية على العمل في البلاد دون خوف من المخاطر الأمنية.
تأتي تصريحات زيلينسكي في وقت حساس بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تواجه الإدارة الامريكية السابقة بقيادة جو بايدن ضغوطًا داخلية متزايدة بشأن مستوى المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا.
ووفقًا لمحللين سياسيين، فإن تقديم ضمانات أمنية رسمية لأوكرانيا قد يكون خطوة معقدة، إذ قد يتطلب ذلك موافقة الكونغرس، إضافة إلى دراسة التأثيرات المحتملة على العلاقات الأمريكية-الروسية.
من جانبها، لم تتأخر روسيا في التعليق على تصريحات زيلينسكي، حيث حذرت موسكو من أن أي اتفاق أمني أمريكي مع أوكرانيا سيُعتبر استفزازًا مباشرًا، وقد يؤدي إلى مزيد من التصعيد في الصراع الحالي.
وأكد الكرملين أن تسليح أوكرانيا ومنحها ضمانات أمنية سيجعل الولايات المتحدة طرفًا أكثر انخراطًا في الحرب، مما يهدد الاستقرار العالمي.
ويظل مستقبل الاتفاق الاقتصادي والأمني بين واشنطن وكييف رهينًا بالقرارات السياسية في العاصمتين، وسط مشهد دولي متغير ومعقد.