ليس بالضرورة أن تكون العبرة بالخواتيم.. للبدايات أيضاً سحرها، وغلاف الكتاب ينبئ عن مضمونه ومستواه، ثم إن «الجواب يبان من عنوانه» كما يقول مثلنا الشعبى، وهو ما ينطبق على الوجبة الدرامية الدسمة التى أعدتها الشركة المتحدة لشاشة رمضان هذا العام، فرغم أننا فى الأيام الأولى من الشهر الفضيل فقد كشفت تلك البدايات عن مستوى فنى متميز يليق بالموسم الرمضانى، الذى ينتظره المتلقى التليفزيونى كل عام، وأبرز ما كرسته الأمتار الأولى من السباق الرمضانى الشرس هو تصدر مسلسل «الحشاشين» للمؤلف عبدالرحيم كمال والمخرج بيتر ميمى هذا السباق، وأظنه سوف يستمر فى المقدمة حتى بلوغ نقطة النهاية، ولا أبالغ إذا قلت إن «الحشاشين» -وفق ما شاهدت من حلقات- سوف يمثل نقلة نوعية كبرى فى الدراما المصرية سيكون لها أثرها فى المستقبل أو هكذا أتمنى.

يكفى القول إنه مع تتابع المشاهد والحلقات تتداعى فى النفس مجموعة من الخواطر والأفكار يجدر التوقف أمامها، منها:

أولاً: أننى كنت طوال الأعوام الماضية أشعر بالغيرة من المستويات الفنية المتقدمة التى حققها الإنتاج الدرامى التاريخى فى أكثر من دولة بالمنطقة، متسائلاً كيف تكون لدينا كل هذه الإمكانيات الفنية والقدرات البشرية، ونحن أصحاب الريادة الفنية، ثم نترك التميز لغيرنا؟! فإذا بالشركة المتحدة تفاجئنا بهذا العمل الرائع من حيث المحتوى والتنفيذ تحت قيادة مخرج بارع أجاد اختيار عناصره الفنية التى نفذت له ما أراد على النحو الذى رأيناه على الشاشة.

ثانياً: حسناً فعل مؤلف «الحشاشين» عبدالرحيم كمال أن كتب العمل باللهجة العامية السهلة حتى لا تستعصى الرسالة على البسطاء دون أن ينفر منها أولئك الذين يأخذون موقفاً من الأعمال التاريخية، فضلاً عن الاختيار الذكى لبطل الحلقات كريم عبدالعزيز، الذى يعيش حالياً أفضل سنوات نضجه الفنى وحظوته الجماهيرية.

ثالثاً: رغم كل تلك الكتابات الاستباقية عن المسلسل قبل عرضه والتى أنعشت الذاكرة العربية ودفعت بالكثيرين للبحث عن تاريخ تلك الفرقة أو الطائفة التى روعت العالم القديم وأرهبته فإن الغاية الأكثر عمقاً من وراء الحلقات هى ربط التاريخ باللحظة الراهنة، وكشف جذور «أسلمة» السياسة أو تسييس الدين لخدمة أهداف دنيوية، ونشوء ظاهرة الإرهاب المنظم المتدثر برداء الدين، تماماً كالذى يعرفه العالم الحديث حالياً والذى تناولته العديد من الأعمال الدرامية فى السنوات الأخيرة مثل الاختيار بأجزائه الثلاثة، الكتيبة 101، هجمة مرتدة، العائدون، القاهرة كابول، بطلوع الروح، وغيرها، وكأن «الحشاشين» هو التأصيل الدرامى لكل ما سبق من أعمال تناولت هذا الملف الشائك.

رابعاً: حتى يتصور الجميع الأثر الذى تركته فرقة الحشاشين وزعيمها حسن الصباح فى زمانها وبعد زمانها فقد اشتقت الكثير من اللغات الأجنبية كل ما يتعلق بالاغتيالات السياسية من اللفظ «حشاشين»، فالاغتياليون أو المغتالون بالإنجليزية هم «Assassins» والفعل نفسه هو «Assassinate» وعملية الاغتيال ذاتها هى «Assassination» ولذلك كانت فكرة ذكية وموفقة من جانب الجهة المنتجة فى اختيار هذا الموضوع، وما دام الغرب يعرف من هم الحشاشون فإننى أرجو من الشركة المتحدة ترجمة هذا العمل المهم والسعى إلى تسويقه للمجتمع الغربى ودول وسط آسيا، خاصة أنه ذو مستوى فنى وفكرى مشرف لا سيما أن أحداثه تدور فى كثير من دول المنطقة إلى جانب بعض البلدان الأوروبية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحشاشين بيتر ميمى الدراما المصرية المتحدة كريم عبدالعزيز

إقرأ أيضاً:

د. خالد حسنين يكتب… شيخ الأحرار

#سواليف

#شيخ_الأحرار

بقلم: د. خالد حسنين

شهادتي في #الشيخ_سالم_الفلاحات مجروحة، فهو الأستاذ والمعلم والشيخ والنموذج الذي يمثل ضمير الاردنيين، كان قائدا في الإخوان عندما كنت في قسم التخطيط، وعملت بمعيته أمينا للسر عندما كان مراقبا عاما للجماعة، وكنّا نجتمع معا يوميا بالساعات، ونجوب الأردن شمالا وجنوبا، فهو رجل لا يكل ولا يمل، وما زال كذلك حتى يومنا هذا…

مقالات ذات صلة ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 46,707 شهيدا 2025/01/15

وعندما جاء الربيع العربي ترافقنا في التجمع الشعبي للاصلاح، وعرفنا وقتذاك أن العمل الوطني بحاجة إلى وعاء أوسع من أوعية الإخوان المتاحة وقتذاك، فحاولنا توسيع إطار حزب الجبهة ليكون قادرا على استيعاب الكل الوطني، ونجحنا إلى حد ما، ولكن اضطررنا بعد ذلك للذهاب مع مجموعة من الوطنيين إلى تجربة حزبية جديدة وفريدة، تمثلت في حزب الشراكة والانقاذ، وبقينا على علاقة طيبة مع الاخوان حتى تاريخه، وتم حل حزب الشراكة بعد سبع سنوات من تأسيسه، ولكن جذوة العمل الوطني لم تذوِ عند الشيخ السبعيني، فبادرنا بمعيته إلى العمل على تأسيس حزب الشراكة والبناء، والذي ما زال يحاول الخروج من دائرة الاستهداف المستمر سعيا للترخيص.

يوم أمس الثلاثاء كان الاجتماع الدوري للجنة التحضيرية لتأسيس الحزب الجديد، وكان قرار محكمة الجنايات قد صدر بالحكم على الشيخ سالم بالسجن خمس سنوات، ولكن الشيخ أخفى الخبر حتى وقت الاجتماع، وأصرّ في الاجتماع على عدم الاعلان عن الخبر، ولأنني قريب من الشيخ وأعرف طريقة تفكيره أستطيع أن أبوح لكم ببعض أسرار هذه الشخصية الفذة، التي ربما لا تتكرر كثيرا في التاريخ الاردني.

الشيخ يرى أن نشر خبر الحكم عليه خبر مزعج لكثير من الأردنيين، وخبر يسئء إلى سمعة الأردن، وهو من أشد الناس حرصا على الأردن والأردنيين، فكان قراره بعدم النشر حرصا على وطن يفتديه بنفسه وماله وأبنائه، ولم يكن خجلا من تهمة مفضوحة لرجل فوق الشبهات، وليس محل اتهام بحال، كما أنني أعلم يقينا وأكاد أقسم على ذلك، بأن الشيخ حفظه الله يفضل أن يكون مسجونا مع رفاقه أيمن صندوقة وأحمد حسن الزعبي وصبري المشاعلة وغيرهم على أن يكون آمنا في بيته بين أبنائه وأحفاده، فهذا الرجل الرمز (رغم أنه لا يحب المدح ولا يطيقه، ولكنها كلمة حق يجب أن تقال) هذا الرجل يمثل موئلا للأحرار، وأبا أو أخا لكافة المعتقلين وعائلاتهم، وحاملا همّ الأمة ليلا ونهارا.

أعلم أن مئات المسؤولين العاملين من مدنيين وعسكرين متألمين لسماعهم خبر الحكم على السيخ سالم، لأنهم أردنيون حقيقيون وأبناء عشائر، ويعرفون مقامات الرجال، ولكن هناك فئة للأسف تعيش بيننا، وأخلاقها ليست من أخلاقنا، تطير فرحا بهذا الخبر الذي أثار لديها دوافع غريزية للانتقام، لأن صوت الشيخ كان يخاطب ضمائرهم المرتهنة لمصالح ضيقة، ويريدون عبر قرار الحكم عليه تشويه سمعته، وما علموا أن البحر لا يضيره جيف الكلاب.

أولئك الصغار موجودون في كثير من المواقع، ويحتاجون إلى علاج نفسي طويل الأجل لعلهم يستعيدون شيئا من أخلاق الاردنيين وتاريخهم، ونحن واثقون أنهم مجموعة من الطارئين على المواقع المختلفة، يعرفون الحق ويحيدون عنه، وإن التاريخ يسجل كل موقف وكل فعل، وسيأتي يوم الحساب عاجلا أو آجلا، ولنا في حوادث التاريخ البعيدة والقريبة أكبر العبر.

لا بأس عليك أبا هشام، فمقامك حيث رب العالمين أقامك، مثالا يحتذى، وحرّا لا تساوم على قول الحق، وصوتا صادحا بالحق، عاشقا لتراب الوطن، محبا لجميع الاردنيين، وهم يبادلونك حبا بحب، وأما الحاقدون الناقمون الصغار فمصيرهم إلى زوال وإن قصر الزمان أو طال…

مقالات مشابهة

  • عمر مرموش يتخطى رقم محمد صلاح
  • هالة صدقى: انتظرونى فى الماراثون الرمضانى 2025
  •  محمد مغربي يكتب: ما الفرق بين ChatGPT وDeepseek V3 الصيني؟
  • محللون فلسطينيون: اتفاق غزة خطوة مهمة تنهي المجازر بحق الأبرياء.. ويجب وقف الحرب
  • المسئولية والجزاء.. وضوابطهما القانونية
  • نور محمود: حنان مطاوع لها فضل كبير عليَّ .. وهذا سبب حبي لـ أحمد زكي | حوار
  • ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلطة الخضراء؟
  • بريئة ومدانة!
  • وقف النار المرتقب!
  • د. خالد حسنين يكتب… شيخ الأحرار