بوابة الوفد:
2025-03-16@18:54:29 GMT

الاختيار.. بين القلب والعقل

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

يظن أغلب البشر أنه يدير دفة حياته بصورة سليمة.. إلى أن يفرض عليه الاختيار أو اتخاذ قرار بعينه.. فالقرار أو الاختيار.. هو أصعب ما يواجه البشر فى حياتهم.. وتتحدد درجة الصعوبة وفق أهمية القرار أو الاختيار المطروح أمام الإنسان.. فمصير الإنسان وحياته ما هى إلا محصلة قراراته واختياراته.. وعليه دفع ثمنها أو جنى ثمارها.

. وما يفرق بين قرار وآخر هو كيفية اتخاذه.. فهناك قرار صحيح وإن كان مؤلماً وآخر خطأ وإن كان حلواً.
والاختيار هو ما يميز حياة إنسان عن آخر.. بل هو ما يميز شعوباً عن غيرها.. ويرسم ملامح حياتها وحاضرها ومستقبلها.. ويحدد صورتها الذهنية أمام الآخرين.
والقرار أو الاختيار السليم.. هو عملية عقلية محضة.. يديرها العقل بكل ما أوتى من خبرات وعلوم وتجارب.. وآفة القرار.. أن يتدخل القلب فى عمل العقل، ليشاركه الاختيار.. فيشوش المقاييس العقلية والحسابات الرياضية والمنطقية بخيالات هلامية بلا ملامح أو مقاييس.. أو يفرض عليه اختياره بعد تعطيل عمله كلياً.. ليخرج لنا فى النهاية بنتائج وخيارات غير منطقية.. وأوضاع لا مبرر لها مطلقاً غير الطريقة التى تم بها الاختيار!
وآفة الشعوب العربية.. أنها شعوب عاطفية بطبعها.. وصف يبدو مريحاً فى ظاهره.. وإن كان يحمل فى طياته الجحيم بعينه.. لأن من ينحى العقل جانباً.. لا يجنى إلا الجنون والخبل.. خبل الاختيار.. خبل القرار.. خبل النتائج.. ويأتى فى النهاية ليلوم أى شىء وكل شىء.. إلا اختياراته وقراراته وغياب العقل عنها.. ولأننا أصحاب «لغة الضاد». . ونكاية فى العقل والمنطق اللعين.. برعنا فى تجميل كل قبيح عبر لغتنا الجميلة.. فاشتققنا مسميات أكثر بريقاً وتخديراً من تلك التى تصف الواقع.. فالفشل سوء حظ.. والاستبعاد المبكر من المنافسات الرياضية تمثيل مشرف.. والهزيمة نكسة.. والعجز «ظروف غير مواتية». . وقصر النظر وضيق الأفق «ظروف خارجية».. فنحن لانخطئ.. ولا يمكن أن يكون مصيرنا حصاد ما زرعته أيدينا.. بل هو دوماً تحالف قوى الطبيعة ضدنا.. ومؤامرات كونية نسجتها كائنات خفية لتشوه نبوغنا وتسىء لعبقريتنا. 
فعندنا لا عاشق ترفضه الحبيبة، لكن النساء خائنات.. ولا طالب يرسب لأنه مقصر، لكن المراقب سامحه الله.. وعندنا أيضاً لا يفصل فاشل من عمله، فهو مطيع، وأهون من أولئك الملاعين المغترين بتفوقهم.. أما الموظف الفاسد فينعم بيننا بفضيلة، قطع العيش حرام.. وما نعرفه أحسن من «اللى ما نعرفوش».. وليس فى الإمكان دوماً أبدع مما كان.. عشرات وعشرات المأثورات والأمثال الشعبية بررت ورسخت لكائنات عبثية الوجود واللا منطق فى حياتنا.
وعلى الجانب الآخر من ضفة الحياة.. بشر وضعوا القلب موضعه وقدموا العقل فى كل أمورهم.. رفضوا أن تسرق حياتهم بالعاطفة.. أو تخدر عقولهم بأوهام ولا منطق.. فأخذ كل شىء نصابه.. ووجد العالم مكانه ومنح الجاهل فرصة «على مقاسه» للحياة.. خشيهم الجميع وخاطبهم بلغة العقل والمنطق.. فانتظمت حياتهم.. تقدموا وانحدرنا.. تسيدوا واتبعنا.. رغم أننا لسنا أقل ذكاء منهم، لكنه القلب..«تبرير عربى أخير»!.
الواقع أن عودة العقل لمقدمة حياتنا فى كل أمورنا.. أصبح ضرورة قصوى، إن كان لنا حق فى هذه الحياة.. فالعاطفة نقطة ضعف مدمرة.. إن أعملت فى غير موضعها.
ولولا قوة العاطفة وتأثيرها على السلوك الإنسانى.. لما نبهنا الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام لذلك بالقول «إن الولد مبخلة مجبنة محزنة».. فالعاطفة وحدها قادرة على جعل الكريم بخيلاً.. والشجاع جباناً.. والراضى بحياته حزيناً مع تقلب أحوال ولده. 
إنه العقل.. أغلى ما يملك الإنسان.. وأعز ما كرمنا به الله.. إن قدمناه تقدمنا.. وإن ضيعناه حق علينا ما نحن فيه.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لوجه الله حياة إنسان إن کان

إقرأ أيضاً:

العقل الباطني للمتمرد حميدتي ساذج وبدائي ولا يستطيع التحكم في تفاعلاته

بالرغم من سلوكه الإجرامي
العقل الباطني للمتمرد حميدتي ساذج وبدائي ولا يستطيع التحكم في تفاعلاته او ما يسمي بالثبات الانفعالي لان ميزة (الكنترول)هذه تحتاج إلى ثقافة مصنوعة تبدأ مرحلياً بالسلم التعليمي من الأساس الي الدراسة العليا .. وتنتهي بالتجربة العملية مسنودة بالتخصص ؛ وفي هذا لا يمكن لجاهل إدعاء وصول تمام المعرفة المكتسبة من خلال ممارسة أدوار في الشأن العام هذه نقطة أولية .

ثانية : الظروف المحيطة بالمتمرد الهارب تتحكم في طريقة عرضه لِرِؤس المواضيع ؛ بدليل أن من اخرج خطابه المصور للرأي العام كتب أجندة ونقاط بترتيب محدد يسلسل درجات أهمية الطرح .. والخلل واضح في عدم قدرة المتمرد حميــــ ـدتي في الالتزام بما هو مكتوب و عقله الباطن يقوده بسرعة ليصل الي الموضوع الأساسي .. ماهو الموضوع الأساسي!!

الموضوع الأساسي هو التهديد باستخدام نوع جديد من الأسلحة لديها القدرة على الذهاب بعيداً (يقصد المسيرات الاستراتيجية) إذا طالما المتمرد حميــــ ـدتي امتلك سلاح من نوع جديد كان ليذهب مباشرة إلى تعريف هذه السلاح بدلاً من ممارسة الغش مع آل بيته الاقربين المحاصرين في ثلاثة كيلومتر مربع في الخرطوم وهي اخر نقطة يتواجد فيها الدعـــــــ م السريــــــ ع في عموم الضفة الشرقية لنهر النيل من حلفا القديمة نزول الي منطقة (الترس) مع حدود جنوب السودان التي استعادها الجيش اليوم ..

المسيرات الاستراتيجية لم تعد سراً فقد استطاعت القوات المشتركة في صحراء دارفور ان تسقط واحدة على الأقل قبل عدة أشهر ؛ مسيرة كانت تقصف الفاشر ومعسكرات النزوح
في دارفور ..

ليبقى السؤال : هل امتلك المتمرد حميــــ ـدتي عددا مقدراً من هذا النوع من المسيرات حسب ما روّج له إعلام المليشيا قبل أسابيع في ما يعرف بحماية الحكومة المضحكة (الموازية) .. صور المسيرة التي اسقطتها القوات المشتركة مبذول في الوسائط .

المتمرد حميــــ ـدتي لا يستطيع أن يحاسب عقله الباطني الساذج بإفشاء السر العسكري لكن هناك من يعبث بالصور المسجلة ليقوم بحذف (المشاترة) قبل عرضها على الرأي العام .. لذلك كثرة الحزف أضرت بالفكرة الأساسية التي خطط لها من يريد توصيل الرسالة ..

أخيراً : خلال الملتقى الذي نظمته مجموعة تأسيس التي تدعم التمرد في لندن قبل أسابيع فلتت كلمة من سليمان صندل وكان بالقرب منه (الدعّي) الوليد مادبو الذي (وكز) صندل عندما ألمح الي تواجد المتمرد حميــــ ـدتي في أديس أبابا .. لكن أنا اذهب الى ما ذهب اليه المحلل السياسي والاعلامي البارز استاذي الدكتور ابراهيم الصديق على في ان اللقاء المصور مع المتمرد حميــــ ـدتي كشف عن موقعه الحالي تحديداً لا يمكن الجزم لكن كما قال الدكتور انه (قريباً جداً) من مواقع القتال وهذه فرضية ممتازة يمكن لمركز قرار العمليات العسكرية ان يستند فيها على تحليل دكتور إبراهيم الصديق ..

خلاصة : خطاب اليوم تجسد فيه الخلاف بين المتمردين حميــــ ـدتي وشقيقه الأرعن عبد الرحيم . هما في سباق مع الأيام وكل واحد لديه علاقاته وطموحه ووسائله للتنفيذ لكن الرأي الأخير بالطبع عند عبد الرحيم دقلو للقدر الواسع الذي يتمتع به من ظهور مباشر في الصحراء ومؤخراً في كينيا خلال مؤتمر البطة العرجاء ؛ المتمرد حميــــ ـدتي لا يستطيع أن يظهر في أي محفل أمام الرأي العام لسبب بسيط هو أن المتمرد حميــــ ـدتي كان شاهداً على الكيفية التي تم بها قصف سيارة الدكتور خليل ابراهيم قبل سنوات هو يخشى ان يتكرر نفس السيناريو معه ..

Osman Alatta

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • العقل الباطني للمتمرد حميدتي ساذج وبدائي ولا يستطيع التحكم في تفاعلاته
  • من العقل الرعوي إلى المهدية المعاصرة: تأملات في فكر النور حمد والصادق المهدي
  • ???? مدنيون ضد الحقيقة ومع تدمير العقل السياسي السوداني
  • هل الإنسان مجبر على أفعاله أم يمتلك حرية الاختيار.. أحمد عمر هاشم يوضح
  • شيخ درزي: زيارة الجولان مبادرة فردية لا تحمل أبعادا سياسية
  • كيف اكتشف سيدنا إبراهيم أن هناك إلهًا واحدًا أزليًّا لا يتغير؟
  • أحمد هارون يكشف أسباب تكريم الله للإنسان «فيديو»
  • الصدر يلمح للمرحلة المقبلة.. أكثروا الأصوات وأحسنوا الاختيار
  • ضرورة تقدير الموقف
  • تفكيك نظرية التهميش: هل هي حقيقة أم وهم متجذر؟