يريد البابا استسلام أوكرانيا. والغرب يرى أن هذا من شأنه أن يعطى روسيا الضوء الأخضر لحرب لا نهاية لها. تم تفسير اقتراح البابا فرانسيس بأن أوكرانيا يجب أن تتحلى بالشجاعة لرفع «العلم الأبيض» والتفاوض على تسوية مع روسيا بمثابة صدمة عميقة لكييف ومؤيديها. وهذه ليست المرة الأولى التى يظهر فيها البابا فرانسيس تعاطفاً علنياً مؤيداً لروسيا.
تشكل كلمات البابا أهمية كبيرة لأنها تعكس وجهات نظر منتشرة على نطاق واسع فى الجنوب العالمى. وفى الواقع، بدلاً من المشاعر المؤيدة لروسيا، فإن ما يعرضه البابا هو معاداة عميقة للغرب.. إن فشل الغرب فى عرض قضيته بشكل مقنع فى الجنوب العالمى يشكل مشكلة بالنسبة له، خاصة أن آراء وأصوات الجنوب أصبحت تشكل أهمية متزايدة فى العلاقات الدولية اليوم. وقد تفاقمت المشكلة إلى حد كبير بسبب عدم رغبة الولايات المتحدة وأوروبا فى وقف الحرب الإسرائيلية الكارثية فى غزة.
بعد مرور عامين منذ بدأ الغزو، بات من المقبول عموماً الآن أن أوكرانيا تكافح على جبهة القتال. وقد يزعم البعض أن دعوة البابا للاستسلام هى بالتالى مدفوعة بواقعية سياسية منفصلة، فمن الأفضل أن نستسلم الآن بدلاً من المثابرة فى الهزيمة.
إن الديناميكية الحالية للحرب، وخاصة المشاكل التى تعانى منها أوكرانيا على خط المواجهة، تنبع من حقيقة مفادها أن المجمع الصناعى العسكرى الغربى، الذى يكرهه البابا، لم يبذل إلا أقل القليل، وليس أكثر مما ينبغى. وبدلاً من أن تعمل صناعة الدفاع فى الغرب على تأجيج الحرب، فإن خسائر أوكرانيا الأخيرة ترجع إلى الافتقار إلى القوى العاملة، وخاصة الافتقار إلى الأسلحة اللازمة لصد الغزو الروسى. فالصناعة الدفاعية فى أوروبا لم توضع على قدم وساق للحرب (خلافاً للصناعة الروسية)، فى حين لا يزال الكونجرس الأمريكى يحتفظ بمبلغ 60 مليار دولار من المساعدات العسكرية لكييف رهينة للمشاحنات السياسية الداخلية.
لا يوجد شىء محدد سلفاً فى نتيجة الحرب، كما يشير البابا: إذا خسرت أوكرانيا، فإن ذلك يرجع إلى حقيقة أن نيران مدفعيتها لا تمثل سوى جزء بسيط مما كانت عليه فى الصيف الماضى، وبينما يتردد الغرب، قامت روسيا بتجديد مخزونها العسكرى. وأرسلت كوريا الشمالية إلى موسكو ما يقرب من 1,5 مليون قذيفة. إن أوكرانيا تحتاج إلى الأسلحة ليس فقط للدفاع عن خط المواجهة، بل أيضاً لحماية السكان المدنيين.
وبالنظر إلى المستقبل، يفترض البابا أن استسلام أوكرانيا من شأنه أن يضع حداً للحرب، من خلال صفقة تسمح لروسيا بالاحتفاظ بالسيطرة على المناطق الأوكرانية الخمس التى ضمتها بشكل غير قانونى، وربما مناطق أخرى قليلة (مثل أوديسا)، هذه هى نوع المصطلحات التى ربما يرغب دونالد ترامب أيضاً فى رؤيتها. وبطبيعة الحال، لا أحد لديه كرة بلورية لمعرفة المستقبل. ومع ذلك، إذا كان سلوك بوتين السابق يمثل أى مؤشر، فلا يوجد أى دليل على الإطلاق يشير إلى أن هذا سيمثل حالة مستقرة تنهى الحرب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى محمود غزة أوكرانيا الولايات المتحدة
إقرأ أيضاً:
100مليار يورو خسائر أوروبا في حال منعت أوكرانيا عبور الغاز الروسي إليها
الثورة /متابعات /أثينا
يكشف إيفانجيلوس ميتيلينيوس مدير شركة Metlen Energy & Metals اليونانية للصناعة والطاقة أن منع أوكرانيا عبور الغاز الروسي عبر أراضيها إلى الاتحاد الأوروبي سيكلف أوروبا 100 مليار يورو.
وقال ميتيلينيوس لصحيفة يونانية: “نحن نخسر 5% من واردات الغاز الطبيعي في سوق يعيش حالة من الرعب، لقد شهدنا ارتفاع الأسعار فيTTF من 30 يورو لكل ميغاواط في الساعة إلى 50 يورو”.
وأضاف “هذا الفارق البالغ 20 يورو لا يتعلق فقط بالواردات عبر أوكرانيا، بل يتعلق أيضا بجميع الواردات بشكل عام، لأن عقود التوريد مرتبطة بسعر TTF”.
وأضاف أن أوروبا تستورد 500 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. وإذا أخذنا في الاعتبار زيادة القيمة بنحو 20 يورو، فهذا يعني خسارة قدرها 100 مليار يورو.
وفي وقت سابق، أفاد وزير خارجية هنغاريا بيتر سيارتو بأن أسعار الوقود في أوروبا ارتفعت بنسبة 20% بسبب وقف عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا.
وقال إن السبب في ذلك هو “التخفيض المصطنع لكمية الغاز الطبيعي من خلال إغلاق بعض طرق النقل”.