شمس الدين العوني: الشاعران أبولوز وعبدالصبور ينشدان للحرية والإنسان في بيت الشعر
تاريخ النشر: 25th, July 2023 GMT
شمس الدين العوني ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية مساء يوم الثلاثاء الموافق 18 يوليو 2023، شارك فيها الشعراء يوسف أبولوز من الأردن، وعبدالله عبدالصبور من مصر، بحضور الشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر، وقدمها الشاعر نزار أبوناصر الذي تحدث عن تجربتيهما الشعرية، وأضاء على مسيرتهما في الفضاء الإبداعي، ومن ثم أشاد بدور بيت الشعر بدائرة الثقافة في إقامة أمسيات شعرية تحتضن آمال وطموحات الشعراء في ظل الرعاية التي يوليها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة للشعر والشعراء.
تناول الشاعران أبو لوز وعبدالصبور موضوعات تمس الوجدان، وتتماهى مع الحب والحرية وتخاطب الإنسان، وتطرح جملة من الهموم الذاتية، حيث جرت قصائدهم على أنغام شعرية أصيلة عبرت عن إلهمات الشعراء، وقدرتهم على بث مواجدهم بصور مدهشة، وهو ما دعا الجمهور للتفاعل مع هذين الصوتين الشعريين اللذين يتسمان بالعذوبة والرقة. في بداية الأمسية قرأ الشاعر يوسف أبولوز قصيدة بعنوان “الندم” التي يستهلها بسؤال السفر على بساط الرمل، ويصور فيها الريح على أنها تتجه نحو ما يحب من البلاد، حيث الهجرة النائية المختبئة في ذات الشاعر للمنازل التي يألفها، ثم يطوع الحب برمزية عالية فيحسن التصوير، وهو يفلسف الموقف ويغنيه بالمجازات فيقول:
لو ريحنا صوب نجدْ لو بلادي على كتفي.. لو تدفأت في سفر الرمل، والرمل في هجرات الوحيد منازل بَردْ. لو أحب، وما الحب إلّا نساء طوين كما ينطوي السردُ، في رقعة السردِ، أو مثلما تنتهي في الصناديقِ أحجار نردْ. ثم ألقى نصاً أخر بعنوان “اكتفاء” يتميز بخواص جوهرية في سياقاته التي تبين أسلوبه الشعري المشحون بالدلالات والرموز، فهو يمتلك الحرية في أن يكتفي بقصيدته، ويعتد في الآن ذاته بالحبر والورق اللذان هما قوام إبداع الشاعر وأداته في التعبير عن نفسه تجاه الأخر، لكنه في نهاية المقطع ينبئ عن امرأة مختبئة في ظل كمنجة فيقول: تكفي في اليوم قصيدة الدنيا ليست فرساً تعدو والحبرُ كثيرٌ، والورقُ الناشفُ هذا لن يسقط في الماءِ، ولن يفسد عمرُ الوردةِ لو عاشت أكثر من شجرة. لن تَجعَلَ من حرفين اسمين، ولن تصنع من شعر امرأة أوتاراً لكمنجةَ. ثم قرأ الشاعر عبد الله عبد الصبور من قصيدة ” من أنتَ؟” المشحونة بوهج الذكريات، والمعبرة عن سيرة متخيلة يقترب فيها من وحي روحه وهو ينشد للمحبة، ويخاطب فيها الزمن، وبفلسف فكرة الفرح ويربطها بالعيد، ويرصد متغيراتها ببلاغة ودهشة في استخدام اللغة وحشد الصور. ــــ مَنْ أَنْتَ؟ ــــ إِنِّي الأَمْسُ: مُمْتَلِئٌ بِمَا فِي الذِّكْرَيَاتِ أُعِيْدُهَا … وَتُعِيْدُ وَالْآنَ: أَشْحَذُ مِنْ زَمَانِي لَحْظَةً وَقْتُ المَحَبَّةِ بَيْنَنَا مَعْدُوْدُ وَغَدًا: أُرَبِّي لِلزَّمَانِ حَقِيقَةً وَعَلَى يَقِينٍ أَنَّنِي مَفْقُودُ وَالْعِيْدُ: لَا فِي العِيْدِ؛ بَلْ فِي قُبْلَةٍ كُلُّ اللَّيَالِي بِالمَحَبَّةِ عِيْدُ ثم قرأ قصيدة أخرى حملت عنوان” أَحَبَّ حَتَّى تَمَادَى” التي يستطرد فيها وصف حالة شجية للمحب وبواعثه ومفاراقاته، بمشهدات شعرية دالة فيقول: كَفَى … دَعُوهُ فَمَا الذَّنبُ الذِي فَعَلَهْ؟ ـــــ أحَبَّ حَتَّى تَمَادَى والهَوَى قَتَلَهْ ـــــ هَلْ يقتُلُ الحُبُّ أمْ فُقْدانُ فَرحَتِهِ؟ وَهَلْ بُكاهُ عَذَابَاتٌ أَمِ افْتَعَلَهْ؟ أخْبَرْتُكُمْ قَبْلَ بَدْءِ النَّارِ مِنْ زَمَنٍ لَا تُوصِلُوهُ إِلَى الحَدِّ الذِي وَصَلَهْ وفي الختام كرم محمد البريكي مدير بيت الشعر، شعراء الأمسية ومقدمها.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. حكم التكاسل عنهما
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. سؤال يشغل ذهن كثير من الناس، خاصة فيما يتعلق بسنن يوم الجمعة التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم.
ويوم الجمعة من خير أيام الأرض وأعظمها منزلة في الإسلام، فهو خير يوم طلعت عليه الشمس، وفيه ساعة إجابة لذلك نسلط في التقرير التالي الضوء على سؤال لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟، وكيف نتقرب إلى الله في هذا اليوم.
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة ؟كان مِن سُنَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الصبح يوم الجمعة بسورتي السجدة والإنسان؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ».
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السورتين كاملتين، ولم يكن يختار آية السجدة وما حولها من آيات كما يفعل بعض الناس اليوم، ولا أدري ما الذي جعل الناس تعتقد أن المراد بقراءة سورة السجدة هي آية السجدة تحديدًا! إنما السُّنَّة أن نقرأ سورة السجدة كاملة في الركعة الأولى، ثم نقرأ سورة الإنسان كاملة في الركعة الثانية، ولا حُجَّة لمن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُطَوِّل في صلاته بالناس. لأن التطويل أو التخفيف أمر نسبي، والمعيار الدقيق له هو سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي في فجر الجمعة تكون كما وضَّحنا.
أما لماذا اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتين السورتين لفجر يوم الجمعة؟ فهذا لم تُصَرِّح به الأحاديث؛ ولعلَّه لأنه جاء في السورتين ذِكْرُ خَلْقِ الإنسان، وقيام الساعة، ودخول الجنة، وكلها أمور حدثت أو تحدث في يوم الجمعة؛ وذلك لما رواه مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ».
فلْنحرص على هذه السُّنَّة، وأن لا نلوم أو نعتب على مَنْ قرأ بالسورتين بدعوى أنه أطال؛ بل نُشَجِّعه وندعمه، ولْنتدبَّر في معانيهما؛ ففيهما من الخير الكثير.
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة ؟تقول دار الإفتاء المصرية في بيانها فضل سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة ، إنها من السنن التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد ذلك في "الصحيحين"، بل وجاء في رواية الطبراني أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يُديم ذلك، وهذا يدفع اعتراض مَن ينكر المداومة على ذلك أو من يدعي أن من السنة ترك السنة؛ فإن هذا كلام غير صحيح على عمومه، ولو فُهِم على ظاهره لكان تناقضًا؛ إذ حقيقة المستحب والمندوب والسنة هو ما أُمِر بفعله أمرًا غير جازم؛ فهو مأمور به وليس بمستحبٍّ تركُه أصلًا، بل المستحبُّ تركُه إنما هو المكروه الذي نُهِيَ عن فعله نهيًا غير جازم، فصار تركُه لذلك مستحبًّا.
وتابعت الإفتاء أنه قد كان فعل الصحابة رضي الله عنهم على خلاف هذه المقولة؛ فكانوا يتعاملون مع المستحب والمندوب من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكَأَنّه واجب، فيداومون على فعله ويتلاومون على تركه؛ حرصًا منهم على التأسي بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم في كل صغيرة وكبيرة من أفعاله الشريفة، حتى كان بعضهم يتأسى بأفعاله الجِبِلِّيَّة صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنَّف" عن الشعبي رحمه الله تعالى أنه قال: "ما شهدت ابن عباس قرأ يوم الجمعة إلا بـتنزيل وهل أتى".
وشددت: لعل مقصود من قال ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يترك بعض المستحبات خوفًا من أن تفرض على أمته، أو يظن الناس أنها واجب، وأن العالم والمقتدى به قد يفعل ذلك لنفس الغرض، وذلك من باب سد الذرائع، كما يقوله بعض العلماء من المالكية وغيرهم.
ولفتت إلى أن التحقيق أن التوسع في باب سد الذرائع غير مَرضِيٍّ، وقد يُتَصَوَّر هذا قبل استقرار الأحكام، أما بعد استقرارها وتميز المستحب من الواجب فلا مدخل لهذه المقولة، ولا مجال للأخذ بها، فضلًا عن أنَّ هذه السنة بخصوصها ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومة عليها، ولا يصح أن يُجعَل سدُّ الذرائع وأمثال هذه المقولات حاجزًا بين الناس وبين المواظبة على سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال أهل العلم: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاتباع على كل حال.